رؤى إنسانية وصوفية في كتاب «أنت وأنا» للدكتور يوسف يمين

14 شباط 2016

.

تضمن كتاب أنت وأنا للأب الدكتور يوسف يمين رؤى عبر مشاعر إنسانية تصل لحالة تصوف تدل على نقاء وفهم للذات الإنسانية ضمن منظور الأخلاق والرقي وعدم الاقتراب مما يشوه النفس المتسعة للكون.

عندما يذهب الكاتب يمين بذاته إلى أقصى الابتعاد عن المشوبات يتعمق بحب كبير وعشق لامتناه يسهم في اتساع المدى ورقي التفكير فيصبح الإنسان باتجاهيه أو جنسيه أشد المخلوقات وأكثرها صفاء فيقول.. “سوف أبقى أنا ذاتي ولكنني أتعمق بذاتي وأتطور فيك وأبلغ أقصى تطوري .. في مداك فأتسع لكل ما عندك من سعة وكمال .. سوف يتطور كياني مشتركا بكيانك الذي في أعماقي ويصبح كيانك هو الذي يملك على كياني”.

ثم يترفع الكاتب يمين عن المحسوسات إلى أسمى درجات التفكير بالحب الذي لا ينتهي والذي يعكس عظمة الخالق وسر وجوده وبقائه في الروح الكائنة بالذات المجنحة والمسافرة بالنقاء وفق تراكيب فلسفية تعبر عن ثقافة متنوعة وعن رؤية ترفض الشر وتحتمل النزوع الكامل إلى الحب حيث يقول..“لن أحدق بوجه شمسك .. لا بعين جسدي فجسدي ضعيف .. بل أحدق مليا بعين روحي .. الطريق الصحيح هو الطريق إلى الداخل حيث ملكوت السموات في داخلنا”.

كما يعمل يمين على تشكيل لوحة مزينة بجماليات الطبيعة ومنمنمات وجودها وبهائها فيستعير أجمل ما عليها ويكون جمله التعبيرية في لوحة متكاملة من كلمات قليلة بعيدة عن العلل اللغوية متماسكة توازنها الموضوعي وحضورها البنيوي فيقول..

“قلبي ينصت جيدا فيسمع أناشيد جذور النبات في الأرض تخترق التربة وترتفع نحو مسامعك .. عندما أدخل معبدك في داخلي تبقى جميع الكائنات في داخلي”.

والوطن والأرض بحسب الكاتب يمين يتشكلان بكينونتهما الكبيرة من الحب اللامتناهي ومن الترابط الإنساني الذي يؤسسه هذا الحب حيث قدم الكاتب فكرته بعفوية وبساطة بأسلوب سهل ممتنع يشي بموهبة قادرة على التخييل الصوفي في ذاته حيث يقول..

“العلاقة السرية التي تربطني بأرضي .. هي رمز وصورة لعلاقتي المميزة بك .. أنت الذي في .. وأنت هو من يشدني إليه .. أيها اللامحدود لقد أخفيت ذاتك تواضعا .. في قلب المحدود فالمجد لك”.

يسعى المفكر يمين إلى الإنسان البعيد عن الشوائب عبر صوفية نقية تتواصل مع الطبيعة والجمال والصفاء والرؤى الفلسفية العميقة معتمدا على مشاعر نبيلة صاغها بكتاب يقع في مئتين وصفحتين من القطع الكبير من منشورات دار إهدن بلبنان.

يذكر أن الأب يوسف يمين ولد في 1933 ببلدة زغرتا اللبنانية باحث في التاريخ والفلسفة والفكر الصوفي حاز إجازة في الفلسفة الدينية من جامعة القديس انسليم في روما وإجازة في اللاهوت من الجامعة اليسوعية في بيروت ثم دكتوراه في العلوم الذرية من جامعة السوربون في فرنسا له مؤلفات شعرية وتاريخية وعلمية منها “العيد في الداخل” و”كيمياء الحروف” و”وميض من معبد اللحظة” و”الأسلحة الكيميائية والبيولوجية” و”لبنان بوتقة وحدة البشر” و”الموسوعة الذرية”.


محمد خالد الخضر

sana.sy

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق