سور دمشق

26 05

شُيّد السور في العصر الآرامي. وجُدّد في العهد اليوناني ثم الروماني خلال القرن 2م في عهد الإمبراطور الروماني سبتيموس سيفيروس والإمبراطور كاراكلا، وكلاهما عربي الأصل. السور الآرامي أحاط بالمدينة المستطيلة وأبعاده حوالي 750×1500م. أحاط بمساحة 105 هكتار تقريباً، وأضلاعه الثلاثة كانت تتوازى مع الشوارع المستقيمة المتعامدة، أما الرابع فكان يتماشى مع نهر بردى من الجهة الشمالية. وكان في السور سبعة أبواب خلال الحكم الآرامي واليوناني والروماني. ثلاثة منها كانت في الجهة الشمالية عند نهر بردى. واثنان في الجهة الجنوبية، وآخران كبيران في الجهة الشرقية والغربية.


كثر سكان دمشق في العهد الأموي فتوسعت المدينة وتجاوزت السور. بُني عدد كبير من القصور والبيوت خارج السور منها: قصر عاتكة بنت يزيد بن معاوية، وقصر الحجاج بن عبد الملك بن مروان. وكلاهما كانا خارج باب الجابية.


وفي عهد العباسيين، حينما دخل عبد الله بن علي العباسي دمشق عام 132هـ/749م، خرّب ما بناه الأمويون، انتقاماً منهم ولمحو ذكراهم. فشمل ذلك قسماً كبيراً من السور.
واستمر إهمال السور خلال العهود اللاحقة الإخشيدية والفاطمية والسلجوقية، إضافة إلى استمرار اتساع المدينة وتجاوزاتها. ونشأت أحياء جديدة فيها مثل حي الشاغور في الجنوب. وحي العقيبة في الشمال.
في عهد الدولة النورية (549هـ/1154م)، بدأ نور الدين زنكي بتجديد قلعة دمشق وأسوارها. فبنى سوراً بيضوي الشكل تقريباً في عام 618هـ/1211م. كلّفه 200 ألف دينار، وحصّنه بأبراج نصف دائرة، وجعل فيه أبواباً جديدة. ثم أُنشئت في المدينة أحياء جديدة هي النصر والبرامكة والصالحية والأكراد.
تم بناء السور على مراحل خلال أجيال متعاقبة. أساس السور كله من الحجارة الضخمة، ارتفاعها يتراوح بين 80 و95سم وهي بقايا السور الروماني القديم. المداميك التي تليها ارتفاعها بين 50 و60سم وهي من عهد نور الدين وأتباعه. ثم المداميك الأصغر بين 20 و30سم وهي ترميمات المماليك. ثم اللبن والحجر غير المنحوت من عهد العثمانيين.
السور الحالي من العهدين النوري والأيوبي. كان طوله حوالي 6 آلاف ذراع. لا يتطابق مع السور الروماني إلا في جهته الشمالية عند نهر عقربا من باب السلام حتى باب توما. وتظهر الحجارة الرومانية الضخمة بالقرب من باب توما، حيث يوجد باب الجينق الروماني، الذي لا وجود له حالياً.
ويتطابق السوران أيضاً في الجهة الشرقية بين باب الفرج وباب السلام حتى شارع الخراب الجديد، جنوب حارة اليهود. ويحيط بالسور خندق، استمر وجوده حتى القرن 17م، وكان عمقه عند القلعة 100 ذراع. وكان يملأ بالماء عند اللزوم.
صار عدد أبواب دمشق في العهد الإسلامي تسعة. جميع الأبواب ما تزال قائمة حتى الآن عدا باب النصر الذي أُزيل عند إنشاء سوق الحميدية عام 1836م. باب شرقي هو الباب الروماني الوحيد الذي بقي من عهدهم. وكان أمام كل باب جسر وباشورة، وهي سوق صغيرة جعل لها باب ضخم عليه قبة وكتابة تؤرخ اسم بانيها وعام البناء. تهدّمت باشورة الباب الصغير أيام العثمانيين. وبقي من باشورة باب الجابية عضادة بابها الضخمة.
بعد نور الدين في النصف الأول من القرن 13م طرأ تغيير على السور بين باب الفرج وباب الفراديس إذ أنه أُبعد نحو ضفة بردى وبقي الجدار الذي أُقيم على الأساس الروماني الأصلي، فصارت الأبواب مضاعفة. وسُمي المكان بين المناخلية والعمارة الجوانية بزقاق ما بين السورين لأنه يقع بين السور الآرامي والسور الروماني. وفي عهد المماليك (647هـ-922هـ/1259م-1516م) رُمّم السور. ولكنه أُهمل في عهد العثمانيين (922هـ-1337هـ/1516-1918م). وتهدمت بعض الأبواب، وظهرت أحياء جديدة خارج السور، وبُنيت مساكن فوقه. وأخذت حجارة منه ومن القلعة للبناء ورُدمت أقسام كثيرة من الخندق.
حالياً يبلغ محيطه 4500م تقريباً. وارتفاعه بين 6 و10م وسماكته متفاوتة فهو حوالي 270سم عند باب كيسان.
أبراج السور:
كانت هناك أبراج على السور، وعلى جوانب الأبواب، وفي أماكن متفرقة حسب الضرورة الدفاعية، وكانت تُسمى بأسماء الأعلام. والأبراج التي بين منطقة باب شرقي وحارة اليهود وبعد الباب الصغير إلى باب الجابية، كلها من القرون الوسطى من عهود النوريين والأيوبيين والمماليك.
تُقسم في طراز عمارتها إلى ثلاثة أقسام:
1- قسم قاعدته مربعة ثم يصبح نصف دائرة كبرج نور الدين.
2- قسم رباعي الشكل كبرج الملك الصالح أيوب والبرج الذي قبله.
3- قسم كله على شكل نصف دائرة كالبرج الذي بعد برج الصالح أيوب في الجهة الشرقية من السور.
أهم الأبراج اثنان برج نور الدين وبرج الملك الصالح أيوب.
برج نور الدين:
من القرن 12م بناه نور الدين وعليه كتابة تشير على بنائه وتاريخه يقع داخل خان السنانية جنوب جامع سنان باشا قرب باب الجابية. قاعدته مربعة ثم تصبح نصف دائرة، واختفى قسم كبير منه في الدور المجاورة. ارتفاع ما بقي منه 10م. وكان فيه فجوة كبيرة محدثة يمكن الدخول منها إلى داخله. فوقها حجر ذو إطار كتب عليه «... محمود بن زنكي بن آق سنقر 569هـ». حوله زنار من الكتابة الزخرفية عرضه متر واحد، وتحته زنار آخر، عرضه نصف متر، ظهرت فيه الكتابة «... الملك الناصر قلاوون....».
بالقرب من الباب الصغير برج آخر عمّره نور الدين كُتب عليه «نور الدين أبو القاسم محمود بن زنكي بن آق سنقر 564هـ».
برج الملك الصالح نجم الدين أيوب:
من القرن 13م. يقع في الزاوية الشمالية من السور، شرق باب توما مقابل الشيخ أرسلان الدمشقي. وهو برج مربع ضلعه الأمامي 860سم والجانبي 570سم والشرقي 510سم، وارتفاعه 10م. يحمل كتابة داخل إطار، يخرج من جانبيه الشرقي والغربي زنار من الحجر الأسود. والكتابة هي «... الملك الصالح أيوب 646هـ...» وهو مسكون حالياً.


فاطمة جود الله

سورية نبع الحضارات

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

الشيخ سمير الخوري:

اكتشفت موقعكم الكريم فيما كنت منصبا على دراسة عن المتنبى وبالتالي عن علاقته بسيف الدولة وبكافور الأخشيدي وعن علاقة الدولة الأخشيدية والفاطميةوعن دخول كافور دمشق لأسباب عدةالى ان اكتشفت هذا الموقع القيم الذي يمتاز بالوضوح والتنظيم ويستأهل المديح والشكر ولكم مني السلام.

لبنان