نشوء الحضارات القديمة


تأليف

بورهارد برينتيس

ترجمة

جبرائيل يوسف كباس

الناشر

دار الأبجدية للنشر




لقد أثبتت دراسة مائة عام لتاريخ الشرق القديم أن الصورة التي، رسمها الخيال البشري عبر آلاف السنين وحدد أبعادها ولونها بألوان مختلفة هي صورة قريبة من واقع الأشياء.
لقد ظهرت الزراعة في آسيا الأمامية لأول مرة في العالم، وفيها ظهرت تربية الحيوان أيضاً، وتشكلت فيها القرية والمدينة، وظهر العلم والأدب ونشأت منابع الحضارة والتراث الأوربيين، وقد استهوى رصدها علماء الآثار ودفعهم إلى صحاريها ووديانها. وشاركتها آسيا الوسطى ذاك الاهتمام.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا نحن بحاجة إلى معرفة كيفية ولادة المجتمع الطبقي وما رافقها من علاقات غير إنسانية (بربرية) بالنسبة للإنسان المتحضر الذي يعد جزءاً من: المجتمع الطبقي وما فيه من علاقات استغلال بشعة، ومن الدولة التي شكلت على مر العصور أداة لاستغلال الجماهير الشعبية والتي ليست أكثر من مرحلة ذهبت ولن تعود؟
في الإجابة على هذا السؤال نقول: تفيدنا دراسة معطيات المجتمع البدائي بأن المجتمع الطبقي لم يكن إلا مرحلة انتقالية قصيرة بين المجتمع البدائي والمجتمع الذي يعتمد على التطور الصناعي العالي؛ وقد استمر المجتمع البدائي اللاطبقي حوالي مليون ونصف مليون عام بينما لم يتجاوز عمر المجتمع الطبقي الخمسة آلاف عام.
نحاول في هذا الكتاب أن نصل إلى الأهداف التي وصل إليها علماء الاثنوغرافيا قبلنا ولهذا قمنا بدراسة حقبة مديدة من التاريخ لم تكن دراستها ممكنة في السابق. وهي الحقبة التي ظهرت فيها المقدمات الأولية لظهور المجتمع الطبقي من زراعة وتربية حيوان. أي منذ نهاية العصر الجليدي إلى ظهور الأشكال الأولى للدولة في وديان أنهار آسيا الأمامية. ونحن نقصد هنا الثورة الزراعية.