مسرحية ليلة القتلة للمخرج مأمون كامل خطيب

02 كانون الثاني 2011

شهد مسرح القباني بدمشق ختام عروضه المسرحية لعام 2010، بالعرض المسرحي «ليلة القتلة» للمخرج مأمون كامل خطيب الذي استعان بنص مميز وآسر للكاتب الكوبي خوسيه ترييانا والذي يتناول في نصه ماهية الصراع الأزلي بين الماضي والحاضر، متمثلاً بسلطة الأهل وتمرد أبنائهم على القيم الاجتماعية والفكرية القديمة، وما يحيط بها من ترسانة مغلفة بسلطة الأهل، حيث يتناول العرض مبررات كل من الطرفين في البقاء والسيادة على الآخر، حيث نكتشف من خلال الصراع الدائر آلية القمع والاستبداد التي يتحلى بها كلا الطرفين. صراع أزلي بين جيلين، جيل من وقت مضى، كرس له الوقت قواعده وترسانته الراسخة ضد التغيير، وجيل من هذا الزمان له من الآمال والنظريات والمخططات ما ينخر بترسانة الماضي، هذه هي الخطوط العريضة التي يقدمها لنا المخرج مأمون خطيب في عرضه «ليلة القتلة» للكاتب الكوبي خوسيه ترييانا، والذي أكد من خلال نصه مفهوم وحقيقة الصراع الأزلي بين الأجيال في شرق المعمورة وغربها.

على خشبة مسرح القباني، انتهى عرض «ليلة القتلة» الذي نجح مخرج العمل مأمون خطيب في إعداده ، فأوصل النص للمتلقي بسلاسة وإتقان محولاً إياه من نص كوبي إلى نص سوري بامتياز، عبر شخوصه الثلاث - الأشقاء - بلال، صبا والأخت الصغرى هبه، لتبدأ قصة العمل والمتمحورة حول لعبة متخيلة مفادها الصراع والتخلص من سلطة الأب والأم وقتلهما المتخيل من قبل الأشقاء، حيث نستعرض عبر شخصياتهم وعبر تقمصهم لدور الوالدين وبعض الجوار، قصص كل طرف وظروفه ومبرراته في البقاء وتبرير الفعل ورد الفعل كل من منظاره الشخصي، وهنا لا يقل استبداد جميع الأطراف وخاصة طالب التغيير المتمثل بسلطة الأخ بلال على أختيه اللتين تشاركانه في لعبة مفتوحة ذات طابع تهكمي مستبد يشارك في تكريسه جميع الأطراف.

«اكتشف سورية» تابع العرض الأخير من مسرحية «ليلة القتلة» والذي استقطب على غير العادة جمهوراً كبيراً نسبياً كإشارة على قوة العمل الفكرية والإخراجية والأدائية.


من مسرحية ليلة القتلة للمخرج مأمون خطيب

وفي حوار حول تفاصيل العمل كان لنا لقاء مع المخرج مأمون خطيب الذي يقول عن اختياره لنص خوسيه ترييانا: «دائماً ما أبحث عن نص يحاكي الراهن والقريب من الشريحة الأوسع من المجتمع السوري وبالتالي كان هذا النص ملفتاً بشكل كبير لتقديمه في هذا الوقت، وليقدم على مبدأ الآن وهنا في سورية، وقد سبق هذا الاختيار قراءات متعددة للكثير من النصوص المسرحية، تتقاطع مع هذا النص».

عملية إعداد النص الأجنبي وتحويله إلى نص محلي يحتاج إلى وعي كامل لجوهر النص وطبيعة المنطقة التي نعيش فيها، ما رأيك؟
«الإعداد المسرحي جوهر العمل المسرحي، لذا تشاركت في إعداده مع الدراماتورج وداد جرجس سلوم وهي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تشاركنا في بناء هذا العمل عبر مجموعة من الرؤى والأفكار المشتركة والمتوافقة مع بنية العمل الأساسية، وكما قلت هو نص أجنبي كوبي، فكانت المهمة إعداده بشكل علمي وممنهج وتجريده من "كوبيته" ليكون نصاً سورياً خالصاً، ولكن ضمن فكرة الكاتب خوسيه ترييانا ومن ثم العمل عليها دراماتورجياً، والارتجال على خشبة المسرح - ضمن رؤية الكاتب - لذا فهنالك تشابه كبير بين نص المسرحية الأصلي المترجم للفصحى وما قدمناه على خشبة المسرح، وفي النهاية لا يكون الإعداد بالشطب والحذف بل بعمل ممنهج ومدروس».

اللافت في العرض هو تعدد الكركترات لعمل الممثل الواحد وهذا يتطلب جهداً من المخرج والممثل، كيف اشتغلت على ذلك؟
«هي كركترات لشخصيات موجودة في النص الأصلي، ولكن قٌدمت بصيغة أخرى، وهي لعبة لها علاقة بخيال الممثل الذي استمد من خيال الكاتب ونصه وشخصياته نكهة خاصة، وهنا لا ننسى عمل الدراماتورج في عملية بناء هذه الشخصيات».

في العرض توجد محاكمة لجيلين متناقضين وترسانة كل منهما، الجيل القديم بتقاليده والجيل الجيد بعشوائيته وأطروحاته غير المدروسة ماذا تقول في ذلك؟
«حسب هيغل فالجميع يعتقد أنه على حق، فللأهل ظروفهم وللأولاد ظروفهم وللمجتمع ظروفه. لذا هي دعوة لتنظيف المجتمع وإزالة القهر والظلم الممارس على الأبناء من قبل سلطة الأهل والمجتمع والعادات. الجميع يبحث عن حل وربما يكون اللعب والحلم الطريقة الوحيدة لبداية الحل، ونحن نقول إذا لم تستطع أن تحقق حلمك يكفي أن تحلم بتحقيقه».

الممثل يامن سليمان

من جانبه يقول الممثل يامن سليمان الذي جسد شخصية «بلال» الأخ الكبير، وهي شخصية ثورية ولكنها عبثية وغير مضبوطة أو متماسكة: «ما دفعني لهذه المغامرة قوة النص، ففي البداية كان هنالك خوف داخلي من هذا العمل، لذا كانت البداية في اكتشاف جوهر النص لتبدأ مرحلة التجريب، فمنذ بداية العمل مررنا بمراحل تجاذب ما بين فريق العمل وقوة النص، خاصة وأنه نص كوبي وتحويله من نص بالفصحى إلى نص محكي باللغة العامية وتنميطه بالبيئة السورية أمر ليس بالسهل، فما قدمناه في هذا العمل هو حكايات الناس المحليين القريبة من حياتهم، وهي قصة جيلنا والجيل الذي سبقنا، فالأهل يريدون أبناءهم صورة طبق الأصل عنهم، إضافة لجبروت العادات والتقاليد التي ورثناها بحرفيتها».

وعن شخصية بلال التي قام بتأديتها يضيف: «ألعب دور بلال الأخ الأكبر المتسلط، كنتيجة لتسلط والديه، لذا يحاول بطريقة متخيلة أن يقود حملة عبثية يحرر من خلالها نفسه من قيود الأهل، ولكنه في حقيقة الأمر فاقد لأدوات التغيير، وفي النهاية يبقى في دائرة العبث التي يحيى ضمنها».

الممثلة ندى العبد الله

الممثلة ندى العبد الله تجسد شخصية «هبه»، الأخت الأصغر تشترك في اللعبة، المحكومة والمقهورة من تسلط مزدوج تعيشه ضمن عائلتها المفككة، وعن دورها الذي تضمن العديد من الكركترات تقول لنا: «إضافة لقوة النص الفكرية فقد تميز بوجود عدد كبير من الكركترات التي يتعامل معها فريق العمل، وهذا تحدٍ مضاعف لعمل الممثل، الذي يتوجب عليه العمل مع هذه الشخصيات المتعددة والانتقال ما بينها بسرعة كبيرة، مع شرط الفصل والتمايز ما بين شخوص العمل المتخيلة من حيث الصوت وتركيبة الشخصية، لذا فقد كان التحدي كبيراً جداً».

الممثلة علا باشا

من جانبها تقدم الممثلة علا باشا شخصية «صبا» التي تسعى في بادئ الأمر إلى الوقوف في وجه لعبة خطرة العواقب، لكنها وتحت تسلط الأخ الأكبر تشترك في عملية البوح الدفين، فتقدم عدة شخصيات درامية، وعن أهمية دورها في هذا العمل تقول: «أهمية الدور من أهمية النص وما تخلله من تكنيك متعدد قدمه الممثل عبر مختلف الكركترات، والتي تبرهن على قوة الممثل في تأدية عدة أنماط شخصيات مختلفة. لقد أعاد هذا العمل الحيوية لأدواتي المسرحية، بعد انقطاع قصير بسبب عملي في الدراما التلفزيونية، فهذا العمل حرضني على العمل والعودة للمسرح على اعتباره المعلم الأول لفن التمثيل، إضافة إلى أن هذا الدور أعطاني رغم الجهد والتعب أكثر مما أخذ».

يذكر أن العمل من تأليف: خوسيه ترييانا.
إخراج: مأمون كامل خطيب.
تمثيل: يامن سليمان، علا باشا، ندى العبد الله.
مساعد مخرج: رامي عيسى، دراماتورج: وداد جرجس سلوم، سينوغرافيا: وسام درويش، رؤية موسيقية: محمد آل رشي، أزياء: ريم الحلو، إضاءة: بسام حميدي، أفيش وبروشور: نعمان عيسى، فوتوغراف: يوسف بدوي.


مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من العرض المسرحي ليلة القتلة للمخرج مأمون كامل خطيب على مسرح القباني بدمشق

من العرض المسرحي ليلة القتلة للمخرج مأمون كامل خطيب على مسرح القباني بدمشق

من العرض المسرحي ليلة القتلة للمخرج مأمون كامل خطيب على مسرح القباني بدمشق

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق