تل أم المرا

يقع تل أم المرا الأثري Umm – EL - Marra في شمال سورية، إلى الشرق من حلب في سهل الجبول بين حلب والفرات في منتصف المسافة تقريباً بين حلب ومسكنة على الفرات. وبهذا يكون الموقع مؤهلاً لأن يكون نقطة مراقبة مهمة على طول الطريق الجنوبي الشرقي من حلب إلى بلاد الرافدين.

يقوم التل المؤلف من عدة سويات بالقرب من مجرى دير حافر وتبلغ مساحته حوالي 25 هكتار، وأبعاده 500×500م. ويتألف من نقطة مرتفعة تضم الأكروبول يحيط بها سور فيه ثلاثة أبواب ويحيط به من ثلاثة جوانب خندق مقطوع بالصخر.

وتظهر نتائج التنقيبات أن تل أم المرا قد سكن في العصر البرونزي القديم والوسيط والحديث، ويبدو أنه هجر في العصرين الحديدي والفارسي لأن التنقيبت التي جرت لم تقدم شيئاً بهذا الخصوص حتى اليوم، ثم عادت الحياة إليه في العصر الهلنستي واستمرت إبان العصر الروماني.

كان أول من قام بالتنقيب الأثري في هذا التل، بعثة أثرية بلجيكية برئاسة رولاند تفنان Roland Tefnin. وقد استطاعت هذه البعثة البلجيكية إبان تنقيباتها أن تتعرف على الحقبة الرومانية والحقبة الهلنستية وكذلك الحقبة التي تعود إلى العصر البرونزي الوسيط والقديم، وعلى ضوء هذه النتائج افترض عالم الآثار باولو ماتييه أن يكون تل أم المرا يضم مدينة توبا Tuba القديمة التي ورد ذكرها في نصوص إبلا ونصوص يمحاض التي عثر عليها في مدينة ماري، وفي السوية السابعة من مدينة ألالاخ (تل عطشانة)، كما ورد ذكرها على جدران معبد الكرنك بمصر، إبان حكم الفرعون تحتمس الثالث الذي مر بها إبان حملته على غربي سورية وشماليها.

بعد البعثة البلجيكية جاءت للتنقيب في تل أم المرا بعثة أمريكية هولندية بقيادة غلين شوارتز G.Schwartz من جامعة جون هوبكنز، وهانس كورفيرس H.Curvers من جامعة أمستردام الهولندية. وما تزال هذه البعثة تنقب في الموقع منذ عام 1994، وتهدف إلى استكشاف آثار الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد إبان العصرين البرونزيين الوسيط والقديم، حين كان موقع أم المرا أحد المراكز المهمة في منطقة الجبول، وعاصمة مملكة تابعة لمملكة يمحاض. وقد أمكن على ضوء نتائج التنقيبات الأثرية البلجيكية والأمريكية الهولندية تحديد مختلف مراحل استيطان هذا الموقع.

ويمكن إجمال مراحل الاستيطان كما يلي:
المرحلة الأولى (أم المرا I / آ): عثر فيها على بقايا معمارية رومانية، ويدل هذا على توسع المنطقة المأهولة في نهاية القرن الأول الميلادي. وتشير إلى هذه الفترة البقايا الفخارية التي عثر عليها كالسرج والفخار المطبوع وأواني الطبخ وكسر قوارير الزجاج.

المرحلة الأولى (أم المرى I / ب): وعثر فيها على بقايا تعود إلى العصر الهلنستي وتكاد تغطي كل منطقة التنقيب، وتدل على أن السكان كانوا أغنى من سكان المرحلة الرومانية التي تلت، وقد عثر فيها على الفخار الأسود والفخار البني المصقول وسرج الزيت.

المرحلة الثانية (أم المرى II / آ – ب): عثر فيها على توضعات واسعة تعود إلى العصر البرونزي الحديث، منها فخار من المرحلة "II ب" في المنطقة المرتفعة وفي القسم المحروق من المنطقة الغربية (آ) العائدة على القرنين الخامس عشر والرابع عشر قبل الميلاد. وقد عثر على شبيه لهذا الفخار في تل ممباقة "إكالتي Ekalte" وتل الحديدي "أزو Azo" على الفرات. كما عثر على لقى أثرية أخرى تعود إلى هذه المرحلة منها دمى طينية لثيران ودمى نساء عاريات، إلى جانب رؤوس حراب برونزية، ووزنات مخروطية من حجر الدم (أوكسيد الحديد الطبيعي الهيماتيت) وختم اسطواني من العصر الميتاني، وعدة أنواع من أواني السحق البازلتية ثلاثية الأرجل. ويشير هذا إلى ثراء المدينة وتوسعها في مرحلة غير معروفة معرفة كافية في سورية الغربية وفي بعض المواقع الساحلية مثل رأس شمرة (أغاريت) ومواقع الفرات الأوسط مثل ممباقة وتل الحديدي وإيمار.
المرحلة الثالثة (أم المرا III): أظهرت التنقيبات الأثرية الخاصة بهذه المرحلة والتي جرت في المنطقة المرتفعة من التل، بقايا معمارية سكنية وتحصينات تعود إلى بداية الألف الثاني قبل الميلاد. كذلك عثر على بقايا معمارية تخص تحصينات في المنطقة الغربية، وإن نوعية المخلفات الأثرية هذه وكثرتها تشير إلى أهمية موقع أم المرا في عهد مملكة يمحاض، فالفخار الذي اكتشف في الموقع وخصوصاً في شرقي المنطقة المرتفعة وغربيها، له شبيه في تل مرديخ (إبلا) وحماة وحمام التركمان وألالاخ.

المرحلتان الرابعة الخامسة (أم المرا IV وV): وقد تمثلتا ببعض المخلفات المعمارية ومنها البوابة الشمالية الغربية التي قامت البعثة البلجيكية بالتنقيب فيها، وهي تعود إلى العصر البرونزي القديم المعاصر لإبلا (القصر الملكي G). كما عثر على بقايا هذه الحقبة في أماكن أخرى من أم المرا، وتدل على أن هذا الموقع كان مدينة مسورة منذ العصر البرونزي القديم.


Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق