إبداعات سورية قبل الميلاد محاضرة إحسان الهندي

بوزيرونيوس السوري أول من رسم مخططاً للعالم

18/نيسان/2008


البداية كانت منذ سنتين عندما حط رحاله في كندا وأمريكا 2006 -2007 حيث لم يكن هناك مجال للتسلية أفضل من ارتياد المكتبة العمومية وعندها ذهل من عدد المؤلفات ورسائل الدكتوراة التي تناولت الشعراء السوريين قبل الميلاد، ذلك ما أشار إليه الدكتور إحسان الهندي في بداية محاضرته التي حملت عنوان «إبداعات سورية قبل الميلاد» والتي ألقاها مؤخراً في المركز الثقافي العربي «أبو رمانة».
استغرب الهندي وجود مئات من الدراسات بالفرنسية والإنكليزية والإيطالية والعديد من اللغات وهي تتحدث عن هؤلاء الشعراء المبدعين في مجال العلوم والفَلك بينما لا توجد دراسات أكاديمية عنهم باللغة العربية إلا ما ذكره المصري محمد محمد السلمون في رسالة ماجستير والدكتور حمدي إبراهيم عميد كلية الآداب في جامعة القاهرة في رسالة الدكتوراة التي نشرها ضمن كتاب وكانت تتناول الأدب السكندري حيث تحدث هذان الاثنان عن الشاعر السوري ميليا غروس الذي عاش في العصر الهيلنيستي في سورية، ويشير الهندي في محاضرته إلى أن المؤرخين قد أهملوا دراسة هذا العصر على نحو موسع.

ما هي الحضارة الهيلنيستية؟
قبل الدخول في تفاصيل المحاضرة شرح الهندي ما هو المقصود من الحضارة الهيلنيستية قائلاً «إنها الحضارة اليونانية عندما انتقلت إلى الشرق حيث أصبحت نوعاً من التمازج بين الثقافة اليونانية التي حملها الإسكندر المقدوني والحضاراتِ الشرقية القديمة في مصر وسورية والعراق ورأى أن هذا التمازج نتجت عنه ثقافة خلاقة وليس مجرد ثقافة هجينة وإنما ثقافة أخذت نوعاً من الميزات الخاصة حيث يَذكر الهندي هنا أن الشاعر السوري ميليا غروس كانت لديه نزعة موسوعية نحو العالم ككل فقد كان لا يعتبر نفسه مواطناً سورياً أو يونانياً فقط وإنما مواطناً إنسانياً فكان ينادي بإنسانية العالم وتوحده ككل.

أما تاريخ هذه الحضارة فحدّدها الهندي بثلاثمائة واثنين وثلاثين قبل الميلاد وهي بداية الحضارة الهيلنيستية وذلك عندما دخل الإسكندر المقدوني سورية ثم مصر فالعراق ورأى أن الحضارة الهيلنيستية إنما كانت نتيجة لحالة مثاقفة، وفضل هنا الهندي استعمال هذه الكلمة «مثاقفة» أكثر من تثاقف لأن الأولى معناها أن يأخذ شعب من ثقافة شعب آخر لاإرادياً نتيجة التمازج الحضاري والأسماءُ التي سيتناولها الهندي لاحقاً ما هي إلا أسماءٌ كانت سوريةً وأبدعت في ظل الحضارة اليونانية، وهنا يشير الهندي إلى حالة مشابهة في التاريخ الإسلامي فأسماءٌ مثل ابن سينا والخوارزمي كانوا عرباً بمقدار ما كانوا أتراكاً أو فرساً إلا أن المثاقفة التي حلت في الدولة العربية الإسلامية كانت بعكس ظاهرة المثاقفة التي ظهرت في العهد الهيلنيستي الذي كنا فيه نصدّر المبدعين نحو العواصم بينما في العهد الاسلامي كنا نستورد المبدعين من غير العرب لإغناء الحضارة الإسلامية.

الإبداعات السورية قبل الميلاد
هنا تحدث الهندي عن الإبداعات في مجال العلوم الموسوعية والفلسفية وفي مجال الأدب والشعر، ففي المجال الأول اختار المحاضر ثلاثة أسماء :

بوزيرونيوس في العلوم الموسوعية وأشار إلى أنه من مواليد أفاميا وقد أنشأ مخططاً للعالم يعتقد الهندي أنه أكثر صحة من مخطط الإدريسي بخمس عشرة مرة الذي رسم العالم مقلوباً، وبيّن كذلك أن لهذا المبدع قصيدة شعرية واحدة باسم «الدعوة إلى النسيان» وقرأ بعض أبياتها وفيها طرح مشكلة الحب والموت ثم تحدث عن مؤلفاته في الفلسفة والجغرافيا والتكتيك العسكري وأوضح أنه كان صاحب النظرية الرواقية في المنطق وفي الفيزياء كان يؤمن بالنظرية السمباتية «النظرية العاطفية» فكان يرى أن جميع الكواكب والأجرام تتجاذب المحبة ولذلك توجد في حالة توازن.

أما آراتوس وهو الاسم الثاني الذي اختاره الهندي المبدع في مجال الفلسفة والفلك وذكر الهندي أن اسمه أُطلق على إحدى فوهات القمر نظراً لشهرته، ومن كُتبه كتاب «الظواهر» وهو يضم أكثر من ألف وخمسمائة شطر شعري موزون ولكن في مجال الظواهر الفلكية ويشير الهندي إلى أن أحد كاتبي الإنجيل القديس بولص قد أخذ من مقدمة كتابه وضمّنها في الإنجيل. كما تحدث الهندي في هذه الفقرة عن زينون الصوري مُنشىء الفلسفة الأبيقورية وفي مجال الأدب والشعر تحدث عن ميليا غروس الغوري الذي اشتهر في كتابة الشعر الدرامي وأشار الهندي إلى دواوينه الثلاثة التي كتب الأول منها في مدينته «أم قيس» وحين انتقل إلى صور كتب الثاني وكان عبارة عن مساجلات شعرية بينه وبين آلهة الحب «أيروس» بينما كتب الثالث في إحدى الجزر اليونانية ومات فيها.

الشعراء الآخرون الذين تحدث عنهم الهندي هم آنيتباتر الصيدوني في مجال الشعر الاجتماعي وبيون الأزمرلي في مجال الشعر الدرامي وألقى الضوء على قصيدته التي تتحدث عن إفروديت وهي تودع حبيبها على بساط الموت ورأى الهندي أن الشاعر بابريوس الكيليكي المعروف في مجال الشعر الفلسفي كان أول من كتب قصائد على ألسنة الحيوانات والنباتات ويؤكد أن ثلاثة أرباع شعر الشاعر الفرنسي لافونتين من هذه القصائد.

ختم الهندي محاضرته بالإشارة إلى الشاعرة «بيليتس» التي لم يُنشر عنها شيء باللغة العربية وهي سورية من ناحية الأم.




البعث


مواضيع ذات صلة
- الدكتور إحسان الهندي يستعرض إبداعات سورية ما قبل الميلاد
نحن أقدم حضارة أنتجت ظاهرة المثاقفة

- «الزجل» نمط من الشعر يحمل ملامح بيئته
الإنسان والقيم الإنسانية أساسيات الزجل

- الطبيعة السورية وأوابدها في معرض لرفيق الشيباني
- معرض «بيئة وفن» في ثقافي أبو رمانة
- «الطقطوقة» لحنها زكريا أحمد وغناها عبد الوهاب
قالب غنائي ظهر في نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي

- فيصل إبراهيم في المركز الثقافي العربي أبو رمانة
- معرض تكريميّ للفنانَين الراحلين قتيبة الشهابي وعبد الكريم الأنصاري
التقنيات الرقمية لم تلغِ آلات التصوير التقليدية

- معرض الفنانة التشكيلية ليلى محمد طه في ثقافي أبو رمانة
- صميم الشريف: الموسيقى العربية اليوم في انتظار جيل مبدعيها
القصبجي والسنباطي وعبد الوهاب شكلوا قمة الغناء العربي

- فيروز والرحابنة ودمشق: علاقة وفاء وحكاية حب
محاضرة لناصر منذر في المركز الثقافي في أبورمانة

- معرض الفنانَين شقير ودرويش في المركز الثقافي بأبورمانة
وجوه ومعان ووردة دمشقية


تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
إلفة الإدلبي
إلفة الإدلبي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر