معرض الصداقة للفنون التشكيلية في طرطوس

21 كانون الأول 2010

بالعلم والجمال نبني الأوطان

عندما تصبح عناوين الوطن لوحات إبداع علمية كانت أم فنية، نكون أمام حالة تميز وفرادة تسجلها الحضارة ذات يوم، وهذا ما حدث في صالة المعارض بطرطوس القديمة التي احتوت بين جنباتها ثلة من إبداعات فنانيها في حالة علمية ذكية ترنو إلى صياغة صور الوطن بطريقة تكاملية تجمع بين العلم وحب الوطن والإبداع، هذا ما تمخض عنه معرض الصداقة للفنون التشكيلية الذي أقامته الرابطة السورية لخريجي المؤسسات التعليمية السوفيتية والروسية لأول مرة، والذي تنوع بين التصوير الضوئي والرسم والنحت متضمناً كل سمات المجتمع وثقافته وتراثه بأكثر من مئتي لوحة توزعت بين الرسم والتصوير الضوئي إضافة إلى الكاريكاتير ومنحوتات خشبية وصخرية، وقد أقيم المعرض تحت رعاية محافظ طرطوس الدكتور عاطف نداف، ولكن قبل الولوج إلى ردهاته الملونة دعونا نتوقف قليلاً في لمحة موجزة عن الرابطة والمعرض في فكرته.


الدكتور محمد عروس

عين على العلم وأخرى للفن:
الفن غذاء الروح ومملكة العين كما يقول الدكتور محمد عروس رئيس مجلس الرابطة الذي سألناه عن الرابطة والمعرض ليقول: «تأسست رابطة الخريجين من المؤسسات التعليمية السوفيتية والروسية سنة 2003، ويشرف عليها حالياً الدكتور ياسر حورية عضو القيادة القطرية، وتهدف إلى تعزيز الحالة العلمية أولاً، من خلال إعادة تواصل الخريجين مع جامعاتهم ورفع مستواهم العلمي، إضافة إلى أهداف ثقافية واجتماعية، كونها هيئة مجتمع مدني، للمساهمة في تطوير المجتمع السوري، وباعتبار أن عدد الخريجين من سورية يقارب 35 ألف خريج، منهم خمسة آلاف في طرطوس وحدها، نعمل على زيادة كفاءاتهم مما سينعكس إيجاباً على عملهم ضمن مؤسساتهم وأعمالهم، وبدوره على الوطن عموماً».

وعن هذا المعرض قال الدكتور عروس: «نشارك فيه كحالة فنية تتكامل مع الحالي العلمية لإعطاء الصورة الحقيقية عن المجتمع السوري، ويعتبر هذا المعرض الأول، وسيكون تقليداً سنوياً، وسنعمل على استقدام الفنانين الروس للمشاركة مع الفنانين السوريين في المعارض القادمة، وكما تلاحظون فإن المستوى الفني الراقي للمشاركات الإبداعية يساير الحالة العلمية للخريجين».

معرض للتصوير الضوئي:
لأن الصورة لا زالت سيدة اللغات، وهي اللغة المفهومة بين الجميع، فقد احتلت الصدارة في معرض الصداقة وكانت الركن البارز واللافت والمؤثر، حيث به اكتملت الصورة وتجلياتها، وفيه يشارك ستة فنانين قدموا خلاصة تجاربهم التي تحاكي بصورة أو بأخرى حكايا الجمال، والمشاركون هم: الدكتور المهندس محمد عروس، المهندس سمير عروس، الدكتور عصام سليمان، الفنان علي نفنوف، الفنان مدين إبراهيم، الفنان موسى هيكل، حيث قمنا بزيارة إلى لوحاتهم للتعرف عليها أكثر:

- قدم الدكتور المهندس محمد عروس صورة الشروق في أعماله، حيث اكتنزت صوره بإشراقة الشمس في دلالتها إلى ضياء المكان، وشارك الدكتور محمد عروس بحوالي عشرة أعمال يقول عنها: «إنها تمثل الشروق وهي حالة مختلفة عما هو مألوف لدينا من تصوير الغروب البحري».

- أما المهندس سمير عروس الذي يشارك بحوالي 20 عملاً فتنوعت أعماله بين الإنسان والطفولة والبحر بطقوسه والحياة البرية.

- لكن الفنان مدين إبراهيم الذي عودنا على تقديم الصور بنكهة مختلفة فيعتمد على تشريح الجمال والاعتماد على الجزئيات في محاولة منه لإعطاء الفرصة الأكبر للصورة الشاملة، وعن مشاركته يقول: «أشارك من باب النشاط الفني وتقديم أعمالي الجديدة».

من أعمال الفنان علي نفنوف

- أما الفنان علي نفنوف فاعتمد في مشاركته على إظهار جماليات الساحل السوري بحراً وريفاً وجبالاً، معتمداً على التنويع في معرضه محاولة منه الاهتمام بكل مفردات الجمال. وعن أهمية مشاركته في المعرض يقول: «قد تأتي أهمية المشاركة هنا من التعاون الحاصل بين الحالة العلمية لخريجي الرابطة وبين حالة الفن والإبداع التي تساهم أولاً وأخيراً في صياغة الصورة الأجمل للوطن، والتي لا نرى فيها إلا الجمال».

- أما الفنان موسى هيكل الذي برزت لديه الحالة الطرطوسية بكل تفاصيلها، فالبحر وكورنيشه لا يزال هاجسه، وهذا لا يعني أنه أغفل أماكن أخرى للتصوير، وعن مشاركته يقول: «هو المعرض الأول لي وأنا مسرور جداً بالتفاعل الحاصل معه» .

وللتشكيل حكاياته:
وفي لقاء لـ «اكتشف سورية» مع الفنان عادل شقرا صاحب الصالة الوحيدة المشاركة في المعرض يقول: «نحن نشارك في المعرض كحالة جماعية وليس باسم هذا الفنان وذاك، لأن جميع الأعمال المعروضة هي جزء من الصالة وهي ذات سوية عالية كما تلاحظ، ولا يوجد فرق بين عمل هذا الفنان أو ذاك إلا في المذاهب الفنية والاتجاهات»، وأضاف: تأتي أهمية مشاركتنا في المساهمة مع الخريجين الأكاديميين للوقوف على حقيقة الجمال في طرطوس وأن اغلب الأعمال المعروضة كانت قد رسمت طرطوس».

يشار إلى أن صالة عادل شقرا للفنون الجميلة هي الصالة الوحيدة للعرض الفني بطرطوس، وأن أغلب رموز الفن الطرطوسي يعرضون أعمالهم فيها.

بين سطور المعروضات:
في قراءه سريعة للأعمال التشكيلية تشاهد طرطوس قمنا بالجولة التالية على الفنانين المشاركين في المعرض فكانت الآراء التالية:

الفنان غسان جديد: كرس عمله لرسم الصالة بكل ما فيها وما بجوارها بطريقة إيمائية وبلون أخضر يرمز إلى العطاء، رغم إطلالتها البحرية.

لوحة للفنان محمد هدلا

الفنان محمد هدلا: وكأنه يروي قصة انكسار الذات أو الروح من خلال لوحته الموشحة، حيث أنثاه ترتب زهورها والحزن يتكدس حولها بالأحمر المسال كدماء الفراق ولكن في ثناياها دعوة للقاء.

الفنان محمد خليل: الذي يقول إلى أين؟ في لوحته التي اعتمد فيها البعد الثالث من خلال التباين اللوني، أعطت لوحته لذاتها الخصوصية حيث تقرأ فيها حالات إنسانية متعددة كالتعب والانتظار وتبقى موشحة بالسؤال المحير، إلى أين؟

الفنان شادي عروس: من قوة اللون وبساطة الفكر نسج بخياله لوحة أنجبتها ريشته بإتقان حيث منح أدوات ذلك الحرفي المتهالكة روحاً رغم عشوائيتها ما أكسبها مساحة واسعة من الإعجاب.

الفنانة بشرى غصن: أرادت للوحتها اسم «تأمل» ولكن فيها دلالات الانتظار والقلق والحزن أكثر من التأمل، وما يدل على ذلك كآبة اللون عندها .

الفنانة هالة عبد الرحمن: أبحر عميقاً في رومانسية اللون المتناغمة كحروفها لتبني من انسيابيته وهدوئه معزوفة لونية لها ألقها الخاص، وتحاكي المتلقي بطريقة الانبهار، وتفعل فعلتها في سطو الأنظار إليها حيث للبحر عنوان آخر غيرت في أبعاده وأشكاله وألوانه لترسم لذاتها حالة لونية تدل على بيئتها وروحها الداخلية.

الفنان سليم شاهين: الأزرق هو الموطن الأساسي لكل مفردات الطبيعة، حيث نجد فيه أوغاريت وعمريت وغزلانه الشاردة ومخلوقات البحر ومرجانه، إضافة إلى النشاط المحدد بحدود البحر.

الفنان مصطفى ناصر: المزية وتبعثر الألوان، تبعثر الحكايات في لوحاته ولكن بنظرة بعيدة، تطول قليلاً، وتجد ذاتك أمام قصة كاملة متكاملة.

الفنان شريف مصطفى: هنا الواقعية الكلاسيكية تتجلى بكل صورها في تقاطعات أعماله، وكأنه يقول قف أنت في طرطوس، ولكن قوة ألوانه تجعل من المشاهد يحس أنه ليس واقفاً أمام اللوحة بل كأنه يسير بين أزقتها، والبحر عنده صورة ثانية لطرطوس المنعكسة في وجهه كإشراقة ألوانه المترادفة، كقواربه النائمة في حضن البحر.

الفنان سليمان حيدر: بدّل بياض لوحته برمزية الثلج، أما عري الطبيعة لديه فهو اغتسال للضوء والحب، ويبقى الثلج وحده يدثر أعماله المضاءة كحبات البرد.

الفنان حيدر هولا: الذي أدمن الولاء للبحر والشمس وجعل من مزيجهما قصة لأعماله حيث تقرأ فيها صورة أخرى لطرطوس التائهة بين اللون واللون والغافية بين الشروق والشروق .

منحوتة للفنان حسن محمد

أعمال نحتية تكسر الصمت:
إن الأعمال النحتية المعروضة تحكي قصتها وتنثر في أريج الصالة قصص وأساطير تليق بتراث المنطقة والساحل فمثلاً:

أعمال الفنان حسن محمد التي اعتمدت على الوجوه المبعثرة والمنوعة بين التقاسيم الحادة والمخملية الملمس تدل على حالات الإنسان ومزاجه كما الخصب والولادة.

أما أعمال المهندس علي إبراهيم المهمورة بالخشب والحجر، فيجمعها شيء واحد هو نعومة الملمس، كما تتقاطع مع انسيابية الشكل، وهذا يدل على مكنون داخلي يسكنه الفنان انعكس على طلاب مادته لتخرج بأعمال لطيفة وكأنها تقول أنا هنا، بمعنى أن الحب والجمال هنا.



وأخيراً:
معرضٌ للصداقة، تحول بنهايته إلى صداقة للمعرض، حيث تعاهد المشاركون على إعادة إحيائه سنوياً، لتكتمل الرسالة التي تقول «إنما نبني الأوطان بالجمال أيضاً».


علي نفنوف - طرطوس

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

الصالة التي ضمت معرض الصداقة للفنون التشكيلية في طرطوس القديمة

من معرض الصداقة للفنون التشكيلية في طرطوس القديمة

من أجواء معرض الصداقة للفنون التشكيلية في طرطوس القديمة

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

ميساء طارق:

حقيقه الفن شيء روحي وانا اتفاخر بهذا المعرض الذي يقام في مدينتي طرطوس
ومما شدني انتباه هو مقدرة الفنانين على تصوير بلدهم بهذا الرقي سواء في الرسم او التصوير الضوئي
لذلك اشكر الجميع من منظمين وفنانين وكل من يساهم في اعطاء صوره جميله عن بلده ووطنه
دمتم تألقا

سوريا

خولة:

حينما تكون الصداقة عنوانا و تلتقون لتشعوا بالجمال ....... ابدعتم فنانينا و شكرا للمبدع الاستاذ علي نفنوف .

SYRIA

ندى:

سلاما يا سوريا
فن وثقافه وحب للعلم والطبيعه هذه هي سمات السوريين اينما كانو
بوركت انامل وعدسات الفنانين الذين صوروا بلدهم بأبهى حلة
وكل الشكر للفنان المتألق دائما الأستاذ علي نفنوف الذي يطل علينا دائما بكل جديد وجميل

البحرين

دانيا:

أنا فخورة بكل فنان سوري وبكل الإهتمام الذي تقوم به محافظة طرطوس
بتمنى الدعم من أي فنان تشكيلي لتقديم أول معرض مشترك معه
أنتظر الرد من المهتمين (أنا من مشتى الحلو)

Syria