دمشق وأثرها العلمي في العصر المملوكي الأول والثاني

15 06

الأقلام العربية أصابتها حمى التقليد

«دمشق وأثرها العلمي في العصر المملوكي الأول والثاني» هو عنوان المحاضرة التي ألقاها الدكتور أحمد الحميد -الباحث في التاريخ العربي-، في المركز الثقافي بكفرسوسة يوم 12 حزيران 2008.
تُعتبر هذه المحاضرة، امتداداً للتي سبقتها في المركز الثقافي بالعدوي، على إن تلك المحاضرة تناولت العصر المملوكي، بوصفه عصرَ ازدهار علمي، ودحض الاتهامات التي وصفته بعصر الانحطاط. ثم تطرق إلى ذكر العديد من الأسماء والأعلام الهامة في الحركة العلمية العربية، من مجمل الاختصاصات العلمية في ذاك العصر.
أمّا في هذه المحاضرة، فقد تطرّق الباحث إلى ذكر النكبات التي أصابت مدينة دمشق حتى الدمار، خلال تعاقب العصور، ومن ضمنها المملوكي، ومع ذلك لم تستطع ثنيَها عن النهوض، واللحاق بالرَكب العلمي، والتفوق الحضاري. وأيضاً تطرّق إلى مسألة التاريخ العربي الذي تَغنّى بالغرب، وأخذ منه حرفياً، مما دفع العديد من الباحثين اليوم إلى العمل على إظهار حقائق التاريخ العربي، وعلى وجه التحديد تاريخ دمشق وبلاد الشام، وإعادة تأريخه من جديد، وفق المعطيات الجديدة.
يقول الدكتور أحمد حميد: «كما هو معلومٌ، لقد امتازت دمشق في العصر المملوكي بالعديد من النواحي السياسية والإدارية، وأهمها الفكرية والعلمية، التي برزت بروزاً واضحاً في مجالات مختلفة، مثل العسكرية، والعمرانية، والفلكية، وفي مجال الرياضيات والطب. حيث لم تقتصر جهود علمائها العلمية (وتحديداً منهم الأطباء) على دمشق، بل طُُلبوا إلى الكثير من المدن الاسلامية في ذاك العصر. وأذكر من بينهم ابن النفيس الدمشقي، وابن اللبودي ، وأيضا لدينا الدخواري، هذا الطبيب الذي تَتلمذ على يديه عدد من الأطباء، أهمّهم الطبيب المؤرخ ابن أبي أصيبعة، صاحب طبقات عيون الأنباء في طبقات الأطباء». ويتابع الدكتور حميد «لقد تميّزت دمشق علمياً، رغم النكبات التي تعرضت لها، والبداية من الغزوات الفرنجية التي حاصرت دمشق أكثر من مرة، تَلتها غزوة هولاكو، الذي اتجه بعد سقوط بغداد عام 1258م إلى دمشق، وعاث فساداً في ضواحيها ودمرها، ثم تلتها هجمة غازان عام 1300م، ومن بعدها غزوة تيمورلنك، تلك الغزوة الكبرى التي ما تركت حجراً في دمشق إلا ودمرته، لكن دمشق سُرعان ما عادت من جديد، لتُنير مراكز العلم فيها. وأهمُّ ما تمايزت به دمشق أيضاً، إنها كانت محطةً لكل الذين هاجروا من الأندلس ومن المغرب، ووجدوا في بلاد الشام والقدس خاصة مكاناً هاماً لهم، ليتعلموا ويُعلِّموا، ومن أبرزهم ابن حجر العسقلاني، المتوفي عام 1446م».
كما تطرَّق المُحاضر، بناءً على أبحاثه ودراساته التي قام بها، إلى موضوع غَرام المؤرخين العرب بما كتبه المستشرقون ونقلِهم له حرفياً. وفي هذا الأمر، قال الدكتور حميد: «هذا الأمر درستُه واستفضتُ به في رسالة الدكتوراه، التي ذكرتُ فيها أن الأقلام العربية في السنوات الماضية، أصابتها حمى التقليد بحرفية الكلام، فأخذوا ينهلّون ممّا كَتبهُ المستشرقون، ويردّونهُ إلى اللغة العربية، وينشرونه ضمن مؤلفاتهم وكتاباتهم. غير أن هذا لا يعني عدم وجود بعض المنصفين من الباحثين العرب، ممّن وجدوا في الحقيقة منارةً لهم، وأخذوا يبحثون ويميطون اللثام عنها. ومن أبرزهم الدكتور كمال الدين عز الدين، والدكتور شوقي ضيف الذي كان له أثر كبير في المكتبة العربية والأدبية بشكل خاص، حيث قدَّم الكثير من الحُجج التي أكدت بالبرهان القاطع أن العصر المملوكي كان عصرَ تقدُّمٍ وازدهارٍ، والحركة العلمية فيه حركة مزدهرة؛ وأيضاً هناك الدكتور عمر موسى باشا، الذي أجرى دراسة قيّمة حول مصطلح الازدهار والانحطاط، وسُحُبه على العصر المملوكي».
ثم تابع الدكتور حميد «ما أريد قوله هنا، إننا بحاجة إلى مؤسسات علمية تميط اللثام عن الكثير من التقدم العلمي الذي شهدته الحضارة العالمية، وضمن عجلتها الحضارة العربية، بما قدّمته من إسهامات واختراعات. وإنني على ثقة، بأن التوجه العام حالياً لكتابة التاريخ، من خلال المؤسسات العلمية، وبشكل خاص جامعة دمشق، يقوم على الأمانة العلمية للكشف عن الحقيقة في تأريخ التاريخ، مثل الدكتور عمّار النهار الذي يَعمل على موضوع الحياة الفكرية في العصر المملوكي الأول، واستطاع حتى الآن الكشف عن الكثير من الحقائق، وهذه بداية الطريق».


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق