عازف العود ماهر محمود في مجمع دمر الثقافي

موسيقى كلاسيكية من عصر الباروك على آلة عربية

في حفلة غريبة من نوعها قدم عازف العود السوري ماهر محمود بعض قطع الموسيقى الكلاسيكية العالمية على أوتار العود بمرافقة عازف البيانو السوري فادي جبيلي وذلك يوم الخميس 17 شباط 2011 في مجمع دمر الثقافي بدمشق.

في هذه الحفلة لعبت الآلة الأساسية في الموسيقى الكلاسيكية دوراً ثانوياً، بينما آلة العود كانت هي الملكة كما في تخت شرقي تماماً.

بدأت الحفلة بعدد من أعمال ليوهان سباستيان باخ، وكان العمل الأول الحركة الأولى من سويت التشيللو رقم1 مصنف1007، والثاني سوناتا رقم4 للكمان سلم دو مينور مصنف1017 وعزفها محمود بالكامل مع حركاتها الثلاث (بطيئة، سريعة، بطيئة جداً، سريعة)،وأيضا مقدمة بريلود سلم دو مينور مصنف 999،وآخر عمل لباخ كان الحركة الرابعة من سوناتا رقم1 للكمان المنفرد مصنف1001، والمؤلف الثاني الذي عزف له ماهر محمود في هذه الأمسية كان أنطونيو فيفالدي وعمله كونشيرتو الكمان رقم2 (فصل الصيف) سلم صول مينور مصنف رقم8 بحركاته الثلاث (سريعة بتمهل، بطيئة ورخيمة، سريعة جداً)، واختتمت الحفلة بعمل عنوانه «النحلة الطنانة» من سلم لا مينور مصنف 57 للمؤلف الروسي ريميسكي كورساكوف والمعزوفة عبارة عن فاصل أوركسترالي في أوبرا «حكاية القيصر سالتان» ألفت في نهاية عام 1899 وتجسد هذه القطعة مشهد تحويل الأمير إلى نحلة من قبل طائر الإوز السحري ليستطيع زيارة أبيه القيصر.

استطاع محمود في هذه الأمسية بأن يظهر إمكانيات آلة العود بكل المقاييس وأن يكسر الرهان لمن يقول بأن هذه الآلة متخلفة ولا تستطيع أن تعطي ما نريد، برهن هذا العازف عكس ذلك فبإمكانيته الكبيرة وتكنيكه العالي وإحساسه المرهف غطى على الجمل الموسيقية الكلاسيكية المتطورة وخاصة أن الأعمال كلها التي عزفت لم تكتب للعود بل هي أعمال اوركسترالية وسوناتات كتبت للكمان أوغيرها وهنا كانت الدهشة.


عازف العود ماهر محمود

في نهاية الحفل التقى «اكتشف سورية» بالموسيقي ماهر محمود الذي قال: «إن فكرة عزف موسيقى كلاسيكية على آلة العود كانت تحدياً كبيراً لعدة أسباب أهمها أن الأعمال التي اختيرت لم تكتب للعود، فمنها ما كتب للكمان أو التشيلو أو الفلوت وهذا يضعنا أمام مهمة صعبة لتحقيق غاية المؤلف من الموسيقى المتناولة، كما أن اختلاف الخصوصية التقنية لكل آلة لها دورها أيضاً في هذا التحدي».

وتابع قائلاً: «اخترنا موسيقى الباروك بشكل رئيسي لأنها محببة للمستمعين بالإضافة إلى قربها من الأذن الشرقية إن صح التعبير، والأهم من ذلك تناسبها مع آلة العود إلى حد ما. ولا نستطيع أن ننسى عظمة هذه المؤلفات فهي جزء من نهضة موسيقية عظيمة شهدتها أوربا في عصر الباروك».

وأكمل: «لقد اقترح المشروع من جمعية صدى وبدأنا العمل عليه حيث تم اختيار البرنامج بدقة وتضمن أعمالاً منفردة للمؤلف الألماني يوهان سباستيان باخ بالإضافة لسوناتا الكمان والكلافيسان رقم 4 للمؤلف ذاته وفي الجزء الثاني قدمنا كونشيرتو الكمان (فصل الصيف) لأنطونيو فيفالدي بالإضافة للنحلة لريميسكي كورساكوف وهي تمثل مشهداً في أوبرا».

وأردف قائلاً: «إن هذه التجربة كانت مهمة بالنسبة لنا أيضاً فقد كانت بمثابة إغناء لآلة العود حيث خضنا سابقاً تجارب جاز وموسيقى الشعوب وطبعاً موسيقانا الشرقية التي هي محور عملنا، وأنا لا أرى مانعاً بأن يؤدي العود أنواعاً مختلفة من الموسيقى وخصوصاً الموسيقى الكلاسيكية لأنها عظيمة بالقدر الذي يستحق خوض تجارب جدية والعود آلة متكاملة تستطيع أداء أجواء عديدة ولا تحتاج إلا إلى قدر من التقنية واتساع الأفق».

وأنهى حديثه بالقول: «لا بد من التأكيد على أهمية دعم الموسيقى في سورية فقلة الجهات الممولة تعيق المضي بتجارب جديدة إنما وجود جهة كجمعية صدى يعطينا الأمل والحافز، فالشكر الكبير لهم على دعم الموسيقى بشكل عام ومشروعنا المقدم بشكل خاص».

إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية