الفنانون العرب بين إيطاليا والبحر المتوسط

01 03

رؤى مشتركة وأعمال فنية مستوحاة تجسد التقارب بين الضفتين

ضمن فعاليات مهرجان لقاء البحر المتوسط، وتحت رعاية جامعة الدول العربية والمركز الثقافي الإيطالي والأمانة العامة لدمشق عاصمة الثقافة العربية 2008، افتتح المعرض الفني الإيطالي العربي تحت عنوان «الفنانون العرب بين إيطاليا والبحر المتوسط» الذي ضم أعمالاً لفنانين سوريين ولبنانيين ومصريين درسوا في إيطاليا أو أمضوا سنين طويلة هناك اطلعوا خلالها على الفن الايطالي واكتسبوا من تجربته الكثير من الخبرات والتقنيات، كما أفادوا في عملية التواصل والحوار والاطلاع بين ضفتي المتوسط التي ترجع إلى مراحل موغلة في التاريخ.
إذا كان الكثير من الفنانين العرب قد درسوا الفن في إيطاليا منذ بدايات القرن الماضي حيث وضعوا اللبنات الأولى لتجربة التشكيل العربي الذي كان يفتقد حينها للناحية الأكاديمية وللتأسيس المنهجي، فإن تلك العلاقة الفنية تبدو في سياقها الطبيعي تماماً، سيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار العلاقات الثقافية التاريخية بين إيطاليا ودول المتوسط التي شملت العديد من النواحي والمجالات، إذ كان لسورية على وجه التحديد دور أساسي فيها، وسواء من جهة كون العديد من أباطرة الرومان سوريين في الأساس، أم من جهة مساهمة الخبرات السورية في رفد تلك الحضارة في الهندسة والبناء والعديد من الصناعات.
لقد حاولت تلك المقاربات بين لوحات وأعمال الفنانين العرب والإيطاليين كشف طبيعة العلاقة التي نشأت بينهم سواء في قاعات الدرس الأكاديمية أو صالات العرض والمقاهي، فهي نتاج حوار طويل بين طرفين استفادا إلى حد بعيد من إرث كبير على صعيد العلاقات الثقافية. وقد خضع ذلك الاستيحاء في الأعمال إلى كلام الفنانين أنفسهم في حال كونهم ما زالوا على قيد الحياة، أو تمّ اكتشافه عن طريق الحدس والتحليل والمقارنة التي قام بها مجموعة من الاختصاصيين والنقاد، فالمعرض ضم عدداً كبيراً من اللوحات والأعمال تم وضعها بشكل تجاورت فيه الأعمال التي تحوي هذه العلاقة، حيث كان بإمكان المشاهد إجراء المقارنة اللازمة بينها مع قراءة الشرح المرفق لكل عمل واسم صاحبه والتقنيات التي استخدمها في إنجازه.
الفنانون السوريون
تقدم لوحة «بدون عنوان» لفاتح المدرس التي رسمها عام 1969 نموذجاً لتلك العلاقة الحوارية مع الفن الإيطالي فالمعروف أن المدرس درس في أكاديمية الفنون الجميلة بروما بين عام 1954 و1960، وقد لعبت تلك الفترة دورها في تبادل الأفكار والتقنيات. وتجسد لوحة الفنان الإيطالي ماسيمو كامبيليي «صور» التي رسمها عام 1968 تلك العلاقة في الرؤية بين الأسلوبين حيث الكوادر المستقلة في اللوحتين توزع أشكالاً تحكي قصة متكاملة في كادر اللوحة العام، كذلك فإن الإيحاء المشترك في لوحة الفنان السوري أدهم اسماعيل مع لوحة الإيطالية جوزيتا فيوروني «بيت الساحر» يمكن أن يفسر ذلك التواصل غير المرئي بين نهجين يحاولان أن يقولا الأشياء نفسها تقريباً. فإسماعيل الذي تخصص بالديكور في أكاديمية الفنون الجميلة بروما استطاع أن يطور أسلوباً قريباً من الأرابيسك المعتمد على الإرث العربي، وهو في المحصلة نتيجة لسلسلة خبرات واطلاعات أجراها مع الفن العالمي والإيطالي على وجه الخصوص.
حضور الراحل لؤي كيالي تجسد بلوحة «منظر» عام 1976 مع لوحة الإيطالي دومينيكو بوريفيكاتو «فطور على شاطئ البحيرة» حيث يمكن الحصول على العديد من التقاطعات واللقاءات بينهما، فكيالي الذي فاز من قبل بعدة جوائز فنية في مسابقات أقامتها وزارة الثقافة الإيطالية كان قد شارك بعدة معارض أقامها في روما ولافو نتانيلا ثم مثّل سورية مع فاتح المدرس في معرضين في مدينة البندقية.
تجربة الفنان الراحل محمود حماد مثّلتها في المعرض لوحة «فلسطين عربية»عام 1982 فهو الشهير بأعماله التعبيرية التي تطورت لاحقاً باتجاه التجريد، وهو أحد مؤسسي حركة الحروفية العربية التي تعتمد على تخطيط اللغة العربية، وتقرر لوحته من خلال الكلمات الزاهية بألوان تختصر قصة تلك الأرض المغتصبة أنها سوف تبقى عربية أبداً، وقد تقاطعت معها لوحة الفنان الإيطالي جوليو توركاتو التي رسمها في السبعينات بتقنية مختلطة على القماش فالألوان في تلك اللوحة تحمل فداء الأحمر وانبثاق الأزرق وجميع الاحتمالات التي يمكن أن تورد بينهما.


تشرين

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق