سليم سروة: وموسيقى الرحيل الأخير

شيعت الأوساط الثقافية والفنية والموسيقية في دمشق أمس الموسيقار السوري الراحل الدكتور سليم سروة الذي توفي صباح أمس الأول عن 78 عاماً ووري الثرى في مقبرة مجمع باب شرقي.

وفي كنيسة الأرمن الكاثوليك في باب توما حيث صلي على روح الراحل ألقى الشاعر حسان يوسف قصيدة تأبينية تذكر فيها مناقب الراحل ورحلته الفنية والموسيقية الطويلة الخالدة في الذاكرة الثقافية العربية.

وكان الموسيقار سروة من أهم المؤلفين الموسيقيين وعازفي القانون في الوطن العربي حيث قدم تجربة عريقة امتدت على أكثر من ستين عاماً خاض خلالها في مجالات موسيقية عدة من تأليف المقطوعات التي فاقت 900 مقطوعة إلى تلحين الأغاني وتأليف الكتب والعمل في فرق موسيقية مع كبار المطربين العرب.

ومنذ منتصف القرن الماضي بدأ سروة عمله في مجال الفن منطلقاً من الحب حيث كانت معزوفته الأولى باسم خطيبته ناديا وبعد معزوفة ناديا جاءت المقطوعات والأغاني ليكون سروة في المقدمة ليس على صعيد سورية فحسب بل على الصعيد العربي ككل وذاع صيته لتطلبه أم كلثوم ليقود فرقتها بعد وفاة عازف القانون المرافق لها آنذاك محمد عبده صالح كما وقف إلى جانب العمالقة أمثال فيروز ووديع الصافي في حفلاتهم وتسجيلاتهم.

ومثلما تعلم سروة الموسيقا طفلاً في كنف والده باسيل سروة المطرب والملحن وعازف الرق في مدينة حلب قام بتعليم الموسيقا لتلاميذه بدايةً من شغله منصب رئيس دائرة الموسيقا في الإذاعة وليس انتهاء بتدريس آلة القانون في معهد صلحي الوادي كما أن كتبه الموسيقية تعتبر من أهم المراجع وخاصة في مجال آلة القانون.

وكانت القضايا الوطنية والقومية في صلب اهتمام الراحل حيث قدم الكثير من الألحان للأغاني الوطنية مثل "البعث قامت ثورته" بصوت لودي شامية و"زيدي يا شام علوا " لفاتن حناوي و"يا شام" لوديع الصافي وللأم " يا أوفى كل البشر" و لحن للأرض والعمل وغيرها.

وقال الفنان هادي بقدونس في تصريح لوكالة سانا: برحيل هذا الفنان العظيم والهرم الموسيقي والمربي الكبير لأجيال موسيقية تخرجت من بين يديه خسرت سورية والوطن العربي واحداً من كبار الموسيقيين في تاريخ الموسيقا العربية ومن كبار عازفي القانون فسليم سروة ليس مجرد موءلف موسيقي عادي فقد غنى له الكثيرون من كبار المطربين العرب.

وأشار بقدونس تلميذ الموسيقار الراحل إلى أن سروة كان الداعم الأكبر للموسيقيين الشباب حيث كان قلباً كبيراً يتسع للجميع ولا يبخس أحداً حقه لافتاً إلى الأخلاق الحميدة التي كان يتمتع بها أستاذه في التعامل مع تلاميذه.

وقال الفنان برهان القصير: أتذكر من أستاذنا سليم سروة الذوق والأخلاق والوعي والاهتمام بالموسيقيين الشباب وإحساسه بالمسؤولية تجاههم من وجهة نظر فنية ووطنية.. كان يعمل دونما كلل عبر أكثر من ستين عاماً من حياته.

وذكر القصير أنه غنى من ألحانه عدة أغان وكانا يجهزان لأغنية وطنية جديدة إلا أن القدر شاء رحيله تاركاً رسالة الوطنية والفن كقضية ثقافية أصيلة.

ترك سليم سروة نوتاته ومجموعاته الموسيقية والأغاني التي أشرف عليها والإرث الفني الثقافي الكبير ورحل ليكون قيمة فنية موسيقية عريقة وذاكرة توثيقية لأهم مرحلة من مراحل الغناء والموسيقا العربية.

عقود من الفن كانت كفيلة بأن يكون سليم سروة علامة هامة جداً في النوتا العربية وعلامة فارقة إلى حد بعيد على أوتار القانون الآلة الشرقية المنتمية بقوة إلى حضارة وثقافة الوطن.

الوكالة السورية للأنباء - سانا