افتتاح ندوة القدس في التاريخ بمشاركة نخبة من علماء الآثار العرب والأجانب

16 12

ندوة دولية بالتزامن مع احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية 2009

القدس، مدينة التاريخ العريق والطويل، مهوى الأفئدة، وملتقى الديانات والشرائع السماوية، هذه المدينة التاريخية تتعرض اليوم لمحاولات حثيثة تهدف إلى تغيير ملامحها الحضارية العريقة، وسماتها التاريخية المشبعة بالتسامح والحب والالتقاء بين مختلف الشعوب والعقائد، مما يدفع العديد من المفكرين والباحثين والمؤرخين من ذوي الضمير الحر والفكر العلمي المحايد إلى إعلاء الصوت للحفاظ على هذه المدينة العظيمة، وإنقاذها من تشويه ملامحها القدسية.

في ظل هذا السياق، افتتحت مساء أمس الثلاثاء 15 كانون الأول 2009 وتحت رعاية السيد وزير الثقافة الدكتور رياض نعسان آغا وبحضوره الندوة الدولية العلمية التي تقيمها المديرية العامة للآثار والمتاحف تحت عنوان «القدس في التاريخ»، وذلك بمناسبة احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، وبمشاركة نخبة من علماء الآثار السوريين والعرب والأجانب، وبتنظيم من قبل مركز الباسل للبحث والتدريب الأثري. وتمتد الندوة على مدى ثلاثة أيام من 15 إلى 17 كانون الأول 2009 في القاعة الشامية بالمتحف الوطني في دمشق.

وقد بدأت الندوة أعمالها في تمام الساعة العاشرة صباحاً بكلمة من قبل الدكتور بسام جاموس المدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف رحب فيها بالسيد وزير الثقافة وبالسادة الباحثين المشاركين والحضور من الصحفيين والإعلاميين وعموم المهتمين، معلناً افتتاح ندوة دولية عن القدس في التاريخ، ونوه الدكتور جاموس بالعلماء المشاركين من سورية والوطن العربي والدول الأوروبية الذين سيقدمون نتائج أبحاثهم حول تاريخ القدس والتنقيبات غير الشرعية التي تقوم بها إسرائيل في القدس والجولان متمنياً لهذه الندوة تمام النجاح والتوفيق.


الدكتور توماس تومسون

ثم ألقى الدكتور توماس تومسون كلمة المحاضرين، حيث عبر عن سروره لإتاحة الفرصة له بالمشاركة في هذه الندوة موجهاً شكره للسيد وزير الثقافة والسيد مدير المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية، وركز الدكتور تومسون على مواضيع المؤتمر الذي ستقدم به أكثر من 50 محاضرة تتناول القدس من مختلف الجوانب والنواحي كالآثار والجغرافيا واللغات والتاريخ والعمارة والدين وغير ذلك من المناحي الحضارية والإنسانية، وسيشارك في تقديم هذا البرنامج الغني مجموعة كبيرة من الآثاريين والمؤرخين. وتحدث الدكتور تومسون عن علم الآثار الفلسطيني وعن السؤال الأساسي للندوة والذي هو: هل يمكننا وضع علم آثار متحرر من هيمنة الفكر المقدس؟ وبالتالي البحث عن علم آثار يتحرى الحقائق كما هي دون زيادة أو نقصان، ويبحث عن الأخطاء التي هيمنت في الماضي على علم الآثار وكتابة التاريخ وعن إمكانية تصحيحها.


السيد وزير الثقافة

بعد ذلك تحدث السيد وزير الثقافة، فأعرب عن سعادته بتواجد نخبة من علماء الآثار والتاريخ مما يجعل المشاركة والحوار في هذه الندوة أكثر جدية، ولا سيما «أن العالم منشغل بقضية القدس، وعلم الآثار هو العلم الذي يبحث عن الحقيقة المجردة، مع محاولة إسرائيل لي عنق علم الآثار كي تزور تاريخ هذه المنطقة، مع أن كل حبة تراب تشهد أن القدس مدينة كنعانية». وأشار السيد الوزير إلى تصريحات بعض علماء الآثار الإسرائيليين الذي أكدوا أنهم لم يجدوا شاهداً أثرياً واحداً يؤكد الأسطورة التوراتية.

وتابع السيد الوزير قائلاً: «إن البحث عن هوية القدس ليس من أجلنا نحن العرب، بل لنقدمه إلى محكمة الضمير العالمي، فالقدس هي البيت المقدس، هي المدينة العربية التي انفتحت على كل الثقافات والديانات، ونريدها أن تبقى كذلك، كبلد مفتوحة للبشرية، ولكن هويتها عربية إسلامية مسيحية».

وأكد السيد الوزير أن الحديث عن القدس يمتد إلى الجولان الذي يقبع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وقال السيد الوزير: «إنهم يتابعون الحفر تحت المسجد الأقصى ولكنهم لم يصلوا إلى شيء ولن يصلوا. وأعتقد أن الأبحاث التي ستنتج عن هذه الندوة ستضيف المزيد من الألق لمدينة القدس، ونعلن أن احتفالية القدس لن تنتهي بل ستبقى صوتاً يجلجل في العالم ويدوي مطالباً الضمير الإنساني بأن يتحرك».

وختم السيد وزير الثقافة كلامه بالقول: «قد يبدو أن لا أمل في أن تعود القدس، ولكنكم تعلمون أن عودتنا حقيقة ساطعة. أتمنى على ندوتكم أن تقدم إضافات جديدة كي يعرف العالم بحقيقة القدس، وأرحب بضيوفنا ضيوف دمشق، وأرجو أن تستمتعوا بوجودكم فيها».

بعد ذلك وجه السيد المدير العام للآثار والمتاحف شكره للسيد الوزير الذي قدم دعمه اللامحدود لإقامة هذه الندوة، ولضيوف الندوة وللدكتور عمار عبد الرحمن -مدير مركز الباسل للبحث والتدريب الأثري- وأفراد طاقم العمل.


السيد الوزير وضيوف الندوة
في المتحف الوطني

بعد ذلك توجه السيد وزير الثقافة والسيد المدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف والسادة الضيوف الباحثون والمشاركون في الندوة إلى بهو المتحف الوطني لافتتاح معرض «فلسطين والقدس في أرشيف مركز الوثائق التاريخية»، الذي ضم مجموعة من الصور والوثائق الهامة التي تتعلق بالقدس قبل الاحتلال الإسرائيلي. كما تمَّ عرض مجموعة من الوثائق التي تبين نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال البريطاني والعلاقات الوثيقة التي كانت تربط الشعب العربي الفلسطيني مع إخوانه العرب في بلاد الشام. ثم انتقل الحضور لمشاهدة معرض «منشورات مركز الباسل» الذي ضم مجموعة من المنشورات والوثائق التي أنتجها المركز في مختلف مجالات التاريخ وعلم الآثار. وانتهت الجولة بزيارة عامة للمتحف الوطني لإلقاء نظرة على ما يضمه من آثار تشهد للتاريخ العريق لهذا الوطن الذي يعتبر بحق مهداً للحضارة البشرية.


الدكتور عمار عبد الرحمن
مدير مركز الباسل للبحث والتدريب الأثري

انطلاق أعمال الندوة:
بعد استراحة قصيرة عقدت الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية «القدس في التاريخ» والتي قدَّم لها الدكتور عمار عبد الرحمن -مدير مركز الباسل للبحث والتدريب الأثري-، الذي أشار إلى أن ندوة القدس لم تكن مرتبطة بالضرورة بمناسبة احتفالية القدس كعاصمة للثقافة العربية، بل إن القدس بتاريخها العريق ووضعيتها الخاصة تحتاج إلى ندوات، وهي التي تكتنز تاريخاً ممتداً من عصور ما قبل التاريخ وصولاً إلى الفترة الحديثة.

وأكد الدكتور عبد الرحمن إلى أن التحضيرات لهذه الندوة ركزت على مفاصل كثيرة من هذا التاريخ، وخصوصاً الفترة التي تدور حولها القصة التوراتية، والتي حاولت الندوة التركيز عليها من خلال طاولة مستديرة سيتناول فيها الباحثون الأجانب هذا الموضوع بمزيد من الشرح والبحث للخروج بنتائج قد تضيء أكثر تلك الفترة بمزيد من المعرفة.

وشكر الدكتور عبد الرحمن الباحثين والأجانب الذين لبوا الدعوة، ثم أعلن أن القائمين على الندوة ارتأوا أن تكون الافتتاحية مع الدكتور عزمي بشارة لما يتمتع به من معرفة عميقة ومباشرة بموضوع القدس نظراً لنضاله الطويل المشرف في سبيل قضية الشعب الفلسطيني وقضية العروبة بشكل عام.

يبقى أن نذكر أن فعاليات ندوة تتضمن 48 محاضرة يلقيها باحثون سوريون وعرب وأجانب مختصون في علوم الآثار والتاريخ يتناولون فيها مختلف وجوه الحياة التاريخية والحضارية والفكرية للقدس وتاريخها الممتد على مدى آلاف السنوات. وتتخلل هذه المحاضرات جلسات نقاش وطاولة مستديرة تتناول الفترة التوراتية من تاريخ القدس لتبيان ما هو صحيح وخاطئ مما هو شائع عن تاريخ القدس في تلك الفترة الزمنية البعيدة.

وجدير بالذكر أن فعاليات الندوة تقام في القاعة الشامية من المتحف الوطني وتستمر من الساعة التاسعة صباحاً وحتى السابعة مساء من أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، بين 15 و17 كانون الأول 2009.


محمد رفيق خضور
ت: عبد الله رضا

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

السيد وزير الثقافة وضيوف الملتقى يتوجهون لافتتاح المعرض الوثائقي

السيد وزير الثقافة يصافح ضيوف الملتقى

السيد وزير الثقافة يفتتح المعرض الوثائقى على هامش الملتقى

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق