الصفحة الرئيسية | شروط الاستخدام | من نحن | اتصل بنا
|
هكذا وعلى مدى يومين لم تخل محاضرة من المحاضرات التي قدمها المؤتمرون خلال مؤتمر «الثقافة العربية وأزمة القراءة» الذي أقيم في مكتبة الأسد وبالتعاون بين داري أطلس وبترا للنشر من مقاربة بين الوضع الثقافي والوضع السياسي الراهن في المنطقة العربية، فاستحوذ الاثنان على سخط المحاضرين ونقدهم وتقديمهم رؤى لحلول مقترحة لا يستطيعون تنفيذها كونها تحتاج إلى عمل مؤسساتي منظم وممنهج يخرج عن قدرة الأفراد.
وقد حمل المفكر والباحث فيصل دراج في محاضرته «تأمل جديد في مفهوم المثقف» على كلمة مثقف أصلاً، لأنه وجد فيها كلمة عمومية يجب استبدالها، واستمراريتها لا تعود للعادة فقط إنما لأن هناك مثقفين يسعدون بالكلمة بما فيها من سلطة استبداد تمارس من خلالها، ليتساءل: «لماذا انتهى دور المثقف اليوم؟»، ويجيب بثلاث نقاط هي: «الهيمنة المطلقة للفضائيات والثقافة السمعية البصرية القائمة على الإعلان، الإسلام السياسي غير المرتبط بأي علاقة مع الإسلام السابق المعروف تاريخياً وشعبياً والمجير لصالح السياسة والعولمة، والتداعي السياسي في الفضاء العربي يومياً حيث لم يعد هناك أحزاب متحاورة ولم تعد السياسة شأناً عاماً إنما تخصص للبعض فقط».
أما الصحفي اللبناني صقر أبو فخر فقد عدد بعض الإحصاءات في محاضرته، ومنها أن العرب أنتجوا منذ عصر الخليفة العباسي المأمون 100 ألف كتاب، وهو ما يعادل إنتاج أوروبا في سنة واحدة، رغم أنهم يشكلون خمس سكان العالم، وجامعاتهم لم يذكر اسم أي منها ضمن الترتيب العالمي لأفضل خمسمئة جامعة، ويبلغ نصيب الفرد الواحد من ميزانية التعليم سنوياً 341 دولار في حين يبلغ في بعض الدول 3 آلاف دولار، ولدينا 70 مليون أمي لا يجيدون القراءة والكتابة، ومع هذه الإحصاءات يرى أبو فخر انحداراً في القراءة العامة لصالح القراءة الجزئية، وهذا الانحسار توطد مع انحسار دور الأحزاب السياسية وغياب المشاريع السياسية الكبرى التي ترافقت مع انحطاط الطبقة الوسطى وظهور الطبقات فاحشة الثراء المستفيدة من الأوضاع السياسية الراهنة.
يتقاطع الدكتور مازن عرفة مع أبو فخر فيعتبر أن سياسة الإفقار المنظم دمرت الطبقة الوسطى، وشرعنة الفساد من قبل القائمين على بعض السلطات، إضافةً إلى الهجمة الاستهلاكية التي تعمل على استنزاف الغني والفقير من خلال نشر ثقافة الاستهلاك اليومي.
كما نوه عرفة إلى دور الكتب الدينية المعتمدة على الخرافة وانتشارها السريع بين الجمهور الذي يلتهمها دون دراية بمضامينها المشوهة وبهذا «كانت القراءة اكتشافاً للذات وأصبحت اليوم تعويضية استهلاكية».
وبين الإسلام السياسي والسلطة السياسية يرى الباحث اللبناني عاطف عطية أن «المثقف الذي يعيش بين مطرقة الدين وسندان سياسات السلطة يجب الترحم عليه».
ويضيف أن الثقافة جزء من أمن وطني وقومي ولها عناصر تنتجها، وفي كل لحظة من التاريخ ربما يتفوق عنصر من عناصر إنتاجها على غيره تبعاً للظروف المحيطة.
بدوره يرى الشاعر والصحفي اللبناني نصري الصايغ أن «لا حل يكمن في يد من يجتمعون اليوم على المنبر»، لأن الدولة هي الراعي الأساسي للثقافة ونحن كعرب لا زلنا نعيش في عصر ما قبل الدولة وبهذا ليس في يد المثقفين الحل والمشكلة ليست في الثقافة بل في السياسة.
وإلى هنا يصل الدكتور حسان عباس في محاضرته «القراءة والمدرسة ودورهما في ترسيخ المواطنة» إلى أن «مستقبل الأوطان يرتسم في المدارس والجامعات»، وبالتالي وجوب ترسيخ المدارس لثقافة المواطنة من خلال تصديها لثلاثة انتماءات تحت الوطنية وهي الاختلاف بين الجنسين والاختلاف الديني في المجتمع الواحد والتركيز على عدم وجود مجتمع نقي فهذه العوامل تعمل على تأحيد الثقافة وتلوي عنق التاريخ.
ويلتقي مع عباس في أهمية دور المدرسة مع المستشار التربوي الأمريكي جيمس وايللي في المطالبة بتطوير معارف الطلاب وإخضاعها للقياس، والطلب من الأساتذة والكوادر التعليمية على تطوير قدراتها ومهارتها وثقافتها في مجال عملها التربوي وأن يكون المدرس دائماً من القارئين.
أما الكاتب السوري نجيب نصير فيرى أن القراءة تقدم معلومات بينما المشافهة تتقارب مع الحالة الإطلاقية اليقينية وهي قريبة من الأوامرية التعزيلية بينما القراءة محفزة للأمام دائماً، ليختم محاضرته بمجموعة من الأسئلة «هل أصبحت الشعوب التي تتكلم العربية تسعى للفرجة التلفزيونية فقط؟ وهل هي خائفة من المعلومة؟ وهل تسعى لركودها الاجتماعي؟».
عمر الأسعد
اكتشف سورية
المشاركة في التعليق