القلعة العربية في بصرى

29 05

تقع في الجهة الجنوبية من مدينة بصرى وهي مبنية بالحجر الأسود البازلتي، وتحيط بالمسرح الروماني فحمته أثناء الحروب من الهدم. وكان قد بُني على أنقاض قلعة نبطية لا تزال أساساتها قائمة، هدمها الرومان، وأقاموا المسرح مكانها، ثم بنى المسلمون قلعة حوله. كانت القلعة محاطة بسور من الحجارة السوداء، فوقه ممر مستدير، مجهز بفتحات لرمي النبال. وحول القلعة خندق ماء. باب القلعة مصفح بالحديد، يقود إليه جسر بُني على ست قناطر حجرية من عهد أبو بكر بن أيوب الذي حكم بين 592هـ/1196م و615هـ/1218م. حينما أصبحت القلعة للسلاجقة بعد الفاطميين في عام 468هـ/1076م، صار البرجان الصغيران اللذان على جانبي منصة التمثيل برجين دفاعيين، وذلك في عام 481هـ/1088م، بأمر من القائد السلجوقي شمس الدولة أبو منصور كمشتكين، وذُكر ذلك في نقش كتابي، كما ألغيت جميع منافذ المسرح التي تؤدي إلى الخارج، وأُضيف إلى البرج الغربي طابق هو عبارة عن غرفة سقفها ألواح بازلتية، يحمله قوسان.
بعد حوالي ستين عاماً، أمر حاكم دمشق أبو سعيد أبق 534هـ/1140م، ببناء برج في الزاوية الجنوبية الغربية من المسرح، وذلك للتحصين ضد الصليبيين.
ثم أمر حاكم دمشق الأيوبي، العادل أبو بكر وحكم من 592هـ/1196م حتى 615هـ/1218م، ببناء ثمانية أبراج مستطيلة حول المسرح، بينها أنشئت غرف، وممرات داخلية، وتجهيزات دفاعية، أولها البرج رقم 4. وبعد ثمانية أعوام بُنيت الأبراج 7 و5 و9 و10 و11. أما البرج رقم 3 فأبعاده 31×22م وارتفاعه 20م، أُقيم عام 599هـ/1202 أو 1203م، واسمه برج النصر المعمور، كما ذُكر في نقش كتابي. وأشرف على بنائه المهندس إبراهيم بن علي بن فهيد في زمن نائب بصرى سنقر الطغرلتكني وهو بارز بمقدار 6م. لرمي القذائف والسوائل والنبال من خلال كوتين وفتحات تشرف على الخندق. جدران هذا البرج استنادية مائلة.
انتقلت تأثيرات معمارية من دمشق إلى بصرى فصارت الأسقف تبنى معقودة، كما في برج البوابة القديم في الزاوية الشمالية الشرقية للمسرح، وذلك في عام 608هـ/1211 أو 1212م، استغرق بناؤه ثمانية أشهر حسب ما ذُكر في نقش كتابي فيه. هذان البرجان بُنيا في زمن الأمير ركن الدين منكورش الفلكي. البرج رقم 2 أُقيم عام 612هـ/1215 أو 1216م. والبرج رقم 4 أُقيم عام 615هـ/1218 أو 1219م. وكلاهما بُنيا في زمن الأمير شهاب الدين غازي بن أبيك الركني. مساحة كل منهما 5×20م. في الطابق الثاني من كليهما بناء فيه صالة استقبال، سقفها معقود ولها أربعة إيوانات مربعة. في الإيوانين الجانبيين أبواب لها ثلاث فتحات. هذه الغرف كانت المقر الرسمي لنائب بصرى.
البرج رقم 6، أطواله 21×17م. وهو البرج الوحيد الذي ليس فيه نقش كتابي. بُني بعد البرج رقم 4، وانتهى بعد وفاة الملك الأيوبي العادل أبو بكر عام 615هـ/1218م، في زمن ابنه الملك الصالح إسماعيل.
أقام الصالح إسماعيل في بصرى من عام 615هـ/1218م حتى عام 644هـ/1246م وكان عصرها الذهبي، وكانت القلعة مقراً له. أمر ببناء جامع عام 620هـ/1223م فوق منصة المسرح، وكذلك خزان ماء في مكان الأوركسترا على شكل مستطيل، أبعاده 25×31م، وسقفه معقود، تأتي مياهه عبر أنابيب فخارية من بركة الحج. وتمتد هذه الأنابيب تحت مدخل القلعة موازية للجسر، حتى تصل إلى الخزان، ومنه كانت المياه تنساب إلى الحمّام في الجانب الشرقي من المسرح. وكانت القنوات المحيطة بحوض الماء مرصوفة بالفسيفساء الملونة على شكل أسماك وطيور. أُزيل هذا الحمّام أثناء الكشف عن المسرح الأثري. ونُقلت بعض قطعه إلى متحف بصرى المقام في البرج رقم 5.
في عام 625هـ/1227 أو 1228م بُنيت قاعة مستطيلة معقودة السقف فوق خزان الماء. وفي عام 629هـ/1231 أو 1232م بُني طابق آخر لتخزين السلاح يُدعى زردخانة. وفي عام 640هـ/1242 أو 1243م بُني مخزن للمنتجات الزراعية. وأشرف على هذه العمارات الأمير بدر الدين داوود بن أيدكين.
في عام 638هـ/1240 أو 1241م، أمر الصالح إسماعيل ببناء جدار على الأبراج 4 و9 و10. وأحاط البرج رقم 6 ببرجين أصغر منه حجماً.
في زمن حاكم دمشق الأيوبي الصالح أيوب توسّع البرج رقم 5 وكانت مساحته 15×10م فأصبحت 19×12م في عام 647هـ/1249م على يد الأمير شجاع الدين عنبر.
في زمن حاكم دمشق الأيوبي الناصر يوسف الثاني، وتحت إشراف ياقوت والي القلعة، زيدت مساحة البرج رقم 7، وكانت 18×11م فأصبحت 24×18م. وكان ذلك إثر تهديد المغول بالاحتلال. ومع ذلك سقطت القلعة بأيديهم. حتى أخرجهم السلطان الظاهر بيبرس، عام 658هـ/1260م.
وبدأ الإصلاحات والترميمات في القلعة. وتُركت فيها قوة عسكرية، لحماية المنطقة من الهجمات. ثم أُهملت وبدأت بالتهدم في عهد العثمانيين.
بدأت الترميمات الحديثة فيها عام 1946 إلى عام 1970. كما بدأت الاحتفالات السنوية تُقام على المسرح سنوياً، وتشترك فيها فرق عالمية وعربية ومحلية.
أُقيم متحف في القلعة في البرج رقم 7 و5. فيه لقى أثرية هامة. واستخدمت الفسحة أمام البرج 11 لعرض بعض التماثيل القديمة، والنقوش الأثرية التي وُجدت في أطلال مدينة بصرى. وصار البرج 11 مقصفاً للزوار.


فاطمة جود الله

سورية نبع الحضارات

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق