نساء سوريات متميزات: محاضرة لبشير زهدي في ثقافي أبورمانة

27 كانون الأول 2010

افتتح المركز الثقافي العربي - أبو رمانة، سلسة من اللقاءات للحديث عن نساء سوريات متميزات، وكان اللقاء الأول يوم الاثنين 20 كانون الأول 2010 مع الأستاذ بشير زهدي الذي تحدث فيه عن الإمبراطورة السورية جوليا دومنا، وبعد أن شكر المركز لإتاحته المجال له وشكر الحضور، قدم الأستاذ زهدي محاضرة عن هذه الشخصية التاريخية المميزة، ومما جاء في محاضرته:

«إن هذه القصة من أروع القصص التاريخية ومن أجملها، قصة جوليا دومنا. لقد أنجبت الأمم العظيمة عظماءها وعظيماتها اللذين ساهموا في تحقيق أمنياتها وتطلعاتها المختلفة في ميادين الحياة، وأنجبت سورية والأقطار العربية شخصيات تاريخية متميزة بعقول كبيرة ومفيدة، وقد تحدث المؤرخون عن هذه الشخصيات عبر عصور التاريخ بكثير من الاهتمام والإعجاب والحرص على ذكر منجزاتهم . وإذا كانت تدمر تفخر بزنوبيا ومنبج تفخر بالإمبراطورة تيدورا فإن حمص تفخر بابنتها وإمبراطوريتها جوليا دومنا التي ولدت في عام 158 ق.م عن أبوين صالحين، فقد كان والدها السادن الأكبر لمعبد الشمس في حمص، واسمه جوليوس بسيانوس، وقد حرص على تزويدها بالثقافة السائدة في ذلك العصر، ما جعلها تتميز بالثقافة والفكر الواسع، فقد تأثرت بأبيها الصالح الذي تميز بالتقوى وصفاء الروح، وبهذا نشأت جوليا على معرفة بالأدب والعلم وزادها أيضاً اطلاعها على مؤلفات أعلام من الأدباء والمفكرين ما جعلها تقدر العباقرة والمتميزين بالعلم والمعرفة وترعاهم وكانت تفخر بموطنها وحضارتها. وصفت بأنها كانت على جانب عظيم من الجمال والرشاقة وأن الناظر يعجب بها من شدة رشاقتها وصفاء وجهها وجمالها.

وعندما أوفد القائد سبتيموس سيفيروس بمهمة رسمية إلى سورية بعدما تزايد الخطر والتمرد من يوليوس إسكندر الحمصي وعصيانه ما أقلق الإمبراطور. وقد نجح القائد سيفيروس بمهمته. وهو من مواليد 146 في مدينة لبدة الفينيقية، والتي تقع الآن في منطقة طرابلس الغرب في ليبيا وكان والداه من طبقة فينيقية تأثرت بالانفتاح الحضاري على العالم، كان قوياً ومثقفاً ويميل دائماً إلى الشدة والقوة، ولديه فكر واسع، وبهذا تنطبق عليه المقولة إن لكل من اسمه نصيب فكلمة سيفيروس تعني القوي والقاسي الشديد، وبعد أن تدرج بالجيش كان طموحه الكبير أن يحقق الانتصارات والإنجازات المهمة، عين قائداً للفيلق السابع الموجود في سورية.


جانب من الحضور

هناك واتته الفرصة التي جمعته بجوليا عند تعرفه على السادن الأكبر لمعبد الشمس وعلى أفراد أسرته وعندما رأى جوليا أعجب بها وهي وجدت بهذه القائد صفة الشجاعة والقوة وكانت لغتها الآرامية قريبة من لغته الفينيقية من حيث الجذور السامية، وبعد ذلك تزوجها فكانت الزوجة الثانية له، أنجبت جوليا ابنها الأول كركلا حيث أقامت الأسرة لعمل سبتيموس سيفيروس كحاكم لإقليم ليون وانتقلت بعدها إلى روما حيث ولدت ابنها الثاني جيتا وفي عام 193 نادى الجنود ليكون سبتيموس القيصر وبهذا نالت جوليا دومنا لقب القيصرة المعظمة.
ومنحها القيصر لقب أوغسطا وساعدته في تصريف شؤون الدولة، وكان كبير مستشاري الإمبراطور قريباً لها وهو الفقيه بابينيان.

وصفت بأنها كانت على جانب عظيم من المقدرة السياسية والأدبية وكانت محاطة بعدد من الفلاسفة والمفكرين، وعندما أصبح ولداها في مرحلة الشباب تم تعيينهما إمبراطورين لروما، ولما مات زوجها في ساحة المعركة في بريطانيا سنة 211 بقيت مسيطرة على ولديها كركلا وجيتا وبما أن كركلا هو الابن البكر أراد السيطرة على الحكم، فوقع الخلاف بينه وبين أخيه جيتا وقتل كركلا أخاه، وهنا أصبحت جوليا في حزن شديد على فقدها زوجها العطوف الذي أحبته وفقد ابنها الصغير الذي ترك جرحاً عميقاً في وجدانها.

وعندها شعر كركلا بالحزن الشديد لقتله أخيه فقام بتعيين أمه الإمبراطورة وعهد إليها بالحكم والمراسلات والتصرف بشؤون الإمبراطورية الرومانية الإدارية، فيما اهتم هو بالمعارك والحروب ضد الفرس، وكان بلاطها يضم العلماء والأدباء والأطباء، وازدهر ذلك القصر بالعلم والمعرفة والنشاط الثقافي والفكري وعندما كانت في أنطاكية وصلها نبأ اغتيال ابنها كركلا من قبل مكرينوس قائد الحرب الإمبراطوري في مدينة أديسا سنة 217، وعلى الرغم من حزنها الشديد فقد احتفظت جوليا بصلاحيات القيصر مكرينوس وحاولت أن تحافظ على عهد زوجها وابنها ولكن القيصر أمرها بالمغادرة ما جعل صحتها تسوء وتتدهور وصولاً إلى الموت وبعدها نقل جثمانها إلى روما».


عبد القادر شبيب - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

من محاضرة جوليا دومنا للأستاذ بشير زهدي في ثقافي أبو رمانة

من محاضرة جوليا دومنا للأستاذ بشير زهدي في ثقافي أبو رمانة

من محاضرة جوليا دومنا للأستاذ بشير زهدي في ثقافي أبو رمانة

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق