رشا شربتجي في «الولادة من الخاصرة» ومعالجة جريئة لقضايا المجتمع

للكاتب سامر رضوان وإنتاج شركة كلاكيت

يكفي أن يحمل أحد الأعمال الدرامية توقيع المخرجة رشا شربتجي، حتى يجعل المتلقي في حالة ترقب لما تلتقطه كاميراتها من مشاهد تمثل إطلالاتٍ بالغة الدلالة على صورة مجتمعنا اليوم، فكيف إذا كان النص للكاتب سامر رضوان الذي لفت الأنظار بقوة خلال الموسم 2010 عبر مسلسل «لعنة الطين» بما امتلكه من موهبةٍ في سبك الأحداث، وجرأة الطرح.

أما إذا كانت قائمة الممثلين تضم نخبة من كبار نجوم الدراما السورية كـ سلاف فواخرجي، عابد فهد، سلوم حداد، قصي خولي، مكسيم خليل، محمد حداقي، فادي صبيح، مها المصري، شكران مرتجى، تاج حيدر، صفاء سلطان، كندة حنّا، والسيدة منى واصف، وآخرون، فهذا يعني أن المشاهدين سيعدون أنفسهم بالكثير في مسلسل يحمل اسم «الولادة من الخاصرة» أول إنتاجات شركة كلاكيت للإنتاج والتوزيع الفني للموسم 2011.


النجمة سلاف فواخرجي

وإلى جانب طرافة اسم المسلسل وغنى دلالاته، فقد قيل عنه الكثير عبر العديد من المقالات والتقارير التي تناولت هذا العمل رغم أن رشا شربتجي لم تنته من تصويره بعد، ويمكن أن نلخص ما كتب عن مسلسل «الولادة من الخاصرة» بأنه يقدم صورةً بانورامية عن مجتمعنا بمختلف طبقاته واتجاهاته، باعتباره يطرح مجموعةً كبيرةً من الأفكار ذات الصلة بحياتنا اليومية، مروراً بعوامل تشكل الخوف في الشخصية الإنسانية، والضغوطات التي نواجهها، وما نعانيه من ظروفٍ معقدة تتدخل بها علاقة المال بالسلطة، والآباء بالأبناء وانعكاسات ذلك كله على حالتنا النفسية وقابليتنا للحياة. موقع «اكتشف سورية» التقى بالمخرجة رشا شربتجي في كواليس تصوير المسلسل ووجه لها مجموعة من الأسئلة عن الولادة من الخاصرة.

هل ينتمي هذا العمل إلى بيئة الأعمال الاجتماعية الواقعية، أم هو أكثر ميلاً للدراما النفسية -إن صح التعبير-؟
«لاشك بأن هذا المسلسل واقعي، إلا أن شخصياته خاصة جداً فمعظمها تمثل حالاتٍ فردية، نسلط من خلالها الضوء على أشخاص مرّوا في حياتنا قد نعرفهم عن قرب أو نسمع عنهم، وتصدر عنهم تصرفات غريبة بفعل الضغوطات التي نتعرض لها في حياتنا اليومية، هذه الضغوط ربما تفرز حالةٍ من الخوف المرضي أو نوعاً من الأمراض النفسية تتفاوت من شخصٍ لآخر، ويساهم في تفاقمها أو تراجعها عدة عوامل منها ما هو اجتماعي أو اقتصادي، وبصورةٍ عامة يمكننا القول بأن مسلسل الولادة من الخاصرة، دراما واقعية تحمل في طياتها الكثير من الأحداث فيها الميلودراما والتراجيديا والكوميديا ويقدم من خلاله الكاتب سامر رضوان شخصيات جديدة، ومركبة، وحالات فردية لا يمكن تعميمها على كل المجتمع».

من مسلسل الولادة من الخاصرة


إذاً هذا المسلسل يمثل إطلالة جديدة لرشا شربتجي على عوالم السكن العشوائي المحيط بمدينة دمشق؟
«في البداية يجب التوضيح أننا لا نتناول العشوائيات من منطلق كونها موضة درجت الأعمال الدرامية السورية على تناولها في المواسم الماضية أو باعتبارها بيئة غنية للتصوير، فنحن ننظر إليها بوصفها جزء من مدينة دمشق لجأت إليها الطبقات الفقيرة كملاذٍ آمن بسبب ارتفاع أسعار العقارات المبالغ فيه كما أن أهل هذه المناطق جزء من أهلنا وهمومهم هي همومنا، وفي هذا المسلسل يبدو سكان الأحياء العشوائية الأكثر توازناً وتوافقاً اجتماعياً مقارنة ببقية شخصيات العمل، والأهم من ذلك أننا نطرح حالة جديدة على هذا الخط الدرامي، فعلى سبيل المثال كيف يمكن لك أن تتصرف حينما تكون مطمئناً على الأقل للعيش في أحد الأماكن، لتصحو ذات يوم وتجد نفسك وعائلتك بدون بيت».

قلت في تصريحاتٍ سابقة أن نص الولادة من الخاصرة لا يشبه النصوص الأخرى، كما صُنّف هذا العمل من بين الأعمال الصعبة التي يواجه المخرج تحديات خاصة في تنفيذها، فأين تكمن الصعوبة والخصوصية؟
«كما ذكرت سابقاً ينقلنا النص إلى عوالم جديدة رسم سامر رضوان ملامحها بعناية مما يجعل هذا المسلسل مختلفاً عن المسلسلات السابقة التي أخرجتها رغم خصوصية كلٍ منها أما الصعوبة فتتمثل بمشاركة الكومبارس بأحداث كبيرة تمر بها شخصيات العمل ولا تقل أهمية دورهم عن الأدوار الرئيسية في العديد من المشاهد، وكلما كانت درجة إحساسي بالمشهد عالية زادت صعوبة تنفيذه، وعلى هذا الأساس تكثر المشاهد الصعبة في هذا المسلسل».

لاحظنا في هذا المسلسل وجود مجموعة من الممثلين الذين غالباً ما يكونون على أعمال رشا شربتجي ما السر في ذلك؟
«أنا أعمل منذ البداية بصيغة فريق العمل، وهذا ينطبق على التقنيين والممثلين الذين يشكل كلاً منهم حالة خاصة على مستوى الأداء، ويفاجئوني دائماً بكل ما هو جديد، كـ: سلاف فواخرجي، مكسيم خليل، وقصي خولي ومعظم الأسماء التي تشارك في المسلسل، وأعتقد أن قدرتهم على التجدد كفيلة بعدم حدوث التكرار في الأدوار، والبعد عن النمطية».

وعلى من تراهنين في هذا المسلسل؟
«أراهن على جميع الممثلين في هذا العمل، خاصةً أنني أحرص على النقاش معهم قبل توزيع الأدوار لإعطاء كلٍ منهم دوراً جديداً لم يسبق له أداؤه، مما يفتح له مساحة جديدة تحرك إبداعاته، وتطلق العنان لموهبته، فيظهر بشكلٍ وأداءٍ مختلفين، وهذا ينطبق على أغلب شخصيات مسلسل الولادة من الخاصرة، "سماهر": سلاف فواخرجي، "واصل": سلوم حداد، "علام"، مكسيم خليل، "جابر": قصي خولي، بالإضافة إلى الدور الصعب والمختلف الذي يؤديه عابد فهد، والأدوار الأخرى التي لا تقل عنها أهمية».

من مسلسل الولادة من الخاصرة

يقال أنك تتجاوزين الخطوط الحمراء برشاقة وذكاء، فهل واجه هذا العمل مشكلات رقابية من أي نوع؟
«تمت إجازة تصوير المسلسل من الرقابة، وكان لهم بعض الاعتراضات التي تعاملنا معها بمرونة، وهنا يجب أن نسجل للرقابة السورية جرأتها في قبول بعض الأعمال التي كان من الصعب إجازتها سابقاً، وعلينا أن نشكرهم لأنهم أصبحوا أكثر انفتاحاً».

على سيرة الجرأة في الأعمال، هل تتفقين مع وجهة النظر القائلة أن مسلسل «تخت شرقي» كان ينبغي أن يعرض مع تنويه خاص (لمن هم فوق سن الــ18)؟
«لا أتفق مع هذا الرأي مطلقاً، فما عرض في هذا المسلسل لا يبدو بعيداً عمّا نشاهده في حياتنا اليومية، وأعتقد أننا سنكون ساذجين إذا تجاهلنا القضايا التي تمس شبابنا اليوم واللغة التي يتحدثون بها، وكأننا نقول لهم توجهوا للدراما التركية، والأجنبية التي أصبحت تعرض في محطاتنا العربية على مدار العام، أنا احترم العادات والتقاليد ولا أقبل على المشاهدين، ما لا أقبله على عائلتي ولكن يجب الانتباه إلى أن هذا الجيل يجيد التعامل مع الانترنت بما يفتحه لهم من عوالم تبدو عصيةً على الرقابة، وبالتالي يجب أن نخاطبهم بما يتناسب مع عقليتهم وما يمتلكونه من أدوات».

ربما هذا ما يفسر سر شعبيتك في أوساط الشباب؟
تضحك رشا: «لأنني أحترمهم وأتقبل أفكارهم، وأتعامل معهم بعيداً عن الاستعلاء».

هناك انطباع عن علاقة استراتيجة تربطك بشركة كلاكيت للإنتاج والتوزيع الفني، فهل ستكون مشاريعك المقبلة من إنتاج نفس الشركة؟
«أبدو مستمتعةً بالتعامل معهم خاصةً أن مدير الشركة إياد نجّار شاب منفتح، وجريء، ولديه رغبة قوية في تقديم مشاريع متطورة وهذا ظهر بوضوح في تجربتنا الأولى، مسلسل تخت شرقي إلا أن هذا لا يعني احتكاري من جانب "كلاكيت" فأنا أبحث دائماً عن النص الجيد».

وما هي النصوص أو المشاريع المستقبلية التي تدرسينها حالياً؟
«هناك نص قيد الإنجاز للكاتبة ريم فليحان، وهو الأقرب إلى خياراتي المستقبلية بعد الولادة من الخاصرة، وأعتقد أنه سيكون جديداً تماماً».

محمد الأزن - دمشق

اكتشف سورية