المؤتمر الآثاري الدولي ماري بين الشرق والغرب يختتم أعماله
23 تشرين الأول 2010
شهد المركز الثقافي الفرنسي بدمشق يوم الخميس 21 تشرين الأول 2010، ختام فعاليات المؤتمر الآثاري الدولي «ماري بين الشرق والغرب: 75 عاماً من الاكتشافات الأثرية في تل الحريري»، الذي بدأ أعماله يوم الثلاثاء 19 تشرين الأول في المتحف الوطني بدمشق، لينتقل المؤتمر في يومه الثاني إلى مسرح المركز الثقافي الفرنسي بدمشق، حيث شهد حضوراً مميزاً من قبل علماء الآثار السوريين والأجانب من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة للعديد من المهتمين بعلوم الآثار السورية القديمة.
فعاليات ختام المؤتمر الآثاري الدولي «ماري بين الشرق والغرب: 75 عاماً من الاكتشافات الأثرية في تل الحريري»:
بدأت الجلسات الختامية في الساعة التاسعة والنصف برئاسة جون أوتس من معهد ماك دونالد، كان أول المحاضرين السيد جورجيو بوتشيلاتي ومارلين-كيلي بوتشيلاتي من جامعة كاليفورنيا (لوس أنجلس)، فتحدثا عن النمط المعماري والتراصفات المعمارية في مملكة ماري، إضافة إلى شرح حول بعض الخصوصيات المعمارية المتعلقة بمصطبة معبد أوركيش، إضافة إلى بعض التوضيحات حول الخط الثقافي الذي يفصل ماري عن الشمال المجاور، وبين الباحثان العلاقات الموضوعية مع المرتفعات والمناطق الشمالية في ماري وخصوصية بعض الحالات الناشئة في المملكة بسبب البعد الإثني الذي يتسم به الحوريون.
تلاهما الباحث باولو ماتييه من جامعة لاسابيينزا (روما)، فتحدث عن المعابد والقصور في إبلا السورية الأولية ومسألة الوحدة المعمارية في سورية في نهاية السلالة الحاكمة القديمة، وأشار ماتييه إلى أن قصور ومعابد إبلا الأولى والتي تعود إلى نهاية زمن السلالات القديمة في منطقة ما بين النهرين تكشف عن وجود ثقافة معمارية لها خصوصيتها ومن الصعب التعرف عليها، ونوه إلى أنه توجد مؤشرات هامة تعطينا دلالة على أن تلك الثقافة المعمارية كانت مشتركة مع مراكز هامة أخرى في الفرات وحوض البليخ، وأوضح ماتييه أن تطور تلك الثقافة المعمارية لم يكن بسبب العلاقات الدبلوماسية أو العسكرية التي كانت في غاية التطور بين تلك الممالك.
أما دومينيك بايير من جامعة ستراسبورغ (ألمانيا)، فاستعرض العديد من الصور الملتقطة في معابد ماري ونتائج 20 عاماً من التنقيب في الموقع G، ورافقت الصور محاضرته التي شرح فيها توصل الباحثين إلى اكتشاف أثاث المعابد والأدوات الخاصة بطقوس العبادة في معابد مملكة ماري، ونوه إلى اكتشاف عدد كبير من الدمى النذرية، وأنه تم اكتشاف مكان خاص لحفظ التماثيل المقدسة والذي تم من خلاله التعرف على معبد ملك البلاد في المدينة الثانية من مملكة ماري، وشرح أطوار العمارة المختلفة في مملكة ماري.
وقدم الباحث جويس نصار من جامعة بوردو محاضرته التي أتت تحت عنوان «الممارسات الجنائزية في ماري»، والتي تضمنت بعض المعطيات الآثارية الأنتروبولوجية الجديدة المتعلقة بالمدافن التي تم اكتشافها، إضافة لشرح بعض الطقوس الجنائزية في ماري، والشعائر والحركات الجسدية الخاصة بتلك الشعائر، والعلاقات الخاصة المساهمة في تطور تلك الممارسات والشعائر، ونوه إلى أن تلك المعلومات مستقاة من الرقيمات والنقوش والمكتشفات الأثرية في ماري.
دور القصر في الاقتصاد والإدارة:
موضوع الجلسة الثانية كان حول دور القصر في الاقتصاد والإدارة، ودارت الجلسة برئاسة ألفونسو أركي من جامعة لاسابيينزا (روما). حيث تحدث السيد فالتر سالابيرغر من جامعة ميونخ حول الإدارة في ماري في فترة ما قبل سارغون، تبعه جان كلود مارغرون من المدرسة التطبيقية للدراسات العليا الرابعة في باريس فحاضر حول قصور المدينة الثانية.
واستعرض كلٌ من لوران كولونا دي إيستريا من جامعة جنيف وهيلين كريو من جامعة باريس الأولى، دور القصر في الإدارة في أواخر فترة الشاكاناكو في ماري. كما تناولا التدخلات الملكية في الحياة الاقتصادية في ماري، وكيف كان الملوك يواسون السكان المثقلين بالديون ويعالجون هواجسهم المتعلقة بالعدالة والإدارة الجيدة لمنطقة نفوذ الحكم الملكي.
وقدم دومينيك شاربان من المدرسة التطبيقية للدراسات العليا الرابعة في باريس أطروحته والتي عُنونت بـ «لو ناداك أحد ما، فكن حاضراً»، وأشار فيها إلى التنقيبات الأثرية في القطاع الجنوبي من الزاوية الجنوبية الغربية للقصر الملكي والتي بينت حدود القصر الملكي الكبير من جهة، وحدود القصر الداخلي للقصر الملكي الكبير من جهة أخرى.
يمحاض/حلب واقتصاد سورية الغربية:
أستاذ التاريخ القديم في جامعة دمشق الدكتور فيصل عبد الله تحدث عن «يمحاض/حلب واقتصاد سورية الغربية»، ومما جاء في محاضرته «إن نهر الفرات كان الطريق الأساسي لتجارة يمحاض، وكانت تجارة النبيذ أكبر من تجارة الزيوت، وهذا ما نصت عليه بعض نصوص مملكة ماري. وفي مجال التجارة والعلاقات الدولية كانت لـ يمحاض علاقات دائمة وممتازة مع الممالك والمدن الموجودة في بلاد ما بين النهرين كـ بابل ومملكة ماري في سورية»، وركز الباحث في مداخلته على العلاقات التي كانت سائدة في سورية الغربية والدور الذي لعبته السلالة الحلبية خلال النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد. ويضيف الباحث عبد الله: «إن توجه السياسة الخارجية لـ يمحاض لم تحددها الحدود فموقعها الإستراتيجي سمح لها بلعب دور الوسيط بين الممالك القديمة».
الخصوصيات الثقافية ومفهوم مدرسة الفنون:
وقدم الباحث الألماني فالتر زالابيرغر بحثه عن الخصوصيات الثقافية ومفهوم مدرسة الفنون وذكر في محاضرته شرحاً عن مفهوم الإدارة في مملكة ماري خلال فترة ما قبل سارغون مبيناً أن الألواح الخمسين التي عثر عليها في ماري تعتبر مصدراً هاماً للتأريخ ولعلم الكتابات القديمة والإملاء واللغات في الحقبة ما قبل الصارغونية. وقدم الباحث مقارنة بين نصوص ماري والأرشيف المزامن لها في إبلا وتل بيدر مركزاً على الثقافة المادية التي انعكست في تلك النصوص، إضافة إلى توثيق الصفقات التجارية والتبادلية، ولاسيما أنواع وكميات الحبوب والمنتجات المشتقة منها».
وتحدث الباحث إيمانويل فيلا من المركز الوطني للبحوث العلمية (ليون)، عن أصل الحمار الداجن في سورية، إضافة لبعض الأفكار حول المعطيات الأثرية الحديثة في ماري.
من جانبه حاضر باسكال بيترلان من جامعة باريس الأولى عن الاحتكاك والخصوصية التي تتمتع بها مملكة ماري إضافة لموضوع التأثير والهوية، ومما جاء في محاضرته: «هنالك لقاءات بين ماري وبين التجمعات الثقافية في ممالك الشرق المجاورة فبعض النقوش المكتشفة تؤكد وجود تأثير سومري في ماري، إضافة لوجود كتابات سومرية اكتشفت في ماري».
تلته السيدة فرانشيس بينوك من جامعة لاسابيينزا (روما) فقدمت صورة السلطة في ماري بين الشرق والغرب. وأوضحت بينوك أن المركز الحضري الكبير الذي تكون على الفرات الأوسط استطاع تكوين سوق يعد أحد أهم الأسواق المركزية على الطريق التجاري، وتمكن هذا المركز الحضري من تطوير فن العمارة المرتبطة بعبادة الشخصيات، وتطوير أنماط معمارية مختلفة ومستقلة بالنسبة لكل معبد من معابد مملكة ماري. ونوهت عن تصوير القوة في ماري، وأن التقييم البصري الوارد في الإرث التصويري في ماري يمثل واحداً من أعظم إنجازات الثقافة السورية المبكرة وأكثرها أصالة. وأشار إلى أن هذا الإرث التصويري الهام لهذه المدينة الواقعة على الفرات الأوسط يأتي في السياق الثقافي المعاصر لسورية وبلاد ما بين النهرين آنذاك.
ثم قدم نيكولو ماركيتي من جامعة بولونيا صورة موجزة عن تعريف الثقافة الفنية في مملكة ماري في ظل السلالة الحاكمة الثالثة. ونوه إلى أن هذه الثقافة تم توثيقها توثيقاً جيداً بفضل الاكتشافات العديدة في طبقة هدم المدينة الثانية.
وأشار ماركيتي إلى أن هذه الثقافة الفنية كانت موضع تأويلات عدة من أجل تقريبها من التوثيق الشامل لبلاد ما بين النهرين، لاستخلاص الخصائص التي تميزها عن غيرها وتجعل منها خصائص فريدة من نوعها. وأشار إلى أن المقاربة الأكثر جدوى هي تلك التي تضع الأفق الفني لماري في سياق الاستمرارية الثقافية التي كانت قائمة في نهاية فترة حكم تلك الأسر في أور وإبلا.
وقد اختتمت المحاضرات مع الباحث جان م. إيفانز من جامعة شيكاغو بموضوع «ما وراء حدود التقليد، النحت التكريسي في ماري»، والتي شرح فيها أن تماثيل العبادة التي عثر عليها في معابد ماري كانت منحوتة بأسلوب خاص أتت عناصره متنوعة ومختلفة عن تقاليد منحوتات العبادة التي كانت سائدة في الحضارة السومرية والتي عرفت في أفضل أشكالها في معبد إنانا في مدينة نيبور المقدسة. وأوضح إيفانز أن تصوير الأشكال البشرية في منحوتات المعابد كانت استجابة لاحتياجات تفرضها عبادة الشخصيات وأوضح أن الفروق الواضحة بين تقاليد منحوتات العبادة في كل من ماري ونيبور تشير إلى حقيقة الطقوس التعبدية التي كانت سائدة في المعابد في الألف الثالث قبل الميلاد.
«اكتشف سورية» في لقاء مع الدكتور أنطوان سليمان:
في ختام المحاضرات التقى «اكتشف سورية» الدكتور أنطوان سليمان – المشارك في المؤتمر- وحول أهمية المؤتمر الآثاري الدولي «ماري بين الشرق والغرب» وما تبعه من استذكار لمعظم المدن الأثرية يقول الدكتور سليمان: «المناسبة هي مرور 75 سنة على بدء التنقيب في مدينة ماري وهي من الممالك القديمة التي تعود للألف الثالث قبل الميلاد، وتأتي أهميتها لارتباطها السياسي والتاريخي مع بقية المدن القديمة التي كانت متواجدة على الساحة السورية وبلاد ما بين النهرين، فكانت صلة الوصل ما بين إبلا وتل براك وتل بيدر وأور وكيش. كما أن ما يجمع بين هذه المدن هو وجود أسوار تحصينية ومنها تحصينات مدينة إبلا ومدينة مبطوح وتل الخويرة على نهر البليخ وهذا يدل على وجود تبادل ثقافي وهندسي ما بين الشمال والجنوب».
وعن أهمية مدينة ماري التاريخية يضيف الدكتور سليمان: «تأتي أهميتها كمدينة تاريخية كبرى وما تم اكتشافه في أرشيفها الضخم الذي ضم الكثير من الرُقم المسمارية وخاصة أرشيف الألف الثالث والثاني قبل الميلاد، والتي تعرفنا من خلاله على تاريخ الكثير من المدن ومنها ناغار وغيرها».
مع المحاضرة الأخيرة التي قدمت مساء الخميس 21 تشرين الأول 2010 في المركز الثقافي الفرنسي بدمشق، يكون الستار قد أسدل على عدد وفير وهام من المحاضرات والأبحاث التي قدمها عدد كبير من الباحثين السوريين والأجانب حول مملكة ماري، بمناسبة مرور خمسة وسبعين عاماً من الاكتشافات الأثرية في تل الحريري (مملكة ماري)، طيلة ثلاثة أيام، وقد علم «اكتشف سورية» أن جميع المحاضرات التي قُدمت في هذا المؤتمر الهام، سيتم نشرها في مجلة «Syria» الصادرة عن المعهد الآثاري الفرنسي بدمشق.
مازن عباس - دمشق
اكتشف سورية
من المحاضرات - من مكتشفات معبد إنانا |
من المحاضرات - من آثار مملكة ماري |
من المحاضرات ـ مقارنات مع مغنية المعبد في ماري «أورنينا» |
مينرفا:
السلام عليكم اطلب منكم مدي ببعض الرسوم الجدارية عن مملكة ماري وايبلا واوغاريت وتدمر وذلك بسبب حاجتي اليها في بحث يهتم بتللك الفنون وشكرا لكم
سورية