الدكتور عبد العزيز التويجري في أربعاء تريم الثقافي

11 تموز 2010

إشكاليات التراث والهوية والمعاصرة

في محاضرة جديدة ضمن سلسلة محاضرات أربعاء تريم الثقافي لعام 2010 «والتي تعقد عادة الأربعاء الأول من كل شهر» تحت رعاية وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية، قدم مركز تريم للعمارة والتراث محاضرة جديدة ألقاها الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري – المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، وذلك مساء الأربعاء 7 تموز 2010 في قاعة المحاضرات الرئيسية في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.

وقد تناولت المحاضرة مفهومي التراث والهوية والعلاقة بينهما كعنصرين متلازمين متكاملين. وأكد المحاضر على أهمية المحافظة على التراث بأشكاله وأنماطه وتجلياته المتعددة، واعتبر التفريط في التراث انسلاخاً من الهوية، كما نوه إلى التراث العربي والإسلامي بوصفه ثروة إنسانية حضارية أغنت المعرفة الإنسانية عبر العصور، واصفاً الحضارة الإسلامية بأنها منظومة متكاملة من القيم والمثل والمبادئ وأنواع الإبداع الإنساني في شتى حقول المعرفة.

و حضر الفعالية عدد كبير من السياسيين والمثقفين والأكاديميين في مقدمتهم الرئيس علي ناصر محمد رئيس اليمن السابق، والدكتور محسن بلال وزير الإعلام والدكتور محمود السيد وزير الثقافة السابق والشيخ إحسان بعدراني ووزير الإعلام السابق أحمد الحسن والأستاذ محمد قجة وعدد كبير من المهتمين.

وأعقب المحاضرة نقاش غني ركز فيه المحاضر على أن التراث لا يتعارض مع التحديث والتطوير، بل إنه قاعدة راسخة للتغيير نحو الأفضل، وأن الهوية هي حصانة ضد التلاشي والذوبان، ومن هنا فالحفاظ على التراث هو في الوقت ذاته حفاظ على الهوية.

التراث والهوية:
انطلق الدكتور التويجري في محاضرته من الترابط المتين بين التراث والهوية، إذ لا هوية بدون تراث تستند إليه، ولا تراث لا يؤسس للهوية، فهما عنصران متلازمان من عناصر الذات ومكونان متكاملان من عناصر الشخصية الفردية والجماعية.

ثم تعرض المحاضرة لأقسام التراث من الأبنية والمنحوتات والصور والزخارف، ثم المكتوبات والمقروءات، وأخيراً المعتقدات والتقاليد والعوائد ونظم الحياة. ومن التراث تنتقل المحاضرة إلى الهوية، بدءاً من معناها اللغوي، وصولاً لعلاقتها بالتراث، لتخلص أن التراث مكون أساس للهوية، والهوية معبرة عن التراث ناقلة عنه، ويحددان كليهما ملامح الأمم التي تعرف بهوياتها التراثية مجسدة بالثقافة والحضارة.


الدكتور عبد العزيز التويجري يتسلم شعار
مركز تريم من مديرته المهندسة ريم عبد الغني

وركز المحاضر على إبراز أهمية المحافظة على التراث بأشكاله وتجلياته المتعددة، باعتباره رصيداً إنسانياً متراكماً، ومصدراً معرفياً وحضارياً، بحيث يعد التفريط فيه نوعاً من الانسلاخ عن الهوية، والتنكر للأصول.
ثم تتناول المحاضرة بناء على ما سلف التراث العربي الإسلامي تناولاً منهجياً، باعتباره ثروة إنسانية حضارية أغنت المعرفية الإنسانية عبر العصور، وتبرز أن التاريخ الفكري والثقافي والأدبي والعلمي للأمة هو مصدر اعتزازها وسبب تميزها وفرادتها في هويتها. وأكد المحاضر أن كل أمة من الأمم لها تراث معلوم معترف به، أو مجهول في حاجة للكشف عنه، ولها هوية تتميز بها بين الأمم الأخرى. وأوضح الدكتور التويجري أن الهوية الثقافية والحضارية لأمم من الأمم، يشكل السمات والقسمات العامة التي تميز حضارة هذه الأمة عن غيرها من الحضارات، وتجعل للهوية الوطنية أو القومية طابعاً تتميز به عن الشخصيات الوطنية والقومية الأخرى.

وأكد المحاضر أن التراث العربي الإسلامي زاخر بالعلوم والمعارف والآداب والفنون، وهو مظهر من مظاهر الحضارة الإسلامية التي تلاحقت فيها عطاءات العرب والفرس والروم والهنود والترك والزنوج وغيرهم من الأعراق والأجناس وأهل الأديان والمذاهب والملل والنحل، لتتشكل منها منظومة متكاملة من القيم والمثل والمبادئ وأنواع الإبداع الإنساني في شتى حقول المعرفة. وأكد المحاضر على كون تراثنا أمانة في أعناقنا، والحفاظ عليه مسؤولية جميع فئات الأمة، وهو مبعث فخرنا واعتزازنا وهويتنا التي تحصننا من المؤثرات الخارجية.

وتطرقت المحاضرة إلى المناخ الدوليّ‮ ‬غير المستقر، الذي ‬يتعاظم في ظله الخطر الذي‮ ‬يهدّد المجتمعات الإنسانية في‮ ‬خصوصياتها الثقافية والحضارية،‮ ‬وفي‮ ‬أمنها الفكري‮ ‬والعقائدي،‮ ‬وفي‮ ‬هويتها الوطنية وثقافتها القومية، وفـي تراثها الحضاري.‮ ‬وهو خطـرٌ‮ ‬ـ يقول المحاضر ـ يتضاعف بقدر ما تتضاءل حظوظ النجاح في‮ ‬كسر سورة الاندفاع لقهر إرادة الشعوب،‮ ‬وكبح جماح جنون التطرّف في‮ ‬فرض النظام الأوحد على البشرية قاطبة‮.‬

وتؤكد المحاضرة على أن الحفاظ على الهوية الحضارية العربية الإسلامية وعلى الثقافة العربية الإسلامية وعلى التراث العربي الإسلامي، ضرورة ‬حياة،‮ ‬وواجب ‬إسلامي‮ وقومي ‬في‮ ‬المقام الأول، وأن الأمة العربية الإسلامية تواجه اليوم تحديات شديدة الوطأة على العقل العربي، وعلى الذاتية العربية، تحمل معها مخاطر تهدد كيانها وهويتها ومقوماتها وخصوصياتها، بل هي تهدد الأمن الروحي والأمن الثقافي لهذه الأمة. ووصف المحاضر الحرب التي تواجهها الأمة بأنها حرب ضارية شرسة، محورها تاريخنا نحن، وتراثنا نحن، وهويتنا نحن، ومن ثم فهي شأننا، ويتعين التصدي لكل محاولات تشويه تاريخنا، لكي نخطو في أمان إلى المستقبل خطوات كلها ثقة، وعلى أساس من تفكير علمي ورؤية موضوعية.

وأكد المحاضر أنه لا يمكن استخدام التراث الثقافي لمصلحة البعث الحضاري والتقدم الاجتماعي دون وعي صادق بالتراث الثقافي في تاريخه وأحواله من خلال حركة عقلانية نقدية رصينة، حيث أن أبرز مقومات التراث العربي الإسلامي أنه حي متصل بالتاريخ، ومتفاعل مع متغيرات الحياة، دون أن يفقد أصالته وتميزه، وأن جذوره ما تزال عميقة تنبض في الحياة في مختلف المجالات: اللغة، التاريخ، الثقافة، التشريع، الأدب، العقائد، والأخلاق.

وأكد المحاضر ضرورة المحافظة على التراث، موضحاً أن هذا التشبث به ليس نزعة عاطفية تقود إلى الرجعية والجمود إنما هي فطرة أصيلة في نفوس البشر.

الجدير بالذكر أن مركز تريم للعمارة والتراث هو مؤسسة غير حكومية، مركزها دمشق، أسستها وتشرف عليها المهندسة ريم عبد الغني منذ عام 2004، تُعنى بالتراث والعمارة في العالم العربي من خلال التوثيق والدراسة والنشر والإنتاج الفني وتنفيذ مشاريع الحفاظ والترميم وتبادل الخبرات مع المؤسسات والهيئات والمراكز المماثلة في العالم.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

الدكتور عبد العزيز التويجري في محاضرته

الدكتور عبد العزيز التويجري والمهندسة ريم عبد الغني

جانب من الحضور الرسمي والثقافي لمحاضرة الدكتور عبد العزيز التويجري ويبدو: الدكتور محسن بلال وزير الإعلام والدكتور محمود السيد وزير الثقافة السابق والأستاذ محمد قجة والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق