أمسية مسرحية على أعتاب العام الجديد لطلاب مدرسة الفن المسرحي

02 كانون الثاني 2011

لا شيء يشي بالمسرح؛ لا نخب مثقفة ولا نقاشات وحوارات، ولا صخب، ولا حتّى جمهور. وحدها الوجوه المتلهفة والخطوات الحذرة في الطرقات الغير معبدة لبعض من الشباب والشابات خرجوا في رداءة طقس كانون مختارين أن يمضوا أمسيتهم ليشاهدواً عرضاً مسرحياً لطلاب مدرسة الفن المسرحي، هي من دلت على وجود العرض في حيٍ صغير من أحياء منطقة الإطفائية بمدينة دمشق، أقيم مساء الأربعاء المنصرم 29 كانون الأول 2010.

تبدو التجربة غريبةً بعض الشيء. أخذنا الممر الصغير، الذي يشبه النزول في قبو، إلى باب المنزل. تلمسنا طريقنا وسط العتمة، حيث أشرقت ذكرى عرض المهاجران الذي أقيم في أحد الملاجئ بدمشق. لم تَطل المسافة ليفتح باب خشبي بسيط وتستقبلنا فتاة في مقتبل عمرها وتشير لنا بالجلوس على بعض الكراسي في باحة المنزل الدمشقي القديم، حيث أطلت علينا شجرة برتقال وحيدة تشارك هؤلاء الطلاب شغفهم وحبّهم للمسرح.


من مشهد دموع لا يراها العالم

لم نُمني النفس بالكثير لعلمنا أنّ العرض غير محترف، فنحن متعاطفين مسبقاً، متورطين إذ جاز التعبير، لأننا نستقبل العام الجديد ونسدل الستار على العام المنصرم بأمسية مسرحية لشباب أحبو المسرح واختاروا أن يمضوا جلّ وقتهم في التدريب المتواصل. جلسنا لترحب بنا الفتاة مرةً أخرى وتقول: أهلاً بعرضنا المسرحي. عرض اختار المشرف عليه الخبير الروسي فيودور بيريفيرزيف بالتعاون مع الدكتور سمير عثمان الباش المشرف على مدرسة الفن أن يكون مجموعة من المشاهد المأخوذة من قصص للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف.

استسلمنا لأداء الطلاب الذي كان يسرق الابتسامة تارةً، ويفجر الضحك تارة أخرى، وفي أحيانٍ أُخرى يبدو باهتاً عادياً. ولعل ذلك يعود إلى الخيار الذي ارتكز عليه العرض في تقديم قصص تشيخوف؛ فالقصص كتبت كنصٍ أدبي تكمن جماليتها في الأسلوب السهل الممتنع الذي يجترح الابتسامة من القارئ، وعندما قام الطلاب بتحويل هذه القصص إلى مشاهد ممثلة غاب الجزء الأهم من القصة، ممّا حمل الممثل عبئاً كبيراً في إيصال روحها وتقديمها في طابع كوميدي غير مبالغ فيه، والذي لا يمكن أن يعوض عنه بالديكور أو الإضاءة أو حتى الحفاظ على الأسماء.

ولكن العرض قدم موهبة حقيقة لا نستطيع تجاهلها؛ ففي لوحة «عقيلة»، التي آداها الممثل الشاب سالم بولس، استطاع أن يصل إلى روح الشخصية وأن يؤديها ببراعة بالرغم من بعض الهفوات التي شابت أداءه، ولكنه أضحكنا بصدق في مقاربة للشخصية ابتعدت عن الابتذال والمبالغة؛ مشتغلاً على تفاصيل صغيرة استطاعت أن تغني المشهد. وتكاد تكون لوحته هي اللوحة الوحيدة التي استطاعت أن تلامس روح القصة وأن تقدمها بشكل حيوي عفوي يبشر بموهبة حقيقة.

لا يمكن أن يحاكم عرض طلاب على أنّه عرض محترفين وأن يُحمّل فوق طاقته، كما أنّنا لا يمكن أن نتجاهل الجهد الذي بذله الطلاب في محاولتهم لإثبات جدارتهم وسط مشهد مسرحي يعج بالأزمات، حيث تبدو هذه المحاولات أحد الخطوات على طريق إنعاش المسرح في سورية.

إضاءة على العرض:
«اكتشف سورية» التقى الممثل الشاب سالم بولس، حيث تحدث عن مشهده في العرض، قائلاً:

الممثل سالم بولس

«حاولت في مشهد عقيلة أن أشتغل على التفاصيل الداخلية للشخصية، فالشخصية سلبية، لذا اخترت منذ البداية أن أجد التفاصيل التي يمكن أن تظهر هذه السلبية، بعيداً عن المبالغة التي كانت مطلوبة في بعض الأحيان لكون العرض كوميدياً».
وعن قدرته على أن يجد توازناً في اللعب على هذه التفاصيل الصغيرة ومزجها مع المبالغة الكوميدية التي تحدث عنها، قال بولس:
«أعتقد أنها أحد درجات الاحتراف والتي يستطيع الممثل أن يتحكم وأن يشعر باللحظات التي يجب أن يقوم بالتفصيل المطلوب سواء كان نظرة، أو همسة أو حتى صراخ هستيري. أنا لدي تجارب عديدة في المسرح والتلفزيون وهذا ما منحني خبرة تتراكم في يوماً بعد يوم».
وعن سبب اختياره لقصة عقيلة أجاب بولس:
«قصص تشيخوف ليس جميعها يمكن أن تقدم كمشاهد مسرحية، وذلك لأسباب كثيرة. حاولت أن أختار القصة التي تمنحني القدرة على أداء الشخصية بعيداً عن أي ظرف خارجي. القصة تصلح تماماً لأن تمثل مسرحياً لذا أعتقد أن الخيار الذكي للمثل ووعيه لأدواته وقدراته هي أحد أسبابه في النجاح».

اللوحات المقدمة في العرض:
«الدبلوماسي»: أداء: منقذ أسود.
«المعطف»: أداء محمد عبد الكريم، بيدروس بيرصوميان.
«الأعداء»: أداء ميسم ماضي، يزن الداهوك.
«عقيلة»: أداء: سالم بولس، إيمان خضور، آلاء ماضي.
«دموع لا يراها العالم»: أداء: سعيدا الفاس، طارق السايس، إيهاب شعبان، وبيدروس بيرصوميان.
«المفتش العام»: آلاء، إيهاب شعبان سعيدا الفاس.

الخبير الروسي فيودور بيريفيرزيف في سطور: درس وتخرج عند المخرج الشهير سرغي بندرتشيوك صاحب فيلم «الحرب والسلام». خبير يدرس تقنية الصوت والإلقاء المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية منذ أكثر من خمسة عشر عاماً.

الخبير فيودور بيريفيرزيف

شارك كممثل في عدد من الأفلام السينمائية: «الطاقم الليلي»، إخراج بوريس توكوروف، «مباراة في المملكة» إخراج روديمير فاسيليفسكي، «المحقق الخاص» اخراج ليونيد غايداي، «الهوية» إخراج غسان شميط. أخرج عددا من المسرحيات في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق: الفيلم الصامت عام 1996، الجريمة والعقاب عام 1996، ألو…تشيخوف عام 1999، وشارك العمل في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 2000.

الدكتور سمير عثمان الباش في سطور:
مخرج وأستاذ تمثيل. يحمل شهادة ماجستير في الإخراج الدرامي من الأكاديمية الروسية للفنون المسرحية غيتيس، ودكتوراه في علوم الفن باختصاص إعداد و تدريب الممثل.

الدكتور سمير عثمان الباش

أخرج عددا من المسرحيات في سوريا وروسيا ، منها: بيت برناردا آلبا (كارسيا لوركا ) في مسرح ديميترفغراد الدرامي في روسيا، ثلاث قبعات ( ميكيل ميورا) في مسرح أرمين دجاكيرخانيان الدرامي في موسكو.(مقاطع من المسرحية). ترجم وأخرج مسرحية «دون كيشوت » (ميخائيل بولغاكوف) لفرقة مسرح إشبيليا في مدينة حمص. ترجم و أخراج مسرحية العرس للكاتب أنطون تشيخوف في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق. درس في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق مادة التمثيل لعدة دفعات. ترأس قسم التمثيل في المعهد المذكور بين الأعوام 2003-2005. عضو لجنة تحكيم مهرجان المسارح القومية في موسكو (موسكو مدينة السلام) ثلاث دورات متالية. أقام عدة ورشات لتدريب الممثل في المسارح الروسية.. عمل مراسلا في القسم الثقافي لقناة روسيا اليوم.


عروة المقداد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

إيهاب شعبان في مشهد دموع لا يراها العالم

طلاب مدرسة الفن المسرحي يحيون الجمهور في ختام العرض

جمهورعرض مدرسة الفن المسرحي

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

حلا شدود:

انا كتير معجبة بالطلاب المميزين والمبدعين ويعطيكن العافية وبدي قول ان الشاب محمد حسن باليوتيوب يلي طلع عالدنيا كان رائع
بس الاجمل ان نعرف ان مواهب نميت بفضل هالمدرسة الراقية

سوريا

نبيل فروج:

الله يحميكن يا شباب ونشالله ألف مبروك ونشالله رح أرجع معكن

سوريا