التشكيلي علي الكفري في صالة السيد

20 11

عشق للتراث وقوة في التقنية واللون

عاد العديد من الفنانين التشكيليين إلى التراث والفلكلور الشعبي، وأخذوا منه الكثير من المفردات التي أغنت أعمالهم الفنية وأكسبتها ملامح لبيئتهم المحلية، وخاصة أن الفلكلور يعد نقلاً شفهياً للقصص والأساطير والفنون الشعبية التي توارثتها الأجيال ضمن بلد ما والمحظورة على منطقة سكانية معينة.
وتزخر منطقتنا العربية بالتراث الشرقي الذي يلهم الفنانين من كتاب وشعراء وموسيقيين وتشكيليين، والفنان علي الكفري يعد واحداً من هؤلاء الذين استقوا من التراث موضوعًا للوحاتهم، وظل عبر تجربته الفنية يؤكد أهمية العودة للأصول سعياً في أن ينقل صورة تراثية عن فنوننا وعلومنا التي لا تقل أهمية عن فنون الغرب، لذا أعاد الكفري هذا التراث ضمن صياغة معينة ليطبع بصمة خاصة له أثبتت عبر مسيرته الطويلة صدق رؤيته التي تحوّلت عبر الزمن إلى ما يشبه الأيقونة.
وقد استضافت صالة السيد للفنون التشكيلية معرضاً لهذا الفنان الذي ركز مرة أخرى على مفردات تراثية شرقية في لوحاته كالنحاسيات والأنتيكا والفخار والسجاد ضمن توليفة مميزة وبأسلوب خاص، حيث استطاع أن يجمع في أعماله حرفية العمل وروح الفنان وقوة اللون ليقدم لغة فنية عبر الفلكلور الشرقي، كاللوحة التي جعل الخلفية فيها تعتمد على النحاسيات إلى جانب «أباريق نحاسية» أيضاً تتدلى وراءها قطعة صغيرة من السجاد، وقد استطاع الكفري في هذه اللوحة أن يبرز التقنية من خلال استخدام اللون الأحمر عبر مشحات متكسرة سعياً للحفاظ على الجو الشرقي العام للوحة، ومن جهة أخرى اعتنى هذا الفنان بالزخارف والتفاصيل الصغيرة وأبرز قدرته أيضاً على الخط العربي في لوحات أخرى وعشقه للمنمنمات في الأعمال التي حوّلت اللوحات إلى تحفة شرقية من خلال تناوله «جمالية فن السجاد»، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال التي تطرقت إلى فن الأواني الفخارية عبر التأكيد على جماليتها من خلال الزخارف واللون والأشكال المتعددة لها.
ولم يقتصر علي الكفري على الموضوع التراثي وإنما عاد بالأسلوب ذاته ليتناول مشاهد من الطبيعة الصامتة كاللوحة التي رسم فيها زهوراً بيضاء في آنية زجاجية، وتطرق في معرضه هذا إلى المرأة أيضاً بهدف تناول الشخوص كموضوع إنساني بدلاً من تناول الأدوات التي يستعملها، وكان لابد لهذا الفنان الذي يعشق تراثه أن يطبع الشخوص لديه بالصبغة الشرقية والشعبية أيضاً عبر الأزياء التي ارتدتها نساؤه حيث ركز في اللوحة التي رسم فيها إحدى النساء على الزي الذي ترتديه من خلال اعتنائه بالتفاصيل وبالحلي أيضاً، ولم ينس الكفري أيضاً أن يضيف مفردات أخرى ليوحي بالبيئة المحلية كالأواني الفخارية التي وضعت إلى جانب النساء، كما تناول أشكالاً مختلفة من المرأة كالفلاحة الجزائرية التي أظهر على وجهها لفحات الشمس، وكذلك الحوار الذي خلقه بين امرأتين ألبسهما أيضاً الأزياء الشعبية في وسط بيت شرقي، إضافة إلى نساء أخريات منح كل واحدة منهن جماليتها، وكذلك رسم أيضاً الأحصنة الأصيلة بالأسلوب ذاته المعتمد على التكثيف في التفاصيل والاختصار في الوقت ذاته فمثلا حين رسم النساء نقلهن بصورة واضحة وبسيطة، على حين ركز على تفاصيل الثياب والأزياء والجو الشرقي العام، وبذلك منح المعرض أعمالا متنوعة ومختلفة حاول قدر الإمكان أن يبتعد فيها عن التكرار.
أقام علي الكثير من المعارض داخل الدولة وخارجها بالتعاون مع نقابة الفنون الجميلة ووزارة الثقافة ويعد معرضه هذا هو الثالث والعشرون
لذا تعد تجربته الفنية غنية بالتقنيات والخبرات، وهي قادرة أن تنقل عبر اللون الأصالة والتراث التي انطلقت من وحي ثقافتنا وحضارتنا.


الوطن

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق