مسرحية الثامنة في يوم المسرح العالمي فرصة أسيء استغلالها

02 04

كسر لتقليد الاحتفالية وإضاعة لهيبة المسرح

وجدَتْ رغداء شعراني في احتفالية يوم المسرح العالمي فرصة مناسبة لطرح مشاكل المسرح السوري وهموم المسرحيين، والمعيقات التي تعرقل استمرارية عطائهم، وجهاً لوجه أمام المعنيين بالشأن المسرحي، مبتعدة بذلك عن الاحتفال التقليدي بهذا اليوم العالمي، بأسلوبها العبثي الذي كرّسته مشروعاً مسرحياً لها منذ عرضها الأول «شوكولا» تأليفاً وإخراجاً، إلى عرضها الثاني الحالي «الثامنة» تأليفاً وتمثيلاً مع الفنانين مروان أبو شاهين، وشادي مقرش، وجابر جوخدار، والوليد عبود، وهنوف خربوطلي، وفادي الحموي، وشادي الصفدي، ولاوند هاجو، وفرقته للمسرح الراقص أي مع الطاقم أنفسهم في عرض شوكولا تقريباً.
لكن شعراني في عرضها «الثامنة» ورغم نجاحها في كسر القالب التقليدي للاحتفالية، وتبنيها قضية المسرح التي تعنيها مباشرة خاصة بعد عرض «شوكولا» وتأخر صرف المستحقات المالية للذين عملوا فيه، فإنها وضعت الجمهور في حالة من الرتابة الثقيلة المملة لطول مدة العرض وتكرار المشاهد ذاتها في تقطيع للوقت كيف اتفق، ففي «الثامنة» مجموعة من الممثلين يحضرون لاحتفالية يوم المسرح العالمي، يبحثون عن فكرة يقدمونها في هذا اليوم، تقترح رغداء فكرة تلخصها بأن يرتدي الشباب الأسود ويحملون نعشاً مغطى بكفن أخضر، النعش دلالة على جنازة المسرح، والأخضر يرمز إلى الأمل الذي نبقى محكومين به على حد قول الراحل سعد الله ونوس، وفي هذه الفكرة حكمت شعراني على المسرح بالموت، وجمعت كل المشاكل التي وجدت فيها سبباً لهذا الموت لتُلقيها أمام المعنيين محملة إياهم مسؤولية إخفاق المسرح السوري وتعثره، فالتكريم يجب أن يأتي قبل الموت، وأجور المسرحيين ومكافآتهم يجب أن تصرف لهم قبل أن يجف عرقهم، ونفقات السفر تدفع قبل السفر لا بعده ليظهر الممثل السوري بالشكل اللائق أمام نظرائه العرب والعالميين، وتوظيف الممثل المسرحي في مديرية المسارح حق له وغير ذلك، وكأن باقي دول العالم تُغرِق فنانيها بالأموال.
إذا سلّمنا بأن ما ذكر في العرض علة العلل في المسرح، هل نجزم أنه بحلها سيستعيد المسرح ألقه ونشاطه؟
من المعروف أن عدداً من الفنانين المشهورين يتقاضَون رواتب شهرية من مديرية المسارح قد تتجاوز المائة ألف ليرة في السنة للفنان الواحد، من دون أن يقدِّم للمسرح أي فائدة تذكر طوال العام، وهذا المبلغ قد لا تعطي شركات الإنتاج التلفزيوني أكثر منه للفنانين أنفسهم لقاء دور في أعمالها الدرامية، فهل ذلك يعني أنه حق لهم؟ ألا يستحق المسرح منهم التفاتة ولو في عمل صغير جزاء ما يقدمه لهم؟
أما بالنسبة إلى التكريم قبل الموت فهي فلسفة يصعب التحكم بمدلولاتها لأن الموت ليس بيد أحد غير الله، ولحل هذه المعضلة ما علينا سوى تكريم جميع الفنانين الذين يدخلون هذا المجال من العمل الأول تجنباً لأي حالة موت مفاجىء! إن فلسفة التكريم في كل دول العالم تقوم على مسيرة الفنان وعطائه لا على التفوق أو التميز بدور ما، لأن أمام هذا التميز جوائز كثيرة في مهرجانات متعددة يستطيع الفنان إثبات وجوده وتميزه فيها، أما التكريم فهو عرفان بالجميل لا أكثر.
إذا كانت هذه مشاكل المسرح السوري وسبب كل أزماته فإنها قُدمت في نص ارتجالي مفكك تعامل مع المسألة بأسلوب هزلي مقصود، خاصة في مقاربته لأجواء العمل المسرحي أثناء تجارب الأداء فأغفل جوهر أزمة المسرح مركزاً على قشورها، وأصدر حكماً بموت المسرح ولم يقدم العلاج الإسعافي، وجعل من المسرح وظيفة حكومية، قبل أن يكون فناً وموهبة وتجاهل هجر الفنانين الموظفين في المديرية للمسرح، وإهمالهم له، من أجل العمل في الدراما التلفزيونية، كما تجاهل عزوف جمهور المسرح عن المسرح بسبب ما يقدم من تجريب لا معنى له، وأثبت العرض الاستسهالَ في التعامل مع الخشبة والجمهور، أم بماذا تفسر وجود هذه الشخصية التي تحمل عبوات المياه وتأكل البذر على الخشبة طوال مدة العرض دون أن نعرف سبب وجودها اللاحضاري في كل الأحوال؟!


البعث

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق