لأول مرة في سورية ملتقى النحت العالمي الأول

فن يشمل الرسم والفلسفة والتصوير وكل جماليات الفنون الأخرى

النحت هو أحد أعرق الفنون السورية القديمة الذي وجِد منذ عشرة آلاف سنة. وقد استمر وارتقى عبر الحِقب التاريخية المتلاحقة، بدءاً من النحت الآشوري فالآرامي إلى التدمري. حيث كان لكلِّ حضارةٍ فلسفتها وقيمها الجمالية التي وصفها أدونيس «بالتعبيرية الغنائية الشفافة والأكثر قرباً إلى السر والرمز».
واليوم هذا التراكم الحضاري الفنيّ يشهد حضوراً عالمياً من خلال «ملتقى النحت العالمي الأول» الذي أقامته وزارة الثقافة في دمشق على أرض مدينة المعارض القديمة في 7 تموز ويستمر لغاية 31 تموز 2008.
«ملتقى النحت العالمي الأول»
يجمع الملتقى عشرين فناناً من دولٍ عربية كالبحرين، والمغرب ومصر، وفلسطين، ودولٍ غربية كاستراليا، وبلغاريا، وأسبانيا، وألمانيا، واليونان، وإيران، وكوريا، ونخبةٌ من الفنانين السوريين من مصطفى علي، ومحمد بعجانو، وعماد كسحوت، وفؤاد أبو عساف، وعبد الرحمن مؤقت، وإياد بلال، وأكثم عبد الحميد. بهدف التفاعل والحوار الثقافي والخروج بأعمالٍ نحتيّة ستُزيّن حدائق الصروح الثقافية في مدينة دمشق وأهمها حدائق دار الأوبرا.
يرافق الملتقى ورشات عملٍ لطلبة معهد الفنون التطبيقية من السنة الثانية، بالإضافة إلى الخريجين من المعهد وبصفة مساعدين للنحاتين من العرب والأوروبيين. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الملتقى لم يأت بمناسبة دمشق عاصمة للثقافة العربية، إنما كان مطلباً سابقاً عُمل عليه الكثير من قِبل بعض النحاتين السوريين، وفق ما ذكره الفنان أكثم عبد الحميد والذين تمكنوا من تنفيذه ضمن احتفالية دمشق فجاء داعماً للحركة الثقافية ومُكملاً لها.
أكثم عبد الحميد في «ملتقى النحت العالمي الأول»
وعن الملتقى يقول الفنان أكثم عبد الحميد بصفته منظم هذه التظاهرة: «ملتقى النحت العالمي يحدث لأول مرة في تاريخ سورية، وهو مطلبنا منذ أكثر من عشرين عاماً أسوةً بباقي عواصم الدول العربية والعالمية التي تُقييم مُلتقياتٍ نحتية مشابهة بشكل سنوي ومستمر. وأخيراً تمكنا عن طريق وزارة الثقافة من استضافة عشرين فناناً من دول عالمية وعربية وإطلاق الملتقى ليكون طقساً دائماً».
ويتابع عبد الحميد «إذا ما أردنا الإطلاع كفنانين على تاريخنا سنجد أننا مَن أسَّسَ فنّ النحت في العالم القديم منذ عشرة آلاف سنة خَلت، وأخصّ مثالاً الحضارة التدمرية التي كانت في أوج عطائها النحتي، لاعتبار النحت وقتها لم يكن مقتصراً على الملوك، والأمراء، والقصور، والمعابد، وإنما تداولته العائلات التدمرية الغنية، لدرجةٍ أننا نلاحظ العائلة الموجودة في المنحوتة تأخذ وضعيةً معينة وكأنها تأخذ صورة فوتوغرافية، ما يوحي بوجود غِنى وتنوع في فنّ النحت التدمري. أما الآن وللأسف فإن موضوع الثقافة البصرية لهذا الفنّ شبه معدومة. علماً أن العمل النحتي فنٌّ أبدي وحاضر دوماً، يبقى لآلاف السنين ويدخل في تاريخ المدينة العريق، وهو الفنّ الأصعب لأنه يشمل الرسم، والفلسفة، والموسيقى، والتصوير، وكل جماليات الفنون الأخرى».
«ملتقى النحت العالمي الأول»وتأتي أهمية هذا الملتقى حسب قول عبد الحميد، من أهدافه في تفعيل وتحريك الحركة الثقافة والذائقة البصرية لجمهور الفن السوري، وتنشيط الحركة الفنية التشكيلية عن طريق تبادل الخبرات بين الفنانين بالإضافة إلى الحواريات الثقافية المرافقة لفترة الملتقى.
ومن المتوقع أن يكون الافتتاح الثاني نهاية الشهر الجاري ضمن احتفالٍ رسمي وكلمات شكرٍ وتوزيع للجوائز والدروع. والمنحوتات سيتمُّ وضعها بالدرجة الأولى في حدائق دار الأوبرا وأمّا المتبقية سيتم تسليمها لمحافظة دمشق لتوزيعها على حدائق دمشق العامة.
سُبق هذا الملتقى بخروج ملتقى نحتٍ سوري بشكل كامل خارج سورية عام 2005 إلى أسبانبا في مشروع «الحدائق النحتية السورية في أسبانيا»، الذي نفّذه نحاتون أغلبهم من خريجي معهد الفنون التطبيقية في مدينة المونيكر قرب غرناطة، وهي أول مدينة يدخلها عبد الرحمن الداخل «صقر قريش» بعد دخوله أسبانيا، ومازال المشروع مستمراً حتى اليوم.

رياض أحمد

اكتشف سورية