موسيقى على الطريق في أسبوعه الحادي عشر

18 10

موسيقيون كبار بعروض متنوعة

مرة أخرى تذهب الموسيقى مساء يوم الجمعة في 16 تشرين الأول إلى الناس مباشرة من خلال إقامة حفلات موسيقية في أماكن تواجدهم بعيداً عن جدران قاعات الحفلات الموسيقية ورسمياتها، وقد كان هذا الأسبوع متميزاً، حيث اجتمع العديد من الموسيقيين السوريين الكبار، فعزف أثيل حمدان عميد المعهد العالي للموسيقى مع طاقم «وشاح الوتري» في حديقة الجاحظ، وعزف مدير مشروع «موسيقى على الطريق» الموسيقي شربل أصفهان والمؤلف السوري المعروف حسان طه مع طاقم «خماسي دمشق النحاسي» في حديقة تشرين، وقاد وكيل المعهد العالي للموسيقى حسام الدين بريمو إحدى جوقاته (ألوان) في حديقة المنشية، وقد رقصت الناس وغنت على الأنغام التي قدمتها فرقة الجيش العربي السوري بقيادة الرائد لؤي سرية في حديقة دمشق (شرقي التجارة).

تجمع وشاح الوتري: مقطوعات موسيقية عالمية سريعة
قدم تجمع وشاح الوتري عرضه بين جمهور جلس كأنه جاء خصيصاً ليستمع إلى ما سيقدمه هؤلاء الموسيقيون في حديقة الجاحظ، حيث كان الجمهور منسجماً مع ما قدمه العازفون من مؤلفات عالمية، إذ كان منصتاً للعزف، ويحتفظ بالتصفيق إلى نهاية المقطوعة.


تجمع وشاح الوتري في موسيقى على الطريق

وهكذا جال تجمع وشاح الوتري بين السلالم الموسيقية لسوناتا روسيني، ومقطوعة مختارة من إحدى أوبرات فيردي، وقطعة روك من توزيع محمد نامق، معتمداً على عزف قطع قصيرة سريعة، بحيث يجذب أكبر حشد ممكن من الناس وهذا ما حققه بامتياز.

تأسس تجمع وشاح الوتري عام 2004 من قبل عدد من أساتذة المعهد العالي للموسيقى، كمجموعة موسيقية غير محددة العدد (ثلاثي، رباعي، خماسي، سداسي)، ويهتم التجمع بنشر موسيقى الحجرة بكافة قوالبها وآلاتها وتعريف الجمهور السوري بهذا النوع من الموسيقى، إضافة إلى تشجيع الموسيقيين على الخوض في هذا النوع الصعب والعالي المستوى من الفن الموسيقي، وقد قام تجمع وشاح الوتري بالعديد من الحفلات داخل سورية وخارجها.

وقد تكونت تشكيلة المجموعة لهذه الحفلة من ستة عازفين ماهرين على آلة التشيللو، وهم كارون باغبودوريان، أسامة التسعيني، سومر أشقر، والتوأم محمد وصلاح نامق. وقاد المجموعة الموسيقي الأستاذ أثيل حمدان (عميد المعهد العالي للموسيقى)، والذي تحدث بين قطعة موسيقية وأخرى عن مزايا الموسيقى وطريقة الاستماع إليها.

وفي نهاية الحفل كان لـ «اكتشف سورية» هذا اللقاء مع الموسيقي أثيل حمدان عميد المعهد العالي للموسيقى وقائد تجمع وشاح الوتري:

باعتبارك مديراً لأكبر مؤسسة تعليمية موسيقية في سورية، هل يتقاطع التعليم مع مشروع موسيقى على الطريق؟
عندما نعرض الموسيقى للناس بكل شرائحها في نهار يجتمع فيه الآباء والأطفال في الحدائق، وحين يتعرض هؤلاء الناس لهذه الصدمة الموسيقية اللطيفة، فسوف نكون كموسيقيين أمام تساؤلات عديدة حول الآلات التي يجب أن نعزف عليها، محاولين تقريب الناس منها وتشكيل حافز ليعلموا أطفالهم الموسيقى، وتلك إحدى غاياتنا.

من المعروف أن تجمع وشاح يقدم موسيقى نخبوية، فما هي القطع الموسيقية التي تختارونها لجذب أكبر عدد ممكن من الناس؟
مشروعنا بالأصل هو نقل موسيقى الحجرة للمجتمع، لأن أكثر الموسيقيين منشغلون بمشاريعهم الفردية وتقديم حفلات صولو (إفرادي)، ونحن في وشاح نحاول أن نشجع زملاءنا للعمل في الحفلات الجماعية وموسيقى على الطريق هي إحدى مناطق العزف الجماعي، حيث نقدم فيه برامج مختلفة تتألف من مقطوعات موسيقية تستقطب التفاعل العام، ولكننا أحياناً نقدم بعض المواد الدسمة كنوع من التدريب على السماع.

وكيف رأيت التفاعل؟
في الحقيقة، لقد كان ممتازاً جداً، رغم خوفنا في البداية، ولكن هذا الخوف لم يكن في محله، وما رأيناه في الحدائق كان عبارة عن جو من اللطف والتفاعل الإيجابي.

من خلال اطلاعك على أحوال متذوقي الموسيقى في سورية، فإلى أين وصل جمهور الموسيقى الأكاديمية عموماً برأيك؟
عندما تنظر إلى أوضاع الموسيقى في الوطن العربي، تجد بأننا أنجزنا خطوات هامة، وهناك موسيقيون سوريون أصبح لهم سمعة عالمية، وهذا يعني بأننا قد سلكنا الطريق الصحيح، وما أنجزناه على المستوى العربي هو الأقوى حتماً، أما على المستوى العالمي فما زلنا نحبو، بسبب المساحة الواسعة المتاحة لديهم، بينما ما تزال المساحات لدينا صغيرة، والزمن كفيل بتوسيع هذه الحلقة.

خماسي دمشق النحاسي: فيروزيات بآلات نفخية
اختلفت الأجواء في حديقة تشرين، حيث اجتمعت آلات نحاسية ونفخية لتشكل «خماسي دمشق النحاسي» الذي ضم إلى صفوفه كلاً من عازف الهورن (حسان طه)، وعازف الترومبون (فلاديمير كورسينوف)، وعازف التوبا (شربل أصفهان).


خماسي دمشق النحاسي في موسيقى على الطريق

وقد شدت الفرقة الجمهور بموسيقى أغانٍ مشهورة، حيث قدمت ثلاث أغنيات لمؤلف إيطالي اسمه مورلي، وهي أغنيات غزلية ألحانها رومانسية جميلة، كما قدمت قطعتين راقصتين للمؤلف المعروف بوران، بالإضافة إلى أغاني فيروز (نحنا والقمر جيران، عهدير البوسطة، أنا لحبيبي) بتوزيع خاص لهذه الآلات النحاسية المتشابة، مما حمس الحضور، الذي صفق كثيراً.

وكان لـ «اكتشف سورية» هذا اللقاء مع المؤلف وعازف الهورن حسان طه:

ماذا تحدثنا عن الخماسي النحاسي؟
تشكلت هذه المجموعة عام 2000 تحت اسم «الخماسي النحاسي السوري»، وكنا حينذاك مجموعة من الطلاب، وقد استمرينا معاً حتى الآن. قدمنا عدة حفلات في أماكن مختلفة، نستريح قليلاً ثم نبدأ العمل من جديد، وفي الحقيقة إن الخماسي هو أحد نتاجات المعهد العالي للموسيقى والأوركسترا الوطنية السورية، ونستطيع أن نعتبره خماسياً رائداً فهو من أوائل تشكيلات موسيقى الحجرة الذي يتألف من آلات نحاسية، وقد عمدنا منذ البداية إلى أن نكون مشروعاً ثقافياً يحاول أن يقرب الناس من هذه الآلات كونها غير معروفة في مجتمعنا كثيراً، وذلك من خلال عزف مقطوعات معروفة من الموروث الغنائي والفيروزيات، وتشكيلة آلاتنا الموسيقية ثابتة: أكتين، تروميث، هورن، ترومبون، توبا.

لقد كان النص الموجود في كتيب موسيقى على الطريق من صياغتك، وخصوصاً حول أهداف هذا المشروع ومزاياه، برأيك هل تحقق ما كتبت؟
لا زال المشروع في بداياته، ولا أستطيع القول أنه حقق ما يراد له، فهذا قد يستغرق عشر سنوات على الأقل، ربما تكون الفكرة رومانسية أو مثالية عندما نقول أننا سننشر هذه الموسيقى بين الناس بهذه السرعة، ويمكن أن ننجح ويمكن حدوث العكس، إلا أننا متأكد بأننا سنبقى في ذاكرة كل من شاهدنا في الحدائق وخصوصاً الأطفال وأسئلتهم عن الآلات وأنواعها، والمهم هو الاستمرارية لتبقى عند الناس الرغبة في زيارة الحديقة ليستمعوا إلى الموسيقى، وقد يتطلب ذلك تراكماً ووقتاً، ومهما كانت الفكرة ضبابية عند البعض ولكنها تجربة لا بد أن نخوضها، وقد تصبح مستقبلاً حاجة للناس.

أستاذ حسان، أنت معروف عند الجمهور السوري كمؤلف أكثر من كونك عازف هورن، هل حاولت أن تعزف شيئاً من مقطوعات في موسيقى على الطريق؟
كل ما قدمناه هو توزيع لأغاني فيروز، تم إعداده لعزفه على خمس آلات نحاسية، وفي نفس الوقت حافظنا على لحنها الأساسي، وهذه العملية ليست سهلة على العموم. مع الأيام يمكن أن نخصص مؤلفات لهذه التظاهرة، وأن نؤلف ألحاناً من وحي المكان، لنقترب من الناس أكثر، وقد تحدثت مع مدير المشروع شربل أصفهان حول هذا الموضوع.

من قام بالتوزيع الموسيقي؟
في البداية كلنا كنا نقوم بالتوزيع، وما قدمناه اليوم هو من توزيعي وتوزيع نزار عمران.

هل من كلمة أخيرة؟
أتمنى أن يستمر موسيقى على الطريق.


إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

الأستاذ أثيل حمدان عميد المعهد العالي للموسيقى

تجمع وشاح الوتري في موسيقى على الطريق

من جمهور موسيقى على الطريق في حديقة الجاحظ

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق