حارس الحبق.. تجليات العشق في شعر توفيق أحمد

10 أيار 2015

.

حارس الحبق دراسة نقدية للدكتور محمد هايل الطالب تسلط الضوء على تجربة الشاعر توفيق أحمد حرص خلالها على إظهار القيم الفنية في كثير من شعر الغزل عند الشاعر إضافة للبنى النفسية والجمالية وخلفيتها المعرفية المتجلية في خطاب العشق.

وحاول الدكتور طالب أن يشكل مذهبا نقديا متماهيا مع الحدس التجريبي والحس الإبداعي المكونين للحالة الأدبية الموجودة في النصوص بعد أن رأى أن النقد أهمل التجارب الفردية معتبرا أن هذه الدراسة واجب ثقافي يجب أن ينجز مضافا إلى تجاربه النقدية الأخرى.

ويستقرئ الطالب في قصائد أحمد المقولات الدلالية لخطاب العشق عند الشاعر معللا العلاقة بين التاريخ الشعري العابق بالحياة والمميز بالريادة وبين الذات الشاعرة وظهور ذلك في الأعمال الشعرية بأبعاد تصويرية تضفي الجمال على الرؤى الشعرية عند الشاعر معتبرا أن الدلالات الشعرية عند أحمد كونت معادلا موضوعيا للموقف الحضاري من حيث بنيتها في اللغة الشعرية المتجذرة في التاريخ.

وأشار الطالب في كتابه إلى أن الأنثى عند الشاعر الأحمد هي ذات حالمة وحلم مشخص وأن مشاعر الشوق والحنين هي المحفز للشاعر ليتخذ من المرأة هيكلا بنيويا لقصيدته.

وبين الدكتور الطالب التكييف الدلالي بين المجاز والحقيقة التي وظفها توفيق احمد في نصوصه الشعرية وموءداها الجمالي ومدى إثارتها لحاسة البصر نتيجة البراعة في التشكيلات الدلالية التي يصوغها الشاعر احمد.

ويتناول الدكتور الطالب الثنائيات الضدية في خطاب العشق عند الشاعر احمد حيث يعدها الطالب أسسا محورية في العمل الإبداعي وفي مدى شاعريته وجماليته فالثنائية الضدية تجعل النص الإبداعي حركيا حدثيا يخلق تضادا فكريا في سياق الحدث الشعري إضافة إلى أن التضاد عنصر اساسي وصاحب دور فعال في بقاء كثير من النصوص الإبداعية.

واهتم الشاعر احمد بحسب الطالب في تكنيك التضاد كأسلوب فني كان من أهمها ثنائية اليباس والإيناع التي جاءت متكررة في نص تلك الليلة حيث أظهر الناقد مواطن التضاد في مفردات القصيدة ودلالاتها.

وفي تحليل الدكتور الطالب للفعل السردي والقصصي ودوره في خطاب العشق رأى أن السردية كخطاب لا يقتصر وجودها على الأجناس الأدبية وهي تخضع في كل جنس أدبي للقوانين البنيوية لذلك الجنس معتبرا أن السرد صيغة رافقت الغنائية منذ أقدم العصور حيث اعتنى الشعر العربي قديمه وحديثه بالجانب السردي.

وفي دراسة الطالب فان احمد استفاد من تقنيات السرد القصصي وحاول توظيفها في نصه الشعري وبدت ملامح النص السردي من خلال نص نشيد لم يكتمل الذي جاء على نمط الشطرين وفيها نزوع درامي يبدأ من العنوان ويصل إلى الذات الساردة التي كونت الصراع في أحداث القصيدة مستشهدا بأبيات الشاعر..

مزقيها الدفاتر الخضراء … وانثريها مع الرياح هباء

كنت يوما مباهج الحسن فيها .. صرت فيها وريقة سوداء.

وبرزت في نص أحمد كما أورد الدكتور الطالب تقنيات حوارية عززت من درامية نصه كتقنية العودة إلى الوراء وهي تقنية قائمة على أساس استرجاع الزمن الماضي الذي تكون صوره غير مرئية بشكل منطقي ومتسلسل ويكون استرجاعا عشوائيا معتمدا على التداعي الذي يتم بواسطة الذاكرة غير المرتبطة بزمان أو مكان وجاءت هذه الوسيلة البنائية في قول الشاعر احمد..

سنوات عشر شربنا أساها … كنت ليلا فيها وكنت الضياء

سنوات عشر وكنت ربيعا .. في تفاصيلها وكنت الشتاء.

ويسلط الناقد الضوء على شعرية الأسماء كخطاب موجه لشخصيات تاريخية حرضت الشاعر على كتابة نصه ويستلزم ذلك وعيا حقيقيا بالقيمة التاريخية والإنسانية لتلك الشخصيات فاحتفى بشخصية الشاعر المعري والمجاهد الشيخ صالح العلي ومزج بين جزالة اللغة التراثية والمعاني المعاصرة واضاف إلى الموروث دلالات بث فيها لوعته وحرقته.

ويبحث الدكتور طالب في البنية الفنية لقصيدة الومضة والقصيدة الطويلة ويرى أن الومضة عند أحمد استنطاق اليومي وادخاله في شبكة العلاقات السردية التي تنتهي بانفتاح النص الشعري على عالم من الاحتمالات وامكانات التأويل والتي تتوسل بلغة الومضة وعنصر المفارقة والسخرية كما يرصد الطالب التقنيات الفنية للومضة عند الشاعر واهمها الخاطفة المتميزة التي تبلغ عنده ذروة الختام.

وتمكن الدكتور الطالب من إيضاح المتخيل البلاغي عند أحمد وما يتصف به من سمة الغرابة والطرافة من خلال التشبيهات المبتكرة والكثيرة وتشكيل الصورة من خلال التشبيه التام التقليدي والتمثيلي والصورة القائمة على التشبيه المتعدد والتشكيل الاستعاري للصورة الفنية.

وعن رأيه في كتاب حارس الحبق لمحمد هايل طالب قال الناقد رضوان هلال فلاحة إن المؤلف “اتبع قواعد نقدية تضيق من آفاق الرؤى الشعرية وإن كانت الحالة الثقافية الغنية للدكتور محمد هايل الطالب أضفت على هذه المدرسة النقدية غنى معرفيا كما أن الموضوعية في الطرح أبعدته عن التقريض والمديح لتكون لغته النقدية منهجية ومتوازنة”.

محمد خالد الخضر

sana.sy