الذكرى السنوية الـ 46 لرحيل أدهم إسماعيل

24 01

نادى بالحرية وساهم بولادة الفن الحديث

تمر هذه الأيام الذكرى السنوية الـ 46 لرحيل الفنان التشكيلي الكبير أدهم إسماعيل، الذي يمكن اعتباره من أهم وأشهر الفنانين السوريين المحدثين الرواد في القرن العشرين، هو أحد ركائز أعمدة التيارات الطليعية في الفن التشكيلي العربي المعاصر، حيث أبدع في رحلة حياته القصيرة «1922-1963» الروائع الفنية، وتجاوز فناني جيله، حين جسد من خلال مساحاته الإنسانية، مع إعطاء أهميةً كبرى لحركة الخط المقروء في الأعمال التراثية الارابسكية، كل ذلك في الخطوط إظهار عناصر الجذب البصري، والتماس موسيقى الخطوط والألوان، المنحازة نحو جماليات العودة إلى استلهام ما يمكن تسميته بديمومة العناصر التراثية، المنفتحة على طروحات الحداثة والأصالة في آن.‏

وبالرغم من ارتباط لوحاته بالقيم الجمالية الحديثة، فقد كان يتعاطف في أحيانٍ كثيرة مع الإنسان في معاناته اليومية، حيث جسد في بعض لوحاته العمل في الحقول، إضافةً لتناوله مواضيع الطفولة المعبرة عن المأساة والمعاناة، وبذلك شكلت لوحات البدايات فسحةً للتمسك بالإنسان والأرض، ثم انطلق نحو تجسيد عناصر المرأة والأشكال الحيوانية ورموز الطبيعة.
كل ذلك بصياغةٍ فنية حديثة منفلتة من قيود الدراسة الأكاديمية، إنَّ لجهة اختيار المادة اللونية أو لجهة رؤية الأشكال المتداخلة مع مسطحات اللون في خطوات الوصول إلى الصياغة الفنية المتطورة في اتجاهاتها التعبيرية والتجريدية المغايرة لما تراه العين في الأبعاد الثلاثة.
فلوحاته توفق بين المظاهر المبسطة لإشارات الأشكال الإنسانية ورموز الطبيعة والعناصر الأخرى، وبين المقدرة على تجسيد الأحاسيس الداخلية بالتعبير اللوني الآتي عبر طريقةٍ تستطيع المساحة تحديدها بحركةٍ خطية متواصلة دون انقطاع تؤكد الأسلوب الشخصي، وتذهب إلى درجةٍ من العقلانية والهندسية، بحيث تتداخل الأشكال المرسومة مع المسطحات اللونية التجريدية، وهذه الطريقة التشكيلية المتطورة فرضتها وبقوة ثقافته الفنية المنفتحة على معطيات فنون العصر.
ولقد ارتبط أدهم إسماعيل بالمفاهيم القومية التي كانت صاعدة في الخمسينيات، حيث جسد في بعض لوحاته الشهيرة وخاصة «الفارس العربي» التي أنجزها في عام 1953 أحلام الثورة في انطلاقها مع الجماهير العربية، ثم قدم في العام 1958 سلسلةً من اللوحات المعبرة عن مرارة الانكسار، ومن أبرزها «ما وراء القضبان»، و«الثائر المطارد»، كل ذلك في محاولات الإحاطة بالهزائم والاحباطات التي كانت تحيط بالإنسان العربي في تلك المرحلة التي لاقت الكثير من الانتصارات والإخفاقات أيضاً.

وبالرغم من اهتمامه الكبير بالقضايا القومية وبمعالجتها في بعض لوحاته، فقد ركز لإبراز الجوانب الجمالية والتشكيلية الخالصة في الاتجاهين التكويني والتلويني، حين أعطى لوحاته مبدأ القوة الخطية والمساحة الهندسية دوائر، أقواس، خطوط مستقيمة، التفافات لولبية حلزونية وشكلت لوحاته تحولاً وانعطافاً بارزاً في مسار التجارب التشكيلية التي كانت سائدة في العواصم والمدن العربية القريبة والبعيدة.‏
وهذا يعني أنَّ لوحاته قد اختصرت رؤيته الفنية في تنويعاتها المختلفة، التي سجل من خلالها ملامح مهارته في التكوين التشكيلي الحديث، وقدرته على الوصول إلى حدودٍ حساسة في صياغة اللوحة الفنية الحديثة والمعاصرة، حيث كان ومنذ أوائل الخمسينيات يرسم الأشكال الطبيعية والإنسانية ضمن مساحات لونية تجريدية، ويقدم من خلالها تنسيقاً ساحراً للألوان، وكان اهتمامه مركزاً حول رحلة تشكيل انسيابية الخط، على طريقةٍ الخط العربي الذي لا نهاية له.


أديب مخزوم

الثورة

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق