رومانسية معاصرة للفنان ناثر حسني في صالة فري هاند

23 03

الموسيقا اللونية من خلال التنويع في الإيقاع اللوني

حجم اللوحة ذاتها هو من أهم الأمور التي تلعب دوراً مهماً في تقييم العمل الفني إلى جانب العديد من العوامل الأخرى، فلكل مقاس منها مجموعة من العوامل الفنية التي تعمل على تحديد أهميتها وإبرازها بطرق شتى، وخاصة أن العمل الفني الكبير أو الضخم يحتاج إلى مجهود أكبر من مجهود الفنان وإلى تنويع في التقنيات والأفكار والمفردات التشكيلية المطروحة، ناهيك عن الصعوبات التي تواجه الفنان أثناء العمل حيث يحتاج إلى مساحة كبيرة جداً كي يستطيع تحديد المنظور والاتجاهات من مسافة بعيدة تتناسب مع حجم اللوحة. وقد قام العديد من الفنانين برسم لوحاتهم الكبيرة في فضاء الشوارع والصعود إلى أعلى البناء لتقييمها وإصلاح أخطائهم الفنية حسب وجهات نظرهم، لذا يتساءل معظمنا عن كيفية إنجاز لوحة تتجاوز مساحتها مثلاً أربعين متراً، أو عن كيفية العمل على اللوحات الجدارية التي تتطلب أيضاً مجهوداً كبيراً من الفنان وإتقاناً في العمل.
في الطرف الآخر هناك عقبات أخرى تواجه الفنان نفسه في إنجاز اللوحات الصغيرة لصعوبة المعايير التي تتحكم بها ولاسيما إذا كان هذا الفنان اعتاد الرسم على مساحات كبيرة جداً، لذا قد يحتاج إلى نقلة حرفية أخرى وانسجام مع المقاسات الجديدة لتحقيق التنوع وإغناء تجربته الفنية التشكيلية.


الفنان ناثر حسني يعد واحداً من هؤلاء الفنانين الذين استطاعوا التنويع في حجم لوحاتهم وتحقيق حرية التنقل بين المقاسات المختلفة فنياً، فهو اليوم يعرض في غاليري فري هاند للفنون التشكيلية تحت عنوان «رومانسية معاصرة»، ولجأ في معرضه إلى اللوحات الصغيرة والمتوسطة القياس بعدما أنجز العديد من اللوحات الكبيرة، ومن أهمها تلك الجدارية التي رسم فيها المرحوم السيد الرئيس حافظ الأسد والتي كُلف بها من قبل محافظ دمشق بمقاس أربعين متراً، ونفذت بالأبيض والأسود، ووضعت على مدخل سوق الحميدية عام 1986، وكذلك أنجز لوحة بالألوان الزيتية بالقياس ذاته عام 1989 وكانت تحت عنوان «القائد والوطن»، ومن أهم لوحاته الجدارية أيضاً «نساء دمشقيات» و«أبو العلاء المعري رسالة الغفران» و«الثورة السورية» و«فتح دمشق» و«أبطال ميسلون» التي اقتنتها وزارة الدفاع و«معركة حطين» التي اقتنتها وزارة الثقافة.
في هذا المعرض لجأ إلى الطبيعة لنقل أساليبه المختلفة، ووقَع في مشكلة استخدام أكثر من أسلوب واحد فتارة نراه يلجأ إلى الاختزال والاهتمام بالمعجونة اللونية والاقتراب إلى التجريد وتارة أخرى يميل إلى الواقعية مستخدماً تقنيات الانطباعية في اللون وضربة الفرشاة، حيث قام ناثر حسني برسم الطبيعة وهضابها وجبالها في أوقات مختلفة ليبين لنا اختلاف اللون والضوء والظل، واللجوء إلى أشبه شيء بما يسمى الموسيقا اللونية من خلال التنويع في الإيقاع اللوني، فمثلاً يلجأ إلى الألوان الحارة من أحمر وأصفر وبرتقالي ليضع إلى جانبها ألواناً باردة مثل الأزرق والبنفسجي، وهو بذلك حقق التوازن اللوني من خلال وضع المتضادات اللونية إلى جانب بعضها البعض. ولكن في الطرف الآخر قام برسم مجموعة من اللوحات البعيدة قليلاً عن أسلوب القسم الأول من أعماله الفنية، حيث قام برسم الطبيعة الصامتة من خلال مجموعة من الجرار الطينية والمعدنية التي توحي باحتوائها على كنز ما! ربما أراد من ذلك أن ينقل لنا أهمية تلك الطبيعة من خلال جمالية الأشياء وبساطتها ولوحةٍ أخرى رسم فيها ديكاً يقف على تلة صغيرة.
  ناثر حسني فنان تخرج من كلية الفنون الجميلة عام 1970، وهو عضو في نقابة الفنون الجميلة وكذلك نقابة الفنانين التشكيليين العرب، كما أنه يعمل حالياً في الهيئة الدولية لحماية المدينة القديمة، ويرأس قسم الترميم والزخرفة في محافظة دمشق، وأعماله موزعة بين دمشق ولبنان والأردن والعراق والسودان وفرنسا وإيطاليا وتشيكوسلوفاكيا وفنلندا وهولندا واليابان وأميركا وسويسرا وألمانيا، إضافة إلى أنه حصل على جوائز عديدة وشهادات تقدير متنوعة، كما أنه أقام ستة وعشرين معرضاً منذ عام 1971 حتى عام 2008.


الوطن

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

مروة النجار:

من روائع ما شاهدت عيني من أعمال فنية عن مدينة دمشق القديمة هي من اعمال الفنان الكبير ناثر حسني

لبنان