تل عشارة

يقع تل العشارة الأثري Ashara (ترقا Terqa) في وسط المسافة بين ماري ومصب نهر الخابور على الفرات، وعلى بعد حوالي 60 كيلومتراً شرقي دير الزور على الضفة الغربية لنهر الفرات. والعشارة هو الاسم الحديث للقرية الواقعة فوق التل الأثري، الذي كان مدينة ترقا القديمة، المذكورة في الكثير من وثائق إبلا وبابل وأرشيف ماري.

وقد ذكرها الرحالة الألماني هرتزفلد Herzfeld عام 1910 في مذكراته، وعثر فيها على لوحة مسمارية تشير إلى أن الإله داغان قام ببناء معبد في بلدة ترقا، وهكذا تم تحديد الاسم التاريخي القديم لبلدة العشارة. وفي عام 1923 قام العالم الفرنسي الشهير تورو دانجان Thureau Dnagin بإجراء حفريات أثرية لمدة وجيزة أظهر خلالها الطبقات الأثرية التي تعود إلى أوائل الألف الثالث قبل الميلاد، ونشر نتائج أبحاثه في مجلة Syria. وفي عام 1975 قامت بعثة أثرية أمريكية من جامعة جونز هوبكنز بالتنقيب، وفي عام 1976 تابعت البعثة الأمريكية من جامعة لوس أنجلوس بإدارة جورجيو بوتشيلاتي Giorgio Buccellati عمليات التنقيب، ولازالت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة أوليفييه روو Olivier Rouault مستمرة بأعمالها الاستكشافية.

أظهرت التنقيبات أن المدينة كانت محاطة بسور دفاعي ضخم شيد في الألف الثالثة قبل الميلاد، ورمم حتى بلغ عرضه 20 متراً. كذلك اكتشف معبد كبير لإلهة الصحة السومرية "نينكراك" مشيداً باللبن، واستمر استعماله لفترة طويلة، وكان يشرف على ساحة عامة وعثر بداخله على لوحات مسمارية وعلى مجموعة كبيرة من الحلي والأحجار الكريمة، ويظهر على بعضها تأثر بالفن المصري، مما يدل على اتصال بالحضارة المصرية. وتضمنت اللوحات رسائل متبادلة بين الأشخاص أو الحكام، وعلى عقود تجارية ونصوص قانونية. كما أفادتنا النصوص المسمارية التي عثر عليها في معرفة ثلاثة عشر ملكاً من ملوك مملكة حانا، نستطيع أن نسلسل خمسة منهم في التسلسل التاريخي. وفي الجهة الشمالية الغربية من المعبد عثر على بناء كبير يفصله شارع عن المعبد، ويعود لأحد الأثرياء في البلدة ويدعى بوزوروم، وقد اشترى هذا الثري العديد من البيوت والأراضي في مقاطعة ترقا، كما تظهر اللوحات المسمارية المكتشفة في هذا البيت، ذو الفسحة الداخلية المحاطة بالغرف، ومنها ما كان مستودعات مليئة بالجرار والأواني الفخارية، وعثر ضمن أحد الجرار على بقايا توابل القرنفل، مما يدل على وجود تجارة مع مناطق بعيدة.

جاء ذكر ترقا في العديد من اللوحات المسمارية المكتشفة في ماري المجاورة، وكانت ترقا تتبع لها، ثم غدت ترقا عاصمة لمملكة "حانا" بعد سقوط ماري في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، في عهد السلالة الكاشية التي أعقبت السلالة البابلية القديمة، واستمرت ترقا تحكم من قبل هذه السلالة، كذلك حكمت من قبل السلالة الآشورية الحديثة في القرن التاسع قبل الميلاد، وتبدل اسمها من ترقا إلى سيرقو Sirqu، واتبعت مقاطعة لاقي الممتدة على الفرات، وعثر فيها من هذا العصر على مسلّة للملك توكولتي نينورتا الثاني.
وتدل بعض المكتشفات على أنها سكنت في العصور العربية الإسلامية، واتبعت مدينة الرحبة في العصر الأيوبي. وتوجد آثار تل العشارة في متحف دير الزور.


Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق