أرسلان طاش

يقع موقع أرسلان طاش الأثري شمالي الجزيرة السورية، بالقرب من عين العرب على الحدود السورية التركية، ويبعد عن نهر الفرات مسافة 30 كيلومتراً إلى الشرقي منه، فيما يبعد 61 كيلومتراً عن الحدود التركية. و"حداتو" أو "خداتو" هو الاسم القديم الذي عُرف به الموقع في النصوص الآشورية.

ابتدأ الاهتمام بالموقع الأثري البيضوي الشكل في القابع في وسط سهل "سروج" منذ عهد الدولة العثمانية، إذ غالباً ما كان السكان يعثرون على حجارة بازلتية منحوتة وعليها نقوش نافرة، أما التل نفسه فقد سماه الأتراك أرسلان طاش أي "الحجر الأسود" لكثرة عدد تماثيل الأسود البازلتية التي وجدت على سطحه أو المطمورة جزئياً فيه. وكانت أغلب هذه الأثريات تذهب إلى متحف اسطنبول وهناك لفتت الأنظار إليها.

جرت أعمال التنقيب الأولى في هذا التل من قبل بعثة أثرية فرنسية تحت إشراف العالم تورو دانجان F.Thureau Dnagin عام 1928، وأدت الأعمال إلى الكشف عن حاضرة مزدهرة في النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد، وهي الفترة التي تعاقب فيها الآراميون والآشوريون في السيطرة على شمال سورية.

أظهرت التنقيبات مدينة بيضوية الشكل، بطول 750 متر وعرض 550 متر، وفيها حصن كبير وأسوار تحيط بها، وقد زودت هذه الأسوار ببوابات عدة كانت تحرسها أسود ضخمة، وقد بني السور من اللبن الطيني فوق أساسات حجرية، أما بواباته الثلاثة فقد كسيت قواعدها بنقوش نافرة، وصور عليها جنود آشوريون وسكان يدفعون الجزية، وأهم هذه الأبواب كان الباب الشمالي الذي يفضي إلى غرفة مزخرفة بألوان ذات نقش نافر.

عثر ضمن الموقع أيضاً على قصر آشوري تم بناؤه وفقاً للمخطط الآشوري الحديث، فعلى ردهة المدخل المحاطة بغرف صغيرة من ثلاث جهات، تنفتح قاعة كبيرة تصلح لاستقبال عدد كبير من الزوار والضيوف. وفي الجهة الخلفية لهذا القسم الرسمي الفخم المجهز بعدد من الغرف الجانبية وبدرج، يوجد فناء داخلي تحيط به غرف سكن الأسرة، وهو متصل أيضاً بقاعة استقبال كبيرة تستخدم بالدرجة الأولى لتلبية أغراض شخصية وخاصة. وإلى الشرق يوجد مجمَّع كبير شبيه بالمستودعات. وقد عثر في بعض الغرف على بقايا رسوم جدارية، وأفاريز أفقية يبلغ عرضها حوالي 80سم، ذات دوائر ومربعات مزينة بزخارف تبدأ على علو مترين عن الأرض تقريباً.

وإلى جانب القصر تم العثور على بناء كبير مجاور له أقدم منه، أطلق عليه اسم "بيت العاجيات"، وذلك بسبب القطع الفنية العاجية الكثيرة التي وجدت فيه، وترجع إلى القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد، وقد زخرفت هذه القطع بأشكال نباتية مثل شجرة النخيل، أو بزخارف حيوانية مثل البقرة، والإبل الذي يرعى في العراء. كما ظهرت المرأة في هذه التماثيل في أشكال مختلفة، منها الشيطانة "كيليلو"، وصيفة الربة عشتار الأولى، والمرأة المجنحة أو بلا أجنحة، ترتدي على رأسها التاج المصري المزدوج وتمسك زنبقة بكل يد، وتشارك في ولادة رب الشمس. وتم تمثيل الملوك، وأهمها مشهد يمثل الملك حزائيل ملك آرام دمشق. إلى جانب هذه العاجيات عُثر في المبنى نفسه على أثاث خشبي ثمين أهمه سرير عليه كتابة تشير إلى أنه كان يعود للملك حزائيل، وكان هذا السرير من جملة الغنائم التي استولى عليها الملك الآشوري حدد نيراري الثالث في حملتين على دمشق والتي أنهت حكم حزائيل عام 803 ق.م، وعثر على قطع فنية أخرى تحمل تأثيرات الفنون المصرية والآشورية واليونانية على الفنون السورية.

وقد تم العثور على كتابات آرامية ولوفية وكتابات آشورية منقوشة على الأسود وفي مواضع مختلفة تشير إلى أن هذه الأسود موضوعة عند بوابة مدينة حداتو. ويعتقد أن هذه المدينة قد ضمت للدولة الآشورية منذ عهد شلمنصر الثالث ثم أصبحت مقراً لحاكم مقاطعة.

أما المعبد الآشوري فلم ينقب عنه إلا جزئياً. وقد كان مدخله محمياً بتمثالين لثورين كبيرين عليهما كتابة منقوشة تذكر باني المعبد الملك تغلا بيلاصر الثالث وصاحبته الإلهة عشتار. وبين محتويات المعبد ستة من تماثيل الآلهة وصندوق للتقدمات.

وتظهر كل هذه الآثار أهمية الموقع الذي ما زال يحتوي على الكثير من الكنوز الأثرية المخبأة والتي قد تكشف كنزاً من المعلومات عن الحقبة الآرامية الآشورية في سورية.


Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

أحمد:

يقول المعمرون في أرسلان طاش بأن هناك آثار كثيرة تحت مقبرة القرية.

سوريا

dilbjan:

انامن كوباني (عين العرب) اسم ارسلان طاش الحقيقي هو شيران يعني اسدان ذلك لوجود فيه اسدان تعود لعهد الاشوريين

سورية

لاوند:

بعشق سورية

syria