دلال حاتم

المحتويات

مقدمة


صَدَفة بحريّة تحفظ في قلبها صوت ماء، شعرَت به، عاشته، واستمدّت منه قوّتها، فكانت تردّد صداه بعفويّة أينما حلّت، تعطيه للكلّ وتكشف عن مثيله في دواخلهم. هي الأديبة دلال حاتم، ولم يكن الماء إلا وعيها الإنساني، الذي حاول التحرّر من النّماذج الاجتماعيّة الموروثة، والتي أبقت المرأة بشكل خاص والنّاس عموماً في سجن العبوديّة على مدى الأزمان، فكتبت قصصاً للكبار والصّغار، تثير التّساؤلات حول مواضيع يتجنّب الناس الكلام عنها عادة، وتساعدهم على تكوين مواقف جديدة تجاهها، من خلال فهمهم لذواتهم وإصغائهم لآلام من حولهم وعدم تجاهلها ومواجهتها.


حياتها وعملها


ولدت دلال حاتم في دمشق عام 1931 لتكون «ماما نويل» الأطفال، فهي لم تُنجب الأطفال في زواجها من الشّاعر علي الجندي، لكنّها حملت أطفال العالم كلّه في رحم وعيها، وولدتهم على طريقتها، وأهدتهم ما اكتنز كيسُ أحلامها وقصصها، أملاً في عالم أجمل.

نالت دلال حاتم عام 1955 إجازة في الآداب، من جامعة دمشق وتفرّغت للعمل عام 1962 في مديريات وزارة الثقافة، كمحو الأمية، العلاقات العامة، الإرشاد القومي، مجلة المعرفة، مديرية المراكز الثقافية، ثم انخرطت في الاتحاد العام النّسائي، وأصدرت مجلّة المرأة العربيّة، وعملت كسكرتيرة للتّحرير فيها مدّة ثلاث سنوات.

ساهمت دلال حاتم، في إعداد مسلسلات إذاعيّة للأطفال كما قدّمت مسرحيّتين لمسرح العرائس، لتصبح بعد هذه الجهود الجبارة، عضواً في جمعية القصّة والرّواية، كما تمكّنت من الحصول عام 1984 على جائزة المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن قصة «حدث في يوم ربيعي»، ثم نُدِبَت بعد خمس سنين للعمل في وزارة الإعلام (وكالة سانا).


«ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له إيّاك إيّاك أن تبتلّ بالماء!»


فوجئت الكاتبة دلال حاتم حين كُلّفت عام 1976 برئاسة تحرير مجلة أسامة، وشعرَت بشعور الحلاج حين تكلّم عن الإنسان والقدر فقالت: «ألقوها في اليم و قالوا لها إياك إياك أن تبتلّي»، فالكتابة للأطفال هي السّهل الممتنع، وانتقاء المفردات لتتواصل معهم ليس بالأمر اليسير، فلم تجد إلا بنتي أخيها، لتقرأ لهما، وتطلب منهما الاستفسار عن الكلام غير المفهوم، وبعد تمكّنهما من القراءة، أعطتهما قصصاً، ليضعن خطا تحت الكلمات غير الواضحة بالنّسبة لهما، لتستبدلها بمفردات أوضح، تعطي نفس المعنى، وتكون أقرب إلى ذهنيهما، دون أن تتجاهل أهمية الخيال والتوسّع به بالنسبة للأطفال.


قراءة في مجموعتها القصصيّة «العبور من الباب الضيّق»


العبور من الباب الضيق، مجموعة قصصيّة، تعبّر فيها دلال حاتم بعفويّة وصدق مع الذّات عن أفكارها وآلامها، مسلّطة الضوء على كل ما يجول في النّفس البشريّة، من خبث يحاول كلّ منّا إخفاءه عن العيون بمهارة، وذلك بلغة سهلة واقعيّة، وحبكة مقنعة وتثير الفضول. وتتضمّن هذه المجموعة القصص التالية:


لحظات حزن (1970)


تتكلم هذه القصة عن ازدواجية المرأة المعنّفة من قبل الزوج، والتي تعاني من عقدة الذّنب، لتأرجح عواطفها بين حبّه وكراهيّته، فقد دعت الله أن يقصف عمر زوجها، ولبّى نداءها، فتجري الكاتبة مونولوجاً ساخراً، على لسان بطلتها وهي تحدّث ذاتها ولكن بضمير الغائب لتريح نفسها، ملقية الملامة في موت زوجها، على هذه المرأة الأخرى، التي كانت دعوتها السبب الرئيسي في وحدتها وحرمانها العاطفي وموت زوجها فتسأل نفسها عنها قائلة:
«لماذا دعتِ الله أن يقصف عمره؟ لماذا استجاب الله لدعائها؟
لماذا لم يستجب إلا هذه المرة؟
سألتْه كثيراً أن يمنحها طفلاً لتكون أم حسّان بحق فلم يستجب.. سألته طفلة فلم يستجب أيضاً. زارت كل أضرحة الأولياء، نذرتْ كثيراً من الشمع والزيت ولكنه لم يستمع، وعندما دعتْه أن يقصف عمر أبي حسان لم يخيّب رجاءها.
ليته ظلّ حياً.. ليته ظلّ يشرب ليلاً نهاراً.. كان يكفيها أن يعود في نهاية الليل إليها، وأن تصحو في الصباح لتجد ساعده تحت رأسها وساعده الآخر يطوّق خصرها».


الانتظار (1972)


تطرح هذه القصّة، بصراحة وشفافيّة، مشكلة العنوسة ورغبة الفتاة في الجنس والمشاركة بسنّة الحياة، حتّى أنّ بطلة القصّة تغرق في الوهم، وتتخيّل بالفعل نفسها زوجة لكن زوجها غائب، تأخّر في الليل وهي تنتظره، وتبالغ في التخيل لتصل إلى أنها زوجة عاقر لا تنجب، حيث يجري المونولوج بضمير الغائب أيضاً:
«لو أن الله أعطاها طفلاً واحداً، لذبحت له كل عام خروفاً ولوزّعت لحمه على الفقراء والمحتاجين. لن تمس شيئاً من لحمه ستكتفي بنقطة من دمه تضعها بين حاجبيه، وستظل تذبح الخراف حتى يكبر ويقول لها: يكفي ما ذبحت من خراف يا أمي.
ابتسمت وهي تسترسل في أحلامها، وشعرت بتنميل في صدرها فرفعت يدها إلى ثدييها وأسندتهما كأنها تمنع تدفّق الحليب».


عتاب (1974)


تناولت الكاتبة في هذه القصة، مشكلة خوف الأهل من تعليم الفتاة بحجة تزويجها، فالفتاة شرف العائلة التي يُخشى من أن يلطّخه أحد، فتنحني تحت وطأة الذل رؤوس الذّكور من العائلة بسببها، ممّا يدفع الفتاة لتعيش في كبت دائم لعواطفها، مثل كائن أخرس لا يتكلم، وأصم لا يسمع، وجامد لا يحس، فتقتل أحلامها، لأنه لا فائدة من أن تتصرّف كما تملي عليها طبيعتها، تضحّي بكلّ شيء لترضي أهلها وجيرانها وزوجها وعائلة زوجها متناسية تماماً ذاتها واحتياجاتها، فتتكلم بضمير الأنا، ثم تقرّر مواجهة عواطفها وزوجها بكلّ صراحة:
«كنت أذهب كلّ يوم إلى المدرسة، وأحلم بأن أصبح معلّمة مثل الآنسة التي تعلّمنا.. آنسة ترتدي معطفاً أسود، وتسدل على وجهها حين تسير في الشّارع نقاباً شفافا، إلى أن جاء يوم قالت لي فيه أمي:
ـ منذ الآن ستبقين في البيت.. لن تذهبي بعد اليوم إلى المدرسة......
قال لي أبي: نحن ربّيناك تربية عالية، فلا تسوّدي وجهنا أمام الجماعة. زوجك تاج رأسك، فلا ترفعي عينيك في وجهه.. صوتك سيظل خافتاً كما هو هنا.
ثم يتوجّه الأب لأهل الزوج قائلاً:
ـ هي جارية في المطبخ، ولكن عاملوها بأصلكم وحليبكم.
تتابع الفتاة ما قالته أمها:
ـ قالت لي أمي: زوجك يا بنتي جسر بيتك.. أطيعيه وأحبّيه. ولكن إياك أن تظهري عواطفك أمامه.. الرجل يطمع بزوجته إذا أظهرت له الحب.
كنت في تلك الأيام صبية أتفجر حياة فنسيت نصيحة أمي. مرة أحسست برغبة في أن أعانقك وألتحم بك. شيء في أعماقي كان يدفعني. وأنا في نشوتي انهالت كفّك على وجهي بصفعة.
ـ ما هذا؟ من علّمكِ هذه الفنون؟ بنات الأوادم لا يتصرفن هكذا... إياكِ أن تفعلي هذا مرة أخرى.
ـ المرأة ليست في نظرك أكثر من آنية تزين بها ركناً في بيتك. فانزويت حزينة أغرق أيامي في ترتيب البيت ورعاية الأولاد. وأنتظر إشارة منك لأتسلل إلى مخدعك ليلاً ثم أعود إلى فراشي البارد في الغرفة الثانية وأظل أتقلّب فيه حتى الصباح. كنت أكرهك بعد كل ليلة أتسلل فيها إليك وأصمم أن أتمرد. ولكن ما إن ألمح بريق الرغبة في عينيكَ حتى يشتعل حبي لك من جديد، فأسرع إليك ناسية كل شيء، ثم تسري البرودة في كياني فأتهاوى بين يديك مثل خرقة بالية».


ليلتان (1976)


بأسلوب الخطف خلفاً تتحدّث الكاتبة عن فكرة الموت والحياة بآن وكأنهما توأمان لا ينفصلان، فموت ابنة عائشة (منى) يحرّض عند والدتها ذكريات ولادتها ولحظات حياتها الجميلة والمؤلمة، فتعيد الكاتبة صياغة حياة ابنتها من جديد، وتعجنها مع دموع الأم الحزينة، مستخدمة أفعال سريعة، متجاوزة فيها الزّمن:
«تتداخل آلاف الصور أمام عيني عائشة.. منى تبكي.. ترضع.. تحبو.. تخطو أولى خطواتها.. تقع.. تمشي بخطوات ثابتة.. تمرض.. يحملونها إلى الطبيب.. تذهب إلى المدرسة.. تكبر بسرعة.. يطرق الخطاب بابها.. تعلو الزغاريد.. يرتفع بكاء النسوة.. يختلط البكاء بالزغاريد.. ترتفع منى على الأكف خفيفة مثل ريشة طائر.
تتهاوى عائشة بين أيدي النسوة مثل خرقة بالية. يغسلها عرق بارد ولكنها تجاهد لترفع يداً واهنة.
تنفرج أصابع اليد المرتعشة تحاول أن تمسك شيئاً ما.. منى خرجت في نعشها من باب الدار.. ارتدّت اليد مهزومة. الأصابع قبضت على لا شيء وسقطت عائشة في بحر عميق».


حلقات (1975)


تعرض هذه القصة مشكلة قلق وانتحار كائن حساس، تعرض للعنف السياسي والمدرسي، وشعر بأن الوظيفة هي نوع من سجن بالغ الرقي:
«في المدرسة كان يجلس مع رفاقه صامتين، أيديهم خلف ظهورهم.. رؤوسهم ثابتة لاتتحرك.. عيونهم جامدة على الدفتر أو اللوح الأسود، ورائحة الصف تخنقه... وعندما كبر عرف أنها رائحة غاز الفحم المنبعث من صدور ستين طفلا حشروا في غرفة تتسع فقط لثلاثين، والمعلم يحمل بيده مسطرة طويلة قد تنهال على رأسه دون إنذار».


فاطمة (1975)


شخصية فاطمة هي المرأة التي لم يرحمها أحد لأنها عاقر، بل تعرضت للمضايقة في عيادة الطبيب النسائي، من قبل امرأة تتباهى ببطنها وأطفالها أمامها، وبالكاد رضي زوجها الذهاب معها إلى الطبيب، وهذا مقطع من القصة:
«ـ ماهذا الذي تقولين؟ أنا أذهب إلى الطبيب؟ ألا ترين أنني قوي كالثور.. العيب فيك أنت، ماذا أفعل لأرض قاحلة لا ينبت فيها شيء؟
لكن الطبيب يصارح الزوج بعدم قدرته على الإنجاب، ويقول لفاطمة:
ـ حسناً يا فاطمة.. اختاري بين حبك للأطفال وحبك لزوجك.. أنت امرأة ولُود، ولكن زوجك لن يمنحك طفلاً..
فاضت عينا فاطمة بالدموع، سقطت على يد الطبيب تقبّلها».


الوعل (1976)


يتميّز أسلوب دلال حاتم، بالبساطة والجاذبية والواقعية، فهي تشدّك بالوصف الإنساني منذ أول جملة: «امتدّت إليه اليد الهزيلة المعروقة بالاضبارة التي طلبها.. يد لم يبق منها إلا العظم والعروق يكسوها جلد خشن جاف انتشرت عليه بقع النمش».

تتناول دلال حاتم فكرة الخيانة والوصوليّة الوظيفية بجرأة لا مثيل لها، حيث يستغل أصحاب المناصب العالية، نفوس وأرواح موظفيهم، مخوّلين لأنفسهم انتهاك حرمات بيوتهم، أثناء غيابهم، مبعدين إياهم في مهمات سفر، ليخلو لهم الجو مع نسائهم، مستغلّين تحكّمهم بلقمة موظّفيهم:
« - أتمنّى لك التوفيق يا كمال أفندي.. وأرجو ألا تشغل بالك بزوجتك.. سأتصل بها شخصياً كل يوم لأسألها إن كانت بحاجة إلى شيء.. وبالمناسبة.. عندما تعود.. ستجد مفاجأة بانتظارك.. سيارة رسمية تقف أمام الباب.. سائق يلمع زجاجها بانتظار نزوله، ثم ينحني وهو يفتح له بابها».

وفي الخاتمة تصف الكاتبة شعور الموظف بالذل والإهانة، عندما سمح للآخرين باستغلاله واستغلال عائلته: «يزداد إحساسه بالتنميل في رأسه.. يرفع يده إلى رأسه يتحسسه.. خيّل إليه أن قرنين صغيرين برزا فيه وراحا ينموان بسرعة ثم يرتفعان عالياً وقد نمت لهما فروع جانبية صغيرة تكاد رؤوسها تلمس أغصان الأشجار».


الأسنان الذهبية (1973)


قصة حزينة وخطيرة، ترتكز على عدم احترام الموتى، بسبب الفقر الذي يجعل الإنسان يفقد احترامه لنفسه ولكل شيء حوله، فتفقد القيم معناها ويُطلق العنان لانحراف في السّلوك، والجميل في هذه القصة أن الفقراء جميعاً، يتواطؤون معه، فيمارسون نفس التجاوزات، ويرتكبون نفس الخطأ وكأن الخطأ يؤيّد نفسه، فبطل قصتنا، يذهب إلى قبر أمه (أديبة) ليقتلع من جمجمتها أسنانها الذهبية: «أمسك بالأسنان الذهبية وحاول إخراجها.. راح يشد بكل قوته ولكن الأسنان ظلت ملتصقة بالفك لا تريد أن تبارحه. تناول حجراً وراح يدق على الأسنان. دقّ في البداية برفق، ثم دقّ بقوة، وظلت الأسنان منغرسة في الفك، لم يبق أمامه إلا أن يحمل الجمجمة معه إلى البيت. خلع سترته ولف بها الجمجمة. أمسك بحافة القبر وقفز إلى الخارج. وقف يلهث. من القبور الأخرى قفزت أشباح رجال يحمل كل منهم جمجمة ذات أسنان ذهبية. تبادل الجميع النظرات صامتين. أطرقوا برؤوسهم وتسلّلوا واحداً وراء الآخر من الثغرة. وانطلقوا عائدين إلى بيوتهم».


المحاكمة (1974)


تعبّر عن إنسان يضع الحب في آخر أولوياته، مولياً اهتمامه للمال والمقامرة والملذات، مما يجعله يخسر حبه وأصدقاءه، ويبقى في الفراش وحيداً يسترجع ذكرياته وأمجاده البائدة:
«دار السقف دورة كاملة.. تشبثت يده السليمة بزجاج النافذة. كرت الصور سريعة أمام عينيه.. أمه، أبوه، بيته القديم، خالد، ناهد تهز ردفيها، نوال، الورقة الرابحة. الآس في جيبه، إذا استطاع إخراجه ربح اللعبة. أطفال يصيحون يريدون خبزاً، عيونهم الغائرة نصال حادة تنغرس في عينيه.. أصابعهم النحيلة تمتد إلى عنقه.
السقف يدور.. يدور.. الأرقام تقفز. وجه نوال يطل عليه من خلف زجاج النافذة. تتراخى أصابعه التي تحاول جاهدة التشبث بالزجاج. تسقط يده مفتوحة كأنها أطلقت شيئاً كان حبيساً فيها».


العبور من الباب الضيق (1977)


قصة جميلة وجريئة تسخر من جرائم الشّرف، نصرة للحب، قصة تدافع فيها الكاتبة عن «فطيم» المرأة التي يبيعها أهلها لرجل لا تحبّه من أجل المال، حيث تبرر الكاتبة للبطلة فعل الخيانة وتمرّدها على التقاليد، بما أن الغاية هي الحب، وتبتكر الكاتبة للعاشقة حلاً إنقاذياً، وذلك بجعلها تخضع لامتحان المرور بين عامودين، نصبه أهل القرية في العراء لهذه الغاية، فإن تمكّنت المتّهمة بالخيانة، من المرور بين العامودين دون أن تقع، أمام أهل القرية الذين يصوّبون عليها أسلحتهم، فستكون بريئة، وإلا فستدفع حياتها ثمناً لهذه الخيانة:
«سعدى ذبحها أخوها هناك. وحليمة وخدوج وغيرهن.. كلّهن انكشف أمرهن هناك.. لن أذهب».

تقنعها زوجة المختار، التي تعاضد هذه الشخصية، بالذهاب والمرور بين العامودين لأنها نحيفة، وستتمكّن من اجتياز الاختبار بنجاح:
«خفق قلب فطيم وهي ترى المسافة تتضاءل بينها وبين العمودين. تصورت نفسها ملقاة على الأرض، والدماء تنفر من ثقوب عديدة في صدرها وظهرها. تمنّت في تلك اللحظة لو أنها لم تأت إلى هذا العالم، لو أنها ماتت يوم أصيبت بالحمّى، أو يوم سقطت عن سطح البيت. ولكن هذه اللحظات التي سرقتها في عتمة الليل من زوجها ألا تستحق هذا الثمن؟».


حفلة تأبين (1976)


تعبّر دلال حاتم بصدق، عفوية وجرأة، عن الفساد الوظيفي والقضائي والأدبي والأخلاقي والاجتماعي، فالموظف يرتشي، والقاضي يتغاضى، والشاعر يعتلي المنابر، ليمدح ويستعرض عضلات قصائده، فالشاعر تاجر يبيع قصائده لمن يريد ويدفع، أما الناس فيقومون بواجب العزاء لرجل لا يحترمونه غصباً عنهم:
« - أنقذته السكتة القلبية.. لولاها لكان الآن في السجن.
قال الثاني:
ـ السجن لمن هم ليسوا على شاكلته. أما هو فلا سجن ولا ما يحزنون. لم يكن الرجل غبياً.. قبل أن يأكل أطعم، فضمن بذلك ألا تمتد إليه يد بسوء. ثم إن زوجته جميلة كما ترى، وكانت قادرة على إنزال محكوم بالإعدام عن حبل المشنقة».


اجتماع فوق العادة (1976)


تتكلّم هذه القصة والتي تشبه اسكتشاً ساخراً عن الاجتماعات التي تُعقد ولا يُفهم منها أي شيء، بل لا يلمس أحد ثمار مقرراتها، كما تبين نظرة الرجال المادية والماكرة إلى المرأة المشاركة في هكذا اجتماعات:
«يقول المدير: مرة ثانية أكرر شكري لكم على تفضّلكم بالحضور ومشاركتكم لنا في هذه المناقشة. دفعة واحدة وقف جميع الحاضرين. مزق بعضهم الأوراق التي ظل طيلة الوقت يرسم عليها وجوهاً ودوائر وأشكالاً هندسية. بعضهم الآخر أطفأ عقب سيجارته وألقى به إلى الأرض. تدافعوا خارجين من الباب ليركبوا سياراتهم الأنيقة وينطلقوا إلى بيوتهم.
حمل الآذن المكنسة. نظر حوله وبدأ ينظّف المكان.
تنفّست السيدة بعمق، ومدّت يدها إلى أطراف ثوبها تشدّه إلى أسفل محاولة إخفاء ركبتيها. تنهّد جارها الذي يجلس بجوارها ولم يأبه لحركتها، فما تزال أمامه مساحة واسعة من اللحم يمكنه أن يلتهمها بنظراته كما يشاء».

وفي المجموعة نفسها، نجد قصصاً أخرى للكاتبة تحت العناوين التالية: عطيل (1972)، شظايا (1974)، السيد فيكتور والمواطن عباس (1977)، وقصة الجمر.


من ترجمات دلال حاتم

أدب الأطفال في مستنقع


لم تقتنع دلال حاتم يوماً بواقع أدب الطفل، وكانت تشعر دوماً بأنه عليها السعي لإنشاء مؤسسة مستقلة، لها نظامها وميزانيتها وكادرها من خبراء ومربين وأدباء مختصين وعلماء وفنانين لنشل أدب الطفل من مستنقعه، فالظّلم الواقع على الطّفل والمرأة، ومشاكل التشرد التي يتعرض لها بسبب الفقر وانفصال الأب عن الأم، جعلها حزينة تطمح دوماً إلى تقديم القصص والكتب الأجمل والأفضل.

الشخصيات التي ابتكرتها دلال حاتم في قصصها الموجهة للأطفال


اختارت دلال حاتم الأطفال ليمثلوا دور البطولة في قصصها، لاسيما في التسعينيات، حيث صدرت لها مجموعات قصصية طفليّة ونُشرت لها مئات القصص في مجلات أسامة والطليعي، ففي «طفولة زينب»، كانت البطلة طفلة صغيرة في الرابعة من عمرها. البيوت هي الأمكنة التي تدور فيها أحداث قصصها، لاسيما البيوت العربية القديمة التي تُعنى بالنباتات والحيوانات الأليفة، حيث البحيرة، والنافورة هما المركز الذي يدور كل شيء من حوله، فتقول دلال حاتم على لسان بطلة قصتها زينب: «كنت في الرابعة من عمري طفلة مدلّلة وحيدة.. كان لديّ الكثير من الألعاب ولكنني كنت كثيرة الشكوى سريعة الملل».

وفي قصة «زينب والليل» تقول زينب:
«التفتت حيث وضعته، كان ينام واقفاً على أرجوحته الصغيرة وقد دفن رأسه الصغير تحت جناحيه، فبدا ككرة صغيرة من الريش الأصفر الزاهي.
اقتربت منه، سألته بهمس:
ـ هل أنت نائم؟ هل تحلم بشيء؟ هل ترى نفسك مع أقران لك في جنة وارفة الظلال؟
لم يجب العصفور، وظل ساكناً لا يتحرك.
تلمّست القضبان الرفيعة بحنان، القضبان دافئة، ربما من حرارة الجو، وربما من حرارة القلب الأسير، مدّت إصبعها خلال القضبان ودفعت الأرجوحة.
تحركت الأرجوحة، وظل العصفور ساكناً لا يتحرّك.
ـ ألا تريد أن تستيقظ؟ استفق وغن قليلاً. غناؤك يكسر حدّة صمت الليل.. هيا.. هيا.. ما بك أيها الكسول؟ أنت نائم منذ ساعات، ألم تشبع نوماً بعد؟
نقرت على القضبان نقرات خفيفة. فتح العصفور عينيه، نظر إليها بتكاسل، وعاد إلى النوم من جديد.
ـ مارأيك أن أمنحك حريتك؟ أفق وسأفتح لك الباب، وعندما تشرق شمس الغد ستكون قد اخترت عالمك الفسيح الجديد».

كما تتحول شخصية الطفلة في قصة «ليلة تورّم خدي» من شخصية مهملة لنظافة أسنانها إلى شخصية واعية تدرك أهمية الأسنان وحمايتها.‏ وهذا التطور الإيجابي في الشخصية هو ما تهدف إليه الكاتبة دلال حاتم، فالقصص موجّهة، تريد نزع السلبي وغرس القيم الإيجابية، إضافة إلى الشخصيات التي تتوق إلى الاكتشاف والمعرفة عن طريق طرح الأسئلة والتجريب كشخصية زينب، أما الشخصيات التي تهوى المشاكسة وإيذاء الأضعف منها، فتقع في شر أعمالها، ثم تندم على أفعالها، كما عبّرت عن ذلك الكاتبة في قصة «غلطة».


بعض من كتاباتها




النوم – اليقظة


إلى أمي التي افتقدها كثيراً‏


أفتح عيني فجأة، وأستيقظ من نوم عميق. أنظر حولي وأستغرب المكان. الجدران بيضاء بلون الثلج وكأنها طليت حديثاً. متى حدث وتم هذا على الرغم من أنني لم أبارح غرفتي؟ أرهف سمعي وأنصت طويلاً لعلي أسمع صوت الساعة التي أنام وأصحو على تكتكتها، أو صوت مذياعي الصغير الذي يستريح دائماً قرب رأسي، فلا أسمع إلا هدوءاً وصمتاً. أين ذهبت الساعة؟ ربما نسيت أن أدير مفتاحها وأملأها، وربما أخرجتها ابنتي الصغرى من الغرفة، لأن دقاتها الرتيبة تضرب كما تقول على أعصابها وتسرق النوم من عينيها.‏

أجيل بصري في أنحاء الغرفة، فأفتقد خزانة ملابسي والتلفاز والمدفأة التي تقبع في مكانها صيفاً شتاءً. حتى «الكومودينو» الصغيرة وعصاي وسلة أشغال الإبرة اختفت ولم تعد في مكانها.‏ هل استغل أولادي فرصة نومي العميق فنقلوني من غرفة إلى أخرى؟ حدث هذا بالتأكيد ولكن لمَ؟ تقع أنظاري على نافذة عريضة تحتل الجدار من أقصاه إلى أقصاه. أنتبه أن أولادي يتحلقون حولي وأستغرب وجودهم جميعاً، إذ نادراً ما كانوا يجتمعون. وعندما أمعنت النظر في وجوههم وجدتهم نائمين. ناديتهم بأسمائهم واحداً واحداً، قلت لهم: أفيقوا وأسمعوني ضحكاتكم الحلوة. ولكنهم لم يردوا على ندائي وظلوا غارقين في النوم.‏

تململت في فراشي. مددت بحذر ساقي التي تؤلمني وأسمع دائماً طقطقة عظامها فلم أشعر بأي ألم. فرحت، هتفت من قلبي: الحمد لله، أخيراً استجاب الله لدعائي وشفاني. ولكن هل يشفى الإنسان من آلامه التي استمرت أكثر من ربع قرن بين عشية وضحاها؟ لم لا؟ الله قادر على كل شيء، وكم دعوته أن يمن علي بالشفاء، أو أن يخفف عني ولا يجعلني عاجزة تماما أحتاج إلى من يقيمني ويقعدني. حركت ساقي الثانية لأتأكد: لا ألم، حدثت المعجزة أخيراً وفرحي لا يرقى إليه وصف.‏

أحسستني خفيفة كريشة عصفور. أستطيع الآن أن أتحرك وأقوم دون خوف من الألم أو السقوط. سأذهب إلى المطبخ وأحضّر قهوة الصباح، سأحملها إلى أولادي وأفاجئهم، وسنخرج جميعاً إلى الشرفة التي طالما تحرقت أن أخرج إليها، لأرش وأسقي نباتاتها. لأنظر إلى الفضاء الرحب، لأستمتع بنظر شروق الشمس، وغروبها، وانعكاسات ألوانها الذهبية والوردية على صفحة السماء الزرقاء.‏

تحين مني التفاتة إلى السقف. السقف كله قطعة مرآة صقيلة. أحدق في المرآة. تتحول المرآة جنينة صغيرة يحيط بها صف من شجيرات الورد البلدي، وبين الشجيرات اختبأت بنت صغيرة، تدلت جديلتاها السوداوان على كتفيها، وبيدها جزة صوف وتغزل.‏
ـ فاطمة.. أين أنت؟ قلت لك مائة مرة لا تعبثي بمغزلي.

تضع البنت الصغيرة يدها على فمها، وتكتم ضحكة قد تفضح مكانها. يتوالى النداء ويقترب. تدنو امرأة من الشجيرات، تنحني بحثاً عن البنت الصغيرة، وعندما تعثر عليها تشدها من يدها:‏
ـ هاتي المغزل، ولا تعبثي به مرة أخرى.‏
يتوضح وجه المرأة. إنها تشبه أمي التي ماتت منذ زمن بعيد بعيد، ولكن صورتها لا تزال ماثلة في ذاكرتي. أنادي المرأة: أمي. ولكن صوتي لم يخرج من صدري. لم تلتفت أمي إليّ، ظلت مشغولة بالبنت الصغيرة وبانتزاع المغزل من يدها. أخيراً مضت المرأة بالمغزل وجزّة الصوف، ودفنت الصغيرة رأسها بين ركبتيها وأعولت.‏
ناديتها:‏
ـ كفى عن البكاء يا صغيرة.‏
رفعت البنت رأسها ونظرت إلي. يا الله! كم تشبهني في طفولتي.. كأنها أنا!‏
أجابتني وهي تشرق بدموعها:‏
ـ أمي لا تحبني. كانت تتمنى أن أكون ذكراً لتفرح أبي، وتتلخص من نقّ جدتي التي تعيرها بخلفة البنات.‏
مددت يدي وداعبت جدائلها:‏
ـ لا يمكن أن تكره أم فلذة كبدها، اذهبي إليها واسترضيها، ستسامحك وتشتري لك مغزلاً خاصاً بك.‏

يتألق فرح في عيني البنت الصغيرة. تنقلت بين شجيرات الورد وتبتعد، وأبتسم وأنا أسمع فرقعات قبقابها الخشبي على أرضية الدار.‏
قلت لنفسي بعد أن غابت عني:
كم تتشابه الأحداث مع الناس! وأنا أيضاً عبثت يوماً بمغزل أمي فصفعتني وعندما اعتذرت منها واسترضيتها، أخذتني معها إلى السوق واشترت لي مغزلاً ثم أعطتني قطعة صوف ممشطة، وعلمتني كيف أغزل بها خيطاً صوفياً دقيقاً.‏

نظرت ثانية في مرآة السقف. رأيت باباً فتحته ودخلت.. ورأيت شقيقاتي الخمس يرتدين السواد. بحثت عن نفسي فوجدتني أنزوي في ركن بعيد وأبكي بصمت.‏
قالت أختي الكبرى:‏
- آخذها معي وأربيها مع بناتي.‏
قاطعتها أختي الثانية:‏
- ألا تكفينا غربتك؟ غبت عنا سنوات ولم تأتي إلا عندما علمت بموت والدنا. سآخذها أنا وستبقى عندي حتى يأتي نصيبها.‏
لم تشركني أخواتي في الحديث، وكأن الأمر لا يخصني ولا يعنيني. هن يقررن وأنا أنفذ. فليس مسموحاً لفتاة في الخامسة عشرة فقدت والديها أن تبدي رأياً أو تعبر عن رغبة.‏
وقفت أختي الكبرى وقالت:‏
- اتفقنا، هيا بنا.‏
وقفت، حملت صرة ملابسي وخرجنا من البيت ست نساء يتشحن بالسواد. وقبل أن نخرج ألقيت نظرة أخيرة على شجيرات الورد البلدي، وشجرة التوت الشامي التي كنت أتسلق أغصانها، وأقطف ثمارها حبة حبة، فيفضح فعلتي لونها الدامي الذي يصبغ شفتي ورؤوس أصابعي.‏
تفيض عيناي بالدموع. لم أعد أرى بوضوح. أحاط بي الغبش وكأن ضباباً ملأ جو الغرفة.‏

ينقشع الضباب. وأنظر في السقف. أراه يجلس بين مجموعة من الرجال: شاب قمحي اللون عيناه بلون الشهد، وشعره الأسود مسرح إلى الخلف، لكن خصلة منه تمردت وسقطت على الجبين العريض.‏
لكزتني أختي التي تقف خلفي:‏
- انظري إليه جيداً.‏
قلت مدارية فرحي وخجلي.‏
- لا أعرف، كيف ترينه أنت؟‏
همست:‏
- رأيك هو المهم.. أنت التي ستتزوجين ولست أنا.‏
نظرت ثانية من فرجة الباب الموارب. أحسسته سكَّرة ذابت في قلبي الذي خفق بعنف.‏
خجلت أن أعلن رأيي. أنقذتني أختي من حيرتي:‏
- اسمعي، الرجال لا يطيلون الجلوس في مثل هذه المناسبات، هل نقدم الشراب أم القهوة؟‏
سبقني لساني:‏
- الشراب.‏
ابتعدت عن الباب، دخلت غرفتي، وقفت قبالة المرآة وبدأت أحلم.‏

لماذا أرى كل هذه الصور، في هذا السقف؟ عفا الزمن على ذكريات طفولتي وشبابي. أنستني الأيامُ الحلوة ذكرياتي الحزينة، ثم أنساني الحزن أيامي الجميلة.‏
أنظر في السقف. رأيتني عروساً بثوب أبيض، وجديلتين من خيوط القصب تنحدران مع جدائلي حتى أسفل ظهري. تناول عريسي حبة ملبس من سبت العرس وقدمها إليّ، تناولتها دون أن أفوه بكلمة. وضع يده الدافئة على يدي الباردة.. نظرت حولي بخوف وكأنني أرتكب إثماً.‏
قال ليهدئ من روعي:‏
- سنعيش معاً إلى الأبد.. لن يفرق بيننا إلا الموت أليس كذلك؟‏
تابع وقد لحظ ارتباكي:‏
- أنا وأنت على الدهر؟ أم أنت والدهر عليّ؟‏
نسيت وصية أخواتي ألا أكلمه قبل أن يدفع ثمن شعري.‏
أجبت بسرعة:‏
ـ بل أنا وأنت على الدهر.‏
افتر ثغره عن ابتسامة عريضة. أخرج من جيبه خمس ليرات ذهبية ووضعها في يدي.‏

اختفى الشهد. صارت المرآة رمادية. حملقت في السقف. تداخلت الصور. رأيتني أضم أولادي وأندب زوجي الذي خطفه الموت. رأيتني منكبة على ماكينة التطريز، ينام الناس وأبقى ساهرة خلفها. أرى أولادي يكبرون، يسافرون، يعودون، يتزوجون، يضعون أولادهم في حجري، أضم أحفادي إلى صدري وأبحث في وجوههم الصغيرة عن ملامح جدهم، يكبر أحفادي، أسقط مريضة، أكابر، تستفحل آلامي واستعين بعكاز.‏

ينطفئ نور المرآة. تغدو ليلاً حالكاً بلا نجوم. يرفرف عصفور الكناري الأصفر في فضاء الغرفة. كيف أفلت الكناري من القفص؟ ستجن ابنتي الكبرى إذا هرب.‏
أنادي أولادي واحداً واحداً ليمسكوا به، لكن أحداً منهم لم يلتفت ولم يسمع ندائي. ظلوا يغطون في نومهم العميق.‏
أجلس في السرير، أنزل منه، أقف على ساقي، أقف بسهولة، أمد يدي إلى العصفور وأكاد أمسك به، يهرب العصفور مني، يتحداني أن ألحق به. يقترب من النافذة، يتسلل من شقها الضيق، يرفرف من وراء الزجاج وكأنه يسخر مني. أحاول مرة أخيرة أن أستعيده. أمد يدي عبر الشق، وفجأة أتسلل أيضاً.‏
أنا أطير! كم تمنيت أن أطير، أن يكون لي جناحان يعوضاني عن ساقي المريضتين العاجزتين. تحققت أمنيتي. أمضي إلى الفضاء الرحب. وأترك أبنائي يغطون في نومهم العميق!!‏


عدد من مجلة أسامة للأطفال

انكسارات


قصص قصيرة جداً



-1-‏

فرش الفتى ورقة أمام عيني الفتاة. أشار بسبابته: هذه غرفة نومنا وهذه غرفة نوم الأولاد. هنا الشرفة، سنملأها بأصص النباتات ونمضي فيها أمسياتنا الجميلة.‏
احمر وجه الفتاة، قالت دون أن ترفع عينيها عن الرسم:‏
- أين سنضع الأرجوحة؟ يجب أن تكون أرجوحة كبيرة لتتسع لنا جميعاً.‏
قال:‏
- الأرجوحة سنضعها في الحديقة، وسيكون لها سقف قماشي ليدرأ عنا حرارة الشمس في أيام الصيف اللاهبة.‏
استدرك وكأنه تذكر شيئاً.‏
- انظري، المطبخ هنا، تعمدت أن تكون له نافذة واسعة تطل على الحديقة تتيح لك مراقبة أطفالنا وهم يمرحون فيها.. وبالمناسبة يجب أن تتعلمي الطبخ لأنني أحب الطعام الطيب.‏
ضحكت:‏
- أنا أيضاً أحب الطعام الطيب، ولكنني أكره الوقوف في المطبخ.‏
قال:‏
- بسيطة، نستأجر طاهية، سيكون دخلنا جيداً وسنتناول طعامنا خارج البيت إن شئت.‏
أشارت بسبابتها إلى مربع في الرسم:‏
- ما هذا؟
قال بزهو:‏
- هذه غرفة مكتب المهندس البارع الذي سأكونه، الدخول إليها ممنوع منعاً باتاً. عندما أستغرق في عملي لا أسمح لأي كان أن يقطع علي خلوتي و...‏
قاطعته:‏
- حتى لو أتيتك بفنجان قهوة؟‏
ضغط على يدها.. ابتسم.. ابتسمت.. نظرت إلى ساعة يدها، هبت واقفة:‏
- تأخرت يجب أن أنصرف.‏
أطل رجاء من عينيه:‏
- دقائق أخرى.‏
- لا أستطيع، تأخرت، أعطني رسم بيتنا سأحتفظ به معي.‏
بصعوبة سحبت يدها من يديه.. ابتعدت.. استدارت.. لوحت له بيدها وجدّولتها، ثم غابت عن ناظريه.‏
في البيت، دفعتها أمها دفعاً بصينية القهوة.. قدمت القهوة وجلست مطرقة، من خلال أهدابها استرقت نظرات إلى الضيف: قدمان ضخمتان محشورتان في صندل، ساقان انسدلت عليهما دشداشة بيضاء بلون الكفن، كرش ضخم استراح على الفخذين، يد والدها تصافح يد الضيف، أمها تطلق زغرودة طويلة، ترفع عينيها إلى وجه الضيف فلا ترى إلا عيني ذئبتين تنهشان جسدها الطفل، تسرع إلى غرفتها، ترتمي على السرير، تبكي بصمت ويدها تقبض بشدة على رسم بيت المستقبل.‏

-2-‏

ترجّل عن الحصان الخشبي، اتجه صوب السيارات الكهربائية، أخرج من جيبه ورقة نقدية كبيرة ولوح بها:‏
- أريد أن أركب سيارة بكل هذه.‏
اتسعت عينا المسؤول عن اللعبة، هو ذا ولد يملك نقوداً كثيرة.‏
أجابه:‏
- بهذه الورقة يحق لك أن تمتطي سيارة لمدة خمسين دقيقة، لكنني سأجاملك وأعطيك ساعة كاملة.‏
ركب الفتى سيارة حمراء وراح يقودها بمهارة عجيبة، هارباً من السيارات التي تلاحقه، صادماً السيارات التي تعترض طريقه، ملاحقاً السيارة التي تقودها فتاة خضراء العينين، خرنوبية الشعر، وترتدي جينزاً يلتصق بلحمها، ضحك من فرط السعادة، أغمض عينيه وتمنى لو أنه يظل راكباً السيارة إلى الأبد.‏
فجاءة، انقطع التيار الكهربائي وتوقفت السيارات في أمكانها، فتح عينيه رأى أمه تربت على كفته:‏
- أفق يا حبيبي، صينية الحلوى جاهزة.‏
دعك عينيه المليئتين بالنوم، قام إلى صنبور الماء، غسل وجهه، مر بيديه المبللتين على شعره، وضع قدميه في حذائه البلاستيكي، حمل صينية الحلوى واتجه إلى الباب، تذكر، استدار، أسرع يقبل يدي أمه:‏
- ادعي لي يا أمي.‏
رفعت أمه يديها بالدعاء:‏
- ليرزقك الله بحسنتنا.‏
خرج من البيت وسار بخطى حثيثة صوب مدينة الملاهي.‏

-3-‏

قال لها أبوها:‏
- هذه أمك الجديدة، أحبيها وأطيعها كما أحببت أمك وأطعتها.‏
تسمرت الطفلة في مكانها، رفعت عينيها إلى المرأة وتساءلت:‏
- هل يمكن أن تكون أماً ثانية لي؟ ما أبعد الشبه بينهما! قال أبوها وقد رآها مسمّرة في مكانها:‏
- ما بك جامدة هكذا؟ تعالي وقبّلي يد أمك الجديدة، اقتربت الطفلة بحذر، انحنت على يد المرأة، يد المرأة تنتهي بمخالب حمراء، طبعت قبلة مرتعشة على اليد وطبعت المرأة قبلة باردة على خدها.‏
وعندما فتحت المدرسة أبوابها، لم تذهب الطفلة إلى المدرسة، ومع مرور الأيام نسيت ما تعلمته في كتب التاريخ والجغرافيا والحساب، وصارت تتقن مسح البلاط وإزالة الغبار، وتلميع الحنفيات والمغاسل.‏

-4-‏

قال الرجل ودمعة حارة تكاد تفر من عينه:‏
- أتركها وديعة بين يديك يا سيدتي.. والله لولا الفقر والحاجة لما دفعتها للخدمة في البيوت.‏
اتجه نحو الباب الخارجي، تعلقت الصغيرة بساقه، قالت بلهجة أقرب إلى البكاء:‏
- خذني معك يا أبي.‏
شدتها السيدة من يدها وأغلقت الباب، رمقتها بنظرة غاضبة، انخلع قلب الطفلة من الخوف وأسرعت تتكوّم في زاوية المطبخ.‏
صرخت السيدة:‏
- تعالي يا بنت.‏
اقتربت الصغيرة ورجلاها لا تقويان على حملها.‏
- ما اسمك يا بنت؟‏
رددت الصغيرة حروف اسمها:‏
- مز..مز.. مزنة.‏
لم تتمالك السيدة نفسها، ضحكت بصوت كالرعد:‏
- والله عال.. شيء حلو.. تحضرتم وصارت أسماؤكم على الموضة.. اسمعي، منذ الآن سيكون لك اسم جديد، ماذا نسميك؟ ماذا نسميك؟ فطم.. فطم اسم مناسب تماماً.. اسمك منذ الآن فطم، هل فهمت؟‏
مع الأيام نسيت الصغيرة اسمها الحقيقي، ولم تعد تتذكره إلا حين يهطل المطر.‏

-5-‏

ثلاث سنوات وهو يبحث عن عمل، طرق كل الأبواب وكان الجواب دائماً: لا مسابقات لا وظائف شاغرة، ثلاث سنوات أمضاها يخرج من البيت صباحاً قبل أن يفيق أهل البيت، ويعود متأخراً بعد أن يناموا. وعندما تضع أمه أمامه شيئاً من الطعام يغص لإحساسه أنه يأكل من حصة إخوته، فإذا وضعت في يده بضع ليرات، غصت عيناه بالدموع وانفلت خارجاً من البيت لا يلوي على شيء.‏
يوماً عاد إلى البيت متهلل الوجه، زف البشرى إلى والديه وإخوته:‏
- فرجت، حصلت على عمل.‏
أشرق وجه الأب، الآن يستطيع أن يتباهى أمام الجميع بأن تعبه لم يذهب سدى وأن ابنه صار موظفاً قد الدنيا.‏
أطلقت الأم زغرودة طويلة وتركت لدموع الفرح أن تغسل وجنتيها الغائرتين.‏
تحلق الصغار حول أخيهم الذي سيلبي أخيراً جزءاً من طلباتهم.‏
غاب الشاب قليلاً في غرفته، خرج بعد قليل، بسط شهادته الجامعية على المنضدة، وبدأ يحيط حوافها وسط دهشة والديه وإخوته بشريط لاصق أسود. علق الشهادة على الجدار، ورفع يديه مغالباً دموعه:‏
- الفا.. تحة على روح هذه الشهادة.‏
بعد أيام، عرفت الأسرة أن ابنها البكر الذي دفعت دم قلبها لتعليمه في الجامعة، والذي نسجت أحلامها الجميلة حوله، قد اشتغل أجيراً عند بائع أقمشة.‏

-6-‏

عزيزي‏..
فكرت كثيراً قبل أن أكتب لك، منذ ثلاث سنوات ونحن ندور في دوامة، حفيت أقدامنا ونحن نبحث عن غرفة متواضعة تجمع شملنا، وكنا نصطدم دائماً بأن راتبي وراتبك لن يكفيا أجراً لمثل هذه الغرفة، ويبقى علينا بعد ذلك نفقات الطعام والشراب والمواصلات والأطباء والكهرباء والتدفئة وأشياء أخرى كثيرة، كنت دائماً أعاند الذين يقولون إن الفقر والحب لا يجتمعان، ولكنني للأسف الشديد، اكتشفت أن حرارة الحب لا تغني عن المدفأة، وأن العواطف لا تغني عن الطعام ولا تدفع فاتورة الكهرباء، تأكد لي أن الحب يهرب من النافذة قبل أن يدخل الفقر من الباب، وأنا وأنت يا عزيزي فقيران، فقيران جداً، ورغم كل محاولاتنا في حماية حبنا إلا أن الفقر قد تسلل إلينا ربما من عقب الباب أو من ثقب المفتاح.‏
الفقراء يا عزيزي لا يحق لهم أن يحِبوا أو يَحبوا فوداعاً.‏

-7-‏

قال لها بعد أن ملأ أصدقاؤه قلبه شكاً:‏
- لم تتغيبين دائماً يومي السبت والخميس؟
حاولت أن تهرب من الجواب ولما ألح أجابت:‏
- لدي ظروفي وأسبابي.‏
قال:‏
- ولكن محاضرات هامة تقع في هذين اليومين.‏
ضحكت:‏
- شكراً أنك تعيرني دفترك لأنقلها.‏
صباح السبت، لطى الشاب في زاوية، رأى فتاته تخرج من بيتها، لاحقها من بعيد وهي تغذ السير إلى الطرف الآخر من المدينة، حيث الشوارع الواسعة والفيلات الأنيقة، رآها تخرج مفتاحاً من حقيبة يدها ثم تفتح باباً وتدخل.‏
ما قالوه له صحيح، انقلب شكه يقيناً، ماذا تفعل في الداخل؟‏
اندفع نحو باب الفيلا ووضع يده على الجرس، أطلق الجرس تغريداً كبلبل صداح.‏
- تأخرت، سأحطم الباب إذا لم تفتحه.‏
بعد قليل انفرجت درفة الباب، أطلت بنصف وجهها وفي عينيها نظرة رعب، دفع الباب، شهقت، شهق.‏
كانت الشابة حافية القدمين، تحزم شعرها بإشارب قديم، وترتدي بنطالاً شمرته حتى الركبتين وبيدها ممسحة للبلاط تقطر ماءً.‏

-8-‏

أحاطوا به مهنئين غامزين من جانبه:‏
- مبارك الزواج.. هكذا الزواج، وإلا فلا. ثياب جديدة من الطربوش إلى البابوج وعطر فواح وسيارة خاصة وحب ملتهب! ألا تحدثنا عن الحب والزواج؟‏
رد بصوت هامس خجل وكأنه اقترف ذنباً:‏
- شكراً، العقبى لكم‏.
لكزه أحدهم في جنبه:‏
- لن ندعك حتى تخبرنا كيف تم الأمر.. أفدنا أفادك الله.‏
- احك لنا عن تجربتك، نحن عزّاب ومنك نستفيد.‏
حاصروه بأسئلتهم، سؤال من هنا وسؤال من هناك، فلم يجد بداً من الكلام:‏
- الجنس يا أصدقائي حاجة فيزيولوجية مثل الطعام والشراب والنوم، وبما أنني شاب في الثلاثين ممتلىء صحة وعافية ورغبات، وبما أنني لا أقرب الحرام أولاً وأخشى على نفسي من الإيدز ثانياً ولا أملك من متاع الدنيا إلا هذا الراتب المحترم، لذا فقد عرضت نفسي للبيع في سوق الزواج، فاشترتني أرملة تجاوزت الخمسين تملك بيتاً وسيارة وشاليهاً على البحر وآخر في الجبل ورصيداً محترماً في البنك، أما الحب الذي كنا نتغنى به ونتحدث عنه فصدقوني أنه كلام فارغ، لا وجود له إلا في الكتب والروايات والمسلسلات.‏

-9-‏

قال الرجل لزوجته وأبنائه الذين التفوا حوله:‏
- لقد شاهدتم يا أعزائي على مدى شهر، وعبر الأقنية الفضائية، برامج ترفيهية ورياضية وصحية متنوعة، وأود في هذه الجلسة أن أؤكد على البرامج الصحية التي أفادتنا بمعلومات كانت غائبة عن أذهاننا، ولا أرى بأساً من تذكيركم بها، وبخاصة تلك التي تتعلق بموضوع التغذية.‏
- اعلموا يا أبنائي أن الجسم بحاجة إلى البروتين الذي نحصل عليه عن طريق اللحوم والبقول، ولكننا لم نكن نعرف أن اللحوم الحمراء، ترفع نسبة حمض البولة في الدم، وتؤدي في المستقبل إلى آلام شديدة في المفاصل لا تنفع معها الأدوية، أما اللحوم البيضاء، فقد عرفنا للأسف أنهم يطعمون الدجاج علفاً مركزاً لتسمينه، وربما يدخل في تركيب هذه الأعلاف مواد لا تصلح أصلاً للدجاج، مما قد يؤدي لا سمح الله إلى جنون الدجاج كما جن البقر، أما الأسماك فأفضلها ما يؤكل طازجاً فور خروجه من الماء لأنه سريع العطب، ولا شك أنكم تذكرون حالة التسمم التي أصبنا بها جميعاً، وقررت بعدها عدم إدخال السمك إلى بيتنا.‏
- أما السمن العربي والدهون والزبدة والقشدة فكلها تؤدي إلى ارتفاع نسبة الكولسترول والشحوم الثلاثية في الدم؛ وبالتالي إلى إرتفاع الضغط ومشاكل قلبية نحن في غنى عنها، فإذا تحدثنا عن البيض فإن تأثيره مثل تأثير الدهون، كما أن طعمه لم يعد مثل طعم البيض أيام زمان، يوم كانت الدجاجة تسرح وتلتقط رزقها مما يبذره أصحابها أمامها.

في تلك اللحظة، هم أحد الأطفال بالكلام، فأسكته الأب بإشارة من يده وتابع:
- أما الحلويات والسكاكر فإنها تسبب والعياذ بالله أمراضاً كثيرة أهمها الداء السكري، وهو داء لا شفاء منه؛ كما أنه يسبب الجلطة والتهاب الأعصاب وفشل الكلى وضعف الرؤية والعمى أحياناً، كما أنني لست بحاجة إلى تذكيركم بأن السكاكر التي تمصونها والعصائر التي تشربونها يدخل في تركيبها مواد ملونة غير صالحة للاستخدام البشري، وتصديقاً لكلامي، فإنني اقتطعت لكم من الصحف اليومية قصاصات تشير إلى ذلك، ولا يغرب عن بالكم أن تناول الحلوى ومص السكاكر يؤدي إلى تسوس الأسنان ونخرها، والسن المنخورة لا تؤلم صاحبها فقط بل تؤذي الأسنان المجاورة لها، فهل تريدون لأسنانكم اللؤلؤية الجميلة مثل هذا المصير؟‏
لذا، وبما أنني حريص على صحتكم الغالية، وأرتجف هلعاً من أن يصيب المرض أحدكم، فقد اتخذت قراراً هاماً بأن نتحول إلى نباتيين لأن النباتيين كما رأيتم أكثر صحة وأطول عمراً، انظروا حولكم يا أحبائي لتروا كم هي الطبيعة سخية! إنها تقدم لنا الفجل والبصل والثوم والخيار والبندورة والسبانخ والبقدونس، وبالمناسبة فإن للبقدونس فوائد تجميلية إلى جانب فؤائده الصحية، ويكفي يا زوجتي العزيزة أن تغسلي شعرك بمنقوع البقدونس ليزداد لمعاناً وقوة، وأن تغسلي وجهك بمغلي البقدونس لتزداد بشرتك صفاء ونقاء.‏
أعرف يا أحبائي تمام المعرفة أن أجسادكم الغضة بحاجة إلى البروتين لتقوى، لذا سنلجأ إلى البروتين النباتي الموجود بكثرة في الفول والعدس والحمص، ورحم الله أجدادنا الذين قالوا حكمة بالغة، أرجو أن تحفظوها لتلقوها لأولادكم في المستقبل.‏
إذا غاب عنك الضاني عليك بالحمصاني.‏
وهل هنالك ما هو ألذ من حساء العدس، وفتة الحمّص، وطبق الفول المدمس وجاط المجدرة!؟‏

عندما انتهى الرجل من نصيحته الغالية، غادر أولاده الغرفة، وعندئذ أمسك رأسه بكلتا يديه، وأطلق لدموعه العنان.‏


الخاتمة


دلال حاتم، حلم يركض ولا يتعب، يتسلق الأشجار ويهبط على الأرض، يسبح في الماء وينتعش ويخرج منه إلى البر، حاملاً معه صوت الماء ونعومته، يقف ويمشي قرب الأطفال والكبار بكل انسجام، يلاحظ بدقّة أصغر التفاصيل التي تخص الإنسان، رجلا كان أم امرأة، طفلاً، شاباً أو شيخاً. حلم يتمرّد ويطيع، يهاجم ويدافع مستخدماً الكلمة كأجمل سلاح ضدّ الظلم الواقع على الإنسان.

في 2 أيلول 2008 رحلت الكاتبة دلال حاتم، عن عمر يناهز سبعاً وسبعين سنة، بعد أن احتملت ألمها البدني ومتاعبها، يسندها حلمها الذي لا يمكن أن ينطفىء على مرّ الزمان ضوؤه.


مؤلفاتها


1- الحمامة البيضاء، قصص مترجمة للأطفال، وزارة الثقافة، دمشق، 1974.
2- السماء تمطر خرافاً، قصص للأطفال، وزارة الثقافة، 1976.
3- العبور من الباب الضيق، قصص للكبار، وزارة الثقافة، 1979.
4- من الحجر المصقول إلى غزو الفضاء، معلومات علمية مبسطة، وزارة الثقافة، 1980.
5- الديك الأسود، قصة للأطفال، 1980 ط1، 1982 ط2، دار الفتى العربي.
6- ما أجمل العالم، قصة للأطفال، 1980 ط1، 1982 ط2، دار النورس (لبنان).
7- حنون القرطاجي، سيرة قصصية، كتاب أسامة الشهري، 1981.
8- بالون ريمه، قصة للأطفال، 1982، دار الفتى العربي.
9- شجرة زيتون صغيرة، قصص للأطفال، 1982، كتاب أسامة الشهري.
10- حدث في يوم ربيعي، قصة للأطفال، 1983، المديرية العامة للآثار والمتاحف.
11- درس استثنائي، قصص للأطفال، كتاب أسامة الشهري، 1983.
12- مذكرات عشرة قروش، قصة طويلة للأطفال، 1984، اتحاد الكتاب العرب.
13- أدفأ مكان في العالم، قصة للأطفال، 1985، كتاب أسامة الشهري.
14- الزهرة والحجر، قصص للأطفال، 1989، كتاب أسامة الشهري.
15- حالة أرق، قصص للكبار، وزارة الثقافة، 1990.
16- الفطيرة الطائرة، رواية للفتيان (ترجمة)، دار الجندي (دمشق)، 1990.
17- الحلم الجميل، قصص للأطفال، اتحاد الكتاب العرب، 1987.
18- رامي السهم الأبيض، رواية للفتيان (ترجمة)، دار الجندي، دمشق، 1990.
19- جحا في الفضاء، قصة طويلة مصورة، دار صحارى، حلب، 1993.
20- طاحونة الأحلام، قصص للأطفال (ترجمة)، كتاب أسامة الشهري، 1993.
21- جحا ولصوص التحف، قصة طويلة مصورة، دار صحارى، حلب، 1994.
22- قصر المرمر، قصة علمية للأطفال، الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة (الكويت).
23- حكايات من طفولة زينب، قصص للأطفال، اتحاد الكتاب العرب، 1996.
24- امرأة فقدت اسمها، وزارة الثقافة، 1997.
25- من أساطير الهنود الحمر، دار الجندي.
26- جحا في مدينة الذهب، دار صحارى.
27- عندما احمر وجه القمر، قصص للكبار.
28- كان ياما كان، حكايات شعبية للأطفال.


المصادر


ـ مواقع إلكترونية.
ـ المجموعة القصصية: العبور من الباب الضيق، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي.
ـ امرأة فقدت اسمها، منشورات وزارة الثقافة.

إعداد: أميرة سلامة
ناردين الصايغ

اكتشف سورية