الفنان الراحل ناظم الجعفري في عيون زملائه التشكيليين

14 تموز 2015

.

يعتبر الفنان التشكيلي الراحل ناظم الجعفري من أوائل الفنانين الذين عرفتهم الحياة التشكيلية السورية موثقا لمدينة دمشق وحاراتها وعائلاتها وشخصياتها فكانت ريشته كاميرا زيتية سخرها لترسيخ دعائم الفن التشكيلي في (+بنك:(سورية)+) بشكل أكاديمي وعلمي.

وعبر حياته التي امتدت لما يناهز سبعة وتسعين عاما عاش الجعفري حياة فنية متفردة في الخصوصية حيث بنى علاقته مع اللوحة والألوان والمرسم وفق رؤية شبه انعزالية في توحد مع فنه وابتعاده عن العالم.

اتحاد الفنانين التشكيليين نعى الجعفري واصفا أياه بأنه«من أبرز الفنانين التشكيليين في سورية وأنه من الرعيل الأول في الحركة التشكيلية السورية وصاحب باع طويل في المعارض الفنية كما أنه يمثل المدرسة الواقعية السورية في الفن التشكيلي».


من أعمال الفنان ناظم الجعفري


وحسب اتحاد الفنانين التشكيليين «ترك الجعفري ارثا فنيا كبيرا بلغ حوالي 3000 عمل زيتي تمثلت في البورتريه ولوحات دمشق القديمة والعائلة الدمشقية عموما والأعمال الوطنية الأخرى وأعماله مقتناة في وزارة الثقافة والمتحف الوطني السوري ضمن مجموعات خاصة».

وفي حديث لمراسل الثقافية قال الفنان التشكيلي أنور الرحبي إن الراحل الجعفري يدخل في قائمة الرواد الكلاسيكيين وهو من مؤسسي التشكيلية الكلاسيكية في سورية وبعد الستينيات خرج إلى الطبيعة وكون أول تيار واقعي حيث لامس الطبيعة بشكل أو بأخر ورسم المواضيع الاجتماعية ودخل الأسرة الدمشقية التي كانت مغلقة مقيما جسرا رائعا فأبرز من خلال لوحاته دور الأسرة الدمشقية في الثقافة والعلم والمعرفة كما رسم الفتيات والأمهات والبيوت والنوافذ وخرج من الصبغة الانغلاقية في الستينيات إلى عالم أكثر انفتاحا ضمن ألوان بارزة ذات تفاصيل واضحة.

وأضاف الرحبي إن الراحل من أهم الفنانين الواقعيين على مستوى سورية والوطن العربي وله مدرسة فنية كاملة كما أنه فنان أرشيفي ومن خلال قراءة أعماله نجد أنه وثق اللباس والمكان والظاهرة بتاريخها واحداثها ضمن أعمال فنية بصرية قيمة وتجاوز عدد أعماله 4500 بين عمل زيتي ودراسات وغيرها.

ويبين الرحبي بخصوص مسيرة ناظم الجعفري أنه عمل استاذا للتصوير في كلية الفنون الجميلة بدمشق منذ تأسيسها لافتا إلى محاولات الجعفري العديدة قبل وفاته ليكون له متحف خاص باسمه في أحدى المدارس أو البيوتات الدمشقية يضم أعماله لكن طلبه لم يتحقق.


من أعمال الفنان ناظم الجعفري


وذكر الفنان الدكتور عبد المنان شما أن معرفته بالفنان الجعفري تعود إلى أول الخمسينيات حيث التقاه مع عدد من الفنانين التشكيليين الرواد مثل الراحل صبحي شعيب ونصير شورى ومحمود جلال ورشاد قصيباتي.

وعن شخصية الجعفري يرى شما أنه كان معتدا بنفسه في علاقته مع زملائه مقلا في نشاطاته الاجتماعية ومشاركاته في المعارض منعزلا دائما مع أعماله وكأنه ألبوم مغلق لافتا في الوقت نفسه إلى أن الراحل من رواد الحركة التشكيلية في سورية وأحد مؤسسي المدرسة الواقعية ما يستلزم من زملائه الفنانين والجهات المعنية العمل مع أسرته لإقامة معرض لما بقي من أعماله.

وعن بدايات معرفته به أوضح الفنان التشكيلي ممدوح قشلان أنه التقاه في المعرض السنوي الرسمي الثاني عام 1951 بالمتحف الوطني وأنه منذ تلك الفترة حاول أن يقيم معرضا دائما للوحات.

وبين قشلان أنه بحسب علمه فأن الراحل في أخر معرض أقامه قام ببيع معظم لوحاته لتاجر لبناني بأسعار زهيدة وهذا يعد خسارة كبيرة لعدد كبير من أعمال الراحل الجعفري.

ويصنف الناقد الدكتور محمود شاهين الراحل ضمن جيل الرواد الأوائل في التشكيل السوري المعاصر مبينا أنه وهب حياته للفن وعاشه بطريقته الخاصة التي اتسمت بالعزلة والحدة والتمرد والتواري عن الضوء الاجتماعي والإعلامي كما أنه حمل حساسية ومزاجية عاليتين.

وأضاف يعد الجعفري من أغزر التشكيليين السوريين انتاجا واخلاصا لهذا الانتاج وأنه عزف عن بيع لوحاته أو أهدائها ورفض طلبات تنفيذ لوحات خاصة للراغبين وكان لا يصنف نفسه في أي من الاتجاهات والمدارس الفنية ولم يجعل لوحته تقتصر على موضوع وأحد بل يترك الموضوع هو من يفرض نفسه عليه.


من أعمال الفنان ناظم الجعفري


ويتابع شاهين حظيت دمشق بالنصيب الأوفر من اهتمام الراحل وبالتالي فنه بحيث اسر لي يوما بانه لا يوجد فنان في العالم قام بالتوثيق لمدينة كما فعل هو بالنسبة لمعالم دمشق المختلفة عبر آلاف الدراسات واللوحات مستخدما تقانات الرسم والتصوير كافة.

ويختتم شاهين حديثه عن مسيرة ناظم الجعفري الفنية بالقول سعى لرصد الجمال الحقيقي البعيد عن القشور والتزاويق والقدرة على التقاط ملامح الوجه أو المشهد كما أتقن التعامل مع العجينة اللونية التي يبني بها ومن خلالها معمار لوحته وبإحساس رهيف وانسجام عال ولشدة تعلقه بدمشق اطلقت عليه لقب «عاشق دمشق وناسكها».



ايناس سفان

sana.sy

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق