محاضرة الدكتورة جمانة طه: نجاة قصاب حسن وأحاديث الروح

24 03

لا تقولوا لدمشق كنتِ، قولوا لها أنتِ

عمل في السياسة والإعلام والقانون والأدب والفن، ومارس المحاماة مهنة، والإعلام رسالة، والأدب شعراً وكتابة، والفن رسماً وعزفاً وتأليفاً. وقبل هذا وذاك، هو الدمشقي المشبع بحب الشام، أحد الشاهدين المهمين على ما جرى من أحداث في الوطن العربي في النصف الثاني من القرن الفائت، فكان مؤرخاً غير حيادي حيال مشكلات مجتمعه، بل تناولها في مقالاته التي كتبها والمؤلفات التي أصدرها وبرامجه الإذاعية والتلفزيونية التي قدمها.
عنه ألقت الدكتورة جمانة طه محاضرة في المركز الثقافي في كفرسوسة تحت عنوان «الدمشقي نجاة قصاب حسن وأحاديث الروح» في الرابع والعشرين من آذار 2008 تناولت فيها نجاة نشأةً ثم مروراً بمراحل حياته المهنية والسياسية والأدبية بوصفه علماً من أعلام دمشق المعاصرين. وفي هذا تقول «المحاضرة أسميتها حديث الروح ترجمة لحديثه وما كتبه وهو الذي قدّم لدمشق فيضاً من روحه وفنه وقلمه. وأردت في هذه المحاضرة أن أتحدث عن علم من الأعلام المعاصرين الذين أجدهم أكثر أهمية من الرعيل القديم، فمن الضروري هنا أن تعرف الأجيال القادمة الكثير عن تاريخها الحاضر، ونجاة قصاب حسن جزء من هذا التاريخ ونتاج قيمة تاريخية وحضارية».
تتابع الدكتورة طه «نجاة دمشقيُ الولادة والطفولة والشباب، والجدران التي نشأ بينها لم تكن جدراناً مغلقة بل كانت جدراناً شفافة مفتوحة مكّنته من النفاذ عبرها بوعي وعقل منفتح؛ وفي كتابه "حديث دمشقي" يقدم بأسلوب سلس وسرد عفوي، نفسه وبيئته وتجربته ومراحل من حياته؛ في رحلة تتداخل فيها الأحداث وتتنوع بين الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية، وفي هذا النوع من الكتابة نقَل تجربته الحياتية الشخصية إلى مستوى التجربة الإنسانية».
«ففي حديثه الدمشقي يقدم صورة حياتية بانورامية عن المجتمع إنساناً وفكراً وتراثاً وبنياناً، فريشته الحاذقة تشكل لوحة عن المجتمع في مباذله اليومية ومظاهر خلله وما يتعلق ببنية الناس الأخلاقية، ولدمشق في نفسه تمايز عن المحافظات السورية الأخرى. وفي محاضرة له تحت عنوان "لا تقولوا لدمشق كنتِ، قولوا لها أنتِ" ألقاها في ندوة آذار الفكرية في مكتبة الأسد عام 1991 يقول "تمثل هذه الندوة موقف وفاء لدمشق، المدينة التي تعطي ساكنيها الفخَار بأنهم في بلد العراقة والغنى والثقافة، أي في عُبّ التاريخ، ثم تعطيهم الفخار بأنهم في ملتقى الجبل بالسهل بالنهر بالواحة بالصحراء، أي في عُبّ الجغرافيا"».
تجد الدكتورة طه أن «الله خصّ نجاة بملكات إبداعية متعددة، مما أهله لعدد من الفنون المتساقية، التي تشبه الأواني المستطرقة، فالاتجاه واحد، والفنون التي أحبَّها حزمةُ، لكنه في غمرة كل هذه الهوايات، لم ينسَ القانون الذي كان يشكل تطويره لحماية الإنسان هاجساً له وهدفاً يسعى لتحقيقه».
«كان يرسم ويكتب الشعر والنص المسرحي ويعزف على العود ويلحن، وبالرغم من ذلك لم يدّعِ يوماً أنه شاعرٌ أو موسيقي أو رسام، بالرغم من أنه درَس علم النغم والنوتة في نادي "المعهد الموسيقي الفني" على يد فايز الأسطواني، وتعلّم العزف على الكمان من العازف التركي شوقي زربا، ولقد أدت معرفته بالموسيقا العربية وكتاباته فيها إلى أن يصبح مديراً للمعهد الموسيقي التابع لوزارة التربية أواخر أربعينات القرن الماضي».
«أما معرفته بالرسم ومشاركته فيه، فقد أهّلته لأن يكون أحد الكتاب الناقدين في الفنون التشكيلية، والجدير ذكره أنه أول من اقترح في الخمسينات إحداث كلية الفنون الجميلة. وإذا ما أتينا إلى واحته الشعرية، نجد أن علاقته بالشعر هي علاقة توق إلى الجمال والحب والحرية، فالشعر ساعده على أن يرى الأشياء كما ينبغي أن تكون في حلم الإنسان المتطلع إلى الجديد».
تضيف الدكتورة طه «هذا نجاة قصاب حسن الإنسان الذي قدم يوماً ما حديث روح للروح، هذا هو العلم الدمشقي الذي أَحب دمشق وأحب فيها الوطن كله، رجل علم وفكر وحضارة ومحبة، ومشاركة فعالة في الحياة الإنسانية، وحضورٍ في المجال لا ينافَس، ومدرسةٌ في التفاؤل والاستمرارية».
يذكر أنه من الاستحقاقات القادمة للدكتورة جمانة طه ندوةٌ في العشرين من أيار تتحدث فيها عن دور اللغة العربية وتأثيرها من خلال المثل الشعبي، ومن المقرر عقدها في محافظة حلب، أيضاً ستشارك في ندوة عن اللغة العربية مع الدكتورة منى إلياس في العشرين من نيسان القادم بدعوة من دار الفكر للنشر والطباعة.


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق