التشكيلي منصور الحناوي في حوار مع «اكتشف سورية»

29 08

عندما ترك قريته الصغيرة وأتى إلى مدينة السويداء سحرته لوحات الإعلان واليافطات المعلقة في المدينة بخطوطها وحفظ منها توقيعين مميزين. عِشقُهُ للخطوط والهندسة دفعه ليختص في حرفة النجارة عند دخوله الثانوية الصناعية، ثم في قسم الإعلان في كلية الفنون الجميلة.

الفنان التشكيلي منصور الحناوي يستعرض تجربته التشكيلية في حديثٍ لـ «اكتشف سورية»:

يبدأ الحناوي حديثه من الطفولة قائلاً: «البداية كانت مع الخط قبل الرسم، وكنت قد انتقلت للعيش في مدينة السويداء كي أدرس في المرحلة الإعدادية، حيث تأثرت في تلك المرحلة بتوقيعين كنت أراهما على لوحات الإعلان في المدينة، ورغم تأثري بالخط العربي إلا أني لم أركز اهتمامي الكامل عليه لأن الرسم ظل هاجسي الأوحد».

دخل الحناوي الثانوية الصناعية وفيها اختص بحرفة النجارة لأنها الأقرب لما يعشق من خطوط وتكوينات، ولم يحالفه الحظ بالدخول إلى كلية الفنون الجميلة عام 1981 لذا درس في معهد التصميم الداخلي مدة سنتين، ليعمل بعد ذلك موظفاً في مؤسسة الإنشاءات العسكرية في دمشق، وهناك تعرف إلى مجموعة من الفنانين دفعوه لمتابعة حلمه يذكر منهم: رجاء حتمل ومحمد عسالي ورشيد أبوحشيش. بعدها، تابع منصور الحناوي دراسته للحصول على الشهادة الثانوية (البكالوريا) أثناء مواصلته لدورات الرسم في مركز أدهم اسماعيل، ليتقدم – من ثم - لامتحان القبول في كلية الفنون الجميلة ويحصل على الرقم 10 من بين الطلاب المتقدمين.

في الكلية وجد الحناوي نفسه أقرب إلى قسم الإعلان ويذكر من أساتذته فيه: عبد القادر أرناؤوط وإحسان عنتابي ومحمود جليلاتي وبثينة أبو الفضل، ليتخرج عام 1989 واحداً من الخمسة الأوائل في قسمه، كما نال الحناوي في نفس العام جائزة الذكرى الأولى للانتفاضة.

يرى الحناوي أن اللوحة يجب أن تنطلق من الطبيعة والبيئة: «لأنهما أكبر مرجع للفنان من كل المدارس، عندما درست التجريد في ألمانيا فقد قرأته بشكل يختلف عما فعلته هنا، ربما لأني رأيت فيه امتداداً للحضارة التي لمستها هناك، وأنا لا أتحسس ذاتي في الحداثة إنما أرى التجريد امتداداً طبيعياً لتجربتي وعملي، فالفن بالنسبة لي ليس موضة، ولو قبلنا الموضة لكان علينا أن نرفض لوغان وفان كوخ وغيرهم، وأنا لا أرفض التجريد بالمطلق لكن علي أن أحس به وأن يكون امتداداً للطبيعة الفنية لكل فنان وليس قراراً معلباً».


الفنان منصور الحناوي أمام بعض من أعماله

شغلت دمشق ولا زالت جزءاً مهماً من تجربة الحناوي التشكيلية، لكن رؤيته لهذه المدينة مختلفة فيقول: «في الوسط التشكيلي يوجد ردة فعل، فأي شخص يريد أن يبيع يستطيع رسم دمشق القديمة وبيع لوحاته على هذا الأساس، لكن ما أراه هو وجوب رسم دمشق كحالة وليس إنجاز تصويرات فوتوغرافية للمدينة، فأنا منذ فترة أحاول التقاط حالات معينة لدمشق كالليل والثلج والمطر وكل هذه الحالات يمكن أن تكون تفاصيل غير تقليدية للعمل على موضوع دمشق، هذه المدينة التي لا بد لها أن تشغل الذهن بكل ما فيها».
خصوصية المكان التي يتحدث عنها الحناوي يفسرها بقوله: «خصوصية المكان تخضع لتكويناته وهناك اختلاف بين الأماكن التي عملت عليها خلال تجربتي، فدمشق بحاراتها لها شقان يمين ويسار وعمق، فهي شبه مكعب مفتوح وتتشابه في الظل والنور، بينما السويداء توفر انفتاحاً للعين وهناك حرية لتكبير العمل واللوحة، وعلى سبيل المثال: لا نستطيع تصوير الثلج في دمشق عبر أعمالنا لأنه بالأساس لا يعلق على الأسطح الشاقولية».

السويداء التي عاش فيها الحناوي فترةً طويلة من طفولته - بالذات في الريف منها - جسدها في كثيرٍ من أعماله، وشدته تكويناتها لأنها خدمت مبتغاه الفني، فعمل على قراءة المكان من وحي اللحظة التي تتبلور جماليتها أمامه، معتمداً على قياسات ودراسات اللون والتكوين.

يرى الحناوي حداثة ما يطرح في ألوانه الغنية فيقول: «أنا أطرح موضوعاتي من خلال الألوان وهذا يفرضه الواقع الذي أسعى لتجسيده في اللوحة، فالبيئة واقعية، لكن الحداثة تكمن في استخدام اللون وتجاوراته، في البدايات كنت أستخدم السكين لاعتماد الشفافيات والفوارق اللونية والظل والنور، أما اليوم فالاعتماد الأكبر على الريشة التي أصبحت تقنياتها تحرك الجديد داخلي دائماً».

الحناوي، الذي عمل مدرساً في كلية الفنون الجميلة، يقرأ في تجربته اليوم ويرى فيها ارتياحاً لما ينجزه من واقعية، ويرى واقعيته هذه تتطور ضمن إشارات لا يستطيع أن يستشفها دائماً، وهو اليوم ومنذ شهرين لا يزال غارقاً في مشروع رسم الخيول التي وقع في غوايتها لأنها «قريبة من التاريخ وتعبر عن جزء مهم من التراث».

منصور الحناوي في سطور:
- مواليد السويداء، 1963.
- إجازة في الفنون الجميلة، قسم الإعلان، 1989.
- عضو اتحاد الفنانين التشكيليين.
- محاضر في كلية الفنون الجميلة بدمشق (1997 حتى 2003).
- جائزة الذكرى السنوية للانتفاضة 1989.


عمر الأسعد - السويداء

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من أعمال الفنان منصور الحناوي

من أعمال الفنان منصور الحناوي

من أعمال الفنان منصور الحناوي

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

هيام مصطفى قبلان:

أحييك الفنان التشكيلي المبدع منصور الحناوي لهذا الحوار الشيق ، وأعجبني جدا علاقتك بالطبيعة والعودة اليها لأنها تعتبر الجذر الذي منه تتفرع أنواع الفنون وخاصة الرسم والنحت ، الطبيعة اللون ، والجمال ، والمساحات ، الظل ، الضوء ، والحسّ ، ان هذه العلاقة أعتبرها أنا بالذات عملية تناسل للفنان كي يخصب أكثر ، علاقة ليست مرتبطة بالمكان فحسب بل
وانفتاحه وتوسّع نظرته الى ما وراء المكان وذلك بعد دراسة وقراءة المكان وجمالياته .. !
أما السويداء فهي في القلب ودائما ، تحية للمحاور عمر الأسعد الذي يتحفنا بالجميل دائما

مودتي / هيام: شاعرة وناقدة من فلسطين

فلسطين