مواضيع ذات صلة:


    من سورية

    دمشق منظر عام ليلا

    مهرجان الشام المسرحي يشهد نجاحاً ملحوظاً
    في حين تعاني فعاليات مديرية المسارح

    02/نيسان/2008

    كأن ما يفعله الفنان زيناتي قدسية هو عملية تقشير للصدأ الذي تراكم على العقل المسرحي السوري، فيصرّ على إقامة هذا المهرجان -مهرجان الشام المسرحي- إذا لم يكن بدمه فبعرق عقله.
    متنقلاً ومتجاوزاً الحياة الرعوية التي عجزت عن إنتاج عرض مسرحي سوري طيلة السنوات الماضية، إلى حياة الفروسية التي تعطي دون أن تنتظر أجراً.‏
    إنه مهرجان -وإن اعتمد على العرض المحلي- فليس لأنه يذهب إلى السهولة، والرؤية الأحادية بل كي يكشف زيف المسرحي الذي يتزين بالمسرح ليقضي عليه فلا ينتج إلا العروض المشغولة بإكسسوارات، وحركات، وحوارات وضِيعة وفجّة ومبتذلة، تفوح منها روائح الغدر بالمسرح. فما معنى أن المسرح السوري منذ نهاية السبعينات من القرن المنصرم حتى الآن، لم يقدم عرضاً مسرحياً يكون حدثاً عقلياً؟‏
    مئات العروض، ومئات الملايين من الليرات السورية لم تكشف عن موهبة، أو عبقرية، أو بطل؛ سوى عرض، أو عرضين ، أو خمسة عروض، أو ليكن عشرة، أو عشرين عرضاً، وكأن لعنة ما أصابت العقل السوري، فيصبح مسرحه يعمل على تدمير أسس القيم -قيم الجمال- وأسس الأخلاق -الأخلاق الشعبية-، وكأننا نتعرض لعملية اختراق، عملية غزو ثقافي، فنشاهد عروضاً مرة باسم التجريب المسرحي! ومرة باسم المسرح التجريبي! ومرة باسم المسرح الملحمي، ومرة ومرة، على أنها عملية بحث عن العبقري والعبقرية المسرحية باسم المثاقفة، وذلك يبين سياسة مسرحية تعمم الجهل على أنه العلم، وتدعم التخلف على أنه مشروعنا الحضاري، مسرح صار يشوه ثقافتنا القومية والوطنية، مسرحٌ لمسرحيين يضعون قناع الفهم على وجوههم، لكنهم عندما يتحدثون من على منصاتهم ومنابرهم بصفتهم مسؤولين فيتحدثون بطرق وبكلمات تُبطِن غير ما تعلن، على أن الجمهور المسرحي ساذج بينما هم الأذكياء العالمون: مسرحيات مديرية المسارح تقدم عروضاً تستأهل أن نعلق لها خرزة زرقاء وخشخيشة.‏
    إلى أين تذهب المديرية في وجداننا المسرحي؟ أين ذهبت بالجدية ومسؤليتها عن العقل، عن نبالة العقل؟ المسرح السوري الذي عند سعد الله ونوس وممدوح عدوان وجهاد سعد ومحمد الماغوط وآخرين؟
    تعالوا نرى ماذا فعل مهرجان الشام المسرحي في دورته الثالثة من الثالث عشر حتى الثالث والعشرين من آذار 2008 الذي يديره الفنان زيناتي قدسية ولا تدعمه الدولة أو تموله بل هو ثمرة تعاون مشترك بين ثلاث مؤسسات، اثنتان منهما مدنيتان: مجموعة ماس الاقتصادية وشركة العين للإنتاج الفني، وواحدة رسمية هي اتحاد شبيبة الثورة، لقد فعل ما لم تفعله مديرية المسارح المسؤولة المباشرة عن النهضة المسرحية في سنواته الثلاث التي هي عمره حتى الآن، فكشف عن مواهب لمبدعين ومبدعات في التمثيل والإخراج والتأليف والإعداد والسينوغرافيا، أتوا إلى المسرح من خارج المؤسسة الرسمية وتعجز مديرية المسارح عن كشفهم أو اكتشافهم، وإذا لزم أن تقوم بهذه المهمة فيلزمها زمن قد يصل إلى مائة عام، وأموال قد تصل إلى مئات الملايين من الليرات السورية، على قاعدة أن اكتشاف الثروة -هي هنا معرفية- يلزمها إنفاق وهبْش ثروات الثروات.‏
    من أصل عشر مسرحيات، لا أربعين أو خمسين أو مائة مسرحية كما هو الحال في إنتاج المديرية، إن لم تكن المئات، نرى أن هناك خمس مسرحيات على الأقل تستحق الكثير من الجوائز للمشتغلين فيها مثل مسرحية «العقرب» عن نص لنجيب محفوظ أعدها وأخرجها زيناتي قدسية، ومسرحية مونولوج داخلي من سينوغرافيا سعيد حناوي وتأليفه وإخراجه ومسرحية «رباعية الموت» من تأليف آرييل درخمان وسينوغرافيا يوسف شموط وإعداده وإخراجه، ومسرحية «مشاجرة» من تأليف يوجين يونيسكو وسينوغرافيا زهير البقاعي ونضال صواف وإخراجهما، مسرحيات بسيطة صنعها أناس يحبون المسرح.



    الثورة

    طباعة طباعة Share مشاركة Email

    المشاركة في التعليق

    اسمك
    بريدك الإلكتروني
    الدولة
    مشاركتك