معرض أسماء فيومي في صالة أيام

02 02

أنا لا أفتعل الأشكال وإنما هي موجودة في اللاوعي

تغريها المساحات البيضاء الكبيرة والبقع اللونية التي تتردد في مئات الألوان، وتختزل ريشتُها ذاكرة العقل الباطن لتخرج الدفقة الأولى حقيقية صادقة تخط الإنسان بتجلياته وانفعالاته كافة، وفي طرحها فنية فريدة متفردة بالأمومة والطفولة، لعل الأولى لم يتناولها فنان من قبل كما تناولتها في لوحاتها، أما الثانية فهي دمغة محفورة محرضة للذاكرة تظهر في لوحاتها دون افتعال.
هي ثائرة على نفسها والفن وتحب التغيير، فجاء معرضها ليكون منعطفاً فنياً ونقلة نوعية ووجهة نظر، فالاستقرار والرضا عن الذات واجترار الأسلوب يعني توقيع نهاية الفنان.
في ضوء ذلك أقامت غاليري أيام معرضاً تشكيلياً ضم خمس عشرة لوحة للفنانة أسماء فيومي في الثاني من شباط عام 2008، وقد جاء المعرض -كما عبّرت- حاملاً للرغبة في التغيير والعمل على خطوط جديدة تتجاوز خصوصيتها القديمة لتطلق خصوصية جديدة، وهي في هذا لا تعني الانسلاخ عن ذاتها وإنما العمل على تطعيم وتعشيق القديم بشيء جديد مبدع وخلاق.
وعن معرضها تقول فيومي «لعلني في هذا المعرض تحديداً -وأعني هنا حرفياً كلمة "تحديداً"- مارست كل الأشياء التي أحبها: الخط القوي والغرافيك، على خلاف لوحاتي السابقة التي كنت أستخدم فيها الألوان الشفافة والعاطفية كثيراً، قدمت هنا اللون الأبيض والأسود وأعجبت بالضربة القوية للون الأسود فجاءت لوحاتي فيها شيء من الغرافيك، أيضاً أقحمت نفسي بلوحات كبيرة فالمساحات البيضاء تغريني بالعمل لأحمل رول الألوان وأعبّئ المساحات، ما يشعرني بالسعادة، كل هذه الأشياء كنت أحبها وقد أردت إخراجها في هذا المعرض تحديداً».
أسماء فيومي في صالة أيام«ما أريد التنويه إليه حتى لا أُفهم خطأ أن ما ذكرته آنفاً لا يعني أن بصْمتي قد تغيرت، قد أكون فعلاً قدمت شيئاً مختلفاً على أنني لم أستغنِ عن التجريد وإنما قدمتُ تجريداً وصورة، فجاء المعرض ناضجاً ومتطوراً ومكملاً للمعرض الذي سبقه عام 2003».
تتحدث فيومي عن خصوصية معرضها فتقول «كما هو معلوم للجميع، في معظم أعمالي أستخدم ألواناً كثيرة وأبرع في تحقيق الانسجام بينها وتحويلها إلى بقع لونية تتردد وتتردد إلى مئات الألوان، أما هنا فقد جاءت خطوطي متصوفة متقشفة بالألوان، ولعل هذا المعرض يحمل جزء من خصوصية حياتي الشخصية فأنا بين كل فترة وفترة أعود إلى أوراقي القديمة لأقيمها وأتفحصها وأتمعن بالشيء الجميل فيها ثم أسترجعها وأعمل على تطويرها والمعرض يندرج تحت ذلك».
قدمت الفنانة أسماء الإنسان بمختلف تجلياته وانفعالاته وكان للأمومة والطفولة النصيب الأوفر، ذلك كان خزينة ما بداخلها، وظهر في لوحاتها دون وعي، وتقول «أنا أعشق الإنسان لأجل الإنسان والأنا، وما لوحاتي إلا نوع من الحوار والمخاطبة معه، وعندما كنت أماً رسمتُ الأم، ولما كنت حاملاً رسمت كل النساء حوامل ولم أفتعل هذا وإنما هي حالة شخصية تنعكس على غيري أو حالة الناس تنعكس علي، ما يهمني وأتمنى قوله مراراً أن الطفولة نعمة ولا زلت أحتفظ بكثير منها لنفسي وقد تظهر في أية لحظة دون افتعال».
أسماء فيومي في صالة أيام تركت العنان لخيالها ليخط تصوراته وأشكاله على شكل أشباه صور، وما إن تمسك بريشتها لتشكل لوحتها حتى تأتي منحنيات خطوطها معبرة عن عوالم أخرى مختلفة تماماً عما تخيلته هي، هذه حقيقة عقلها الباطن. وفي هذا تقول «عندما أبدأ برسم لوحة لا تخرج كما تخيلتها وإنما تظهر لي لوحة أخرى أجدها صادقة وحقيقية، فالدفقة الأولى للوحة هي الصادقة وهي التي تخرج بالنهاية فأنا لا أفتعل الأشياء وإنما هي موجودة في اللاوعي».
تخترع أشكالها الجديدة غير الواقعية التي ليست إلا تحطيماً لأشكالها الأصلية لتخرج بمعجونة وجوه جديدة: «الحقيقة عندما أرسم أرسم على نمطي أنا، لا أنفي وجود رؤية تعتمد المعرفة والاطلاع على تجارب الغير إلا أن هذه الرؤية تختصر أشياء وتعطي أشياء من الداخل، بمعنى آخر ذاكرتي إلى جانب أشكالي الداخلية تخترع أشكالاً حقيقية».
عند سؤالنا عن خطواتها القادمة قالت فيومي «المعرض يحرضني لمعرض آخر سيكون فيه شيء جديد ولكن لا أدري متى؟ فهذا يتوقف على عنصر الزمن».


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق