معرض جماعي للتراث والفلكلور السوري

13 02

إحياء التراث أصبح تقليداً سنوياً

في مشهد دراماتشكيلي ضم عشرين فناناً اجتمعوا على الفكرة وتعاونوا على إنجازها تشكيلياً في قالب فني معاصر وفي إدراك بصري وحسي كان هوية لأعمالهم وجواز سفرهم إلى الآخر فكراً وفناً، كان المعرض الجماعي الذي أقامته صالة فري هاند تحت عنوان «إحياء التراث» في الثالث عشر من شباط عام 2008، ويستمر حتى نهاية الشهر الجاري بمشاركة كل من الفنانين:
وائل دهان، وعبد الكريم فرج، وحلا الصابوني، وعبد المنان شما، وجمال بوستان، وباسل الأيوبي، وعلي الصابوني، ومحمد الوهيبي، ووليد الآغا، وأسعد فرزات، وعلي الكفري، وأنور الرحبي، ونشأت الزعبي، وعلي السرميني، ومحمد العلي، وعدنان حميدة، ومروان جوبان، ومحمد غنوم، وثائر حسين، وممدوح قشلان.
يعكس المعرض درجة تقدم وتطور الفن التشكيلي السوري وتبنيه لقضايا محورية وهامة من المجتمع، فالمعرض لم يقدم تشكيلاً فنياً وثقافة بصرية فيها الممتع والجميل فحسب، إنما جاء ملتصقاً بالزمان والمكان ويفيض بروح المحلية، فمن الحب والطبيعة إلى الهندسة المعمارية التاريخية إلى الخط العربي واللون.
تأتي أهمية هذا المعرض كما يجدها الفنان عدنان حميدة «ليس من جانبه الزمني والذي يصادف دمشق عاصمة للثقافة العربية وحسب وإنما لاحتوائه على عدد من الفنانين النجوم أصحاب الخبرة في التكوين والتشكيل».
شارك الفنان حميدة بعملٍ من ثمانية أجزاء مجتمعة تحمل فكرة الحب، أما تفصيلاً فكل جزء يحكي قصة من التراث، على أن حميدة نظر إلى التراث من جوانب مختلفة عن المعروف، ورمز إلى الحب بالطيور والحيوانات والطبيعة. ورغم أنه ينظر إلى الفن التشكيلي السوري على أنه متطور أكثر من الدراما وباقي الفنون، إلا أنه يجده أقل حظوة وتذوقاً عند المتلقين إذا قيس بالدراما والموسيقى وغيرهما.
لعل شعار المحافظة على التراث وإحيائه بشكل دائم هو ما صبغ هذا المعرض بطابع الأهمية، ومن وجهة نظر الفنان باسل الأيوبي «كلمة تراث تعني الهوية بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وجواز سفر الفنان إلى المتلقي وما الفن التشكيلي إلا الوجه الآخر للموسيقى فهي لغة عالمية بحق ولا تحتاج إلى ترجمة، وبالتالي ظاهرة تعاون وتعاضد الفنانين في إنجاز مشروع على هذا المستوى من الحس الوطني والتاريخي يغني الفن السوري».
لقد تمثلت مشاركة الفنان الأيوبي في لوحة تناول فيها المنزل الريفي القديم ومحتوياته البسيطة وقد اكتست جدرانه بعدد من الوجوه التي تريد أن تتحدث وتحكي قصصاً من التراث.
يقول الفنان علي الصابوني «لعلني أجد أن المجموعة الفنية الموجودة هنا والتي تمثل شتى الاتجاهات والمدارس الفنية وتعبر عن عدة نواح من الحياة الاجتماعية هي من أضفت أهمية ذات طابع خاص على هذا المعرض». وقد قدم الصابوني التراث من زاوية الطبيعة التي استفاض في وصف جمالها الخلاق مسجلاً تأثيراتها الخاصة باللون والخط والشكل بالإضافة إلى الموضوعات التاريخية التي تمثل نقاطاً مضيئة في حياتنا، وفي رؤيته للتراث يقول «أراه من زاوية الصدق في التعبير والتعامل مع العمل الفني، بمعنى آخر أننا لم نقدم كفنانين على تلك الأعمال الفنية التشكيلية إلا بعد قناعتنا بوجوب تكوينها، فبلدنا معطاء وعظيم وغني بتراثه ويستحق منا هذا الجهد».
أما بالنسبة للفنان محمد غنوم فهو ينظر إلى التراث من منظور فن الخط العربي المتجدد على الدوام، وعن لوحاته يتحدث «قدمت لوحتين وأعتقد أنهما تشكلان لبنة في هذا المعرض الهام وفي هذا الوقت تحديداً، وجاءت الأولى بعنوان "شام" والثانية "لفظ الجلالة" وكلاهما استمرار لتجربتي بتناول الخط العربي، على أن الجديد فيهما هو التركيز على الموسيقى التي يعزفها الحرف العربي صعوداً وهبوطاً وعناقاً مع الحروف الأخرى، أيضاً أرى اللون وقد أصبح صانعاً للعمل الفني، وفي كل يوم أزداد اقتناعاً بأن هذا الفن هو فعلاً معين لا ينضب من الجمال، لذلك كلما قدمت لوحة وجدت أنه لا زال أمامي الكثير... التراث لا يقتصر على التشكيل والثقافة البصرية، فهناك تراث مهم في تاريخنا وهو شعرنا وعلمنا والفن التشكيلي أحد الجوانب التي تساهم في بناء الحضارة الإنسانية ككل».
من ناحيته، يرى الفنان نشأت الزعبي أن «عطاء الفنان في أي اتجاه مرتبط بتفكيره وإدراكه البصري والحسي، وبقدر ما يكون الفنان مخلصاً لمشاعره الخاصة بقدر ما يكون خازناً للأشكال التي لا تنفصل عن بيئته. وما نحن عليه اليوم في هذا المعرض هو تقديم فن معاصر بروح محلية، وفي لوحاتي التي قدمتها شعرت أنني بحاجة إلى توثيق أحاسيسي ومشاعري ومشاهداتي».
يؤكد السيد أحمد قطيط صاحب صالة فري هاند «غايتنا من المعرض عموماً أن تكون جميع الأعمال المقدمة تحمل طابعاً تراثياً وعمقاً تراثياً ولكن بفن خاص لا ينقصه الحداثة. وكمحصلة نهائية، يقدم المعرض فناً يخدم التراث والتقاليد والفولكلور السوري والثقافة عامة».

رياض أحمد

اكتشف سورية

بقية الصور..