نسخة تجريبية

مواضيع ذات صلة:


    من سورية

    القنوات

    كأس التفاؤل بالمسرح السوري مملوءة إلى ثلثها
    تعميم ثقافة مسرحية شاملة تبدأ من المدارس وتنتهي في الساحات

    06/نيسان/2008

    عام 1948، أي بعد ثلاث سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية، تنادي ثماني دول بتشكيل مؤسسة مسرحية ذات صبغة دولية، تكون مهمتها أساساً العمل على التقارب بين الشعوب، بالأدوات والإمكانيات السلمية، تحديداً عن طريق الفنون الشعبية، وجاء عام 1951، وكانت المؤسسة المسرحية قد تأسست بالفعل، وكانت تتبع لمنظمة اليونسكو، وفي مؤتمرها الأول في تلك السنة، وصل أعضاؤها إلى إحدى وخمسين دولة، وفي عام 1968 في مؤتمرها في برلين طُرح لأول مرة العالم الثالث ليكون مركز ثقل لهذه الهيئة الدولية المسرحية، وذلك بتقديم الخدمات المسرحية لدوله والنهوض بمسارحه.‏
    كانت عضواً!
    بهذا السرد التاريخي بدأ المسرحي نبيل الحفار، حكاية يوم المسرح العالمي، الذي يحتفل به العالم في السابع والعشرين من آذار من كل سنة، هذا اليوم الذي ألقى كلمته ثلاثة عرب، وأولهم كان المسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس.‏
    أما كيف يمكننا الاستفادة من هذه الهيئة الدولية فيذكر الحفار ذلك في ندوة حول واقع المسرح في سورية، عقدتها مؤخراً مديرية المسارح والموسيقا في المركز الثقافي كفرسوسة، شارك فيها الحفارَ كلٌ من عجاج سليم، ومحمد قارصلي، وأدارها مدير تحرير «الحياة المسرحية» جوان جان.
    يذكر الحفار، أن سورية كانت عضواً في هذه الهيئة الدولية، وكان أن تم إصدار مرسوم بتعيين الفنان أسعد فضة مندوباً لسورية فيها، لكن منذ عام 1974 توقفت عضوية سورية في المنظمة يقال إنه لأسباب اقتصادية، أي ليس لدينا إمكانية لتحويل اشتراكات مالية، ثم غبنا عن مهرجانها العالمي، الذي يشارك فيه ما لا يقل عن ثمانين عرضاً مسرحياً، ويستمر مدة عشرة أيام، من مختلف التوجهات المسرحية، سواءً على صعيد الإخراج، أو الكتابة، أو السينوغرافيا، ورغم كل النداءات لإعادة عضوية سورية في المنظمة إلا أن استجابة الجهات الرسمية المعنية كانت ضعيفة وباردة!‏
    كأس التفاؤل
    رغم ذلك، فإن مدير المسارح والموسيقا عجاج سليم، يرى أن كأس التفاؤل، بالمسرح السوري، مملوء حتى ثلثه، رغم أن هذا الفن (المسرح) فن رقيق هش، ويحتاج للكثير من الرعاية، باعتباره ليس كغيره من الفنون الأخرى، فهو بحاجة إلى شروط: الزمان والمكان، والفرقة المسرحية، وإلى الكثير أيضاً من الصدق معه، بالرغم من ذلك –يضيف- لدينا الكثير من المؤهلات لنحلم مع الحالمين السابقين واللاحقين، بأن يصير المسرح ضرورة اجتماعية.‏
    رغم أن هذا الفن، على مدى عمره الطويل، ارتبط تطوره بأفراد، وجانب الفردية فيه عالٍ جداً، ويُذكر هنا موليير، وشكسبير، وأبو خليل القباني، بالرغم من ذلك يحتاج لجهود جماعية مخلصة له، وثمة تحديات يواجهها المسرح في سورية، أبسطها أنه يُنظر إليه من قبل الكثيرين على أنه فن ترفيهي، ويعامَل تماماً كالملاهي، وأصعبها قضية الدعم، وهروب الممثلين من الخشبة إلى الشاشة، وبالرغم من هذه التحديات، بدأت الدماء تسري في عروق المسرح في سورية، من خلال المهرجانات المسرحية، والمسارح التابعة لمديرية المسارح والموسيقا في المحافظات إضافة إلى النوادي والفرق المسرحية الأهلية التي وعد مدير المسارح بدعمها، على الأقل بعشرة في المائة مما يقدَّم لعروض المسرح القومي.‏
    ضرورة اجتماعية
    من جهته المسرحي محمد قارصلي يراهن على الشباب، بإقامة حياة مسرحية وكان له تجارب مهمة في هذا المجال مثل عرض «نحن» الذي كتبه، وأخرجه، ومثّل فيه أحد عشر شاباً وشابة، وقُدم كعرضٍ شبابي بامتياز، ورغم ذلك يخشى قارصلي في تجارب الشباب من أمرين: الاستسهال، والجهل، ومن هنا فهو يركز في تجاربه مع الشباب لا على الإعداد التقني فقط وإنما طرح ذهنية ثقافية، وفكرية، وجمالية، وإعداد الخطط لعدم ترك الهواة على هواهم، وأهوائهم!
    إضافة إلى تعميم ثقافة مسرحية شاملة تبدأ من المدارس، وتنتهي بالساحات، ويُذكر أن لموليير أحد عشر تمثالاً في إحدى عشرة مدينة فرنسية، وهناك اثنان وثلاثون تمثالاً لمسرحيين روس في ساحات موسكو وحدها.‏
    عندنا كانت المؤسسة الرسمية في الغالب مؤسسة معوقة، بدلاً من أن تكون مطورة، وهي مسؤولة عن ابتعاد الناس عن المسرح، لأسباب كثيرة، أقلها تعميم حضور المسرح مجاناً، فكان أن أصبح المسرح فناً خاسراً مادياً، وكان أن ذهب الخريجون باتجاه أشياء أخرى غير الخشبة.‏
    مستشارون!
    من هنا يقترح قارصلي تكليف مستشار لكل عرض مسرحي من خريجي الدراسات المسرحية، لا سيما لعروض الشباب والهواة، وقضية الاستشارة هنا ليست تعلمية، بل للنصيحة فقط، بعيداً عن الرقابة على المضمون والاتجاه المسرحي، مع مراعاة مجموعة شروط أخرى لتقديم عروض مسرحية متكاملة، وعجاج سليم لم يخالفه الرأي لا سيما في قضية دعم الفرق المسرحية الأهلية، وذَكر أن ثلاث عشرة محافظة سورية، لا تأخذ سوى مقدار صغير مما يصرف في دمشق على المسرح، ووجد أن الجدية سواء من المسرحيين أو الجمهور والتعطش إلى المسرح هي أعلى في المحافظات، لكنه خالف قارصلي في مسألة توجيه الفرق الأهلية والشبابية، وأن تعطى لهم الفرصة لتقديم مغامرتهم المسرحية
    نبيل الحفار الذي يؤكد أن المعهد العالي للفنون المسرحية يصقل المواهب التي تأتي إليه ويبلورها رغم أنه لا يصنع مواهب، لكن خمسة وسبعين في المائة من نجاح الدراما السورية تقوم على عاتق خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، فالفاعلون من خريجي قسم الدراسات لا تتعدى نسبتهم عشرة في المائة، أما خريجو أقسام السينوغرافيا، والتقنيات والتمثيل، فقد ابتلعتهم بالوعة التلفزيون لا خشبة المسرح!‏
    أكد من جهته على أهمية قسم الدراسات المسرحية، الذي كان يسمى خطأ قسم النقد لأن هذا القسم يخرج مشاريع كتاب نصوص مسرحية، ومنشطين مسرحيين، أهميتهم تكمن بوصفهم مستشارين دراميين، يجب أن يكونوا في أي عرض مسرحي، أو ما يطلق عليه في الغرب، «دراما تورج» يكون إلى جانب الممثل والمخرج، ومصمم السينوغرافيا، وعلى مديرية المسارح والموسيقا أن تلتفت إلى هؤلاء المستشارين المسرحيين.‏
    يختتم الحفار حديثه: «إن المعهد العالي للفنون المسرحية، قدم قبل بضع سنوات واجبه وأكثر، لكنه مؤخراً يعيش كبوة لا بد من تجاوزها!»



    تشرين

    المشاركة في التعليق

    اسمك
    بريدك الإلكتروني
    الدولة
    مشاركتك