الترحال للمخرج ريمون بطرس جزء من تاريخ الوطن وحاضره

2008/05/04

نظرة سورية على السينما الفرنسية والعالمية

ضمن نشاط النادي السينمائي السوري وبالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي المضطلع بتقديم فيلم سينمائي يوم الخميس من كل أسبوع ضمن مستويات عالمية منها المستوى السينمائي السوري بعنوان «نظرة سورية على السينما الفرنسية والعالمية» تم عرض الفيلم السينمائي السوري «الترحال» في الخامس والعشرين من آذار 2008 للمخرج السينمائي ريمون بطرس.
كالعادة ينطوي عرض النادي السينمائي على برمجية نظمها كل القائمين عليه: المخرج السينمائي أسامة محمد والمصورة السينمائية جود غوراني والدكتور المسرحي والناقد السينمائي أسامة غنوم، وتبدأ بتقديم لمحة فكرية عامة عن الفيلم للجمهور المشاهد يليها عرض للفيلم ثم جلسة حوارية حرة مفتوحة يسودها جو من الديمقراطية أثناء مواجهة المخرج المبدع مع جمهوره.
استهل الناقد السينمائي أسامة غنم بداية التقديم بالإشارة إلى أهمية الفيلم السوري في التطرق إلى حياة مواطنيه ومناقشة حياتهم وواقعهم الاجتماعي بجرأة لا نراها عادة في الأعمال التلفزيونية أو المسرحية، وعموماً يشكل الفيلم السينمائي ذاكرة لا تموت لحياة ونبض مجتمع.
تدور أحداث فيلم الترحال بين عامي 1948-1954 في مدينة حماة السورية، وانطلاقاً من هنا يتناول الفيلم جزءاً من تاريخ سورية الحديث: فترة ما بعد الاستقلال، كما يتطرق إلى مسألة الصراع العربي الإسرائيلي من جانب بطل الفيلم «جمال سليمان» الذي يناضل مع مجاهدي فلسطين، وهناك تأكيد هام واضح من قبل المخرج ريمون على عنصرين مهمين في حياة المدينة، الأول الماء ونهر العاصي العظيم والثاني مادة الحجر التي تميز بناء المدينة. اجتماعياً تحدث عن مجموعة إنسانية تعمل في نحت حجر البناء، لكنها تنطوي على ثقافة إيديولوجية حياتية كاملة مرتبطة بعلاقتهم بالحجر مهنتهم، التي تعكس في شكلها الخارجي طبيعة حياتهم وتفكيرهم وإلى أي حد هم معقدون أو بسطاء، ونظرتهم نحو الحياة. ولم يغفل المخرج والكاتب بيان حساسيتهم السياسية تجاه الوضع الراهن وقدمهم بمعظمهم على أنهم تقدميون من دعاة العدالة الاجتماعية ليعود في الوقت ذاته ويظهر تناقضهم الكبير مع إيديولوجيتهم من خلال تعاملهم مع الطبقة البرجوازية. إذن أفسح الفيلمُ المجالَ أما المشاهدين ليكتشفوا مساحات من تاريخهم السياسي الشعبي الذي هو جزء من تاريخ الوطن وجزء أيضاً من الحاضر.
انطوى «الترحال» على مستويات كثيرة كان يمكن الحديث فيها عن بنائه الفني وموضوع التصوير والطريقة التي كتب فيها السيناريو وكثير من الأمور التي تفضي في النهاية إلى مستويات من الحوار في غاية الارتقاء بالفيلم السوري فكراً وصناعة، على أن المخرج ريمون في هذا الاتجاه أشار إلى الظروف التي يعمل فيها السينمائيين من حيث الجو العام غير الصحي والنتاج القليل مقارنة بأقرانهم من المخرجين السينمائيين في البلدان ذات الإنتاج السينمائي، وبالتالي حاله حال المخرجين السينمائيين السوريين الذين يقعون تحت رهان الإنتاج المحدود واضطرار المخرج إلى إخراج فيلم كل ثماني سنوات وسطياً ما يوقعه في مأزق فعلي وهو إثقال كاهل الفيلم بتضمينه مسائل لها علاقة بتطور المخرج كقارىء ومبدع سينمائي، والتعبير عن رأيه السياسي لما يجري من حوله وفي الوقت ذاته يريد أن يكسب جمهوره وعلى السواء يريد أن يثبت الفيلم وجوده في مهرجانات عربية وعالمية كي تكون له حياة في ذاكرة الشعوب بعد ذلك، وذلك ينعكس حقيقة بنتائج سلبية على الفيلم السوري عامة.
على العموم فإن «الترحال» بقدَر ما هو فيلم يؤرخ لمرحلة تاريخية سابقة، فهو يؤرخ أيضاً لسورية في لحظتها الراهنة لاحتوائه على عناصر وأحداث صداها قائم حتى يومنا هذا، ذلك ما عبر عنه جمهور النادي بعد انتهاء العرض.
الشيء الهام الذي تجدر الإشارة إليه أن مُشاهد الفيلم السوري يجد فيه ما يلامسه في حياته والشخصية الاجتماعية، وذلك يؤثر فيه بوصفه مشاهداً سلباً أو إيجاباً، وعلى ذلك يمكن القول إن السينما السورية سينما حدث وهمّ إنساني، جدية لا مكان فيها للابتذال، وتطرح سؤالاً هادفاً في حياة الفرد والمجتمع.
لا بد أن نذكر أن الفيلم من إنتاج عام 1997، وهو الفيلم الثاني للمخرج ريمون بطرس، ومدة الفيلم مائة وثمانون دقيقة. وقد عرض في مجموعة أفلام شهر آذار «السينما والتاريخ». وفي رصيد ريمون بطرس فيلمه الثالث «حسيبة» الذي لم يعرض سينمائياً حتى اليوم.

رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق