نبيل المالح يبحث عن الكريستال المقدس في شوارع دمشق القديمة

08 12

كلُّ مكان المدينة القديمة المليئة بالسكان الأصليين والضيوف هو اختصار الكريستال المقدس

صوَّر نبيل المالح في أعماله السينمائية العديدة واقعَ العالم العربي بحلوه ومُره، فأصبحَ علامةً بارزة على خارطة السينما، وهو ابن العصر الذهبي في السبعينات، الذي ولّدَ سينمائيين عرب تركوا بصمتهم الواضحة على خارطة السينما في العالم، حيث تمَّ العام الماضي اختيارُ فيلم نبيل المالح الأول «الفهد»، الذي أُنتج قبل 34 عاماً، كأحد أهم الأفلام الكلاسيكية في القارة الآسيوية من قبل مهرجان بوزان في كوريا الجنوبية، كما حصلَ الفيلم على الجائزة الأولى في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي في تلك السنة، وفي عام 2005 اُختير فيلم «الفهد» كأحد أهم روائع الأعمال في تاريخ السينما الآسيوية في مهرجان بوسان السينمائي الدولي، أما الفيلم الثاني «الكومبارس» 1993، الذي قام المالح بكتابته، فَيُعتبر من أفضل وأهم أعماله حتى اليوم. كُرم في مهرجان دبي السينمائي الدولي عن المنطقة العربية عام 2006.
تم يوم الخميس 4 كانون الأول عرض في قاعة أمية في فندق الشيراتون، وبرعاية الهيئة العامة لشؤون الأسرة، فيلم «بحث ريم وسوزان عن الكريستال المقدس»، للمخرج نبيل المالح، ويُركزُ الفيلم في 30 دقيقة على دمشق، كَمكانٍ للتلاقي الديني والحضاري، من خلال جولةٍ لفتاة في مدينة دمشق القديمة، تبحثُ فيها عن معنى مادي لمصطلح «الكريستال المقدس»، الذي سمعتهُ عن طريق الصدفة.
وضمن سردٍ أشبه بالواقعي تَطلبُ ريم المساعدة من صديقتها مغنية الأوبرا سوزان حداد، وقد اختار المخرج الشخصيتين باسميهما الحقيقي ليحركهما داخل الفيلم، حيث تركَ المالح الشخصيات الأخرى التي تصادفهما سوزان وريم على سجيتها، فالناس الذين سألتهم ريم عن المعنى الذي يتوقعونه لمصطلح «الكريستال المقدس»، بدا عليهم عدم معرفة تورطهم في فيلم، وربما كان أغلبهم يظنّ أنَّه في مقابلة تلفزيونية، لذلك فقد كان الاستطلاع، الذي ركز عليه الفيلم، مُدعماً بأجوبة حقيقية عن المعنى الرمزي للمصطلح، وقد كانت الشخصيات الدينية، التي أعطت رأيها - سواء من الكنسية أو الجامع - قد أرجعت المعنى إلى الروحانيات، لكنها جميعها نفت وجود المصطلح بشكل حرفي، أمّا باقي من سألتهم ريم وسوزان، فقد استغربوا هذا النوع من السؤال، وطلبوا منها تحديد الأمر على وجه الدقة، معتبرين أنَّ ما تقوله شيء عام لا يمكن تحديده.
جالت ريم - تحديداً داخل السور- في كل الزوايا القديمة الدرويشية، وسوق الحميدية، والتكية، وكنيسة حنانيا، وجامع الست رقية، والجامع الأموي وغير ذلك، وكانت الأيقونات والرموز الدينية تظهر في شكلها الأكثر قدسية في الفيلم، وبغض النظر عن الأداء التمثيلي المنخفض السوية للممثلتين، والذي لا نستطيع إدراجه تحت تبرير عدم احتراف التمثيل، لأن الفيلم في النهاية نفّذ وقدّم لجمهور واقعي، فإن المشاهد التي التقطت ضمن دمشق كثّفت الفكرة التي أرادها فيلم «الكريستال المقدس»، وقد بدا في تكرار السؤال وإبهام الأجوبة أنَّ المعنى يهدف إلى ذلك الإحساس القوي، الذي تجده في مدينة دمشق، بأنك أمام خليط من الشرائع، وخصوصاً أنَّ دمشق كانت مهداً لانطلاق المسيحية مع القديس بولس، ولاحتضان ديانات وحضارات أخرى، كامتدادٍ لبلاد الشام.
وفي نهاية الفيلم تتلقى ريم اتصالاً، يطلعها على مخرج يصور فيلماً عن «الكريستال المقدس»، ويخبرها بأنَّ طريقتها في البحث كانت غير مجدية، وأنَّ طرح السؤال بهذه المباشرة غير دقيق، لأنَّ كلُّ مكان في مدينة دمشق القديمة المليئة بالسياح والسكان الأصليين والضيوف، هو اختصار لـ «الكريستال المقدس»، أو للتجمع الطائفي والديني الأخوي، الذي لا يمكن الوقوع عليه في غير هذا المكان، بالإضافة إلى النسيج الاجتماعي المتحاب، الذي فرضته طبيعة الأبنية، حيث يعيشُ الجميع كعائلةٍ واحدة، لا يمكننا أنّ نصادفها بعيداً عن السور، وبشكل خاص إذا أغرقنا في البناء الحديث.
فيلم «الكريستال المقدس» من إخراج نبيل المالح وتمثيل ريم جمعة، وسوزان حداد، وسيناريو: نبيل المالح، وعمر سواح، وموسيقا: مروان كرجوسلي، مونتاج: محمد علي المالح، وتنفيذ: إيبلا للإنتاج الفني.


رنا زيد

بلدنا

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق