قدّم معرضاً ناجحاً ومختلفاً .. إحسان العرّ يعيد بهاء النحت وسحر حضوره إلى ساحة التشكيل السوري المعاصر
15 تشرين الثاني 2017
.
النحات إحسان العرّ الذي غاب اسمه عن عدد من المعارض الهامة والتظاهرات الفنية في سورية خلال السنوات الماضية من عمر الحركة التشكيلية السورية، لانشغاله في مهام إدارية في كلية الفنون الجميلة واقتصار مساهمته في بعض الملتقيات النحتية بالإضافة إلى أعمال أنجزها لجهات خاصة وبعض المشاركات الخارجية الهامة، وربما لهذا السبب بقي حضوره باهتاً لا يتناسب مع إمكاناته وخبرته كنحات وخاصة بعد الذي قدّمه في المعرض الأحدث الهام والمتميّز بغاليري «كامل» في دمشق.
يقدم النحات إحسان العرّ في هذا المعرض النوعيالذي مازال مستمراً بغاليري كامل ما هو متميّز من حيث القيمة الفنية «النحتية» ككتلة وفراغ داخلي يرسم من خلاله مسار الحجم المشغول بإخلاص وحبّ كما يحدّد نهايات تلك الجحوم والتقائها بالفراغ أو الفضاء الذي يحضنها برغبة وعناية فائقة تغمر السطح بالضوء وتُظهر بغنج بدائع الصنعة ومهارات الفنان وتمكّنه من الأدوات التي أنهى فيها العمل على هذه الشاكلة من الحضور البهي.
هو معرض ناجح ومختلف لأكثر من سبب حقيقة، كونه يعيد بقوة بهاء النحت وسحر حضوره بعد غياب وصمت طويلين نسبياً، أو ربما لخروجه عمّا هو مألوف أو عادي، من خلال السائد والمتداول في المعارض العامة وتكرار عدد من الصياغات واستنساخها والاهتمام بالموضوع وجماليات الشكل والإنهاء في التشخيص الذي غالباً يأتي متشابها كونه يلبي في أكثر الأحيان رغبة المتلقي والمقتني على وجه الخصوص.
النحت بالنسبة لإحسان العرّ- على الأقلّ في هذا المعرض - هو قيمة أولاً،ومن ثمّ اعتباره مناسبة لتقديم رؤيتهالخاصة حول النحت مكثّفاً كلّ الأفكار التي كان طرحها سابقاً في هذا الشكل من التعبير بصياغات اختلفت بعض الشيء خلال التجربة ولكنها تتقاطع بالفهم ومستوى الأداء، وإن استند فيها جميعاً على مفاهيم الحداثة وكل ما هو معاصر بفن النحت اليوم في العالم.
نفّذ النحات إحسان العرّ في أكثر من ملتقى أعمالاً ربما لم تصل في معظمها كنتيجة لمستوى الإدهاش كما كانت في هذا المعرض، وربما لأسباب تتعلّق بظروف تلك الملتقيات، فقد اختلفت الصياغات كما الموضوعات وهي في معظمها تخضع كأسلوب إلى مفهوم التجريد التعبيري الذي يغلب عليها الطابع الرمزي معتمداً على الاختزال في المعالجة وتبسيط الشكل إن وجد وإن بالدلالة إليه وهو غالباً غير موجود، كما ينسحب هذا الفهم على الأعمال الواقعية في تجربته عموماً.
الكتلة في منحوتته حالة مركّبة قد تظهر على شكل قطعتين متداخلتين بتناغم وجاذبية تفضي إلى حالة أقرب إلى الرقص التعبيري، وغالباً ما تبدأ المنحوتة بالتشكل من حجم وتنتهي به بعد مخاض وحركة قوية متجدّدة من بعضها على مبدأ الموجة، منسابة وحيوية رغم ثقل وزنها وارتكازها المستقر، كل هذا بحاجة لحسابات دقيقة ومحاكمة لمجاورة الغائر والنافر من الكتلة مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على رشاقة وحيوية المنحوتة كحالة تشكيلية راقية تحمل القيمة التعبيرية والجمالية في آن معاً ومتضمّنة عوامل الإدهاش والحضور اللائق.
معرض يستحق أكثر من مشاهدة ويستحق التأمّل.
تحية إلى النحت الذي يضيف قيماً جديدة للحياة .. الحياة التي مازالت تستحق أن تُعاش على الأقل من أجل من نحيهم.
التحية موصولة لغاليري «كامل» لتهيئة شروط عرض مثالية لهذا المعرض لتبدو تلك الأعمال بأفضل شكل وإخراج.
الفنان الدكتور إحسان العر
- حاصل على إجازة في الفنون الجميلة قسم النحت جامعة دمشق، وشهادتي ماجستير ودكتورا فلسفة في الفنون الجميلة قسم النحت جامعة حلوان القاهرة 2004
- رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين منذ عم 2014
- عضو مشارك في لجان التحكيم العلمية والفنية, وله معارض عديدة وحاصل على عدة جوائز تقديرية.
غازي عانا | تصوير: عبدالله رضا
اكتشف سورية
الفنان الدكتور إحسان العر |
من أعمال الفنان الدكتور إحسان العر |
من أعمال الفنان الدكتور إحسان العر |