سلطان محيسن

01 09

.

رؤيا شاملة لعصور ما قبل التاريخ:

يمثل سلطان محيسن أحد رواد علم الآثار المعاصر في سورية، فهو أول آثاري سوري يدخل مجال عصور ما قبل التاريخ من بابه العريض، فيساهم في اكتشافات هامة، ويقوم بدراسات تفتح باباً جديداً أمام الباحثين في هذا المجال. ولعله أيضاً من أوائل الذين كتبوا في تبسيط هذا العلم الجديد وتقديمه لجمهور القراء الواسع، ففتح بذلك المجال أمام طرح نظريات فكرية وعلمية جديدة تتعلق بأصول الكائن الإنساني وكيفية تطورّه عبر دراسة متحجراته وأدواته الحجرية.

فالحق أن علوم ما قبل التاريخ ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بتطور نظريات العلوم التي ألغت مركزية الأرض في الكون، وبالتالي ألغت أيضاً مركزية الإنسان فيه. لقد أدى تطور العلوم خلال القرن الماضي إلى إرجاع تاريخ الإنسان على الأرض إلى أكثر من ثلاثة ملايين عام، وهو أمر لم يتفق مع النظرة التي كانت تعيد تاريخ الإنسان إلى بضعة آلاف سنة فقط. كذلك سقط المفهوم القائل إن الإنسان ولد بشكله الكامل، حيث بينت العلوم الحديثة، الباليونتولوجية وما قبل التاريخية عموماً، أن أنواعاً عديدة من أشباه البشريات ومن البشريات وجدت قبل ملايين السنوات، قبل أن يظهر إنسان كرومانيون، سلفنا المباشر، منذ أكثر من مئة ألف سنة. ويقدم لنا علماء ما قبل التاريخ تسلسلاً بات تفصيلياً حول المراحل التي عاش فيها هذا الإنسان وتطور، وصولاً إلى مرحلة الزراعة والتدجين وبناء البيوت وتطور المجتمعات الاقتصادية والاجتماعية والعقائدية، وظهور المدنيات. إن هذه الاكتشافات غيّرت من نظرتنا إلى تاريخنا، وأعادتنا إلى صيرورة التطور الطبيعي، فلم يعد الإنسان منفصلاً عن الطبيعة وتاريخها. وهذا المنظور هو بالضبط الذي أراد سلطان محيسن أن ينقله إلى مجتمعاتنا العربية، ليبذر فيها روح العلم الحديث، ضمن مجاله واختصاصه، فيساهم في عملية التنوير الفكري والعلمي.

ففي عدد من كتبه، مثل كتابه «بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ، الصيادون الأوائل» (الصادر عن دار الأبجدية بدمشق عام 1989)، لا يركز سلطان محيسن على عصور ما قبل التاريخ في منطقة بلاد الشام وحسب، بل على صيرورة التطور ما قبل التاريخي للبشريات عموماً، ويعرض لهذا الانتقال الفكري الذي شهده الإنسان في الغرب من الفكر الغيبي إلى العقل العلمي الباحث والمجرب. ويقدم في هذا الإطار موجزاً لتاريخ الحياة ككل في هذا الكتاب الذي ذكرناه أعلاه، ولتاريخ العصور الجيولوجية، ولمناهج علم الآثار، وليس فقط لتاريخ البشريات القديمة، ليبرز أهمية وضرورة الارتقاء بفكر وطريقة رؤيتنا لتاريخنا.

ولعل من أهم القضايا التي اهتم بها قضية بالغة الأهمية والتعقيد، درج المختصون على تسميتها «الثورة الزراعية»، أو «النولتة». فمن المعروف أن الإنسان عاش، وعلى امتداد العصر الحجري القديم، متنقلاً خلف مصادر الطبيعة الحرّة، من ماء ونبات وحيوان. وفي العصر الحجري الحديث، عرف هذا الإنسان الاستقرار وبناء القرى ومارس الزراعة والتدجين، أي أحكم سيطرته على بيئته، وبدأ بإنتاج مقومات حياته بنفسه، بعد أن كان تحت رحمة الطبيعة وتقلّباتها. لقد رافق هذا التطور الاقتصادي والمادّي الكبير تحوّل جذري طال عالم المجتمع والفكر والدين والمعتقدات. وبما أن بدايات هذه «الثورة» حصلت في المنطقة الواقعة بين حوض الفرات شمالاً مروراً بـحوضة دمشق وحتى وادي الأردن جنوباً، ومنذ حوالي الألف العاشر ق. م. أي قبل أي مكان آخر في العالم، فقد أولاها سلطان محيسن اهتماماً خاصاً، وتابع تطور الأبحاث حولها، وألّف وترجم أكثر من كتاب عن هذا الموضوع. وكان من أهم الكتب التي أشرف على ترجمتها للباحث العلامة في هذا المجال جاك كوفان، بعنوان «الألوهية والزراعة».


مغارة الديدرية

بالتالي، يُعدّ المنعطف الذي سمي بالثورة النيوليتية أحد أكثر المنعطفات حسماً من بين منعطفات التاريخ البشري الكبرى: فهو بداية أولى معالجات نوعنا لوسطه الطبيعي، والتي تشكل مباشرة أصل قدرته الحالية على الاكتشاف والاختراع والتحكم بالطبيعة والاستفادة من القوى الكامنة فيها. وبالتالي فإن تحليل هذا التحول، في شروطه وأسبابه، مسيرة ضرورية لمن يهتم بمستقبل الحضارة. والحال أن هذا الحدث تم في البداية كما قلنا في الشرق الأدنى قبل أن يشع مباشرة على مناطق أخرى من العالم أو قبل أن يؤدي إلى تقليد ومحاكاة أكثر تأخراً في أماكن أخرى. ومن هنا كان اهتمام سلطان محيسن بشكل خاص بهذا المجال، لأنه شعر أنه وسيلة هامة لبث الوعي في المجتمع، عبر تعريفه بتاريخه الذي شكل فيه إنسان المنطقة ريادة متفوقة في العالم، وكذلك عبر إعادة سرد قصة تطور الإنسان والمجتمع، عبر تطور حياته اليومية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والعقائدية. وربما كانت هذه النقطة هي إحدى النقاط التي التقى عندها سلطان محيسن مع جاك كوفان، فكان لقاء أثمر عن جهود علمية وفكرية في نطاقات عدة، من العمل الآثاري المختص إلى المؤتمرات والندوات، إلى النشر.

وجاك كوفان واحد من كبار الباحثين والمنظرين في هذا المجال. انطلق من نتائج تنقيباته بخاصة في موقع المريبط في حوض الفرات السوري الأوسط، وطرح، بصفته عالم آثار وفيلسوفاً فرضيته النفسانية ـ الثقافية حول ظاهرة «النولتة» أي «الثورة الزراعية» متناولاً زمان ومكان وآلية حدوثها وتتابع عناصرها ليخلص إلى الخوض عميقاً في أسبابها ودوافعها، استناداً إلى كمّ ضخم من المكتشفات الأثرية التي أتت من المشرق القديم، ومن سورية بخاصة، كالأواني الفخارية والأدوات والأسلحة الحجرية والفنون، ومعطيات البيئة بما فيها الدلائل النباتية والحيوانية التي تنتسب إلى العصر المشار إليه. يقول سلطان محيسن في تقديمه لهذا الكتاب: «تبنّى السيد كوفان في فرضيته الأسباب والعوامل الإجتماعية، الفكرية، والنفسية، واعتبرها مقدمة قادت إلى التحولات الإقتصادية التي شكلت عملية النولتة. ولا يستطيع أحد أن يجزم في الصحة الكلية، أو الجزئية، لفرضية كوفان، ولكن مؤلفه هذا، وإن بدا فيه الجانب الفلسفي ربما طاغياً على الجانب التاريخي، يشكل إضافة حقيقية وأساسية للموضوع، ناهيك عن أنه سلّط فيه الأضواء، أفضل من أي وقت مضى، على الدور المركزي للمكتشفات السورية في نشوء وتطور الحضارة الزراعية، الأساس الذي استندت عليه حضارتنا الحديثة بتفرعاتها كلها».


مغارة الديدرية

ومع أن الاتفاق لا يزال بعيداً حول الأسباب والدوافع التي قادت إلى هذا التحول، فهناك من تحدث عن دوافع مناخية وبيئية وجغرافية، بينما يرجعه آخرون إلى أسباب سكانية ديموغرافية أو تكتونية، في حين يرى فريق ثالث دوافع فكرية واجتماعية، فإن النقاش لا يزال محتدماً، دون الوصول إلى جواب حاسم. ويمكن القول إن مساهمات الدكتور سلطان محيسن، وخاصة من خلال أعماله البحثية والتنقيبية، شكلت أحد الإسهامات الجدية فيه.

أخيراً، وفي نطاق حديثنا عن سلطان محيسن ضمن رؤيته لعصور ما قبل التاريخ، لا بد لنا من الإشارة إلى أنه كان أيضاً واسع الاطلاع والاهتمام بالعصور الأخرى، حتى بات موسوعة في الآثار السورية عموماً، ومرجعاً في علم الآثار السوري وتاريخه؛ مما جعل مهمته في المجالات الإدارية، أكان في مديرية الآثار -عندما كان مديراً عاماً للآثار والمتاحف في سورية لأكثر من سبع سنوات انتهت في عام 2000- أو في جامعة دمشق أو حتى مع المنظمات الدولية أو مع البعثات المشتركة، حيث «لم تكن الآثار في مفهومه مجرد بحثٍ وتغنٍّ بالماضي المجيد، بل هي خدمة للحاضر ورؤية للمستقبل، وعلى أكثر من صعيد. آثار سورية هي القاسم المشترك لكل أبنائها، وهي دليل وحدتهم وعمق جذورهم، وقاعدة بناء هويتهم الوطنية والثقافية، إضافةً إلى كونها مادة علمية وتربوية ومصدر ريع يعزز صمودهم وازدهارهم. إن آثارنا ضمانة لمكانتنا التاريخية والحضارية المرموقة، لأن سورية -وهذا ما ناقشه في كبريات مراكز البحوث والجامعات- هي البلد الأهم في الآثار: قِدَماً، استمرارية، إبداعاً، تنوعاً وغنىً».

لقد عمل سلطان محيسن طيلة حياته المهنية على تجسيد هذه القناعات معتبراً حماية الآثار السورية وحسن التعامل معها واجباً وطنياً وعلمياً يتجاوز أية ميزة أو منفعة شخصية، مهما كانت؛ كما اعتبر تطوير المصادر البشرية -علمياً وإدارياً استثماراً- رابحاً يضمن التنمية المستدامة لهذا القطاع الهام.

سيرة حياة بالغة الانشغال:


لا شك أن حياة الدكتور سلطان محيسن تشير إلى نفس منصرفة إلى البحث العلمي نزعت إلى تحقيق الكثير، فعمل لائب دائب في البحث والتحقيق، ومشاركة في العديد من المؤسسات البحثية والعلمية الوطنية والعربية منها والعالمية، مما جعل متابعة كل ما قام به أو أشرف أو ساهم به أمراً صعباً، يمكن استعراضه في هذه الخلاصة.


الدكتور سلطان محيسن مع عائلته

مكان الولادة وتاريخها:
- ولد في دمشق، 1946.

التحصيل العلمي:
- ماجستير في علم الآثار من جامعة وارسو في بولونيا، عام 1972.
- دكتوراه في علم الآثار من جامعة ليون الثانية في فرنسا، عام 1982.
- دكتوراه في علم الآثار من جامعة وارسو في بولونيا، عام 1989.
HDR- (بحث درجة أعلى) تأهيل من جامعة السوربون/باريس الأولى في فرنسا، عام 2004.

المناصب التي شغلها:
- منذ 2004: عضو في لجنة اليونسكو الدولية لحماية التراث الثقافي العراقي.
- 2003-2005: رئيس قسم الآثار في كلية الآداب بجامعة دمشق.
- منذ عام 1994: رئيس لجنة التاريخ القديم في جامعة دمشق.
- 1993-2000: مدير عام للآثار والمتاحف في سورية.
- منذ 1985: أستاذ ما قبل التاريخ والآثار في جامعة دمشق.
- 1986-1992: رئيس قسم المكتبات في كلية الآداب بجامعة دمشق.
- 1972-1984: أمين متحف ما قبل التاريخ في المتحف الوطني بدمشق.


وسام الشمس المشرقة
الأشعة الذهبية
تزين صدر الدكتور سلطان محيسن

الأوسمة التي نالها:
- وسام الفارس من بولونيا، عام 1998.
- وسام الفارس من الدنمارك، عام 2000.
- وسام الشمس المشرقة-الأشعة الذهبيةمن اليابان، عام 2009.

الدراسات والكتب التي ألفها، قدم لها، أو شارك في تأليفها:
الدراسات الفردية:
- علم الآثار وحوار الحضارات، قيد التحضير.
- عصور ما قبل التاريخ، جامعة دمشق، 2004.
- Neanderthal Burials: Excavations of Dederiyeh Cave, Afrin, Syria، المركز الدولي للبحوث والدراسات اليابانية في كيوتو؛ شارك فيه تاكيرو أكازاوا وآخرون، 2004.
- بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ: المزارعون الأوائل، الأبجدية للنشر، دمشق، 1995.
- بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ: الصيادون الأوائل، الأبجدية للنشر، دمشق، 1989.
- آثار الوطن العربي القديم: الآثار الشرقية، جامعة دمشق، دمشق، 1988.
- عصور ما قبل التاريخ، دار المستقبل، دمشق، 1987.
- بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ، جامعة دمشق، 1986.
- L'Acheuléen Récent Evolué de la Syrie، سلسلة BAR، اكسفورد، 1985.
- الأنثروبولوجيا وعلم الآثار، جامعة دمشق، 1984.

الترجمات والتقديم لكتب مترجمة:
- مراجعة لكتاب «أصل الحضارات الأولى»، أدوماتو، 2007.
- «الرجل الأول في الصحراء السورية»، للكاتب ج. م. لي تينسورير، 2005، (تقديم).
- «أصل الألوهية، أصل الكتابة»، ج. كوفان، من منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 2000، (تقديم).
- منذ 1989: دراسات عدة لبعض المواقع الأثرية، الموسوعة العربية.
- «إفريقيا وقصة الإنسان»، إيف كوبينز، شام للنشر، دمشق، 1997، (ترجمة).
- «حضارات العصر الحجري القديم»، ف. هاورز، الأبجدية للنشر، 1995، (ترجمة).
- «آثار ما بين النهرين»، س. ليوئيد، دمشق للنشر، دمشق، 1993، (تقديم).
- «الحضارات المبكرة في الشرق الأدنى»، ج. ميلارت، دمشق للنشر، دمشق، 1989، (تقديم).
- «ديانات العصر الحجري الحديث في فلسطين السورية»، ج. كوفان، دمشق للنشر، دمشق، 1988، (ترجمة).
- «مغاور يبرود»، أ. راست، طربين للنشر، دمشق، (تقديم).

مختارات من مقالاته (بالعربية):
- قيد الطبع: «أصل المدن»، أدوماتو.
- «أصل اللغة»، المعرفة، عدد 525، ص:22-32، 2007.
- «حلب في عصور ما قبل التاريخ»، المعرفة، عدد 508، ص:61-69، 2006.
- «بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ»، أليسكو، تونس، 2006.
- «الكوم في عصور ما قبل التاريخ»، المعرفة، عدد 503، ص:20-29، 2005.
- «أسلافنا ما قبل التاريخيون»، المعرفة، عدد 496، ص:18-28، 2005.
- «حديث صحفي في علم الآثار»، المعرفة، عدد 488، ص:234-348، 2004.
- «الجزيرة السورية في العصر الحجري القديم»، وثائق الآثاريين السوريين 1، ص:23-32، 2002.
- «اكتشافات جديدة في منطقة عفرين»، سورية، أدوماتو5، ص:7-21، العربية السعودية، 2002.
- «عصور ما قبل التاريخ في دمشق وحلب»، 5000 سنة من التنمية العمرانية في سورية، ماينز وراين، ص:23-26، 2000.
- «الوحدة الثقافية للشرق الأوسط (البلدان العربية)»، مؤتمر الآثاريين العرب الخامس عشر حول عصور ما قبل التاريخ، دمشق، 2000.
- «عصور ما قبل التاريخ في منطقة حلب»، ِالحوليات الأثرية السورية، عدد 43، ص:49-77، 1999.
- «آثار ما قبل التاريخ في سورية الجنوبية»، ِالحوليات الأثرية السورية، عدد 41، سورية، ص:43-46، 1997.
- «السهوب السورية في العصر الحجري القديم»، الحوليات الأثرية السورية، عدد 42، سورية، ص:45-52، 1996.
- «دمشق في عصور ما قبل التاريخ»، التراث العربي، عدد 55، ص:117-128، دمشق، 1994.
- العديد من المقالات المنشورة في الموسوعة العربية، 1994.
- «سورية وأصل الزراعة»، Revue Historique، عدد 45/46، ص:53-60، 1993.
- «طرائق الإحصاء الأثري»، المؤتمر الثاني عشر للآثار، تونس، ص:163-170، 1993.
- «عصور ما قبل التاريخ في سورية الجنوبية»، الحوليات الأثرية السورية، عدد 41، سورية، ص:12-24، 1993.
- «بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ»، ندوة ليون، 1981، دراسات تاريخية، عدد 31/32، ص:179-185، دمشق، 1989.
- «سورية في عصور ما قبل التاريخ»، مراجعات تاريخية، عدد 25/26، ص:131-164، دمشق، 1987.
- «نشأة وتطور الثقافة»، منشورات وزارة التعليم العالي، الكتاب الأول، دمشق، ص:283-296، 1986.
- «نشأة وتطور الإنسان»، منشورات وزارة التعليم العالي، الكتاب الأول، دمشق، ص:263-279، 1986.
- «بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ»، فكر، عدد 60/61، ص:111-126، بيروت، 1984.
- «إضاءة جديدة على عصور ما قبل التاريخ في سورية»، منشورات وزارة التعليم العالي، الكتاب الأول، دمشق، ص:195-231، 1984.
- «التنقيبات في غارماتشي، وادي العاصي، سورية»، الحوليات الأثرية السورية، عدد 33/2، ص:105-122، 1983.

منشورات بالإنكليزية والفرنسية:


- قيد النشر: «New Light on Near-eastern Palaeolithic»,70th SAA meeting,Salte Lake City
- قيد النشر: - «Apercu Sur Le Paleolithique de Syrie,Paleorient»
- قيد النشر: - «Decouvertes paleolithiques recentes de Syrie», 3 ICCANE, Paris
- «La Grotte de Dederiyeh dans la region d’Afrin, Syrie».Subartu XV11 P :89-100, 2006.
- «An Introduction to the Palaeolithic of Syria». From Handaxe to Khan, Aarhus University Press.P:29-48, 2004.
- «Remarques sur le Paléolithique de la Syrie», BAR,IS,1263,p:135-144, 2004.
- With A. Yamashina & T. Akazawa, «Middle Palaeolithic Assemblages of Dederiyeh Cave, Afrin, Syria». In H. Ishida, M. Nakatsuka and N. Ogiwara (eds.) Recent Advances in Anthropology and Primatology, pp. 29-30. Proceedings of the Joint Congress of the 55th annual meeting of the Anthropological Society of Nippon and the 17th annual meeting of the Primate Society of Japan, Kyoto, 2002.
- «An Overview on Recent Prehistoric excavations in Syria», 1st International Congress on the Archaeology of the Ancient Near East (Rome, May 18th-23rd 1998), Matthiae P. et al. (eds) pp. 1125-1135, 2000.
- «Les Racines Préhistoriques des Premières Civilisations écrites en Syrie», Actes du colloque sur la Djéziré, Paris, 1993, Subartu VII, pp. 9-15, 2000.
- «Anthropological Finds from Afrin, Syria», Orientalia Lovaniensia Analitica, n°96, pp. 327-335, 2000.
- «The Earliest Paleolithic occupation in Syria», in Neanderthal and Modern Humans in Western Asia. Plenum Press New York. pp.95-105, 1999.
- «Les origines du peuplement paléolithique en Syrie», catalogue, publ. Brebols Belgium, pp. 5-8, 1997.
- «La Siria Protagonista Dell’Archeologia Nel Vicino Oriente Antico», catalogue: Ebla Alle 0rigini Della Civilta Urbana, pp.72-83, Rome, Electa, 1995.
- «An Overview of the Paleolithic Period in Syria», Damaszener Mitteilungen Band 7, pp. 1-21, 1993.
- «L'Acheuléen Récent Evolué de l’Oronte, in La Géomorphologie et la Préhistoire de la Valleé de l’Oronte», ed, BAR I.S. 587, pp. 145-162, 1993.
- «La Syrie au Paléolithique (1000000-12000 av. J.-C.)», pp. 18-31, in Syrie, Mémoire et Civilisation, Paris, Flammarion, 1993.
- «La Preistoria della Gezira et dell Eufrate, in I'Eufrate e il Tempo», pp. 23-26, Electa, Rome, 1993.
- «Bilan sur la Préhistoire de la Syrie», Syria, t. LXIX, fasc. 3-4, pp. 247-303, 1992.
- «The Transitional Industries, Lower / Middle Paleolithic, in Syria». Conference Preceding ; The Evolution and Dispersal of Modern Man in Asia, ed. By T.AKAZAWA, K. AOKI, T. KINTURA, Hokusen-Sha publication, pp. 51-65, Tokyo, 1992.
- «Technology of Knapped Stone», Multilingual Vocabulary, pp106-116, C.R.E.P. Meudon, France, 1992.
- «La Paléolithique Inférieur de la Syrie», L’Anthropologie, 93/3, pp. 863-882, Paris, 1988.
- «The Upper Acheulian of Syria», pp. 184-191, Préhistoire du Levant, ed. P.SANLAVILLE, CNRS, Paris, 1981.

منشورات بالإنكليزية والفرنسية (بالاشتراك مع كتاب آخرين):


- قيد النشر:
- With : E. BOEDA et al,«Le site paléolithique moyen d’Um el Tlel», Syrie 3ICAANE, Paris 15-19 avril 2002.
- قيد النشر:
- With : J.-M. LE TENSORER, «Le Paléolithique de la région d’El-Kowm», AAAS, Syria.
- With BOEDA.,EL-SAKHEL.H, «La mission archéologique d'Umm el Tlel-le basin d,El-Kowm», in «La deuxieme semaine archéologique:7 ans de Partenaria», Mecenat Total, Avril, 2005.
- With BOEDA.E, El-SAKHEL. H, «Le Site d'Umm el Tlel (Syrie Centrale) in Archéologies», vingt ans de recherches françaises dans le monde,Maisonneuve et Larose-ADPF.ERC.P:442-445, 2005.
- With : E. BOEDA et al., Le site Acheuléen d’el-Mirah Syrie, BAR.IS.1263,p;163-201, 2004.
- With : T. AKAZAWA et al., Neanderthal Burials : «excavations of the Dederiyeh Cave, Syria». BAR.IS,1263, p:241-270, 2004.
- With : J.M. LE TENSORER & R. JAGHER, «Paleolithic Settlement Dynamics in the el-Kowm Area (Central Syria) in Settlement Dynamics of Middle Palaeolithic and middle stone age», N. CONARD (ed.), Kerns, Tübingen, pp.101-122, 2001.
- With H. Ishida, O. Kondo & T. Akazawa, «A new Neanderthal child recovered at Dederiyeh Cave, Syria in 1997-1998». Proceeding of 69th Annual Meeting of the American Association of Physical Anthropologists. San Antonio,Texas, 2000.
- With O. Kondo, Y. Dodo & T. Akazawa, «Estimation of stature from the skeletal reconstruction of an immature Neanderthal from Dederiyeh Cave, Syria». Journal of Human Evolution 38: 457-473, 2000.
- With : E. BOEDA et al., «Le Site d'Umm el-Tlel (Syrie centrale)», Orient Express (2000/2), pp. 36-38, 2000.
- With : J. BESANاON & B. GEYER, «Note Préliminaire sur le Quaternaire dans la Vallée du Nahr Afrin (Syrie)», Paléorient, 26/1, pp. 67-72, 2000.
- With : T. AKAZAWA, «Anthropological finds from Afrin, Syria». Orientalia Louaniensia Analitica nr 96, pp. 327-335, 2000.
- With : T. AKAZAWA and al, «New Discovery of a Neanderthal Burial from the Dederiyeh Cave», Syria, Paléorient 25/2, pp. 129-140, 1999.
- With : E. BOEDA & J. CONNAN, «Bitumen as Hafting Material on Middle Paleolithic Artifacts from the el-Kowm Bassin, Syria, in Neanderthal and Modern Humans in Western Asia», (eds.) T. AKAZAWA, K. AOKI & 0. BAR-YOSEF, pp. 181-204, New York, Plenum-Press, 1998.
- With : Y. DODO & 0. KONDO & T. AKAZAWA, «Anatomy of the Neanderthal Infant Skeleton from Dederiyeh Cave Syria, in Neanderthal and Modern Humans in Western Asia», (eds) T. AKA.ZAWA, K. AOKI & 0. BAR-YOSEF, Pp. 323-338, New York, Plenum-Press, 1998.
- With : R. JAGHER, J.-M. LE TENSORER, Ph. MOREL, J. MISKOWSKI, P. SCHMID, «Découvertes des restes humains dans les niveaux acheuléens de Nadaouiyeh Aïn Askar, el-Kowm, Syrie Centrale», Paléorient23/1, pp. 45-76, 1997.
- With : E. BOEDA, J. CONNAN, D. DESSORT, N. MERCIER, H VALLADAS & N. TISNERAT, «Bitumen as Hafting Material on Middle Paleolithic Artifacts», Nature 3 80 : 336-8, 1996.
- With : T. AKAZAWA, Y. DODO, O. KONDO &Y. MIZOQUCHI, «Neanderthal Infant Burial», Nature 377 : 984-5, 1995.
- With : T. AKAZAWA, Y. DODO, O. KONDO, Y. MIZOQUCHI, Y.NISHIAKI, S. OHTA & J. HAYDAL, «Neanderthal Infant Burial from The Dederiyeh Cave in Syria», in Paléorient, Vol.21/2, pp.77-86, editions du CNRS, 1995.
- With : J. BESANCON, L. COPELAND & P. SANLAVILLE, «Prospections Géomorphologiques et Préhistoriques dans la Région de Tartous, (Syrie)», Paléorient 20/1, pp. 5-19, 1994.
- With : J.-M. LETENSORER et R. JAGHER, Nadaouiyeh I, «Aïn AskerUne Grande Séquence Paléolithique du Bassin d'El-Kowm (Syrie), premiers résultats, fouilles 1989-1992», in Cahiers de l’Euphrate, pp. 11-36. E.R.C., Paris, 1993.
- With : E. BOEDA, Umm El-TIel, Syrie ; «étude préliminaire des industries lithiques du Paléolithique moyen et supérieur 1991-1992», Cahiers de l’Euphrate 7, pp. 47-91, 1993.
- With : T. AKAZAWA, Y. DODO, A. A. SALAM, Y. ABE, O. KONDO & Y. MIZOQUCHI, «the Neanderthal Remains from Dederiyeh Cave in Syria: Interim Report», in Anthropology (10IC4), pp. 361-387, 1993.
- With : J.-M. LE TENSORER & R. YAGHER, «Nadaouiyeh Aïn Asker; Reporton 1989 Excavations». The Prehistory Laboratory of Basel University, (inGerman, 70 pages), 1989.
- With : J. BESANCON, L. COPELAND, F. HOURS & P.SANLAVILLE, «La Syrie Préhistorique», pp. 13-20 in 20 ans de Contribution Française à l’archéologie Syrienne, Damas, IFAPO, 1989.
- With : F. HOURS, J.-M. LE TENSORER & I. YALCINKAYA, «Premiers Travaux sur le site Acheuléen de Nadaouiyeh 1», Paléorient
9/2, pp. 5-13, 1983.
- With : J. BESANCON, L. COPELAND, F.HOURS & P. SANLAVILLE, «Prospection Géologique et Préhistorique dans le Bassin d'El-Kowm (Syrie)»; rapport préliminaire, in Cahiers de l’Euphrate 3, pp. 9-26, 1983.
- With : J. BESANCON, L.COPELAND, F. HOURS & P. SANLAVILLE, «Le Paléolithique d'El-Kowm, rapport préliminaire», Paléorient 7, pp. 33-55, 1983.
- With : J. BESANCON, H. de CONTENSON, L. COPELAND, F. HOURS & P. SANLAVILLE, «Etude Géographique et Prospection Archéologique des Plateaux de la Région de Menbij, (Syrie du Nord)», Trav. RCP 438, 11 p., Lyon, Maison de l'Orient, AAAS 32, 1982, pp. 211-232, 1980.
- With : M. C. CAUVIN, E. COQUEUGNIOT & M. LE MIERE, «Prospection Préhistorique à Mallaha Jairoud (Qalamoun, Syrie)», AAAS 32, pp. 273-282, 1980.
- With : J. BESANCON, L. COPELAND, F. HOURS & P. SANLAVILLE, «Géomorphologie et Préhistoire de la Vallée Moyenne de l’Euphrate»; Essai de Chronologie du Pléistocène et du Paléolithique de Syrie, CRAS-D 290, pp. 167-170, 1980.

عمله كمدير لعدد من المسوح والتنقيبات الأثرية الهامة:
- منطقة طرطوس، 1989.
- منطقة العاصي، 1988.
- منطقة تدمر، 1988.
- القرماشي، وادي العاصي، 1981.
- تل الحاج، وادي الفرات، 1975.

عمله كمعاون مدير في عدد من المسوح والتنقيبات الأثرية الهامة:
- منذ عام 1992: منطقة الكوم (أم التليل)، [مع إ. بويدا من جامعة ناتير].
- منذ عام 1989: منطقة الكوم (ندوية 1 وهمل)، [مع ج. م. لا تينسورير، جامعة بازل].
- منذ عام 1987: منطقة عفرين (كهف الديدرية)، [مع ت. أكازاوا، جامعة طوكيو].
- بين عامي 1982-1986: منطقة الكوم، [مع ف. هاورز، جامعة ليون الثانية، المركز القومي الفرنسي للبحوث].
- 1981: القرماشي، وادي العاصي، [مع ف. هاورز، جامعة ليون الثانية، المركز القومي الفرنسي للبحوث].
- 1979: القرماشي، وادي العاصي، [مع ف. هاورز، جامعة ليون الثانية، المركز الوطني الفرنسي للبحوث].

عمله كعضو في فرق التنقيب في عدد من المسوح والتنقيبات الأثرية الهامة:
- 1976-1989: تنقيبات ومسوح جيومورفولجية وقبل تاريخية في مناطق متعددة من سورية، وذلك مع فريق من معهد الشرق والمركز الوطني الفرنسي للبحوث، بإدارة سالانفيل.
- 1989: منطقة طرطوس.
- 1988: تدمر.
- 1984: منطقة حلب، بإدارة ف. هول، من جامعة ييل.
- 1983: منطقة الحسكة، بإدارة المديرية العامة للآثار والمتاحف.
- 1980: الكوم.
- 1980: بصرى (حوران)، تحت إدارة هـ. سيدن، الجامعة الأمريكية في بيروت.
- 1979: الفرات الأعلى.
- 1978: الفرات الأوسط.
- 1977: وادي العاصي.
- 1976: نهر الكبير.
- 1976: تل الحديدي، وادي الفرات، بإدارة ر. دورنيمان، المتحف العام في ميلواكي.
- 1972: تل منباقة، وادي الفرات، بإدارة و. أورثمان، جامعة ساربروكين.

بعض مساهماته الهامة في المؤتمرات العالمية:
(تأتي هذه المساهمات بالإضافة إلى العديد من المؤتمرات واللقاءات العالمية في سياق التعاون الدولي في حقل الآثار على وجه الخصوص، وفي مجال الثقافة بصورة عامة).

- الندوة الأولى، أدوماتو: أصل المدن من خلال المكتشفات الأثرية، شاكا، العربية السعودية، 5-7 كانون الأول، 2005.
- الذكرى السنوية السبعين، لقاء في جمعية الآثاريين الأمريكان (SAA)، في مدينة سولت ليك، 30 آذار – 30 نيسان، 2005.
- المؤتمر العالمي الرابع لآثار الشرق الأدنى القديم (ICANNE)، برلين، 29 آذار – 5 نيسان، 2004.
- المؤتمر العالمي الثالث لآثار الشرق الأدنى القديم (ICANNE)، جامعة باريس الثالثة، باريس، 15- 19 نيسان، 2002.
- المؤتمر العالمي الرابع عشر لعلم ما قبل التاريخ وتاريخ ما قبل الكتابة (UISPP)، جامعة ليغ، 2 – 8 أيلول، 2001.
- المواقد المنزلية وبناها، مؤتمر عالمي، بون، فرنسا، 7 – 8 تشرين الأول، 2000.
- المؤتمر العالمي الأول لعلم آثار الشرق الأدنى القديم، روما، 18 – 23 نيسان، 1998.
- «إنسان نياندرتال والإنسان الحديث في غرب آسيا»، جامعة طوكيو، ندوة في المتحف، 1995.
- الملتقى الثاني والأربعين لعلماء الآشوريات، ليفن (بلجيكا)، 1995.
- الملتقى الحادي والأربعين لعلماء الآشوريات، برلين (ألمانيا)، 1994.
- ندوة حول «الصحراء السورية في العصر الحجري القديم»، جامعة بازل، 1991.
- مؤتمر حول «تطور وانتشار الإنسان الحديث في آسيا»، متحف الجامعة، جامعة طوكيو، 1990.
- ندوة حول «التاريخ وعلم الآثار»، السويداء، سورية، 1990.
- «عشرون عاماً من المساهمات الآثارية الفرنسية في سورية»، 1989.
- معرض ومؤتمر، جامعة اليرموك، الأردن، 1989.
- الندوة الثانية حول عصور ما قبل التاريخ في بلاد الشام، معهد الشرق، ليون، 1988.
- مؤتمر الآثاريين حول العالم، قسم علم الآثار، جامعة ساوثامبتون، 1986.
- الندوة الأولى حول عصور ما قبل التاريخ في بلاد الشام، معهد الشرق، ليون، 1980.

عمله كأستاذ زائر في الجامعات العالمية ومساهماته في الأبحاث العلمية:
- 2006: زميل باحث في معهد الآثار الألماني (DAI) في برلين (لمدة شهرين).
- 2005: أستاذ زائر في جامعة بيزا (لشهر واحد).
- 2005: أستاذ زائر في معهد الآثار الألماني في برلين (لشهر واحد).
- 2004: أستاذ زائر في معهد الآثار الألماني في برلين (لشهر واحد).
- 2003: زميل باحث في المركز الوطني للبحوث، فرنسا (ثلاثة أشهر).
- 2002: أستاذ زائر في جامعة كولومبيا، مدينة نيويورك (خمسة أشهر).
- 2001: زميل باحث في المركز الوطني للبحوث، فرنسا (ستة أشهر).
- 2001: زميل باحث في المركز الوطني للبحوث، فرنسا (خمسة أشهر).
- 2001: أستاذ زائر في معهد كارستن نيبور، جامعة كوبنهاغن (ستة أشهر).
- 2000: زميل باحث في المركز الوطني للبحوث، فرنسا (ستة أشهر).
- 1998: أستاذ زائر في فرساي، سان كوينتن، جامعة يفيلينز، فرنسا (ثلاثة أشهر).
- 1998: أستاذ زائر في جامعة فرانش كومتي، بوسانسون، فرنسا (شهران).
- 1998: أستاذ زائر في فرساي، سان كوينتن، جامعة يفيلينز، فرنسا (ثلاثة أشهر).
- 1993: باحث في معهد الشرق، فرنسا (شهران).
- 1992: باحث في جامعة طوكيو (ثلاثة أشهر).
- 1991: باحث في معهد الشرق، جامعة شيكاغو (أربعة أشهر).
- 1991: منهج في علم الآثار التجريبي وتقنيات تشذيب الحجارة، أرشديوم، ديجون، فرنسا (أسبوعان).
- 1990: بحث في معهد الآثار الألماني (ثلاثة أشهر).
- 1988: باحث في معهد الشرق، ليون (ثلاثة أشهر).
- 1978: باحث في جامعة أمستردام (أسبوعان).
- 1978: باحث في معهد لندن للآثار (أسبوعان).
- 1978: بحث في معهد كواترنير، جامعة بوردو (ثلاثة أشهر).

عضويته في المنظمات العلمية وفرق البحث:
- منذ عام 1998: عضو في اللجنة العلمية في أدوماتو، الملتقى نصف السنوي لعلماء الآثار، الرياض، العربية السعودية.
- منذ عام 1995: عضو في الفرق البحثية للجامعات والمؤسسات العلمية التالية: فريق البحث إف آر إي (FRE) 2379، المركز الوطني للبحوث، في جامعة يفيلينز، سان كوينتن، فرساي، فرنسا؛ جامعة ليون الثانية، معهد الشرق، جريمو (GREMO)، فرنسا؛ معهد رين جينوفييه، ناتير، فرنسا؛ جامعة بازل (سويسرا)، جامعة طوكيو (اليابان).
- منذ عام 1991: عضو في اللجنة العلمية للشرق القديم، نظرة عامة على عصور ما قبل التاريخ وعصور ما قبل الكتابة، المركز الوطني للبحوث، باريس.
- منذ 1990: عضو في معهد الآثار الألماني.
- منذ 1990: عضو في اللجنة العلمية في سورية، والمعنية بالفحص عن الفن الشرقي في الآثار، غوتن، باريس.
- منذ عام 1980: عضو في «URA 17»، معهد الشرق لعصور ما قبل التاريخ، جيلي/ليون، المركز الوطني للبحوث (بإدارة كوفان).
- منذ عام 1980: عضو في هيئة القاموس التاريخي الجغرافي العربي في الموسوعة العربية السورية.
- منذ عام 1980: عضو في لجان علمية في مجال علم الآثار فرنسية وعالمية.

المواضيع التي درسها في جامعة دمشق: في الحلقة الجامعية الأولى والدراسات العليا (ما بعد التخرج):
- علم الآثار العام لعصور ما قبل التاريخ.
- عصور ما قبل التاريخ في سورية والشرق الأدنى.
- علم الآثار والتاريخ للشرق الأدنى القديم.
- علم الإنسان (الأنتروبولوجيا) وعصور ما قبل التاريخ.
- نصوص في علم الآثار باللغة الإنكليزية.
- نصوص في علم الآثار باللغة الفرنسية.
- المكتبة والمجتمع.

عمله كمدير لعدد من المدارس المتخصصة بحقل الآثار (جامعة دمشق):
- 1985 – 1987: منطقة اللاذقية.
- 1987 – 1989: يبرود، مساعد مدير مع ر. سوليكي.
- منذ عام 1980: باحث، محاضر، وأستاذ زائر في العديد من المعاهد والجامعات العربية، الأوروبية، اليابانية، والأمريكية.
- وقد قام بتنظيم العديد من الندوات، المشاريع، واللقاءات العالمية، والتي تركز على التنقيب عن الآثار، والمتاحف، وحفظ وصيانة التحف الأثرية، بالإضافة للعديد من الفعاليات التي تتعلق بالتراث الآثاري والعلاقات الدولية في هذا المجال.
- المؤسس الأساسي لأقسام دراسات علم الآثار وعصور ما قبل التاريخ في سورية.

نظرة على أبحاثه العلمية:


كتاب «بلاد الشام عصور ما قبل التاريخ: الصيادون الأوائل» نموذجاً:


وإذ نبدأ ببلاد الشام فليس إلا بسبب طبيعة ووفرة المعطيات التي بين أيدينا والتي تشكل مفتاح فهم عصور ما قبل التاريخ، ليس فقط في الوطن العربي، وإنما في العالَم أيضاً.

إن علم آثار ما قبل التاريخ هو مصدر معلوماتنا الأولى حول العصور الحجرية، وتعود البدايات الأولى لهذا العلم إلى منتصف القرن الثامن عشر. ومنذ ذلك الوقت ظهَرَت حقائق جديدة تتعلق بأصل الإنسان والحضارة، فقد تبين مثلاً أن الإنسان أقدم بكثير، من حيث زمن ظهوره، من الألف الرابع قبل الميلاد، وهو التقدير المستمد من دراسة التوراة، بدليل العثور على أسلحته وهياكله العظمية ضمن طبقات جيولوجية رافقتها عظام حيوانات انقرضت منذ مئات الآلاف من السنين. كما ثبت أن إنسان ما قبل التاريخ لم يكن وحشاً، عديم التفكير، يأكل أبناء جنسه، يعيش هائماً في البراري مع الحيوانات المفترِسة، يصارعها وكأنه واحد منها. بل كان مثلنا في شكله وفي عقله وإحساسه، ولم يختلِف كثيراً عن بعض الشعوب البدائية التي لا زالت تعيش في مناطق شبه منعزلة في آسيا وإفريقيا حتى الآن.

وهو بحق جدنا الأول، تربطنا به أوثق الصلات الفيزيولوجية والحضارية، وما واقعنا الحالي إلا حصيلة عملية تطورية طويلة جداً ومعقّدَة جداً، شاركت فيها عناصر شتى ذات طبيعة حضارية، بيئية، مناخية جيولوجية أو غيرها.

لقد ظهر هذا الإنسان منذ ما يزيد عن مليوني سنة، وعاش في العصر الحجري القديم (الباليوليت) وهو القسم الأول والأطول من العصور الحجرية، متنقلاً خلف مصادر الغذاء، صياداً وملتقطاً للثروات الحيوانية والنباتية الطبيعية. ثم أصبح في القسم الثاني من العصور الحجرية، أي في العصر الحجري الوسيط (الميزوليت) أشد ارتباطاً بالبيئة وأكثر قدرة على الاستفادة من خيراتها، وما أن أشرفَت عصور ما قبل التاريخ على نهايتها وأطل العصر الحجري الحديث (النيوليت)، حتى استقر هذا الإنسان وأقام القرى الأولى التي عرَفَت زراعة الحبوب وتدجين الحيوانات، فتحقق بذلك أول وأكبر انعطاف اقتصادي – اجتماعي في تاريخ البشرية، واضعاً الأسس المباشرة لحضارتنا الحديثة بمعناها الشامل والمعقّد.

لقد قابل التطور الحضاري تطور فيزيولوجي استمر ملايين السنين، قاد في النهاية إلى ظهور الإنسان الذي انتقل خلال العصر الحجري القديم، أو الزمن الرابع، كما يسميه الجيولوجيون، من أنواع بدائية إلى أنواع أخرى أكثر تطوراً، فظهر على التوالي الأوسترالوبيتك (أو الهوموهابيل)، وهو النوع الإنساني الأول الذي صَنَعَ الأسلحة والأدوات الحجرية ووُجِدَت آثاره في القارة الإفريقية، وأُرِّخَت منذ أكثر من مليوني سنة خلت، تلاه الهوموأركتوس ثم النياندرتال، وأخيراً الإنسان العاقل سلفنا المباشر، الذي ظهر منذ حوالي أربعين ألف سنة خلت. إن البحث في عصور ما قبل التاريخ يهدف إلى دراسة هذه العملية التطورية بشقيها الحضاري والفيزيولوجي وإلى تحديد أسبابها وشروطها وإطارها الزماني والمكاني.

ولكننا، لا نستطيع الادعاء بأننا اكتشفنا السر الكامل لقصة أجدادنا الأوائل، فلازال أمامنا الكثير من الجوانب الغامضة حولهم، لأننا نطمح لأن نعرِف فعلاً كيف ظهر هؤلاء، وكيف تطورت أشكالهم وأفكارهم وكيف حققوا رغباتهم وحاجاتهم المادية والروحية المتنوعة، في إطار مجتمع منظم متكامل ومتضامن لم يعرف بعد الانقسام الطبقي وصراع المصالح.

إن باحثي ما قبل التاريخ يحدثوننا عن الإنسان بمعناه الشامل والعريض وليس فقط عن الأقوياء والمشهورين.

إننا نبذل الكثير من الجهد والمال من أجل فهم تاريخ إنسان ما قبل التاريخ في بلادنا، ولدينا في ذلك مبررات كثيرة، فهذه أولاً وأخيراً دراسة لتاريخ أجدادنا ولتاريخ أرض هي الآن وطننا الأم الذي نعيش فيه وننعم بخيراته، وفي تعرفنا على هؤلاء الأجداد فإنما نتعرف على أنفسنا بالذات لأن الفضل في وجودنا كجنس بشري مسيطِر يعود لهم، فهم الذين كافحوا وانتصروا في وجه عالم قاسٍ من الطبيعة والحيوان. كما أن كل إنجازاتنا الحضارية الكبرى كالسلاح والأدوات والنار والبناء والزراعة والتدجين والفن والدين واللغة والتنظيم الاجتماعي وغيره تعود في أصولها إلى هؤلاء الأجداد أيضاً. ناهيك عن أن كل مشاكلنا المعاصرة من حرب وظلم وجوع ومرض ترقد جذورها في الماضي البعيد. وحتى نتعرف على أنفسنا علينا كشف ذلك الماضي وتحديد علاقته بالحاضر والمستقبل في إطار فهم تاريخي مترابط يساعد على تحقيق أهدافنا في حياة إنسانية لائقة.

إن قصة حياة إنسان ما قبل التاريخ حصلت على امتداد الكون بأثره مع أن أحداثها لم تكن بنفس الكثافة والأهمية في كل زمان ومكان، ولكن دور مشرقنا العربي كان مركزياً في العديد من الفصول. وهذا ما يحمِّلنا إضافة إلى واجبنا العلمي واجباً وطنياً أيضاً، في تعريف أجيالنا بتاريخ الأرض التي نعيش عليها.

الزمن الرابع:
إن الزمن الرابع أو الرباعي هو العصر الذي يعنينا مباشرة في دراسات ما قبل التاريخ. ففي هذا الزمن ظهر الإنسان، وضمن الطبقات الجيولوجية العائدة للرباعي وُجِدَت آثاره الأولى، ولذلك أُطْلِقَ على هذا الزمن اسم حقب الإنسان.

بداية الرباعي تعود حسب المعطيات الحديثة إلى 3 ملايين سنة، ويُقسَم إلى عهدين الأول هو عهد البليستوسن وأصل التسمية يوناني وتعني كثيراً، وكاينوس «Kainos» وتعني حديثاً، والمقصود منها العهد الحديث الكثير التقلبات المناخية. والبليستوسن عهد بارد سُمِّيَ بالعهد الجليدي استمر منذ بداية الرباعي، أي منذ 3 ملايين سنة وحتى حوالي عشرة آلاف سنة قبل الميلاد. وأما القسم الثاني من الرباعي فهو الهولوسن من التسمية اليونانية هولوس «Holos» وتعني جداً، وكاينوس «Kainos» أي الحديث. وقد بدأ الهولوسن منذ حوالي عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، ولا زال مستمراً حتى الآن.

ميزات البليستوسن:
إن أهم ما يميز البليستوسن هي التقلبات المناخية التي حصلت فيه، إذ تغيّر المناخ على فترات متتالية بين البارد والدافئ. وقد تجسدت هذه التغيرات في المناطق الشمالية من نصف الكرة الشمالي على شكل عصور جليدية فصلت بينها عصور مطيرة دافئة. ووفق المعطيات الحديثة فقد حصلت أربعة عصور جليدية، وقد فصلت بين الجليديات عصور دافئة، ماطرة، ذاب فيه الجليد وتراجع إلى الشمال. إن الجليد عبارة عن ثلج تراكم تحجر في مناخ بارد استمر آلاف السنين، وقد تشكل أولاً في المناطق القطبية المرتفعة ثم انتقل ببطء تدريجي بفعل الوزن والضغط وطبيعة الأرض المائلة، إلى المناطق المنخفضة جنوباً. وكان له أكبر الأثر على البيئة والإنسان في عصر الباليوليت، لأنه عندما تقدم الجليد كان الغطاء النباتي والحيواني يتراجع، ويتراجع الإنسان أيضاً، عن المناطق التي غطاها ولم تعد الحياة لتلك المناطق إلا بعد ذوبان الجليد.

أسباب التغيرات المناخية في الرباعي:
حسب نظرية ميلانكوفيتش اليوغوسلافي، فالسبب يعود إلى أن الأرض أثناء دورانها حول الشمس، وحول نفسها تتلقى كمية من الطاقة تختلف نسبتها حسب وضع الأرض ومقدار ميَلان محورها بالنسبة للشمس، وذكر أنه عندما تكون الأرض في وضع أبعد عن الشمس فهذا يؤدي إلى حصول الجليديات، وعندما تقترب فهذا يؤدي إلى ذوَبَان الجليد المتراكم في العصر البارد. واعتبر ميلانكوفيتش أن كل دورة مناخية كبرى سواءً كانت جليدية أم دافئة استمرت حوالي 80 ألف سنة وهي المدة التقريبية التي تفصل بين العصور الجليدية في البليستوسن وكان عددها أربعة أو خمسة عصور على الأقل.

أسلاف الإنسان:
لقد أظهرَت الأبحاث المتعلقة بأصل الإنسان أنه منذ حوالي 6 – 5 مليون سنة وُجِدَت في القارة الإفريقية أنواع من الرئيسيات كانت تسير منتصِبَة القامة ولها حجم دماغ كبير نسبياً. أخذت هذه الكائنات تتطور ويزداد عددها وتكتسب صفات فيزيولوجية قريبة إلى صفات الإنسان إلا أنها لم تتمكن من تصنيع الأدوات المنتظمَة مما أبقاها خارج الشروط الإنسانية الكاملة.

ولعل «لوسي» ذلك الهيكل العظمي الذي أُطْلِقَ عليه هذا الاسم تيمّناً بأغنية فرقة البيتلز الشهيرة «لوسي في السماء مع اللآلئ» التي أنشدها أعضاء البعثة المنقبة عشية هذا الاكتشاف الرائع.

الإنسان الأول:
وهو حسب المكتشفات: الأوسترالوبيتك أي القرد الجنوبي، وهو أنواع، بعضها نحيف وبعضها الآخر غليظ.

والقصد من التسمية إنما هو الإنسان الأول الذي صنع الأدوات والأسلحة لأول مرة. وتفرع من الأوسترالوبيتك نوع آخر أكثر تطوراً هو الهوموهابيل أي الإنسان الصانع، وقد عاش الهوموهابيل في بيئة شبه صحراوية غنية بنباتات وحيوانات السافانا، وعُثِرَ على البقايا العظمية له في طبقة جيولوجية أرِّخَت حوالي 2.5 مليون سنة أي على القسم الأول من العصر الحجري القديم الأدنى (الباليوليت الأدنى)، وكانت ترافقها أدوات حجرية بدائية جداً عبارة عن حصى من الأحجار القاسية والسهلة التصنيع كالصوان والكوارتز، مصنعة بواسطة الطرق على جانب واحد أو على الجانبين بشكل أصبح لها حدٌ عامل يمكن استخدامه عند الحاجة.

الهوموأركتوس:
ظهر منذ حوالي 1.5 مليون سنة، أي في القسم الأول من العصر الحجري القديم الأدنى، وهو متطور في صفاته الفيزيولوجية والحضارية عن الإنسان الصانع وتعني تسميته الإنسان المنتصِب، وهي لا تحمل المعنى المقصود لأن الأوسترالوبيتك الذي سبقه كان أيضاً منتصِب القامة.

والهوموأركتوس هو أول إنسان خرج من القارة الإفريقية، ودخل إلى مناطق جديدة من آسيا وأوروبا ولذلك نعتبره إنسان الوطن العربي القديم الأول، وقد وُجِدَت هياكله العظمية المباشرة في عدة مواقع من فلسطين وتونس والجزائر، وأما آثاره، وعلى رأسها الأدوات الحجرية، فقد أتت بوفرة من كل الأرجاء وبخاصة من سورية وفلسطين.

وكان الهوموأركتوس أكثر تطوراً من سِلَفِه فقد استفاد وبشكل أكبر من الملاجئ والمغاور الطبيعية، واهتدى لأول مرة إلى بناء الأكواخ البسيطة التي دلت عليها الاكتشافات من تانزانيا وسورية وفرنسا. ونحن نخمّن أن هذا الإنسان قد ارتدى ومنذ ظهوره أوراق الأشجار والنباتات وجلود الحيوانات، وهذه الأخيرة ظهَرَت طبعاتها في بعض أكواخه في جنوب فرنسا وأُرِّخَت حوالي 300 ألف سنة خلت. وعرف الهوموأركتوس النار مبكراً مكتشفاً فوائدها الهائلة سواء في التدفئة، في مناخ جليدي، أو في الإنارة للمغاور والملاجئ المظلمَة التي سكَنَها أو في طبخ اللحوم النيئة، كما أنه استخدم هذه النار في حماية نفسه والدفاع عن حياته في وجه الحيوانات المفترِسَة، وقد عثر على الدلائل الأولى لهذه النار في كينيا بإفريقيا وهي تؤرَّخ على حوالي مليون سنة.

النياندرتال:
إن المرحلة التي تفصل بين اختفاء الهوموأركتوس وبين ظهور نوع جديد آخر هو إنسان النياندرتال هي مرحلة غامضة ومعقدة جداً، لأننا لازلنا لا نعرف تماماً طبيعة العلاقة التطورية بين الهوموأركتوس والنياندرتال وبين هذه الأنواع ونوع الإنسان العاقل الذي ظهر في العصر اللاحِق.

ففي مطلع العصر الحجري القديم الأوسط (الباليوليت الأوسط) أي منذ حوالي 100.000 سنة ظهر نوع ثالث من البشر كان أكثر تطوراً سواء في شكله الفيزيولوجي أو في إنجازاته الحضارية من الهوموأركتوس، عُثِرَ عليه لأول مرة في وادي نياندر في ألمانيا، ومن هنا أتت تسمية النياندرتال الشائعة. إن توالي الاكتشافات في القارات الثلاث تؤكد وجود هذا النوع من البشر في عصور ما قبل التاريخ.

بالإضافة إلى تمتعه على نحو أفضل بما تمتع به سلَفُه من استخدام للمغاور ولكن بشكل أفضل، والنار وصناعة الملابس، ولكن من الجلود الدافئة التي تساعده على السكن في المناطق الباردة، وكان النياندرتال صياداً ماهراً قتل حيوانات قوية وخطيرة كالماموث ووحيد القرن واستفاد من لحمها وجلدها وعظمها. وبالإضافة للأسلحة التي ابتكرها فقد صنع أدوات مركّبَة ذات قضبان خشبية أو عظمية والنصلة الحجرية الحادة. كما أنه كان أول من مارس المعتقدات الروحية والشعائر الدينية التي كرّسَت وبشكل قاطِع، إنسانيته، فهو لم يترك موتاه تأكلهم الوحوش والطيور الجارحة بل اهتم بهم ودفنهم بعناية، وقد عثر على قبوره في المغاور والملاجئ أو المواقع المكشوفة التي سكنها هذا الإنسان في مناطق عديدة.

مصير النياندرتال:
تشير الدراسات إلى أن التطور والتحول الذي لحق بإنسان النياندرتال حدث في فلسطين بشكل تدريجي نحو الإنسان العاقل.

وتشير دراسات أخرى إلى أن النياندرتال والإنسان العاقل فرعان مستقلان تطورا عن الهوموأركتوس، والفرع الأول (أي النياندرتال) انقرض بينما الفرع الثاني وهو الإنسان العاقل شق طريقه التطوري.

ويمكننا قبول الحقيقة الراهنة وفق المعطيات الحديثة إلى أن النياندرتال الفلسطيني هو الذي تطور وحده فيزيولوجياً وحضارياً نحو الإنسان العاقل، جدّنا المباشر وصانع الحضارة الإنسانية بمفهومها الشامل، أما مصير النياندرتال الأوروبي فكان الانقراض. ولكن للأسف هناك من يرفض قبول هذه الحقيقة مثل بعض الباحثين الغربيين والألمان بخاصة، ويصعب عليه أن يكون أصله من المشرِق العربي مدفوعاً باعتبارات عنصرية لا تمت إلى جوهر البحث العلمي النزيه بصلة.


الآثاري الياباني تاكيرو أكازاوا

الإنسان العاقل:
تشير المعطَيَات المتوَفّرة لدينا حتى الآن على أن الإنسان العاقل كان النوع الرابع والأخير في عصور ما قبل التاريخ، فلقد ظهر هذا الإنسان منذ حوالي 40 ألف سنة، أي في العصر الحجري القديم الأعلى (الباليوليت الأعلى)، وقد أحدث ظهوره انعطافاً جوهرياً في مسيرة التطور البيولوجي والحضاري للبشرية.

عُثِرَ على هياكله العظمية الأولى منذ منتصف القرن التاسع عشر في موقع كرومانيون بفرنسا، وهناك من يطلِق عليه اسم إنسان كرومانيون نسبة لهذا الموقِع.

وهنالك مئات الاكتشافات للإنسان العاقِل التي دلّت دراستها على أن هذا النوع هو السلَف المباشَر لنا، لأنه امتلك تقريباً كل الصفات الفيزيولوجية والاجتماعية التي نملكها نحن. ولم يكن يختلِف عنا إلا بمقدار ما تختلِف العروق الحالية بعضها عن بعض. ومن أجل تمييز الأنواع القديمة منه، التي عاشَت في عصور ما قبل التاريخ، عن النوع الحالي فإنه يُطلَق على تلك الأنواع اسم الإنسان العاقل الحفري، بينما يُطلَق على إنساننا اسم الإنسان العاقل الحديث.

دفع ظهور هذا الإنسان الحضارة بشكل هائل إذ بلغ المستوى الاجتماعي والاقتصادي درجة عالية من التقدم والتنوع جسدته ابتكارات جديدة في مجالات عديدة كالأسلحة والأدوات الحجرية والعظمية والأواني الفخارية مروراً بالبناء والفن والمعتقدات وانتهاءً بالاستقرار والزراعة والتدجين. وقد انتشر الإنسان العاقل على كل أرجاء المعمورة وهو الذي كان أول من سكن القارتين الأميركية والأسترالية، إذ لم يُعْثَر على أية آثار من هاتين القارتين أقدم منه. وهكذا كان النوع الوحيد الذي سكن كل القارات متكيفاً بمهارة فائقة مع بيئاتها الجغرافية المتباينة.

نظريات ظهور الإنسان والتمايز العرقي:
نعتقد بأن التمايز العرقي بين الناس قد سبق ظهور الإنسان العاقل لأن التنوع العرقي الكبير الذي نشهده الآن لابد أنه كان بحاجة إلى زمن طويل جداً ومن الصعب أن يبلغ درجته الحالية خلال آلاف قليلة من السنين، علماً بأنه لا نستطيع الخوض بعيداً في هذا الموضوع لعدم توفر المعطيات الواقعية.

تقسيم عصور ما قبل التاريخ:
لتصنيف العصر الذي تنتمي إليه الأدوات الحجرية فقد تم تصنيف الآثار الموجودة لدى العالم كريستيان تومسون أمين متحف كوبنهاغن إلى آثار حجرية وأخرى برونزية وثالثة حديدية. أي حسب مادتها، واضعاً بذلك أسس نظام العصور الثلاثة المتتالية زمنياً، وهي العصر الحجري ثم العصر البرونزي وأخيراً العصر الحديدي.

أما فيما يخص العصور الحجرية التي تعنينا هنا فتقسيمها جرى على النحو التالي:

1- العصر الحجري القديم (الباليوليت):
- الباليوليت الأدنى بين 2.5 مليون سنة وحتى 100.000 سنة.
- الباليوليت الأوسط بين 100.000 سنة – 35.000 سنة.
- الباليوليت الأعلى بين 35.000 سنة – 12.000 سنة ق.م.

2- العصر الحجري الوسيط (الميزوليت): والتسمية من «Mesos» )وسط) و«Lithos» (حجر). بدأ من 12.000 سنة ق.م وانتهى في حوالي 8000 سنة ق.م.

3- العصر الحجري الحديث (النيوليت): من 8000 سنة ق.م – 4000 سنة ق.م وعصر الاستقرار والزراعة وتدجين الحيوانات.

4- العصر الحجري النحاسي (الكالكوليت): وهو يمثل المرحلة الانتقالية بين عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية القديمة ويسمى أحياناً عصر ما قبل الكتابة أو ما قبل العمران ويؤرخ بين 4000 – 3000 ق.م.

أين تتواجد مواقع إنسان ما قبل التاريخ؟:
لقد وفرت منطقة بلاد الشام كل مقومات عيش واستمرار إنسان ما قبل التاريخ، ونحن نجد آثار هذا الإنسان في كل مكان تقريباً، وبخاصة في أودية الأنهار وعلى شواطئ البحيرات والبحار. وهذه المناطق هي التي تعطينا أيضاً أفضل المعلومات عن التقلبات المناخية والبيئية التي عرفتها بلاد الشام في الزمن الرابع وكان لها أكبر الأثر على إنسان ذلك العصر. وقد ضمت التشكلات الجيولوجية الرباعية الكثير من آثار الإنسان الأول وبخاصة الأدوات الحجرية. وساعدت الدراسات المتنوعة على تحديد العلاقة بين تلك الأدوات والطبقات الجيولوجية التي تقوم فيها. وقد ثبت أن بلاد الشام عرفت في ذلك الزمن على الأقل أربعة عصور مناخية باردة مطيرة فصلتها عن بعضها عصور أخرى جافة كانت بدورها تقابل العصور الجليدية والعصور الماطرة التي حصلت في أوروبا. وقد كشفت دلائل هذه العصور الماطرة والجافة بشكل خاص في وديان الأنهار، حيث تظهر على شكل مصاطب نهرية متدرجة في ارتفاعاتها وفي بعدها عن مياه النهر، أفضلها أتت من أحواض أنهار العاصي والفرات ودجلة والليطاني ونهر الأردن.

مجتمعات الصيد والالتقاط في العصر الحجري القديم الأدنى (الباليوليت الأدنى) في بلاد الشام:
أ – مجتمعات الباليوليت الأدنى:
إن أقدم آثار الإنسان في بلاد الشام تعود إلى العصر الحجري القديم الأدنى (الباليوليت الأدنى)، الذي بدأ هنا منذ حوالي مليون سنة واستمر حتى حوالي 100.000 سنة خلت. وهذا العصر يرادف ما يسمى في أوروبا بالحضارة الآشولية، ذات الانتشار العالمي الواسع، والتي اشتهرت بتصنيع الفؤوس اليدوية بخاصة. فلقد سكنت منذ بداية هذا العصر بعض مناطق سورية ولبنان وفلسطين من قِبَلِ إنسان الهوموأركتوس الذي وصل إلى بلاد الشام قادماً من الجنوب، من القارة الإفريقية.

وتعتبَر الفؤوس اليدوية أهم المعايير التي جرى على أساسها تقسيم هذا العصر إلى مراحل زمنية أصغر. ونلاحظ عموماً أن الفؤوس البدائية (الأبفيلية) قد سادت في القسم الأول من الباليوليت الأدنى، وإننا نجد في مجتمعات الباليوليت الأدنى في قسمه الأول أنماط هذه الأدوات البدائية المصنعة بالمطرقة الحجرية الثقيلة والكمخة الكثيفة التي تحملها، وتوضعها الجيولوجي يؤهلنا بأن نؤرخها على ما يقارب المليون سنة وهذا أبكر تاريخ للإنسان في بلاد الشام معروف حتى الآن. وفي نفس الوقت الذي سكن فيه حوض نهر الكبير الشمالي كانت جماعات بشرية أخرى تجوب حوض العاصي ووُجِدَت آثارها في منطقة خطاب إلى الغرب من حماة وهي عبارة عن عدد قليل من الأدوات الحجرية الصغيرة كالشظايا والنوى والقواطع ولكن لا وجود للفؤوس اليدوية مثل التي وُجِدَت في موقع ست مرخو عند نهر الكبير الشمالي.

كما عُرِفَت الفؤوس البيضوية أو اللوزية السميكة في القسم الثاني من الباليوليت الأدنى، أما الفؤوس الصغيرة والرقيقة فقد استُخدِمَت في القسم الثالث والأخير من ذلك العصر.

ب- مجتمعات الباليوليت الأدنى الثاني:
يعد موقع اللطامنة في سورية - على بعد 40 كم شمال غرب حماة - أهم موقع أثري معروف حتى الآن من ذلك العصر. وقد تم اكتشافه منذ الستينات في هذا القرن، حيث عثر ضمن طبقة من الترسبات الناعمة والعائدة للسرير النهري الثالث (عصر اللطامنة) على بقايا معسكر بقي سليماً رغم مرور أكثر من نصف مليون سنة عليه. وكشفت التنقيبات عن وجود أرضية سكن أصيلة لم يلحق بها تخريب كبير، إذ بقي كل شيء كما تركه السكان الأوائل. فقد احتوى المعسكر على عدة آلاف من الأدوات الحجرية بينها فؤوس يدوية متطاولة وكبيرة دقيقة الصنع ندر أن وجد ما يشابهها من هذا العصر في العالم، رافقت تلك الفؤوس معاول وقواطع ومقاحف وسواطير وأدوات متنوعة بعضها ثقيل وأخرى خفيفة. ولقد وجدت في اللطامنة دلائل باكرة للبناء والنار، هي الأولى من نوعها في هذا المجال.

إن مجمل مكتشفات موقع اللطامنة تدل على أنه سكن من قبل جماعة صغيرة من الناس، تراوح عددها بين 10-15 شخصاً، أقامت في الموقع لمدة قصيرة اقتصرت على موسم أو موسمين، اصطادت الحيوانات الكبيرة والمتوسطة كالفيل ووحيد القرن وفرس الماء والجمل والحصان والثور والغزال والوعل وغيرها. كما التقطت الثمار البرية كاللوز والزعرور، التي نمت في حوض العاصي الغني الذي كان أشبه بغابة، في حين انتشرت الأحراج على المرتفعات المحيطة به.

جـ - مجتمعات الباليوليت الأدنى الثالث:
يُعْتبَر موقع القرماشي في حوض نهر العاصي الأوسط في سورية أهم موقع عن ذاك العصر. لقد اكتُشِفَ هذا الموقع في السبعينات أثناء المسح الأثري – الجيومورفولوجي الذي قامت به بعثة فرنسية بإدارة بول سانلافيل، وتم تنقيبه من قِبَل بعثة سورية – فرنسية مشتركة بإدارة سلطان محيسن وفرنسيس أور، وكشف فيه عن معسكر نادر من نوعه وغير مخرب سُكِنَ من قبل جماعة بشرية صغيرة، تنتمي إلى نوع متطور من الهوموأركتوس أقامت في المكان لزمن قصير جداً، ربما لم يتجاوز عدة أسابيع، تاركة بقاياها التي غطتها طبقة من التربة الحمراء فحفظتها سليمة رغم مرور حوالي 200.000 سنة على هجر الموقع. وكالعادة، حتى الآن، فإن الأدوات الحجرية الصوانية، هي أهم آثار هذا العصر.

المجتمعات الانتقالية بين الهوموأركتوس والنياندرتال:
بين أواخر عصر الباليوليت الأدنى، أي في نهاية مجتمعات الهوموأركتوس، وبين بداية عصر الباليوليت الأوسط أي في بداية ظهور المجتمعات النياندرتالية، حصل عصر انتقالي يؤرَّخ بين حوالي 150-80 ألف سنة خلت.

لقد كان العصر الانتقالي في بلاد الشام غاية في الخصوصية والتعقيد والتشابك. حيث ظهرت حضارات عديدة أخذت تسميات مختلفة من أسماء المواقع الرئيسية. وتُعْتبَر الحضارة اليبرودية نسبة إلى موقع يبرود من أكثر الحضارات المشرقية تميزاً. لقد اكتُشِفَ النمط الحضاري اليبرودي لأول مرة في الثلاثينات من هذا القرن أثر أعمال الباحث الألماني ألفريد روست في ملاجئ وادي سكفا في يبرود.

سُكِنَ هذا الملجأ من قِبَل جماعات بشرية مختلفة تتابعت على المكان على امتداد العصر الانتقالي والعصر الذي تلاه، أي الباليوليت الأوسط. لقد تركت هذه الجماعات آثاراً مختلفة، وهي أدوات حجرية وعظمية ومواقد وبقايا عضوية مستحاثية بينها بعض الآثار النادرة والفريدة، كآثار الصباغ الأحمر. وتُعتبَر الطبقات اليبرودية من أكثر الطبقات تميزاً بأدواتها الحجرية والتي أكثرها أصالة «المقحف اليبرودي» الذي يتميز بالحواف المتلاقية، والمشذب بشكل متدرج. لقد أظهرت الأبحاث المستمرة أن اليبروديين عاشوا بين 150-100 ألف سنة خلت وانتشروا على منطقة واسعة في فلسطين جنوباً مروراً بلبنان وحتى البادية السورية شمالاً.

واصطادوا الحيوانات كالحصان البري ووحيد القرن والدب والوعل والغزال والتي كانت تعيش بجوار ما يعتقد أنه ربما بحيرة قديمة، حفظت ضمن ترسباتها آثاراً هامة ونادرة، حيث وجدت بين طبقات الطمي الناعم، البيوض المتحجرة وطبعات أقدام حيوانات وطيور وزواحف إضافة إلى طبعة قدم إنسان من نوع ما قبل النياندرتال، أو الهوموأركتوس المتطور، وتعتبَر هذه الطبقة هي الأولى والأقدم من نوعها في منطقتنا العربية.

المجتمعات النياندرتالية في العصر الحجري القديم الأوسط (الباليوليت الأوسط):
في مطلع العصر المطير الرابع والأخير، دخلت مجتمعات ما قبل التاريخ مرحلة جديدة تؤرخ بين حوالي 100.000-35.000 سنة خلت، ويطلَق عليها اسم العصر الحجري القديم الأوسط أو الباليوليت الأوسط. في هذه المرحلة ظهر نوع جديد من البشر هو إنسان النياندرتال حاملاً معه حضارة جديدة هي الحضارة الموستيرية أو اللفلوازية – الموستيرية كما أطلق عليها البعض في بلاد الشام. لقد اختفى آنئذ الموزاييك الحضاري الذي ساد في العصر السابق، وتوارى الهوموأركتوس تاركاً المسرح لخَلَفِه النياندرتال.

لقد وُجِدَت مواقع النياندرتال، في كل مكان تقريباً في بلاد الشام، وهي إما مواقع مكشوفة أو ملاجئ ومغاور صخرية، سكنت ليس فقط في عصر الباليوليت الأوسط وإنما في العصر الذي سبقه والعصر الذي لحقه. ولكن عصر الباليوليت الأوسط في بلاد الشام هام جداً لأنه شهد عملية تطور النياندرتال وظهور الإنسان العاقل. والعديد من المواقع المشرقية، مثل الطابون في فلسطين وعدلون في لبنان ويبرود في سورية، أظهر تطوراً غير منقطع، استمر منذ الباليوليت الأدنى مروراً بالعصر الانتقالي بين الباليوليت الأدنى والباليوليت الأوسط وصولاً إلى عصر الباليوليت الأعلى.

لقد توصل النياندرتاليون المشرقيون إلى درجة عالية من التجانس، وقامت بينهم علاقات مباشرة وتبادلوا حاجاتهم، وخبراتهم، مما حقق لهم فائدة أكبر من بيئتهم الغنية التي سخروها بشكل جيد لمصالحهم المادية والروحية المتزايدة. إن المواقع التي وُجِدَت فيها آثار المجتمعات النياندرتالية في بلاد الشام، أكثر من أن تحصى، ولكن لابد من ذكر أشهرها وبينها كهف الدوارة وجرف العجلة قرب تدمر وأم التلال وأم قبيبة وبئر الهمل في منطقة الكوم، إضافة إلى مغاور جبال سمعان في منطقة وادي عفرين، ومواقع سطحية كثيرة أتت كلها من وديان الأنهار السورية.

لقد استمر النياندرتاليون بالاعتماد على الصيد والالتقاط فاصطادوا الحيوانات وجمعوا النباتات والثمار مثل أسلافهم. ولكنهم مارسوا هذه الأنشطة بكثافة وتنظيم أفضل بعد أن ازدادت خبرتهم بخيرات بيئتهم عبر الفصول، واكتشفوا مناطق جديدة، بعضها جبلي مناخه بارِد فتكيفوا معه بمهارتهم في تصنيع الجلود.

ليس لدينا من أي منطقة من العالم أدلة كافية على أن النياندرتال قد عرف الفنون إلا بعض الحزوز الزخرفية على الأدوات العظمية التي يعتبرها البعض البواكير الأولى للفن الذي سيظهر في العصر اللاحِق وعلى يد الإنسان العاقل.

ديانة النياندرتال:
مع ظهور النياندرتال، إنسان العصر الحجري القديم الأوسط، نستطيع التحدث عن حياة روحية لإنسان ما قبل التاريخ. لأن النياندرتال كان أول نوع يثبت لدينا أنه مارس شعائر ومعتقدات محددة، تدل على درجة عالية من التقدم الفكري لم يصلها أسلافه من قبل، بل إن الحياة الروحية لهذا الإنسان تبدو وكأنها أعلى مستوى من حياته الاقتصادية، فهو أول من دفن موتاه.

وهكذا كان يجري تزويد الموتى بالأدوات والأطعِمَة والألبِسَة التي ظن أنهم سوف يحتاجونها في العالم الآخر.

ومن جهة أخرى كُتِبَ الكثير عن عبادة النياندرتال للدب إثر بعض المكتشفات في منطقة الدردون في جنوب غرب فرنسا، وسويسرا، وألمانيا. إلا أنه لم تكن توجد ثمة دلائل حول هذه العقيدة في بلاد الشام.

إنسان بلاد الشام في العصر الحجري القديم الأوسط:
إن نتائج الأبحاث الحديثة تشير إلى وجود محتمل للإنسان العاقل في بلاد الشام منذ حوالي 100.000 سنة خلت، كما دلت على ذلك هياكله في جبل قفزة نفسه. وإذا علمنا أن هياكل جديدة، نياندرتالية، من مغارة الكبارا بفلسطين أُرِّخَتْ حوالي 60.000 سنة، لأدركنا أنه يمكن طرح نظرية جديدة تقول بأن الإنسان العاقل وجد في بلادنا قبل النياندرتال بزمن طويل، ولم يكن متطوراً عنه. وأن هذا النياندرتال ربما أتى من أوروبا أو غيرها. ولكن لابد من المزيد من المعلومات حتى نصبح أقرب إلى الحقيقة.

حضارة الإنسان العاقل في العصر الحجري القديم الأعلى (الباليوليت الأعلى):
في النصف الثاني من العصر المطير الأخير، المرادف لعصر فيرم الجليدي في اوروبا، أي منذ حوالي 35 ألف سنة خلت. دخلت البشرية في عصر جديد استمر حتى حوالي 12 ألف سنة ق.م، أُطْلِقَ عليه اسم العصر الحجري القديم الأعلى (الباليوليت الأعلى). وقد تحدثنا كيف أنه في مطلع هذا العصر اختفى النياندرتال دون أن نعلم السبب الحقيقي لذلك، وظهر نوع جديد من البشر، تطور على ما يبدو من النياندرتال الفلسطيني. هذا النوع هو الهوموسابينس أي الإنسان العاقل، جدّنا المباشر والأقرب لنا من كل الأنواع البشرية التي عاشت في عصور ما قبل التاريخ. إن الأمر الذي يبعث على الاستغراب هو أن حضارة ذلك الإنسان العاقل لم تزدهر في منطقة ظهوره الأولى أي في بلاد الشام وإنما هاجر شمالاً إلى أوروبا، مدفوعاً بأسباب لا نعلم حقيقتها قد تكون مناخية، بيئية أو اجتماعية أو غيرها، وأقام هناك حضارة غنية ورفيعة المستوى. وهكذا فقد تبدلت في هذا العصر الأدوار، وبعد أن كانت آسيا وإفريقيا تشكلان مركز النشاط الإنساني الرئيسي انتقل هذا الدور إلى أوروبا التي حصلت فيها الإنجازات الكبيرة للإنسان الجديد في كل الميادين. وبالمقابل فقد أصبح دور آسيا، وبلاد الشام ضمناً، وإفريقيا ثانوياً، إلى حد ما.

وقد حصل في الباليوليت الأعلى تخصص في صيد حيوانات معينة فاصطيدت الرنة في أوروبا، والبقر الوحشي في إفريقيا، والماعز الجبلي في بلاد الشام. بينما تراجع الإقبال على حيوانات أخرى كانت مرغوبة في السابق كالدب والماموث والحصان. وأصبحت الثروات المائية السمكية، والطيور تلعب دوراً هاماً في غذاء الناس. وحدث تطور نوعي وكمي في مجال البناء فأقيمت المساكن الكبيرة ذات الأشكال البيضوية والدائرية التي رصفت أرضها بالحجارة وقسمت من داخلها إلى مناطق للسكن والنوم وإلقاء الفضلات وتصنيع الأدوات.

وزوِّدَت البيوت بالمواقد الضرورية المبنية بشكل منظم، وبلغت تلك البيوت مساحات كبيرة أحياناً، اتسعت لعدة أسَر. مما جعلنا نتحدث عن مجتمعات تخطت مرحلة الجماعة الصغيرة الأولى وأصبحت على مستوى القبيلة المؤلفة من عدة جماعات أو أسَر. لكن هذا لم يمنعه من سكن المغاور والملاجئ الطبيعية التي نظمها كيفما أراد.

وتعتبَر الفنون بكل أنواعها، كالرسم والنحت والحفر، من أكبر إنجازات هذا العصر وهي تشكل دليلاً ساطعاً على المستوى الرفيع الذي وصلته مجتمعات الباليوليت الأعلى. علاوة على أنه مارس السحر الذي تدل عليه إشارات غامضة تركها على جدران مغاوره. وعرف تقديم الأضاحي كما يستنتج من الحيوانات المرجومة بالأحجار دون أن تؤكل، التي وجدت في بعض المواقع. وتدل المزامير العظمية على أنه عرف الفن والموسيقى والرقص.

عاصرت فنون كالنحت والرسم والحفر حضارات مختلفة تعاقبت في أوروبا على امتداد الباليوليت الأعلى ليبلغ أوج ازدهاره في عصر الحضارة المجدلانية التي تمثل المرحلة الأخيرة في الباليوليت الأعلى، والمؤرخة حوالي 10.000 سنة ق.م. بعدها تراجع بشكل مذهل فن الإنسان العاقل الأوروبي، وتراجع الدور الحضاري لأوروبا أيضاً لتعود الشعلة من جديد إلى المشرق وبلاد الشام تحديداً كما سنرى.

الإنسان العاقل في بلاد الشام:
رغم أن الاكتشافات المتميزة لحضارة الإنسان العاقل أتت من أوروبا، فإن دور بلاد الشام لم يكن هامشياً إلى الدرجة التي ظنها البعض، فلم تُهْجَر تلك البلاد ولم يغِب عنها الإنسان كلياً، وإنما دفعته ظروف معينة مناخية وغيرها، إلى اختيار أماكن محددة والاكتفاء بما هو ضروري من أجل استمرار عيشه.

لقد وجدت الآثار العائدة لعصر الباليوليت الأعلى والمنسوبة إلى الإنسان العاقل في مواقع مختلفة مثل مغارة الواد ومغارة الأميرة في فلسطين ويبرود، الملجأ الث


نبيل سلامة

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

حسن المحيميد:

الى العالم الكبير الذي نادر ما يوجد من مثله في عالمنا اليوم تستحق كل الاكرام ليس فقط من الامبراطور الياباني بل من كل العالم لان اسهاماتك كثيرة ولكن !!!!

syria

الدكتور احسان الرباعي:

عرفتك منذ زمن وانا طالب دراسات عليا فكنت دوما العالم والباحث والعربي الغوير على تنشئة جيل موؤمن بتراثه وتاريخة
لك مني التحية وفضلك بدعمي برسالتي للماجستير بعنوان جداريات الجامع الاموي بدمشق دراسة تحليلية
قلادة محبة وعرفان
وسلمت
دكتور احسان الرباعي
نائب رئيس الجامعة العربية الدوليةسابقا

الاردن

الاردن

أيمن نزيه جزان:

شكراً على هذا المقال الرائع عن الدكتور سلطان محيسن الذي يستحق كل تقدير على جهوده المبذولة لكشف تاريخ سوريا لعصور ما قبل التاريخ ، الدكتور سلطان كان أستاذي في قسم التاريخ بجامعة دمشق ما بين 1993 - 1994 م وانا من المتابعين لأخبار هذا الرجل العظيم

سوريا / السويداء

سوريا / السويداء

هبة ومياسة وليلى :

نتقدم باسم طلاب الماجستير في جامعة دمشق قسم ما قبل التاريخ والشرق القديم بالشكر الجزيل لصاحب هذا المقال نظراً للرؤية الثاقبة والشمولية تجاه هذه الشخصية الفذة الدكتور سلطان صاحب الأمانة الوطنية الكبرى

سورية

سورية

هشام محيسن:

الدكتور سلطان قدوة ومثلا
وفخر في سوريا وخارجها

k.s.a

k.s.a

هناء:

أتقدم بأسمي و اسم كل طلاب و طالبات كلية الأثار و الأنثروبولوجيا البكالوريس و ماجستير في جامعة اليرموك في أربد بأسمى تهاني التبريك للدكتور سلطان محيسن بمناسبة تكريمه و جهده العلمي الواضح و الملموس في دراسة و تأليف الكتب و المقالات حول الأثار في بلاد الشام و خاصة سورية خلال العصور ما قبل التاريخ و أتمنى له التقدم و النجاح و الصحة و العافية.

الأردن

الأردن

ظبية أبو الجدايل:

إلنا الشرف دكتور سلطان بالبدء بأول سنة بكتاب عصور ما قبل التاريخ.... و إلنا الشرف أكتر بالتعرف على كاتب هذا الكتاب.

شكرا لأنك عم تعطينا أمل بإنو نصير بيوم ما متل حضرتك .... :)



ظبية

طالبة آثار سنة أولى :)
جامعة دمشق

Syria

روز العبسي :

لي الشرف طبعاً أن أكون طالبة في كلية الأثار ولي الشرف في أن أدرس من كتاب الدكتور العظيم سلطان محيسن وكم أنا سعيدة في دراستي وأتمنى أن أصبح في يوم من الأيام شبيهة به وأن أفيد العالم في بحوثي أنت قدوة للكثير من الطلاب العرب وخاصة في سوريا
تحية طيبة

روز
طالبة آثار سنة أولى
في جامعة إدلب

سوريا

:

ميثم انا كتير فخور اني عرفت بيوم من الايام انسان كبير متل الدكتور سلطان محيسن

جبلة

احمد الطيبي:

كل الشكر وتقدير الى الدكتور سلطان محسين على جهوده في اظهار الدور السوري الحضاري القديم وحديث لعالم وباسم طلاب الحسكة قسم الاثار سنة الاولى ندعو الدكتور سلطان الى زيارتنا مع خالص التقدير واحترام

سورياالقامشلي

حنين:

كل الشكر والاحترام والتقدير للدكتور العظيم سلطان محيسن وباسمي وباسم طلاب الاثار كلها بسوريا بنفتخر بانسان متل الدكتور سلطان محيسن وبنتمنى مع كل الاحترام والتقدير بزيارتنا في كلية الاداب الثانية في السويداء ولكم جزيل الشكر(طالبة اثار سنة اولى

سوريا/السويداء

اكرم حمزة:

سوريا ،بلاد الشام .. وحدة حضارية منذ ماوقبل التاريخ.. كما بينها جاك كوفان في كتابه الوحدة الحضارية لبلاد الشام .. شكرا .. للدكتور سلطان محيسن .. مع كل التقدير للقامات السورية الفكرية

هولندا