الغارديان البريطانية تختار رواية «براري الحُمّى» للروائي إبراهيم نصر الله

25 01

كواحدة من أهم عشر روايات عن العالم العربي

اختارت جريدة الغارديان البريطانية رواية الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله «براري الحمّى»، كواحدة من أهم عشرة كتب عبرت عن العالم العربي، سواء من تلك التي كتبها كتاب عرب أو كتاب أجانب، وكانت هذه الكتب الوسيلة الأفضل للتعبير عن عمق الحياة الحضارية العربية بعيداً عن سطوة الإعلام السائدة اليوم.

وقد اختار القائمة بتكليف من الغارديان الكاتب الأمريكي مات ريس المولود في ويلز، والذي يعيش في فلسطين منذ عام 1996، ويعمل مراسلاً لمجلة نيوزويك ومديراً لمكتب مجلة تايم، وهو مؤلف عدد من الروايات البوليسية الناجحة التي يسند دور البطولة فيها لمحقق فلسطيني اسمه عمر يوسف، وقد نال عدداً من الجوائز العالمية عن هذه الروايات، وهو يرى أن أفضل وسيلة لفهم الفلسطينيين هي كتابة أعمال روائية عنهم.

وضمت القائمة كذلك: «أحلام الذئب» للكاتب الجزائري محمد بولسهول الذي يوقع رواياته باسم ياسمينة خضرا، و«دعوني أهبط» للكاتب الأمريكي بول بولز الذي عاش في مدينة طنجة المغربية منذ عام 1947، و«ظلال الرمان» للكاتب الباكستاني طارق علي، و«بين القصرين» لنجيب محفوظ، و«مدن الملح» لعبد الرحمن منيف، و«عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني، و«الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل لإميل حبيبي، و«جبل الزيتون» من رباعية الإسكندرية للكاتب البريطاني لورنس داريل، و«كتاب الصخرة: حكاية القرن السابع للقدس» لكنعان مكية.

وفي وقفة خاصة لـ «اكتشف سورية» مع الروائي إبراهيم نصر الله يقول عن سبب اختيار روايته «براري الحمى» ضمن قائمة صحيفة الغارديان البريطانية دون غيرها من رواياته الأخرى بأن السبب الأول يعود إلى أن هذه الرواية مترجمة للإنجليزية، وموزعة بشكل جيد في أمريكا وبريطانيا، وهناك رواية أخرى صدرت بالإنجليزية قبل عام، ومنذ البداية، تم الاحتفاء بهذه الرواية بشكل ممتاز في الغرب، كما حدث لدينا في العالم العربي، وظلت واحدة من الروايات التي تثير الكثير من المسائل النقدية، وهذا أمر طيب، لأن هذه الرواية كتبت قبل ثلاثين عاماً، ومن الجيد أن نختبر أدبنا بالزمن.

وعما يبحث عنه إبراهيم نصر الله في الكتابة عن فلسطين؟ أهو كتابة الذاكرة؟ أم شيء آخر، يقول: «فلسطين حالة إنسانية كبرى، ودائماً أقول، نحن نكتب عن فلسطين لا لأننا فلسطينيون، بل لأن فلسطين امتحان يومي لضمير العالم، ولذا، فهي أيضاً بحاجة لمستويات فنية عالية للتعبير عنها. أعتقد أن من حق القارئ في كل مكان أن يقرأ روايات نوعية عن فلسطين، لا أن يقرأ مجرد روايات متعاطفة مع الفلسطينيين، إذ يجب أن يساهم الأدب الفلسطيني والعربي في تطور الأدب بتقديم أعمال قادرة على محاورة فن الرواية والشعر والقصة، عبر محاورتها للحياة العربية بصدق وشجاعة. الذاكرة شيء مهم، والحفاظ عليها شيء مهم، لكننا نهدر الذاكرة إذا ما كتبنا أدباً سيئاً، الذي يحفظ الذاكرة هو الأدب النوعي».

يذكر أن «براري الحمى» قد صدرت في ثلاث طبعات بالعربية، وترجمت إلى الإنجليزية والإيطالية والدنمركية واختيرت قبل عامين كواحدة من أفضل خمس روايات ترجمت إلى الدنمركية من آداب أفريقيا وآسيا وأستراليا وأمريكا اللاتينية.

وقد أثارت براري الحمى منذ صدورها عام 1985 جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية العربية كواحدة من أبرز روايات ما بعد الحداثة، وظلت واحدة من الروايات التي تثير الكثير من الاهتمام وقد تمت دراستها في عدد من الرسائل الجامعية العربية والأوروبية والدراسات النقدية.

يقول الشاعر والروائي الإنجليزي جيرمي ريد: «براري الحمىّ هي الجوابُ العربي عن النفس المنشطرة، من خلال عين الراوي الداخلية الشديدة الهلوسة. ذلك أن ذهنه قادر على إنشاء أهرامات تناطح السماء، أو تفجير نبع جارف من سطح صخري. وقد كانت رحلته خلال النيران، ويستطيع المرء أن يقول إن كلماته تحرق الورق، إنها تصل دائماً إلى ما هو الأهم في الفن: وهو العملية التحويليّة التي يفقد فيها العالمان الداخلي والخارجي تمايزهما، ويندمجان أحدهما في الآخر عن طريق دينامية المجاز. ورواية "براري الحُمّى" تدور حول الحدود القصوى، وينبغي أن تُقرأ من أجل رؤياها التي لا يعلق بها الخوف، ومن أجل اهتمامها بالعقل بمعزل عن سواه، ومن أجل اعتقادها المطلق بأن الشعر قادر على أن يغيّر العالم».


الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله

في حين ترى الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي أن براري الحمى من أدق التجارب الجمالية تشرُّباً لروح الحداثة، فقد استبطن المؤلف الحداثة استبطاناً كاملاً وكأنه ولِدَ فيها. لقد أنتج الفن القصصي الفلسطيني معالجات فريدة لا مثيل لها في الأدب العربي، ومثال ذلك رواية «المتشائل» ورواية «براري الحمى».

أما الناقد الإيطالي فليبو لا بورتا فيقول: «قراءة هذه الرواية تعني وقوعك في أسر الغموض العذب، والفراغ الغامض الذي يتواجد في أعماق كل مخلوق إنساني، متجاوزاً البشر عابراً أعماق الكائنات الحية والجمادات في تلك الصحراء. في هذه الرواية الرائعة يستخدم الكاتب تقنية سردية بارعة موازية لذلك التمزق في الوعي والازدواجية التي تعيشها الشخصية الرئيسة الواقعة بين فكي الخلل المطلق وسؤال المصير ومغزى الحياة، أما الشيء الأكيد فهو أننا لن نعرف بعد قراءتنا لهذه الرواية هل عدنا أم بقينا هناك في الصحراء».

وترى الدكتورة فدوى مالطي دوغلاس رئيسة قسم الدراسات الشرقية ـ جامعة إنديانا أنها رواية مختلفة وبظهورها انضم إبراهيم نصر اللـه إلى كتّاب ما بعد الحداثة في العالم العربي، والجديد في سردها هو أن هذا السرد الذي ابتدأ بضمير المتكلم يتوقف ليدور بضمير المخاطب، أي ليصبح «أنتَ» وهذا «الأنت» هو الذي يجب أن يألفه القارئ لأنه يصبح أيضاً «هو» وهو أسلوب قلَّما أستعمل في الآداب العالمية، وقد وضع «ميشال بوتور» رواية كاملة هي «التعديل» بضمير المخاطب، غير أن سرد بوتور ينتظم من أوله إلى آخره، أما براري الحمى، فإنها تتشكل من ثلاثة ضمائر، إنها رؤية أدبية فريدة.


بيانكا ماضيّة - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق