فردوس الأتاسي: الدراما بين يدي منتجين يقدّرونها بالكيلو!

01 04

تحدّث بحرقة عن تجربته مع شركة إنتاج ماتت قبل أن تولد

«إذا بقيت الدراما السورية على هذا الحال فنهايتنا سيئة»: بهذه العبارة ختم المخرج محمد فردوس الأتاسي حواراً معه بعد خروجه من تجربة يبدو أنها كانت قاسية عليه وهو الذي قضى عمره في العمل التلفزيوني، وكان فيه أحد رواد الدراما السورية. فمنذ أكثر من شهرين بدأ الأتاسي إرساء دعائم شركة إنتاج للفن التلفزيوني والسينمائي وكانت معنوياته في الذروة، لكن فجأة يموت هذا المشروع ويخرج الأتاسي من الشركة.
يقول لنا الأتاسي «منذ أكثر من شهرين أعمل ليلاً ونهاراً على إنشاء هذه الشركة برغبة من أحد التجار الذين لا علاقة لهم بالإنتاج الدرامي، ووضعت أسس هذه الشركة وضوابطها بمساعدة مباشرة من الصديق عبد المسيح عطية وقد أوهمنا الأستاذ المنتج أنه مع التوجه الذي كنا نريده لهذه الشركة وهو إنتاج نصوص تلفزيونية ذات مستوى فني عالٍ، وعلى هذا الأساس بدأنا العمل، فقرأت أكثر من خمسة وثلاثين نصاً تلفزيونياً بمساعدة أصدقاء هم من كبار الكتاب الذين لهم باع طويل مهم في تقييم السيناريو التلفزيوني المثالي وبدأنا غربلة النصوص، واستقر الرأي على اقتناء ثلاثة نصوص: الأول هو "قلوب صغيرة" للكاتبة ريم فليحان التي تكتب لأول مرة وعادة يكون النص الأول لأي كاتب نصاً مهماً، وقد ساعدتها الفنانة يارا صبري في كتابة السيناريو والحوار واللعبة الدرامية، والنص الثاني للكاتب يوسف عرعور والثالث للكاتب نهاد سيريس، وقررنا إنتاج نص "قلوب صغيرة" أولاً باعتبار أن نص عرعور وسيريس كانا قيد الإعداد النهائي، وجلست مع ريم ويارا جلسات عمل طويلة لأن النص خطير ومهم، وخطورته تكمن في القضايا التي يتناولها مثل عمالة الأطفال في سورية والأطفال الأيتام والمتسولين في الشوارع وتجارة الأعضاء البشرية، إضافة إلى الفقر الذي يؤدي إلى التفكك الأسري، وهذه مواضيع حساسة تطرح لأول مرة في الدراما السورية، أي إن النص كان مملوءاً بالألغام، وكان لا بد من تعديله بعض الشيء كي لا يكون قاسياً وصادماً للمشاهدين».
يتابع الأتاسي: «وقد تم بالفعل دفع سُلف مالية للكتاب الثلاثة والفنانة يارا صبري باعتبارها ستلعب دور البطولة في المسلسل، واتفقنا مع أفضل الفنيين في سورية ودفعنا لهم أيضاً سلفاً مالية، وبعد ذلك بدأت ألمس تبدل صاحب الشركة وتغيره وكانت قراراته الارتجالية والانفعالية تربك العمل، وكنا نفاجأ بقرارات تخالف ما اتفقنا عليه منذ ساعات فقررتُ ترك الشركة والانسحاب خاصة أن الأستاذ طلب استرجاع السلف بعد أن شعر أن تكاليف إنتاج أي مسلسل لا يمكن أن تقل عن ثلاثين مليون ليرة، وأن دورة عودة المال والربح طويلة ويبدو أنه أعطى أُذنه لأناس يجيدون الصيد في الماء العكر، وبعد مغادرتي الشركة علمت أنه بدأ استرداد السلف من كل الذين اتفقنا معهم».
حول نص تلفزيوني كتبه الدكتور رياض نعسان آغا وكانت الشركة ذاتها بصدد إنتاجه، أكد الأتاسي أن النص «مهم جداً وقصته الدرامية جديدة، وتتحدث عن رجل همُّه أن يجمع المال بأي طريقة، لكنه يصاب في النهاية بمرض خبيث فيقرر أن يمحو أخطاء عقود في عدة أشهر، ويتناول العمل فترة تاريخية حرجة بدءاً من الانفصال عن مصر حتى بداية التسعينات من القرن الماضي فهو مسلسل اجتماعي بخلفية سياسية، لكن عند دراسته وجدنا أن تكلفة العمل عالية، فقررنا تأجيله».
حول مصير الأعمال التي اختارها تحدث الأتاسي بمرارة وقال: «أشعر أن هذه الأعمال كأولادي فقد تعبت عليها وهي نصوص مهمة أتمنى أن ترى النور، وعلمت من السيدة يارا صبري أنها أعطت نصها لإحدى الشركات الأخرى، بعد أن أرجعت السلفة المالية وسحبت النص من الشركة التي كنت مديرها مدة شهرين، ولا أخفيك أنني أتمنى أن أُخرج هذا العمل لأهميته ولأنني عملت عليه بحب وشغف مع السيدة ريم ويارا وعدلنا بعض المحاور وأدخلنا خطوطاً جديدة».
أغلبية المنتجين لا يعرفون شيئاً عن الفن
حول آليات الإنتاج في الدراما السورية ودخول رجال الأعمال على هذه الصناعة قال الأتاسي «أؤمن أن الدراما صناعة وتجارة وأن رأس المال جبان وأن دورة الربح تحتاج أحياناً إلى عدة سنوات، لكن الفن أولاً رسالة وفكر يجب أن يصلا إلى الناس، لكن يبدو أن بعض هؤلاء يحصر المسألة كلها بالمال والربح، وشخصياً أدعو كل رجال الأعمال لدخول هذا المجال بقوة، لكن يجب ألا يتدخلوا بتفاصيل العمل الفني، والشركات الناجحة يبتعد أصحابها عنها ويتركون للمدير الفني حرية العمل مع المحاسبة بعد عرض المسلسلات فإما أن يكون ناجحاً أو لا يكون وإما أن يستحق الثقة أو لا يستحقها».
يؤكد الأتاسي أن أغلبية المنتجين «أميون» لا يعرفون «ألف باء» الفن ويضيف: «تعاملت مع أكثر من منتج عربي من الرعيل الأول وكانوا يفهمون الدراما أكثر من الكتاب والمخرجين أحياناً، ومنهم رياض العريان رحمه الله الذي كان يفهم بالسيناريو أكثر من كتاب السيناريو أنفسهم، ونادر الأتاسي الذي ناقشَنا على نحو مستفيض بمسلسل "جبران خليل جبران" واقترح علينا أكثر من مشهد وكان يعرف عن جبران كما كان يعرف الكاتب، نريد منتجين كهؤلاء يملكون مالاً ويملكون أفقاً معرفياً وفكرياً وهاجساً درامياً ولديهم رغبة في تقديم الجيّد للمشاهدين، وما أعتقده هو أن الدراما السورية أصبحت بين يدي منتجين لا يعرفون قيمة ما بين أيديهم، ويقدرونها بالكيلو لا بشيء آخر».
ليس مخرجاً كل من حرك الكاميرا
يبدو أن المخرج محمد فردوس الأتاسي -الذي يوصف بشيخ المخرجين السوريين- لديه حرقة مما يسميه «الاستسهال في مجال الإخراج» ويضيف: «الإخراج ليس فقط تحريك الكاميرا فلو كان الأمر كذلك لكان المصور أقدر على ذلك من المخرج، لا يعرفون أن الإخراج غوص في أعماق النص وأفكاره والإضافة عليه وإدارة الممثل على نحو يخدم الشخصية كما يراها المخرج، والإخراج هاجس وإبداع، وما يجري اليوم ليس إخراجاً وليس مخرجاً كل من حرك الكاميرا». للأسف يلجأ المنتجون إلى أنصاف المخرجين لسبب وحيد هو الأجر المتدني الذي يرضى به هؤلاء.


الوطن

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق

    نورس:

    انا مع المخرج محمد الاتاسي في هذا الموضوع واضيف اني نادم على خروج هذا العالم من هذه الشركه لانه يعتبر من المؤسسين ولابد من ارجاعه باي وسيله ولا بد من يوم يجمعني القدر بهذا الوسط الفني ولكن للاسف لا املك تلك الشهادات التي يملكها غيري ولكنني اعلم اني صاحب موهبه في كتابه النصوص وليس السيناريو ولكني مستمر باذن الله وسياتي اليوم الذي اصبح فيه من المشاهير واصرح بانه اعظم مخرج على الاطلاق <<وبالمكفى >> مسلسل المحكوم مع تحيات nawras

    syria