حاتم علي يطرق أبواب الغيم
02 حزيران 2010
بعد «الزير سالم»، «ثلاثية الأندلس»، «التغريبة الفلسطينية»، و«الملك فاروق»، يطرق المخرج حاتم علي أبواب التاريخ مجدداً عبر عملٍ درامي بدوي، مستوحى من خيال وأشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وإعداد وسيناريو الكاتب السوري عدنان العودة.
وهذه التجربة هي الثانية لحاتم علي مع الأعمال الناطقة باللهجة العربية البدوية، بعد مسلسل «صراع على الرمال»، الذي صنّف في خانة أعمال الفانتازيا، بينما يأتي «أبواب الغيم» في إطارٍ أقرب ما يكون إلى الوقائع التاريخية التي تنتمي إلى أواخر القرن التاسع عشر بدءاً من العام 1840، وتمتد أحداثها على مدى سبعين عاماً تقريباً، وتدور في الجزيرة العربية، القاهرة، دمشق، وإمارات الساحل المتصالح المطلة على الخليج العربي، ليعطي المسلسل صورة شاملة عن تاريخ البدو والمنطقة في تلك المرحلة، وعلاقاتهم فيما بينهم، والأمم التي تنافست لبسط نفوذها عليهم، ويتخطى العمل حدود التاريخ والجغرافيا، ليطرح أسئلته الراهنة حول الانتماء والهوية والمجتمع في عصرنا الراهن، وكأن الزمن لم يمضِ، وكأننا مازلنا نقف عند أبواب الغيم.
المسلسل من إنتاج تلفزيون دبي، وتم تصويره ثلثي مشاهده في صحراء المرموم بدبي، وبادية مراكش في المغرب العربي، بينما يجري تصوير بقية المشاهد بين بادية تدمر السورية، وريف دمشق.
موقع «اكتشف سورية» زار كواليس «أبواب الغيم» مع مجموعةٍ من الصحفيين بتاريخ 28 أيار 2010، وكانت لنا فرصة اللقاء مع المخرج حاتم علي، للحديث عن طبيعة العمل، مقولاته، صيغته البصرية المقترحة، شخصياته الرئيسية، والكثير من التفاصيل حول هذا المسلسل الذي وصفه بالملحمي، ليس لضخامة إنتاجه، وإنما لما يتضمنه من شخصيات وأحداث تمتد على فترة زمنية كبيرة، ويرى أن أكثر ما يميز «أبواب الغيم» اشتغال المؤلف والممثلين على الشخصيات سواءً كانت الرئيسية أم الثانوية، حيث يحتوي العمل على مجموعة كبيرة وغنية من الشخوص، بسبب المدى الزمني الكبير من الأحداث التي تمتد على مدى ثلاثة أو أربعة أجيال.
حاتم علي تحدث لنا عن طبيعة عمله الملحمي الجديد قائلاً :«بالرغم من أن طابع المسلسل بدوي، لكنني أميل إلى تسميته بالمسلسل التاريخي لأنه يتحدث عن فترة زمنية محددة، ويضم إلى جانب الشخصيات الرئيسية البدوية، شخصيات إنكليزية، وعثمانية، لكن هذا المسلسل التاريخي لا يستمد مشروعيته إلا من خلال معاصرته، حيث يتناول علاقة الشرق بالغرب من منظور تاريخي، بكل ما طرأ على هذه العلاقة من تطورات وتغييرات أتت ما بعد مرحلة اتفاقية سايكس- بيكو، هذه العلاقة التي تمر حالياً بمشكلات كبيرة جداً، لها جذورها التاريخية، الاجتماعية، والنفسية، التي يتطرق إليها مسلسل أبواب الغيم».
واعتبر حاتم علي ما تردده الصحافة عن عزوف المشاهدين عن الأعمال التاريخية: «حكماً مسبقاً، من أشخاص ينصبون أنفسهم حراساً على ذائقة الناس»، وأضاف:«باعتقادي أن المشاهد ليس ميالاً لنوع من المسلسلات على حساب آخر، بل يميل إلى المسلسل الجيد، والذي يطرح أسئلة راهنة ومعاصرة بغض النظر عن زمن وقوع أحداثه، وبرأيي حينما يتم تقديم عمل يطرح أفكاراً جديدة، وشكلاً فنياً جديداً، ويملك حكايته الجذابة، سوف يتفاعل الجمهور مع هذا العمل بغض النظر عن نوعه سواءً كان معاصراً، اجتماعياً، أو تاريخياً».
وعن رؤيته الإخراجية لــ«أبواب الغيم»، خاصةً أنه قدّم قبل عامين مسلسل «صراع على الرمال» كشكلٍ فني يقدم البيئة البدوية بحلة فانتازية، قال حاتم علي:«في هذا العمل عودة إلى الحقيقة أو الإطار الواقعي للأحداث، في حين أن مسلسل صراع على الرمال كان محاولة فنيّة لمواكبة الحكاية التي صاغها الكاتب هاني السعدي، وهي حكاية بسيطة جداً، ولا تعتمد على مفردات بيئية شديدة الخصوصية، وكان لا بد من مواكبتها وزركشتها بالمبالغات الموسيقية، الماكياج، التشكيل الحركي، وحركة الكاميرا، وصولاً إلى عمل منسجم بكافة عناصره اعتماداً على النص المكتوب، أما في أبواب الغيم فهناك اتجاه مختلف تماماً، حيث نعمل على تقديم عملٍ واقعي، والهدف منه البناء على النص، الذي يعتبر من المحاولات النادرة للتحدث عن حياة البدو في شرط تاريخي محدد بكل تفاصيله الغنية والدقيقة، وبالتالي لا بد للعناصر الفنية الأخرى أن تحاول قراءة هذا الشيء الجديد والمختلف».
وأشار حاتم علي إلى الصياغة المتميزة للعمل التي قدمها الكاتب عدنان العودة، انطلاقاً من أفكار سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ووصفها بالمتميزة التي تثير حماسة المخرج، وعزا ذلك لكون عدنان حسب قوله: «كاتب جيد على المستوى الدرامي، وهو أيضاً ابن هذه البيئة البدوية التي يعرفها ويمتلك مفرداتها جيداً، واستطاع أن يقدم صياغة درامية وتاريخية بمنتهى الحساسية، وأن يخلق عوالم تستند إلى الواقع، ولكن تكاد أن تحلق حتى تصل الغيم، كما قدم شخصيات تكاد لا تجتمع إلا على يد كاتب محترف من شخصيات إنكليزية وتركية ومدنية وبدوية، وأعتقد أن هذه الخلطة تثير حماستي أنا كمخرج».
وأكد حاتم علي أن أكثر ما جذبه إلى «أبواب الغيم»: «الرغبة في التجديد، واختبار أدواتي كمخرج في عوالم مختلفة»، وختم بالقول: «أبطال أبواب الغيم كان لديهم الطموح في صناعة دولة، وهذا الطموح وقفت في وجهه أسباب كثيرة، كالصراع بين القبائل، والصراع العالمي على المنطقة، وحتى إن لم يسعفهم الظرف التاريخي آنذاك، إلا أنهم امتلكوا ذلك الطموح الذي كان يمكن أن يصل بهم إلى الغيم، والعنوان هو أحد إحالات هذا العمل، والمقصود منه إثارة مجموعة من التساؤلات في ذهن المتلقي».
«أبواب الغيم» من بطولة: غسان مسعود، عبد المحسن النمر، قصي خولي، سلافة معمار، محمود سعيد، عبد الكريم القواسمي، نادرة عمران، جولييت عواد، أندريه سكاف، نادين نجيم، تاج حيدر، ديما بياعة، ورد الخال، فادي إبراهيم، سوسن أبو عفار، كندة حنا، ونخبة من الممثلين السوريين والعرب.
تصميم الماكياج: عبد الله اسكندرلي، ديكور: ناصر الجليلي، أزياء: رجاء مخلوف، موسيقى: طارق الناصر، تصميم معارك: ريكاردو سانشيز.
محمد الأزن - دمشق
اكتشف سورية
اكتشف سورية في موقع تصوير مسلسل أبواب الغيم للمخرج حاتم علي |
اكتشف سورية في موقع تصوير مسلسل أبواب الغيم للمخرج حاتم علي |
اكتشف سورية في موقع تصوير مسلسل أبواب الغيم للمخرج حاتم علي |