الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق تقيم مسير «مغارة علي بابا»

.

ضمن نشاطات الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق (أنا السوري)، أقامت الجمعية نهاية شهر حزيران 2012 نشاطها التاسع في و محافظة السويداء بريف ناحية «شقا» حيث تضمن النشاط إعادة استكشاف وتوثيق مغارة «سؤادا» ومن ثم المبادرة للقيام بعمل تطوعي لتنظيف أحد المواقع الأثرية في بلدة شقا وكان نوع هذا النشاط هو مسير ليلي.

وقد شمل المسير قطع مسافة 9 كم بدأت من تل باراك قرب بلدة الرضيمة الشرقية وصولاً إلى مغارة سؤادا في بادية ملحة مع إضافة مسافة المغارة والبالغ طولها 1.5 كم في جوف الأرض.


من أجواء مسير «علي بابا»
للجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق
في السويداء


ووفقا لأمين سر الجمعية وقائد نشاطاتها الشاب خالد نويلاتي فإن أهداف النشاطات كانت متنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر المبادرة للقيام بعمل تطوعي شبابي بمساعدة المتطوعين من الجمعية وأهالي بلدة شقا لأجل تنظيف أحد المواقع الأثرية من القمامة والمخلفات الصناعية الضارة، بهدف التشجيع على العمل التطوعي الشبابي البناء لخدمة المجتمع ودعم السياحة الداخلية البيئية ويذكر أن هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجمعية. إضافة إلى التشارك الفكري والثقافي قدر الإمكان مابين المتطوعين وأهالي المنطقة من خلال مشاركتهم حياتهم اليومية في هذا الحدث للتعرف على عاداتهم وتقاليدهم وطرق حياتهم اليومية وتبادل المعرفة والخبرة والمهارة للوصول إلى التكافل المهني لتنشيط الحياة الاجتماعية وذلك من خلال مشاركتهم في تحضير وجبة الغداء الخاصة بهم والتي تشتهر بها تلك المنطقة، علاوة على اختبار المتطوعين بالجمعية وإدخالهم في مغامرة مدروسة ومحسوبة للسير في الطبيعة ليلاً مستعينين بالمشاعل و المصابيحالكاشفة وتدريبهم على طرق الاستدلال على الدروب في البراري بواسطة خريطة النجوم السماوية بالإضافة لتزويد المتطوعين بالمعلومات العلمية و التاريخية عن هذا التكتيك القديم بمساعدة متخصصين. وأخيرا الدخول إلى أحد أهم وأكبر المغر وأكثرها لغزاً وإثارة وتشويقاً في سوريا لإعادة استكشافها من جديد وتوثيقها وتدريبالمتطوعين على كيفية الدخول للمغر ذات التضاريس الصعبة والقاسية مستعينين بالمعدات الضرورية وكيفية استخدامها بطريقةاحترافية لمسافة 1.5 كم تحت الأرض.


من أجواء مسير «علي بابا» للجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق في السويداء


ويتابع الشاب خالد بأنه بعد استراحة بسيطة، تجمع المتطوعين للبدء بالمرحلة الثانية من المسير والتي كان مقرراً فيها السير على ضوء المشاعل النارية. تلك المرحلة كانت إحدى أهم المراحل حيث وصل المشاركون في نهايتها إلى مغارة «سؤادا»: «سار الجميع في خط سير واحد على ضوء المشاعل. وبعد ما يقارب الساعة والنصف بدأ في الأفق البعيد بزوغ أول خيوط الصباح وبدأت ظلمة الليل تتلاشى تدريجياً وبدأ قرص الشمس ينكشف علينا. في تلك الفترة كنا قد وصلنا إلى مدخل المغارة؛ كانت المفاجأة الأولى أن باب المغارة مغلق بصخور كبيرة فتطوع مجموعة من الشباب وبدأوا يقومون بإزالة الحجارة والصخور. وخلال أقل من نصف ساعة كانت بوابة المغارة جاهزة لاستقبالنا. دخلنا المغارة بطريقة منظمة فرداً فرداً. السبب كان يكمن في أن بوابة المغارة كانت ضيقة ولا تتسع لأكثر من شخص واحد. بالتالي كان يجب الدخول إليها زحفاً ولمسافة 10 أمتار على الأقل. وبعد عناء الدخول بتلك الطريقة، أصبح الجميع في وسط المغارة وبدأت عملية الاستكشاف والتوثيق حيث كانت المغارة أشبه بمتاهة فيها الكثير من الجيوب الفرعية والكثير من الممرات الضيقة التي تؤدي إلى قاعات واسعة حيث هي في شكلها العام هي عبارة عن تجويف أرضي طولاني يمتد من الشرق إلى الغرب وفيها مخلفات حيوانية وبقايا لعظام بشرية جلبتها الحيوانات المفترسة من البراري. ولك نلاحظ في خلال جولتنا داخل المغارة والتي زادت عن الساعتين أي أثر لأي مخلوق حيواني يعيش داخل هذا المغارة بشكل دائم بل كل الأثار كانت تدل على أن هذه المغارة هي عبارة عن محطة مؤقتة تستخدمها الحيوانات لأجل الاختباء فيها في وقت تناول الوجبات التي تفترسها من البراري».


من أجواء مسير «علي بابا» للجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق في السويداء


أما عن الطبيعة الجيولوجية للمغارة، فيقول بأن الدلائل تشير إلى أن منشأ المغارة هو منشأ بركاني بازلتي يعود تاريخ نشأتها إلى تلك الفترة التي كان فيها بركان جبل العرب ناشطاً مشيرا إلى أنه خلال مسيرهم ضمن المغارة ظهر لهم شكل الصهارة البركانية التي لها شكل مميز يدل على طبيعتها السيلية حينما كانت تجري بسرعة عالية وحرارة مرتفعة، كما ظهر لهم أيضا بقايا لفقاعات الهواء المتغلغلة داخل الصخور البركانية.
كما أشار إلى أنه من الملاحظات الهامة التي لمحها المتطوعون ضمن المغارة هو أنها مازالت تتعرض لانهيارات بشكل مستمر مشيرا إلى أن الصخور الموجودة بداخلها متحركة غير ثابتة وخصوصاً في عمق المغارة. وأضاف بأن هذا إن دل على شيء فهو يدل بأن المغارة كانت ربما أطول مما هي عليه الآن، إنما انهدام بعض أجزاء منها أغلق مناطق منها. كما قال بأنه خلال جولة المشاركين لم يلحظوا وجود أي معالم لبقايا ترسبات كلسية أو ما شابه حيث لم يكن هناك (صواعد أو نوازل) فيها.

واختتم كلامه بالقول بأن المشاركون تأكدوا بأن طول المغارة يقارب 1,5 كم وبالتالي تكون هذه المغارة إحدى أكبر المغر الموجودة في سورية.


من أجواء مسير «علي بابا» للجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق في السويداء


بعد الاستكشاف.. عمل طوعي

بعد انتهاء استكشاف المغارة، وصل الفريق إلى بلدة شقا وذلك في تمام العاشرة صباحا حيث كان في استقبالهم أهالي البلدة ومجلس بلديتها ووجهائها حيث يقول الشاب بهزاد شكو من فريق الطوارئ في الجمعية: «جرى ضمن القرية الاحتفال بنا واستضافتنا بشكل كبير وببالغ الحفاوة. وبعد فترة استراحة قصيرة توجهنا برفقة أهالي البلدة ووجهائها إلى أحد المواقع الأثرية وهو القيصرية؛ ذلك الموقع الأثري الذي كان يعاني من الإهمال بسبب وجود مخلفات صناعية وقمامة إضافة إلى أن الأعشاب كانت تغطي معظم معالمه الأثرية. هناك، تشاركنا مع فرع الهلال الأحمر في البلدة بعمل تطوعي لتنظيف هذا الموقع. وخلال ساعة ونصف أنهينا عملية التنظيف وجمعنا القمامة بحاويات خاصة وتوقفنا لأخذ صورة تذكارية مع الأهالي ورئيس البلدية ووجهاء البلدة. بعد ذلك قام الأهالي بأخذنا في جولة استكشافية مطولة لتعريفنا على معالم بلدة شقا وخصوصاً المناطق والمواقع الأثرية الهامة فيها وكانت المفاجأة الكبيرة لنا هو غنى هذه البلدة بتلك المواقع الأثرية والتي لم نكن نتوقع وجودها بهذا الشكل الكثيف في مثل هكذا بلدة صغيرة وقد قمنا بتوثيق كل المواقع بالصور وأفلام الفيديو».

ويختم كلامه بالقول بأن المسير كان مميزاً جداً وقد دعته الجمعية باسم مسير مغارة «علي بابا» تيمنا بالقصة الشهيرة التراثية «علي بابا والأربعين حرامي» والتي فيها بطل الرواية يدخل مغارة كبيرة فيها كنوز اللصوص مغلقة البوابة استطاع فتحها بنطق عبارة «افتح يا سمسم».

أحمد بيطار

اكتشف سورية