الليث حجو: لم أُضحِّ ببقعة ضوء من أجل فنجان الدم

28 04

تقاطَع مع حاتم علي في الدفاع عن دراما البدو

قلت له في بداية حوارنا «كنت أتوقع أن أراك بالدشداشة والعقال» فابتسم المخرج الموهوب الليث حجو وقال «عم يتجهزوا» فالليث بدأ منذ فترة بالتحضير لمسلسل بدوي هو «فنجان الدم» للكاتب عدنان عودة والإنتاج لمحطة إم بي سي وتشرف على الإنتاج وتنفذه شركة «سامة» السورية والليث هو من المخرجين السوريين الشباب الذين قدموا مقترحاً إخراجياً مختلفاً ومتميزاً منذ عمله الأولى وهو مسلسل «بقعة ضوء» بعد سنوات طويلة من التدريب العملي على أيدي كبار مخرجي الدراما السورية وأكد تفرده بعد ذلك من خلال الأعمال التي قدمها بدءاً من «خلف القضبان» مروراً بمسلسل «الانتظار» انتهاء بمسلسل «ضيعة ضايعة».
مسلسل «فنجان الدم» كما قال الليث حجو عمل بدوي أو ملحمة بدوية تمتد على مدى قرن كامل هو القرن التاسع عشر وترصد علاقة القبائل البدوية السورية مع السلطة التي كانت قائمة آنذاك وهي السلطة العثمانية وعلاقةَ البدو بالأزمات السياسية والمخططات التي كانت تُطبخ للمنطقة العربية وتقاطعَ هذه المخططات والمصالح الأجنبية مع هذه القبائل من خلال أحداث واقعية ليست متخيّلة، ولفَت حجو إلى أن النص يحاول الإحاطة بكل ما جرى في تلك الفترة من أحداث ولكن دون ذكرٍ لأسماء القبائل التي صنعتْها أو شاركت فيها.
كما تعلم أنجز المخرج حاتم علي منذ مدة مسلسلاً بدوياً هو «صراع على الرمال»، هل هناك تقاطع بين العملين؟
لا يوجد أي تقاطع بين المسلسلين والاختلاف يبدأ من النص وأنا بوصفي مخرجاً لا أستطيع جرّ أي نص مكتوب بعيداً عن المادة الأساسية التي يقدمها الكاتب وأنا أتعامل مع المادة الموجودة بين يدي وبالتأكيد خياري سيكون مختلفاً عن خيار المخرج حاتم علي مع النص الذي أنجزه وأعتقد أن كل نص يحتاج إلى رؤية فنية مختلفة وهو الذي يفرض اختلاف الرؤى، وحاتم علي يتعامل مع مادته بذكاء ومنطقية وكما يجب وأنا أتعامل مع المادة التي بين يدي كما يجب أيضاً ومسلسل «صراع على الرمال» يقوم على أشعار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أي إن هناك جانباً رومانسياً في المسلسل أما أنا فأتعامل مع مادة تاريخية موثقة أخذت وقتاً طويلاً من البحث العلمي والتحليلي.
هل تحولت الدراما السورية إلى ساحة صراع ومنافسة بين السعوديين والإماراتيين فمسلسل حاتم علي إنتاج قناة دبي ومسلسلكم إنتاج الإم بي سي؟
ليس هذا التنافس بين المحطات جديداً فكل محطة تحاول حصد أكبر نسبة من المشاهدة خاصة في شهر رمضان وأرى هذا الصراع منافسة نحو الأفضل وهو حالة إيجابية مهمة خاصةً إذا لم يكن هناك تقاطع وتشابه بين الأعمال في المضامين والأفكار ومسلسل «فنجان الدم» مكتوب منذ عدة سنوات أي إننا لم نقلّد أحداً ولم يأتِ العمل كردة فعل على شيء معين وعُرض هذا النص على العديد من شركات الإنتاج وعجزت عن تنفيذه لأنه يحتاج إلى ميزانية إنتاجية عالية حتى أتت محطة الإم بي سي وتبنت إنتاجه، وفي المقابل نرى أن فكرة «صراع على الرمال» فكرة خليجية وهي من خيال الشيخ محمد بن راشد وأشعاره.
يبدو أنك لن تُشرك أي ممثل شارك في «صراع على الرمال» في مسلسلك، هل يدل هذا التصرف على شيء معين؟
أؤكد أنه ليس هناك أي موقف من أحد بل احترام للمخرج حاتم علي وعملِه، لذلك فضلت عدم إشراك الفنانين الذين شاركوا معه في مسلسلي كي لا يكون هناك أي تقاطع حتى أنني حاولت ألا يكون هناك تقاطع في أماكن التصوير والفنيين. أنا أحترم المنافسة وأتوقع أن يكون مسلسل «صراع على الرمال» عملاً فنياً شديد الأهمية والتميز.
كيف يضحّي الليث حجو بمشروع مهم هو «بقعة ضوء» من أجل مسلسل بدوي؟
لم أضحِّ بمسلسل «بقعة ضوء» فأنا ما زلت أحبه وأغار عليه فهو قدّمني للناس كما قدمتُه وأتمنى دائماً أن يكون بأفضل حالاته وعندما وُضِعت بين خياره وخيار «فنجان الدم» شعرت أنني بحاجة إلى عمل مختلف وخاصة أنه لم يعد بمقدوري إضافة شيء جديد لبقعة ضوء.
لكنك قطعت شوطاً لا بأس به في التحضير للجزء السادس؟
ما زلت على تواصل مع المخرج سامر برقاوي وهو من سيخرجه وكان شريكي في المشروع منذ الجزء الثاني: كان شريكاً في اختيار النصوص وتوزيع الممثلين وأماكن التصوير والحلول الدرامية وأعتبر نفسي شريكاً في العمل معه ومع أيمن رضا وباسم ياخور ومع شركة سورية الدولية وما زلت حريصاً على إصلاح كل الأخطاء التي وقع فيها كي يعود هذا المشروع إلى المشاهدين بأفضل حالاته. أنا لم أستغنِ إطلاقاً عن «بقعة ضوء»، ولكنني دائم البحث عن شيء مختلف لأضيف إلى مخزوني وتجربتي.
هل سيلعب دخول مخرجين سوريين على خط البدوي دوراً في تصويب النظرة تجاه هذا النوع من الأعمال الدرامية؟
المطلوب منا بالفعل تصحيح النظرة تجاه الأعمال البدوية وخاصة أنه ليس هناك ازدراء للبدو فلماذا ازدراء الأعمال التي تتناول حياتهم وطباعهم وأعتقد أن ازدراء العمل البدوي جاء نتيجة للمسلسلات التي قُدمت في العقود الماضية، وكانت لا تحظى بالرعاية الكافية من حيث الظرف الإنتاجي والفني ولا تُبذل فيها جهود كافية بل إن فيها استخفافاً بحياة البادية وعاداتها وتقاليدها الأصيلة، أنا شخصياً فوجئت بتفاصيل حياة البدو وتقاليدهم الرائعة وللأسف حُصر البدو في الأعمال السابقة بعادة الثأر فقط، أنا أرى أن الأعمال البدوية خطوة إلى الأمام لأنها تقدم مفهوماً آخر مختلفاً للحياة الاجتماعية البدوية وهي لا تنحصر فقط بالخليج العربي بل بعدة أقطار عربية ومنها سورية وأرى أن التشابه الوحيد الذي ما زال موجوداً بين الدول العربية هو في الجانب البدوي، فالعادات والتقاليد البدوية ما زالت متشابهة رغم الحدود الموجودة بين الدول العربية.
كيف تتابع الأصداء الإيجابية لمسلسلك «ضيعة ضايعة» الذي عرض على محطة أبو ظبي؟
لا أخفيك أنه لم أكن أتوقع أن يحظى العمل بهذه المتابعة الكبيرة وفوجئت بها وخاصة أن العمل كان مغامرة رغم أنني أحببت النص كثيراً وتعاملت معه بمنتهى الجدية والقلق وخاصة أنني خرجت من مسلسل «الانتظار» وكان بمنتهى الواقعية إلى عمل كوميدي، لقد كان العمل تحدياً كبير والمفاجأة أنه حقق هذا النجاح خارج رمضان وضمن شروط عرض مختلفة فالعمل يُعرض أسبوعياً وليس يومياً ودون إعلامٍ محلي فالمحطة هي التي قدمت الدعاية للعمل ورغم ذلك تابعه المشاهد السوري بشغف، كما وصلتني بعض الآراء السلبية أيضاً بالنسبة إلى العمل وذلك أمر طبيعي فكل عمل فني لا بد من أن يحمل بعض الأخطاء.
هل نتوقع عرضه على الفضائية الأرضية السورية قريباً؟
أستطيع أن أضمن كل المحطات عدا التلفزيون السوري.
يبدو أن موقفك تجاه التلفزيون السوري لم يتغير؟
ليس موقفي الذي لم يتغير بل التلفزيون بوصفه مؤسسة وآلية عمل لم تتغير وموقفي لم يكن شخصياً إطلاقاً بل هو موقف تجاه آلية الدراما السورية وطريقة فهمها داخل التلفزيون فهُم يظنون أن دعم هذه الدراما لا يتم إلا بدفع المال لها ورغم أنني لا أنكر أهمية ذلك ولكنني أرى أن الترويج والدعاية المدروسة للدراما السورية أهم من ذلك كي تستطيع لعب دورها بإتقان وتجلب رؤوس الأموال إلى سورية وأنا شخصياً لا أرى ضرورة في أن نتعامل مع الدراما كدار للعجزة تحتاج إلى دعم بل يجب أن تكون هي الداعمة للبلد من خلال خطط تسويقية وترويجية عالية المستوى.

الوطن

بقية الصور..