جداريات فؤاد دحدوح في غاليري كامل

تميز بالعرض وبالحضور..

شهد غاليري كامل بدمشق مساء السبت 19 شباط 2011 افتتاحاً مميزاً لمعرض «جداريات» للفنان فؤاد دحدوح، وذلك بحضور جمهور كبير ضم بعضاً من نجوم الدراما السورية ومخرجيها إضافة لعدد كبير من الفنانين التشكيليين السوريين على اختلاف أجيالهم.

قدم الفنان فؤاد دحدوح عشرة أعمال رولييف ذات حجوم كبيرة تماهت مع عالم اللون كقيمة تعبيرية مضاعفة لشخوصه المحملة ببعد إنساني عالٍ، مختزلة في وجوهها المسحوقة والهادئة الكثير من الروايات والبوح الدفين، عبّر من خلاله الفنان دحدوح عن علاقته مع الذات والآخر وما بينهما من مشترك إنساني عبر شخوصه التي قولبها وسحقها لتولَدَ من جديد شخوصاً من مفردات الضمير، فنتعاطف معها رغم شكلها ومظهرها غير المألوف، فما هي إلا انعكاس حقيقي لذاته – لذواتنا - التي تختزن الكثير من الحكايا الدفينة بين رماديات الحياة وألوانها المبعثرة.


التشكيلي بسيم سباعي

«اكتشف سورية» تابع حفل الافتتاح، فكان لقائنا الأول مع التشكيلي بسيم سباعي الذي يقول عن تجربة الفنان فؤاد دحدوح: «هي تجربة مبهرة ومؤثرة تكاد أن تكون مجسدة كمنحوتات فنية خالصة، فهذا الأسلوب الفني الذي يقدمه الفنان فؤاد دحدوح يجعلنا نتفاءل بحركة النحت السوري وما يتفرع عنه من فن الرولييف، هذه الأعمال خلابة التكوين بشخصياتها وعوالمها وبحالاتها الإنسانية والأسطورية تميزت بألوانها الرائعة، ما أضفى نوعاً من الهدوء والسكينة على قسمات اللوحة بشخوصها التي تختزل الكثير من الخوف والغموض، وهي حكايات إنسانية داخلية نابعة من إحساس الفنان فؤاد دحدوح كانعكاس حقيقي لإحساسه العالي».

النحات مصطفى علي

كما كانت لنا وقفة مع الفنان والنحات المتميز مصطفى علي الذي يقول عن انطباعه حول معرض «جداريات» للفنان فؤاد دحدوح: «لا يوجد أي تردد حول رأيي بتجربة الفنان فؤاد دحدوح، فهو نحات من الصف الأول، لنشاطه المستمر من خلال تجاربه وبحثه الدائم ضمن فن النحت والتصوير. ففي تجربته الجديدة "جداريات" يؤكد لنا الفنان دحدوح قوته كرسام جيد بحساسيته العالية والتي ينقلها ضمن هذه الأعمال النافرة، وما لفت انتباهي هو هذه القوة التعبيرية الموجودة والمتمثلة ضمن شكل الجسد البشري، وما أضافه من قوة اللون الذي استعاره من فن اللوحة، وهذا دليل المقدرة العالية التي يمتلكها الفنان دحدوح كمصور ونحات جسّد أعمال رولييف ذات توازن مدروس لحساسيات اللون والنحت معاً».

التشكيلي أسعد فرزات

من جانبه يحدثنا التشكيلي أسعد فرزات عن أهمية فن الرولييف متمنياً أن تشهد الأيام القادمة معارض خاصة لهذا الفن، وخاصة بوجود نحاتين متميزين في سورية، وعن تجربة الفنان فؤاد دحدوح يقول: «هو من النحاتين المعروفين على مستوى الوطن العربي بأدائه وتكويناته الخاصة، إضافة لتقنيته المتميزة في مجال النحت، كما أن الفنان دحدوح مصور هام يمتلك موهبة خاصة في مجال الرسم، لذا هو فنان ممتلك لأدواته كمصور وكنحات، وهنا في معرضه الأحدث استطاع أن يدمج ما بين النحت والتصوير في عمل واحد، من خلال هذه الأعمال المتميزة وطرحها بتقنية جديدة عبر هذه الشخوص التي تتقاطع كثيراً مع أفكار الفنان فؤاد دحدوح».

النحات مرتضى إبراهيم

وفي لقاء مع النحات الشاب مرتضى إبراهيم - خريج عام 2004 وطالب ماجستير في كلية الفنون الجميلة بدمشق - يقول لـ «اكتشف سورية»: «الدكتور فؤاد دحدوح من أهم الفنانين المتميزين في مجال النحت، وخاصة أن معظم أعماله النحتية تمتاز بحساسيتها التعبيرية العالية، شأنها شأن هذه التجربة المتميزة التي أضاف عليها خامة اللون وما يقدمه هذا الخيار الصعب من انطباع تشكيلي جميل، لذا هي تجربة جريئة عندما نقف عند إشكالية إدخال اللون ضمن العمل النحتي، فهذان العنصران (اللون والنحت) بعيدان عن بعضهما البعض، ومن هنا نستطيع أن نصف عمله بالتعبيرية الحديثة، من خلال عمله على السطوح، وكأنه يعطي شيئاً من انطباع اللوحة، كما يندرج عمله أيضاً ضمن فن الـ "هيرولييف"، وخاصة بسماكته الأكبر عن فن الرولييف».

الفنان التشكيلي فؤاد دحدوح

وفي لقاء مع الفنان فؤاد دحدوح كان لنا هذا الحوار الخاص.

هنالك إجماع على أهمية هذه التجربة التي وصفها البعض بجرأة الطرح ونجاحها، ما هو العنصر الأساسي الذي اعتمدته لتقديم هذه التجربة؟
«اعتمدت في هذه التجربة على عنصر المفاجأة وذلك بجمع عنصري التصوير والنحت في عمل واحد، وهذا شيء صعب للغاية فلكل عنصر عالمه الخاص الذي يحتاج للكثير من الدراسة المتأنية في عمل الفنان».

كما هو معروف فأنت مصور لك تجاربك في هذا المجال، وقد اعتمدت في هذه التجربة على إدخال اللون على عالم النحت ما يتطلب جرأة كبيرة من قبل الفنان.
«كانت لي تجارب منفصلة ما بين النحت والتصوير ولكن في هذه التجربة أحببت أن أجمع بين هذين العالمين، وخاصة في إدخال اللون على العمل الجداري، والذي يتميز أصلاً بتأثير الظل والنور، لذا عملت في هذه التجربة على تثبيت الظل والنور مستخدماً الألوان الطبيعية وما لها من تأثير واضح على تكوين العمل ككل. هي تجربة حاولت من خلالها تقديم اللون بطريقة صريحة وواضحة وكأنه تصوير نافر، وحسب الآراء التي سمعتها أتصور أنني نجحت في ذلك».

الحالات الإنسانية التي عملت على تقديمها كانت تدور ضمن قالب واحد ولكنها متجددة في مضامينها النحتية.
«الإنسان هو الأساس في العمل الفني وهو المحور الذي أعمل عليه، لذا قدمته بالشكل الذي يمسني وبشكل شخصي، فهذه الشخوص تختزن الكثير من الحالات البريئة والهشة من الداخل، هي شخوص ضعيفة أمام هزات الواقع المعاش، فتراني أتعامل معها برأفة وحذر شديدين وخاصة عند تشكيلها، إضافة لاستخدام اللون كتعبير عن الحالة الإنسانية التي أعبر عنها».

وعن حركة الرولييف السوري وما يشهده من ضعف في تقديمه يقول الفنان فؤاد دحدوح:
«الميدالية والنحت الجداري شبه معدومين في حركة النحت السوري، وذلك لعدة أسباب أهمهما ما يتطلبه ذلك من وجود رسام حقيقي، وهذا ما نفتقده عند بعض نحاتينا، علماً أن النحات يتوجب عليه أن يكون رساماً محترفاً بالدرجة الأولى، وهذا ما كان عليه الفنان الراحل محمود حماد والذي كان ملك فن "الميدالية"، ومن الأسماء التي خاضت هذه التجربة لدينا الفنان أحمد الأحمد، الفنان نذير نصر الله، الفنان إحسان العر، والفنان وديع رحمة.

تعتبر سورية موطن الفنون ومنها فن الرولييف الذي تشتهر به آثارنا المكشفة. ولكن رغم ذلك أؤكد على كلامك السابق بضعف حركة الفن الجداري وما يندرج تحته.
«الغريب في الأمر أن تاريخ سورية الأثري يشتهر بالأعمال النحتية الفينيقية والسومرية والإغريقية، وهي الأولى في العالم من حيث تاريخ النحت وموطنه، ومن جهة أخرى فقد كان لفن التصوير تطوره الملحوظ على حساب العمل النحتي، من خلال معارض التصوير الكثيرة التي تزين صالات العرض السورية، ولكن في المقابل توجد أسماء مهمة جداً عملت في مجال النحت وصنعت مجدها النحتي السوري أمثال مصطفى علي، ماهر بارودي، عاصم باشا، كما بدأنا نسمع بأسماء مجتهدة ومبشرة أمثال الفنانة نسرين بخاري، ومحمد عمران، كما أنني متفائل بمستقبل النحت السوري وخصوصاً بوجود ملتقيات النحت ودعم السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد الكبير لهذا الفن، فهو متميز بحبه للفن التشكيلي وفن النحت على وجه الخصوص، فقد التقى السيد الرئيس وعقيلته الكريمة عام 2010 مع طلاب كلية الفنون الجميلة لمدة ثلاث ساعات محاوراً إياهم في أدق التفاصيل، كما زار ملتقى النحت العالمي الذي أقيم على أرض معرض دمشق الدولي، وهو يؤكد دائماً بحواراته مع الفنانين على أهمية النحت وعلى تزيين ساحات سورية بالأعمال النحتية».

يذكر أن معرض «جداريات» مستمر لغاية 10 آذار 2011، في غاليري كامل، مقابل اتحاد الكتاب العرب، مزة، فيلات شرقية، دمشق.

مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية