الدراما السورية: ندوة للدكتورة حنان قصاب حسن والسيدة ديانا جبور في الدوحة

03 02

ضمن الأسبوع الثقافي السوري لاحتفالية الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010

«حول الفنون الدرامية» هو عنوان الندوة التي جرت في اليوم الثاني من الأسبوع الثقافي السوري في احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010، شاركت فيها السيدة ديانا جبور -مديرة التلفزيون العربي السوري- والدكتورة حنان قصاب حسن -المديرة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون-. أدار الحوار الناقد الفني الدكتور حسن رشيد الذي تمكن أن يضفي على المحاضرة المزيد من الزخم والمشاركة بفضل ثقافته الواسعة ولطفه الفريد. أُقيمت هذه الندوة في مسرح قطر الوطني، بحضور السيدين وزيري الثقافة السوري والقطري، وحشد من المهتمين والمثقفين والإعلاميين القطريين.

استهل الدكتور رشيد الحديثَ قائلاً: «الجميع تعلَّم الكثير الكثير من الدراما والمسرح السوريين»، سارداً للأسماء والأمثلة الفنية التي شكلت التراث الدرامي السوري، منها سعد الله ونوس، وممدوح عدوان، ومحمد الماغوط، كانوا جميعهم عمالقة المسرح في سورية المعطاءة والمتجددة دائماً والمتألقة في ذاكرة المسرح العربي.


الدكتور حسن الرشيد مدير الندوة

ثم بدأت السيدة جبور محاضرتها التي حاولت اختصارها أثناء قراءتها، فجاءت سلسة ممتعة، اعتمدت في صياغتها على الخط الزمني في تطور الدراما من بدايتها إلى وقتنا الحاضر، وتميزت بحسها اللطيف والذكي. في البداية، عرَّفت جبور دور الإعلام والدراما التلفزيونية وقالت: «إن التلفاز أصبح أداة فعالة في التأثير على الجمهور العربي، فالإعلام يضمن التأثير على كل المناحي والجوانب الحياتية». وأضافت: «أود أن أبدأ بالتذكير بمثال هو المسلسل التركي "وادي الذئاب" ، الذي سبق أن تمَّ تقديمه في فيلم سينمائي بالعنوان نفسه وحقق نجاحاً كبيراً، ولكنه لم يثر ردود فعل رسمية تطالب أو تستنكر وتطالب بوقف عرضه. وتأسيساً على هذا النجاح، تتابعت أجزاء الفيلم تلفزيونياً عبر أجزاء نجحت شعبياً، مما أثار خوف وحفيظة الحكومة الإسرائيلية، التي قامت برد فعل دبلوماسي عنيف على تركيا. وقبل هذا وفي أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، شكَّل الفيلم التلفزيوني تكريساً لعودة مصر للصف العربي على إثر القطيعة العربية بعد "كامب ديفيد"، وكان إعلان العودة من خلال مسلسلي "ليالي الحلمية" و"رأفت الهجان". واستطاع هذان المسلسلان أن يعودا بمصر إلى الجماهير العربية بعد قطيعة طويلة». وقد عمَّمت جبور هذا التأثير مذكِّرة بأن مثل هذه المواضيع كثيراً ما يتم اللجوء إليها ليس داخل الوطن العربي فقط، ولكن أيضاً في العالم. فأميركا، التي عزفَت مثلاً على أوتار الأعمال التي تتناول قصص الجواسيس في قمة صراعها الإيديولوجي مع الاتحاد السوفياتي سابقاً، نجحَت مثل هذه الأعمال نجاحاً ساحقاً، وتمكَّنت من حشد دعم الجمهور بما يخدم الأهداف المرسومة لها.

السيدة ديانا جبور أثناء إلقاء محاضرتها

ثمّ تطرَّقت السيدة جبور إلى تاريخ تأسيس التلفزيون العربي السوري وقرار تأسيسه في عام 1959 أيام الوحدة بين مصر وسورية، حيث شكَّل قرار التأسيس مفاجأة للجميع، خاصة أنه جاء في وقت لم يكن التلفزيون يحتل الهم الرئيسي بالنسبة للمثقفين السوريين. وقالت: «لقد كان الجميع في وادٍ وقرار التأسيس في وادٍ آخر. لكن الرئيس عبد الناصر أدرك أهمية وفاعلية التعبئة لهذا الجهاز، ومن هنا أخذ قراره وتمَّ تكليف الأستاذ صباح قباني، وهو أول مدير تلفزيون في سورية، الذي قام بتشكيل بعثته بما يلبي احتاجيات التلفزيون. وإثر عودته والوفد المرافق له، شكَّل أول دائرة دراما وأخرى خاصة بالأطفال، حصد التلفزيون السوري من خلالهما على العديد من الجوائز».

وبما يتعلق بمفاصل الدراما السورية، نوَّهت جبور في محاضرتها إلى الإطلالة العبقرية لكوميديا تلفزيونية عربية ظهرت من خلال شخص الفنان دريد لحّام، الذي كان يعمل في التدريس آنذاك، وأُعير للتلفزيون لبضعة أشهر، وكان يظهر في بادىء الأمر متنكراً، ولكن الأستاذ قباني قام بطلبه بشكل دائم كفنان، وضمن له الموافقة على أن يترك التعليم وينتقل نهائياً إلى التلفزيون، خاصة أن دريد قد أصبح رمزاً من رموز الكوميديا السورية البعيدة عن التهريج والسخرية، والتي تنشغل بالنقد الفكاهي وتذهب إلى عمق المشكلة. وهذا ما أعطى الشعبية العربية للكوميديا السورية آنئذ، وهي التي قدَّمت الكثير من الأعمال الهادفة، مثل «غربة»، و«كاسك يا وطن»، و«ضيعة تشرين».


جانب من الحضور، بينهم وزيرا الثقافة السوري والقطري

ثم انتقلت إلى مفصل آخر هو المسلسلات التاريخية، لتضيف: «إن المستوى الذي حققته الدراما التاريخية السورية كان مميزاً. فقد حاولت هذه الدراما مناقشة مشكلات خالدة مثل الحرية، والوطن، والاستقلال، والعلاقة بين المثقف والسلطة. وقد تمّ ذلك من خلال قصص بعيدة زمانياً، وإن كانت قريبة في المكان. وكانت البداية جيدة من خلال عدة أعمال مثل "انتقام الزباء"، و"صلاح الدين"، و"حرب السنوات الأربعة"، و"هولاكو"، التي حاولت الذهاب بعيداً في الزمان من أجل تناول القضايا الراهنة. فإلى جانب قيمتها الخطابية الفكرية، فإن هناك جانباً جمالياً خاصة مع عودة العديد من المخرجين إلى سورية في الثمانينيات، حيث أصبح يتم الاعتماد على الأماكن الطبيعية في التصوير، خاصة وأن هذه الفترة شهدت إنتاجاً مشتركاً حيث يتميز الرأسمال العربي بالسخاء».

أما المفصل التالي فكان الفنتازيا التاريخية غير المحددة بمكان أو زمان، ذاك المصطلح الجديد الذي ابتدعته الدراما التاريخية السورية. وتتابع جبور: «بدأت مع تجربة "غضب الصحراء"، و"البركان"، وكانت ذروة نجاحها مع نجدة أنزور في "البواسل"، و"الجوارح"، و"الكواسر"، الأعمال التي أثارت نقاشاً واسعاً في الأوساط الثقافية السورية، حيث انتفت اليوم مبررات وجودها بعد أن فُرضت على الدراما السورية معاييرٌ جمالية جديدة، وهذا ما لاحظناه من خلال "صراع على الرمال" و"فنجان الدم". ومن الأنواع الدرامية الجديدة التي لامست أعمال البيئة الشامية، كانت تجاربٌ شهدت نجاحاً جارفاً، علماً أنها تناولت حكايات مختلفة. وقد حاول الكثير من النقاد والمحللين شرحَ وفهم نجاح "باب الحارة"، حيث أن الصراع بالعمل في معظمه يدور بين أناس طيبين وأناس أكثر طيبة».


الدكتورة حنان قصاب حسن تلقي محاضرتها

أما الدكتورة قصاب حسن، فقد أشارت إلى أنه -ومع تأسيس المعهد العالي للفنون المسرحية في سورية- وفي سنواته الأولى كان يمنع على الطلاب منعاً باتاً المشاركة في أعمال تلفزيونية، وكان كل طالب يذهب ليعمل في أي مسلسل تلفزيوني يخسر 30 درجة من علاماته الدراسية في المعهد. وتصوِّب ذلك وتقول: «أما اليوم وأمام النجاح الكبير الذي حققته الدراما التلفزيونية، لا بد أن نعترف بأن قرارنا لم يكن صائباً، ونستطيع أن نعتبر أن سر نجاح الدراما التلفزيونية يعود بالأساس للمسرحيين وللمعهد العالي للفنون المسرحية».


أ. سلامة
تصوير: عبدالله رضا
الدوحة

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

الدكتور الناقد حسن الرشيد يدير ندوة الدراما

الدكتور الناقد حسن الرشيد يدير ندوة الدراما

الدكتور رياض نعسان آغا والدكتور حمد الكواري في محاضرة الدراما السورية

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق