ألوان وأضواء علي سليمان في صالة الشعب

16 03

ذات يوم رسمت برلين فإذا بها تخرج دمشق

يعتبر علي سليمان من الفنانين الملتزمين بالعملية الإبداعية الفنية، ومن الجادين المجدّدين أو الباحثين المحدّثين في تقنيات الفن التشكيلي السوري.
ينطلق في أعماله من النقطة، أساس تكوين الحياة، وينشر نقاطه هذه ليعيد تكوينها من جديد في منتج فني يضع المتلقي أمام حال من التحليل والتفاعل من أجل الوصول معه إلى نقطة تقاطع أو إلى نقطة اختلاف.
كيف نفهم الفن التشكيلي المعاصر؟ ثم ما بعد الفن المعاصر الحديث؟ ومنه إلى ما بعد الحداثة؟ تساؤلات طرحها الفنان علي سليمان في معرضه «أضواء وألوان» الذي أقامته صالة الشعب في السادس عشر من آذار، وعنه يتحدث الفنان سليمان: «المعرض يوضح علاقة الضوء باللون، وفيه قدمتُ لوحاتٍ لها علاقة ببيئة سورية وطبيعتها بطريقة تحليلية فيها شيء من النص البصري المحدث، أي إعادة صياغة البيئة على نحو خاص، أيضاً تضمنت اللوحات بعض العناوين القديمة والحديثة التي أتعامل معها دائماً، وهي "العشاء الأخير"، و"ما بعد العشاء الأخير"، و"جلجامش"، و"الحب"، و"السيد المسيح"، و"السيدة العذراء"، و"مجموعة الأنبياء"».
«فمن الضروري أن نؤكد على هذا لكونه من مفردات التنوير لمستقبل الإنسان الطفل في بلدنا، فنحن لدينا الكثير من الأبجديات التي نسيناها وصار مطلوباً منّا بوصفنا مفكرين وفنانين أن نعيد ما بدأ يندثر وينحسر ونكرسه، وبالتالي أن نعيد صياغته بطريقة وأسلوب حديث ليكون من المفردات المقروءة من قبل الأجيال الراهنة، والقادمة».
ليست اللوحة عنده ديكوراً أو تكويناً جمالياً فقط، إنما هي قضية وفكر، تدخل في تنمية الذوق الإنساني والذائقة التربوية، وأبعد من ذلك تدخل في تنمية الذائقة البصرية، وفي ذلك يقول «اللوحة عندي نص حقيقي تهذيبي تنويري وعلى السواء ذات قيمة استثمارية إذا ما أحسن استخدامها».
يجد الفنان سليمان أن أجمل ما في معرضه أنه أقيم في صالة اتحاد التشكيليين السوريين وهي صالة عامّة، لما لهذه الصالة من أثر بالغ في نفسه، ونفس كل فنان تشكيلي سوري. وفيما إذا كان اللون يضعف من تعبيرية الحديث الفني في اللوحة يقول الفنان سليمان «الفن تصوير ولون، وبغير لون لا يوجد تصوير، ونكون قد دخلنا في موضوع الغرافيك والرسم، وعموماً أنا مصوِّر وملوِّن، وبخاصة أنني ابن الشرق ومفرداتي اللون والضوء، وإذا علمنا أن الضوء هو اللون وكلما ازدادت درجات اللون ازدادت درجات الضوء من تضاد وبروز ونفور وغور الصفات التي هي من أهم معطيات اللون الحسي، كمحصلة نهائية أنا أقدم عملاً متحفياً بتقنية عالمية مدروسة أكاديمية».
في أعماله تحوير للإنسان فهو وفق تعبيره يقوم بإعادة صياغة الإنسان في لوحاته بحسب الموضوع والنتائج، ومن الممكن كل يوم أن تتغير ملامح الإنسان في لوحاته أثناء التشكيل، فيقول «قدّمت الإنسان بحالات متعددة، وتناولتُ السيد المسيح وقدمته بأسلوب شرقي وطريقة لونية مغايرة، وعندما تناولت يهوذا أعطيتُه إيقاعاً يمثّلُه، وعندما قدمت مبدعَ اليوم الإنسانَ الضائع جعلتُه ممزقاً محطماً غارق في مشاكله».
دخل الفن التشكيلي السوري عالم الأعمال التجارية، وللفنان سليمان وجهة نظر في ذلك فيقول «الفنان بالنسبة إلي مؤسسة متكاملة خاصة، وهو من ينتج سلعته، وأتمنى حقيقةً أن يستطيع هو تسويقَها، وشخصياً أنا مع تسويق العمل الفني لكونه إبداعاً يستحق الاحترام ويستحق الثمن أيضاً، وبمقارنة بسيطة نجد أن الفن في أوروبا يعتبر استثماراً وبورصة، ولا ضير أن يكون لدينا المعايير ذاتها».
«لعل الأمر الذي أرغب في قوله هنا إنني استبعِدت وباقةٍ من المبدعين عن المشاركة في احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية ولا أدري لماذا؟ بالرغم من أنني فنان تشرين، فنان عامِ 1973، وإن كنت مقيماً في برلين وأرسم ضواحيها، فإذا باللوحة تخرج دمشقية، حارةً من حارات دمشق، وعموماً أبقى فنان تشرين، وتبقى أعمالي تحت عنوان "دمشق"».


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق