لم نُطرح على المشهد الثقافي السوري بوصفنا بديلاً 13/آذار/2008
أطلقت الأمانة السورية للتنمية في الثالث عشر من آذار مشروع أوركسترا مهرجان دمشق لموسيقى الحجرة، وهو مشروع يطمح إلى تعزيز التعاون بين الموسيقيين السوريين المتميزين ونظرائهم من الموسيقيين العرب لخلق مجموعة محترفة لموسيقى الحجرة قادرة على طرح ذاتها في أعلى مستوى على الصعيد الموسيقي العربي والعالمي.
وكانت البداية من قاعة الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون لتطلق الفرقة أولى حفلاتها، حيث قَدمت حصرياً للمرة الأولى أعمالاً لمؤلفين سوريين منهم ضياء سكري، وزيد جبري، وشفيع بدر الدين، وكريم رستم. ومن المقرر أيضاً وفي فترات لاحقة تأسيس أوركسترا حجرة للوتريات تقدم أعمالاً لسوريين بقيادة الفنان كنان العظمة المدير الفني لمجموعة مهرجان دمشق لموسيقى الحجرة، وعنها يتحدث: «كانت أوركسترا الحجرة منذ زمن بعيد حلماً بالنسبة إلي، وأثناء جولاتي الموسيقية في أوروبا وأمريكا بحكم دراستي تعرفت إلى موسيقيين عرب بينهم سوريون وجميعهم مبدعون متميزون، وقد وجدنا أن التبادل الثقافي العربي ضئيل جداً في مجال الموسيقى الكلاسيكية، لذلك انطلقت فكرة أن تتحول دمشق إلى مركز ثقافي يجمعنا ثلاث مرات في السنة الميلادية، وكان هذا البعد العربي للفكرة. أما بما يتعلق بسورية فقد كنت أولي اهتماماً لبناء علاقة وثيقة بين الموسيقي السوري وبلده سورية فسورية اليوم تشهد نهضات سريعة ومذهلة في كافة مناحي الحياة، والثقافة واحدة منها».
يتابع الفنان كنان «إذن كانت غايتُنا بوصفنا مجموعة تحويلَ دمشق إلى مركز موسيقي كلاسيكي جدّي يأتي إليه الموسيقيون من كل حدب وصوب ويتعاملون معه، لذلك ارتقى هدفنا بوصفنا موسيقيين ومؤلفين من فكرة تشكيل فرقة إلى الرغبة في تحقيق شيء احترافي لا يقل شأناً عما نصنعه في أوروبا ولكن هذه المرة مع موسيقيين ومؤلفين عرب، ونحن تجمعنا مقومات مشتركة متعددة منها أننا مُغيبون بإرادتنا أو من دونها عن الساحة الموسيقية العالمية لا لعجزنا عن المنافسة بل لانتفاء أشكال التعاون العربي في مجال الثقافة والموسيقى، ومن جهة أخرى غياب الدعم الحقيقي لنا. وما يهمنا كمحصلة نهائية إيجاد تواجد موسيقي عالمي ذي صفة سورية عربية، وغير ذلك يعني غيابنا بوصفنا موسيقيين وإن عزفنا مع أرقى سيمفونيات العالم وفي أشهر مسارحها ودورها للأوبرا».
كما يؤكد الفنان كنان أن مجموعة مهرجان دمشق لموسيقى الحجرة ببعدها الفني والإنساني ما هي إلا مجموعة من مناطق مختلفة من العالم اكتشفت ضرورة رفد الحركة الثقافية في سورية والوطن العربي ثم على المستوى العالمي، أي تقديم أنفسهم فناً وحضارة. وتضم الفرقة الفنان وسام بن عمار (فيولا، تونس)، ورامي خليفة (بيانو، لبنان)، وحسن معتز (تشيلو، مصر)، ومياس يماني (كمان، سورية)، وكنان العظمة (كلارينيت).
فيما يتعلق بجانب التأليف يقول الفنان كنان «هناك أربع مؤلَّفات لسوريين على قدر عالي من الحرفية، وهم مجهولون حقيقة إلى حد ما بالنسبة إلى المستمع السوري فمعظمهم مقيم خارج القطر وله وزنُه الفني، ومنهم شفيع بدر الدين أستاذ مادة التأليف والنظريات الموسيقية من فرنسا في المعهد العالي للموسيقا، وهو واحد من القلائل الذين رجعوا إلى سورية بعد دراستهم في الخارج، وقد قدّم في حفل اليوم مقطوعة استهلال عبارة عن ثلاث حركات معاصرة بطابع اللحن الشعبي، والمؤلف زيد جبري مقيم في بولونيا، وقدّم عملاً مكتوباً لذكرى الفنان صلحي الوادي، والمؤلف ضياء سكري من الرواد الأوائل في التأليف الموسيقي السوري، وهو مقيم في فرنسا، وقدّم عملاً تحت عنوان "حماسي لمهرجان دمشق" وهو عمل مبني على إيقاعات ورقصات عربية، والمقطوعة الرابعة كانت للمؤلِّف كريم رستم المقيم في أمريكا، وقد قدم عملاً تحت عنوان "بحور" وهي قطعة مبنية على تقطيع البحور الشعرية. عموماً هذه الباقة من المبدعين في التأليف الموسيقي قدمت اليوم للإرث الإنساني موسيقى محليةَ الهوية عالمية المنحى بتفكير القرن الواحد والعشرين. وفي مجمل ما قدّمناه اليوم لم نجتر أي ماضٍ ولم نطرح أنفسنا كبديل على المشهد الثقافي السوري بل قدّمنا وجهة نظر تردف الحالة الثقافية عامة والموسيقية خاصة، وأضفنا شيئاً على إضافات فرق محلية مهمة مثل الفرقة السيمفونية الوطنية، وكورال قوس قزح، كلّنا سوا، حوار وغيرها، والغاية النهائية الارتقاء بالذائقة الفنية».
يضيف كنان «تعاني الموسيقى الجادة كما في أي بقعة من هذا العالم من كونها نخبوية، وهذا لا يُعتبر مأخذاً عليها خصوصاً أن من سمات الأذن العربية عامة والسورية خاصة الفضولية والشغف بالتقبل ومحاولة الاستيعاب، وتحتاج الموسيقى الجادة إلى تكرار سماعها حتى يُستطاع فهمها وتذوقها، ودليل ما ذكرتُ من ازدياد جمهور أوركسترا السيمفونية الوطنية وازدياد جمهور الموسيقى الجادة».
|