عمر حمدي في صالة آرت هاوس

27 04

علينا أن نكون حداثيين بدءاً من المكان الذي نحن فيه

بقدَر عالميته هو محلي أيضاً، يقول «علينا أن نبدأ من محيطنا المحلي والتراثي والثقافي، والإنسانِ قبل كل ذلك لأنه وعاء الثقافة والتراث».
ينطلق في إبداعه من داخل ذكرياته وبيئته ومحيطه الريفي، ورغم أنه قضى معظم حياته في فيينا وإسبانيا وأمريكا إلا أن هذه المراحل لم تُغير منه شيئاً وهذه ميزة الفنان الحقيقي.
يسأله رعيل الشباب ماذا يمكنهم أن يرسموا، فيقول لهم «ارسموا الأشياء التي تؤمنون بها، الصادقة والقريبة منكم ولا ترسموا أشياء افتعالية وانفعالية، أو التي تكون غريبة عنكم»، بمعنى آخر، يريد أن يكون الإنسانُ قريباً من محيطه بالدرجة الأولى وهذه غاية الفن.
يسألونه عن الحداثة فلا يشجع الفنانين الشباب على الاقتراب وتقليد الغرب ويقول «إنه علينا أن نكون حداثيين بدءاً من المكان الذي نحن فيه».
إنه رائد الانطباعية والتجريد الشرقي والعربي الفنان عمر حمدي الذي قدم إبداعه ونتاجه الفني في صالة آرت هاوس في السادس والعشرين من نيسان 2008 حيث جمع معرضُه عدداً من المدارس العالمية بصبغة محلية.
بعد معرض الفنان عمر حمدي الأخير في حلب الذي قدم فيه نتاجاً إبداعياً قوياً أشبع فضول محبيه والمتعطشين لرؤية إبداعه يأتي معرض آرت هاوس في دمشق تلبية لمحبيه وعشاقه، ورغم أنه قد قدم نفسه كعادته فنانَ العالمية انطلاقاً من المحلية إلا أنه من وجهة نظر بعض الفنانين والنقاد لم يأتِ معرضه هذا بجديد بل كان استعادياً لعدد من لوحاته.
في المعرض يقول هشام إسماعيل الفنان التشكيلي ومدير متحف الفن المعاصر «أعتبر عمر حمدي أهم فنان على مر تاريخ سورية وهو من قدّم الفن الانطباعي بطريقة حقيقية تكاد تكون أفضل من الأوروبيين أنفسهم.
«ما يميز لوحاته هو ألوانه وطريقته وعفويته والتصاقه ببيئته، لدرجة أنه في لوحاته التجريدية هناك أجزاء من لوحات طبيعية قام بتركيبها بطريقة جميلة.
«السؤال المهم الذي يجب أن نوجهه لأنفسنا ونحن نرتاد معارضه، هو كيف نقف أمام لوحة عمر حمدي؟! بالنسبة إلي هذا موضوع مهم جداً، علينا أن ننسى الموضوع كله ونتأمل اللوحة بلغة الصمت: علينا ترك الألوان تنفُذ إلى دواخلنا ونتأثر بها كالموسيقى».
الدكتور عبد الحكيم الحسين يقول «ما زال الفنان عمر حمدي رغم اغترابه لمدة طويلة يحمل في داخله محبته لبيئته ووطنه سورية وذلك واضح للعيان من خلال التفصيلات التي نراها في أعماله، من البسط الشعبية والبيئة الريفية القريبة من الإنسان، ونراه في رسمه للطبيعة غير هوائي أو فراغي، ويرسم الأرض بدءاً من المنظور السفلي للشجرة وظلال الشجرة ويعتبر هذه الأشياء كالإنسان يجب أن تكون صادقة».
يتابع الحسيني: «رغم أنه يعيش في فيينا وكان له نصيب المشاهدة والخبرة والاطلاع على المدارس العالمية إلا أنه لا يؤمن بالحداثة وما بعد الحداثة وفق ما يفسرها وقد فهمها البعض من حيث تحطيم الأشياء. إنما يجد أنه علينا أن نقدم أنفسنا حداثيين انطلاقاً من واقعنا».
يضيف الدكتور الحسيني: «في تجريده ترى المثلث وألوان السجاد الشعبي وأشكالاً بشرية متشظية ومبعثرة وتراكيب لوحات مستقاة من طبيعة الصحراء والأرض الخضراء، وهناك أيضاً ما يعبر عن انفعاله من خلال ألوانه الحمراء والصفراء والخطوط المتحركة على سطح اللوحة وكأنه يقول على هذه المساحة تبدأ قصة أخرى، ويمكننا القول إن تجريده يوصف بالشرقي بل العربي أيضاً».
أما الفنان علي الكفري فله وجهة نظر تنبع من الحب العميق والاحترام الشديد للفنان العالمي المبدع عمر حمدي فيقول «أنا تفاجئت مما قدمه عمر حمدي في معرضه بالآرت هاوس، وشعرت أنه لم يكن مهيأ لهذا المعرض، فهناك عدد من اللوحات القديمة والحديثة غير المتجانسة من حيث الزمن والفكرة حتى أنها ليست مرسومة في وقت واحد، فلوحات الطبيعة التي شاهدتها سابقاً ليس من الوارد تقديمها مع اللوحات التجريدية الحارة.
ليست المسألة هنا ما هو صواب أو خطأ بل القضية هي أن عمر حمدي فنان غير عادي، ونحن كنا ننتظره كي نعرف إلى أين قد وصل وأين هو الآن، فالفن إبداع لا نهاية له، والإبداع خلق لشيء جديد، وعمر حمدي بصفته فناناً عالمياً يجب أن يكون لديه شيء جديد باستمرار، ومع ذلك لوحاته قوية جداً كفنان عربي وعالمي».
من الجدير ذكره أنه في لوحات الفنان عمر حمدي تكريس لصورة شخصه متمثلٌ في صورة أبيه الذي لم يكن في يوم من الأيام راضياً مقتنعاً بالفن، إضافة إلى بصمة الإنسان التي يجدها عنصراً ضرورياً في لوحته، وبناء عليه مهما كانت اللوحة من الانطباعية إلى التجريدية فهي لا تحتاج إلى وسيط أو قارىء متمكن لأنها تنطلق من المحلية والعفوية.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق